انتهيت مساء الجمعة الماضي من قراءة كتاب «الطاغية... دراسة فلسفية لصورٍ من الاستبداد السياسي»، للمفكّر والأكاديمي المصري إمام عبدالفتاح إمام، الذي أثرى المكتبة العربية بترجمة العديد من الكتب الفلسفية الغربية.
الكتاب ليس حديثاً، وإنّما صدر عن «عالم المعرفة» قبل عشرين عاماً، وأعيدت طباعته مراراً، وظلّ يقبع على طاولتي لأكثر من عامين، أقرأ منه فصلاً أو فصلين وأتوقف، لثقل مادته وصعوبتها على القلب، فهو يؤرّخ لأشكال الطغيان في الشرق والغرب.
يبدأ إمام بتعريف السياسة بأنها «علم السعادة الاجتماعية، والأخلاق علم السعادة الفردية»، نقلاً عن أرسطو، الذي يؤمن بأن بعض الناس بطبيعتهم عبيد، وبعضهم سادة أحرار مثل قومه اليونانيين، الذين لا يجوز استرقاقهم على حد قوله.
المؤلف يجول عبر العصور لينقل لنا صوراً من الاستبداد في الشرق والغرب، قديماً وحديثاً، بدءًا من مدن الإغريق وانتهاءً بحالة بلده (مصر)، التي عانت ومازالت من حكم العسكر، الذي استهلته ثورة 52 ومازالت وطأته الغليظة على رقاب المصريين حتى اليوم.
بعد الفصول التمهيدية ذات الطابع النظري، أخذت الفصول التالية تحفل بقصص وحكايات المستبدين، وكان لأمتنا النصيب الأوفى. والمؤلف يتطرّق إلى مسألة جوهرية بخصوص التفريق بين الإسلام كمثال، وبين الواقع الذي عاشته الشعوب المسلمة تحت أنظمة تتلبس بعباءة الدين، وهي بعيدةٌ عن رسالته وروحه وروحانيته. وقد بدأ الاستبداد مع قيام الدولة الأموية على أنقاض التجربة الإسلامية الرائدة، التي كانت تحمل أملاً عريضاً بتطبيق المساواة بين الشعوب. وهكذا نجحت الثورة المضادة بعودة الأمويين إلى رأس السلطة، يقول المؤلف «أما أن الأمويين استولوا على الملك عنوةً فهذا ما يقوله معاوية نفسه حين خطب على منبر المدينة: «لكني جالدتكم بسيفي هذا مجالدة».
فكرة المجالدة والغلبة بالقوة، ظلّت تحكم العالم الإسلامي طوال القرون التالية، وكان يقوم بمؤازرتها طبقةٌ من العلماء المرتشين ممن امتهنوا صناعة الأحاديث ونسبتها للرسول (ص) لشرعنة الاستبداد، وقامت معها طبقةٌ من شعراء «العملة» يصفّقون ويرقصون. وفي المقابل، فُرضت بدعٌ جديدة، يُمنع بموجبها نقد السلطة، وأصبح فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المحرمات والممنوعات. وكان أحد الولاة يتباهى في أحد الأعياد، بالنزول من المنبر وقطع رأس أحدهم بتهمة القول بنفي الصفات عن الله.
الاستبداد الذي بدأ مع الأمويين، استطال مع العباسيين، حيث أعلن أول خلفائهم في أول خطبة يوم تنصيبه أو استيلائه على الحكم: «أنا السفّاح المبيح والثائر المتيح...»، ومنها استمد لقبه السفّاح. وخلفه أخوه المنصور، الذي وُلد في العام الذي هلك فيه الحجاج الثقفي، ما دفع المؤلف إلى القول معلّقاً: «كلما مات طاغية ولد في إثره من هو أعتى منه، حتى لا تنقطع سلسلة الطغاة من تاريخنا».!
المنصور استهلّ حكمه بقتل «الراوندية»، والقضاء على الأخوين محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن، و«جماعة كثيرة من آل البيت»، الذين وصل للحكم لأنه رفع شعار نصرتهم والانتصاف لهم! ومن مآثره أيضاً، حبس أبي حنيفة وتعذيبه وجلده لأنه آزر العلويين في السرّ، ودسّ له السم في النهاية لرفضه ولاية القضاء!
مالك هو الآخر تعرّض للسجن والتعذيب، لأنه أفتى للناس بأنهم «بايعوا مكرهين وليس على مكرَهٍ يمين»، فجلده المنصور وهو عاري الجسد، غير مستور العورة تشهيراً به.
رحلة طويلة عسيرة في سيرة الطغاة والمستبدين.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4254 - الأربعاء 30 أبريل 2014م الموافق 01 رجب 1435هـ
عبدعلي البصري .. أحسنت
والله كلامك عين الصواب روووووعة .. يحسبون الناس ان الفراعنة والطواغيت من يؤذون الناس اللا انه هناك فراعنة يدمرووون من الداخل وهم الآبااااء الفراعنة
ما هي الصفة المشتركة بين الطغاة ؟؟؟
الصفة المشتركة بين الطغاة انهم طغاة . لكن السؤال الاهم من صنع الطغاة صانعهم هو من طاله طغيانهم وابحث عن صانعهم هل اتت واحد منهم ؟؟؟
ماذا
وماذا عن الاستبداد الغرب الذي ظل يستبد ويطغي طوال قرون عجاف.
salam
احسنت معلومات وحكم واسلوب ممتع كرانة سيدنا
القوم ابناء القوم
و لا زلنا نعاني ما بناه الاوائل الى يومنا هذا فالطغيان
عبد علي البصري((حمالي يدخل النار مع فرعون ))
رأى فرعون مقعده في النار وهناك مقعد آخر اكبر من مقعده سأل لمن هذه المنزله الرفيعه , يعني في فرعون آخر اكبر مني ؟؟؟؟ !! فجأه دخل رجل رث الثياب قذر المنظر اسوأ حال من البأساء , وجلس على المقعد الكبير , فسأله فرعون مستغربا , من انت ؟! لقد ارتقيت مراقة صعبه , لا يرقاها الى الفراعنه ؟؟ . قال انا حمالي وفرعون زوجتي وأوالدي ؟؟؟
ومذا
ومذا كتب المؤلف عن الصفويين وما فعلوه بدولة ايران من بطش وقتل كي يحولونهم على ماهم عليه الامويين والعباسيين بعضهم وليس كلهم فيهم الاستبداد والبطش والقتل للحفاظ على ملكهم فقط اما الصفويين فلتغيير مذاهب الناس
ماذا قال عن الصفويين
افيدنا عن ماذا كتبه المؤلف عن الصفويين يا شيخ المؤرخين ...
عجبتك لو ما عجبتك
شكل المقال عجبك حجي .. بس اورسطو مو كلش غلطان
انت معقد من الصفويين؟
اصلا الكتاب ما ذكر ولا كلمة عن الصفويين لانه مصري وليس عنده عقد طائفية زينا بالخليج.وانا قرات الكتاب قبل سنوات وقد ذكر عشرات الامثلة من تاريخ الغرب والشرق مثل ما قال قاسم حسين.بس يبدو بعض الناس عندهم عقدة اسمها صفويفوبيا.
الشعب المصري لا زال مخدوعا وسوف يظلّ مكانه يراوح
ما حصل للشعب المصري هو خداع من ايصال الاخوان للحكم ومن ثمّ الانقضاض عليهم بحجج معينة لضربهم ومحاولة تصفيتهم.
من وجهة نظري ان مصر مقدمة على وضع اسوأ من وضع الرئيس الراحل حسني مبارك
قد يختلف معي البعض ولهم الحق في ذلك ولكني مطمئن ان الوضع سيعود الى اسوأ من عهد مبارك وسأذكركم