(الكلمة الختامية للسيد فرج فنيش في ختام فعالية المفوضية السامية لحقوق الانسان التي عقدت في فندق موفينبيك المحرق بتاريخ 29 ابريل / نيسان 2014 في ختام برنامج المشاورات الوطنية لتحديد الأولويات وعرض التحديات وتقديم التوصيات بشأن الاعداد لبرنامج بناء القدرات في مجال حقوق الانسان لمملكة البحرين)
بسم الله الرحمن الرحيم. حضرات السيدات والسادة: بتوجيهات من السيدة نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان واستجابة لطلب الحكومة البحرينية، عمل فريق المفوضية السامية على امتداد شهرين من الزمن على بلورة هذا المشروع الذي عُرض عليكم قبل قليل.
وقد تم ذلك عن طريق المشاورات الثنائية والجماعية مع عدد كبير من المؤسسات وأصحاب القرار والمعنيين بشئون حقوق الإنسان وأصحاب المصلحة على مستوى السلطات الثلاثة كما على مستوى المجتمع المدني بتنوعاته مما يعطي لهذا المشروع سنداً قويا عند تنفيذه ويسمح بأن تكون لمخرجاته ونتائجه آثارا ايجابية فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان ووقف الانتهاكات ومحاسبة مرتكبي تلك الإنتهاكات وتعزيز المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان بدورها كاملا.
وأننا نعتقد بأن تنفيذ هذا البرنامج اذا ما توفرت له الظروف الملائمة سيؤدي إلى إنشاء وتعزيز النظام الوطني لحماية حقوق الإنسان الذي يرتكز على مؤسسات وطنية مستقلة ومشهود للقائمين عليها بالنزاهة والإستقامة والمهنية وعلى قضاء عادل ومستقل وعلى مجتمع مدني يعبر بحرية واستقلالية ومسؤلية على مواقفه ويلفقت انتباه السلطات المعنية والرأي العام إلى كل تجاوز أو انتهاك قد يحصل ويكون رافدا ومكملا للجهود الحكومية وجهود بقية المؤسسات الرسمية الوطنية ، من أجل تعزيز دولة القانون والمؤسسات ودعم الوحدة الوطنية والمساواة وروح المواطنة والولاء للوطن.
كما يعتبر هذا المشروع انتاجا وطنيا خالصا شاركت في صياغته مختلف المؤسسات والجمعيات والأجهزة في البحرين عن طريق المشاورات التي نظمتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتعاون كامل من المؤسسة الوطنية ، وموافقة الحكومة البحرينية . ولم يكن للمفوضية السامية أي دور بإستثناء تسهيل الحوار ودفع الآراء المختلفة والمتناقضة أحيانا إلى مستوى التوافق بين الجميع والإقتناع بأن المصلحة الوطنية تعلوا على مصلحة الفرد أو الجماعة وبأن حقوق الإنسان هي الأرضية الأساسية لبناء مستقبل شعب البحرين بجميع فئاته وأطيافه وألوانه وانتماءاته.
إن أهم نتيجة لتواجد وفدنا في البحرين لمدة شهرين من الزمن هي التقارب الذي حصل بين الأطراف المختلفة وانخراطها في هذه المناقشات حول طاولة واحدة بروح عالية من المسؤولية الوطنية واحترام الحق في الاختلاف في الرأي والتعبير الحر والاحترام المتبادل وهو دليل على أن البحرانيين والبحرانيات متشبثون بأن الخلافات مهما كبرت يمكن الاتفاق على الحلول المناسبة لها عبر الحوار.
القيمة الإضافية لهذا البرنامج هو استجابته لتطلعات كل الفاعلين والمعنيين بمسألة حقوق الإنسان. وهو يعتمد على الإرادة السياسية لجلالة الملك التي عبر عنها عند تبينه لتوصيات لجنة بسيوني وإعطاءه التعليمات والأوامر الملكية السامية بتنفيذها .
وفي هذا الإطار تم إنشاء عدد من المؤسسات ومن بينها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ومفوضية السجون واتخاذ عدد من الإجراءات الإيجابية .
إن هذا المشروع إن توفرت له «الظروف الملائمة» سيعمل على تعزيز تلك المؤسسات وكذلك منظمات المجتمع المدني من أجل أن تكون فاعلة وذات جدوى ومؤثرة في حماية حقوق الإنسان ومواجهة الإنتهاكات وخاصة تجسير الفجوة الهائلة بين النصوص والممارسة.
وفي هذا الصدد نود التذكير بما اقترحته السيدة نافي بيلاي في العديد من المرات على حكومة البحرين من اتخاذ تدابير وخطوات ملموسة من شأنها توفير المناخ الملائم والمساعد لكي يحقق هذا المشروع أهدافه.
لقد كانت هذه المشاورات كذلك فرصة للوقوف على حالة حقوق الإنسان في البحرين من طرف البحرينيين أنفسهم والتعبير عن العديد من الانشغالات والمطالب المشروعة ومن ضمنها وجود عدد كبير من المساجين بسبب ممارستهم لحقوقهم وسوء معاملة الموقوفين والاستخدام المفرط للقوة والأحكام القاسية بما في ذلك أطفال دون سن 18 سنة وموضوع الجنسية وحرية الإعلام واستقلالية الجمعيات الأهلية مثل جمعية المحامين وغيرها.
وهناك كذلك مشاكل تم التعبير عنها مثل العنف و الإعتداء على الممتلكات العامة والموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين وخطابات تدعو للعنف أو الكراهية أو التمييز والإقصاء. وهذه كلها تحديات كبير يجب مواجهتها . ولعل أكثر هذه التحديات هي اللجوء إلى العنف والأعمال الإرهابية كما شاهدنا في الآونة الأخير . ونعتقد أن هذا المشروع اذا توفرت له الظروف الملائمة سيسمح بمواجهة تفشي ظاهرة العنف والعنف المضاد وأعمال الإرهاب وحماية الشباب من الإنزلاق في دوامة العنف طبقا للقانون وفي ظل احترام حقوق الإنسان وفي هذا الصدد فإننا الأمم المتحدة تندد بكل أشكال العنف والإرهاب مهما كان المبرر أو المصدر . وتدعو إلى حماية الأطفال وعدم زجهم في الصراعات السياسية .
النقطة الهامة في هذا المسار الذي قد ننخرط فيه مع البحرين هي أن هذا البرنامج يرتكز على البناء التدريجي للإنجازات وعلى المتابعة المتواصلة للنتائج على أرض الواقع.
لقد توفرت لنا الفرصة لإثارة كل هذه المشاغل والأوضاع والتحديات مع جميع المسؤلين في الدولة وعلى مستويات عالية وتحدثنا بكل صراحة وشفافية وأبلغنا المسؤلين في الدولة انشغالات السيدةنافي بيلاي حول حالة حقوق الإنسان في البحرين وضرورة اتخاذ اجراءات عاجلة لمواجهتها .
إننا نعتقد أن المكان الطبيعي للأطفال هو العائلة والمدرسة وليس السجن والمكان الطبيعي للطبيب هو المستشفى أو العيادة وليس السجن والمكان الطبيعي للصحفي والمدون هو الصحيفة وليس السجن والمكان الطبيعي لنشطاء حقوق الإنسان وقيادات الرأي هو المجتمع والفضاء العام وليس السجن .
وفي هذا الصدد نعتقد أن المشروع يتطلب توفير مناخ مساعد لإنجاحه حتى لا تذهب جهودنا وجهودكم جميعا هباء منثورا ونعتقد أن ذلك ممكنا
· نشجع السلطات على اتخاذ اجراءات ملموسة وتبليغ رسالة إيجابية للجميع في الداخل قبل الخارج بأن هناك إرادة سياسية حقيقية لتجاوز هذه المرحلة المتأزمة والاستعداد لمرحلة جدية يشعر فيها كل البحرينين بالأمان والعدالة والمساواة والحرية.
· ندعو جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية و الجمعيات السياسية للتعبير علنا على رفضها للعنف وتمسكها بحقوق الإنسان كمرجعية مشتركة .
· ندعو الصحافة ومؤسسسات الإعلام والمدونيين بإلتزام خطاب يبتعد عن العنف والكراهية والتمييز والإقصاء و أن يكون خطابا إيجابيا .
· ندعو رجال الدين من مختلف الطوائف إلى الترحيب بهذا البرنامج والتركيز في خطبهم على التسامح والإحترام المتبادل والتوقف عن استعمال عبارات من قبيل ( الشارع الفلاني) أو (الشارع العلاني) ، (نحن وهم) ، (أنتم ونحن) .
سنعرض هذا المشروع على الجهات الحكومية في الأيام القادمة وسنتحدث حول الأولويات وكذلك حول آليات التنفيذ وشروطه . وهو برنامج يتطلب إضافة للمناخ الملائم والمساعد ، استعداد الحكومة للتعاون مع المفوضية السامية تعاونا كاملا . أما بخصوص آليات تنفيذه وظروفه فستكون الكلمة الآخيرة للمفوضية السامية بعد إبلاغها بنتائج زيارتنا وستكون في إطار اتفاق مع الحكومة البحرينية .
في ختام هذا الإجتماع وقبل يومين من مغادرتنا هذا البلد المضياف، بعد شهرين ونيف من الإقامة في البحرين عشنا معكم يا شعب البحرين مشاغلكم وآمالكم وآلامكم وتمنياتكم ، واكتشفنا طيبة الشعب البحراني بمختلف أطيافه وتنوعه العرقي والديني والسياسي والثقافي ، وهو تنوع يثري ويحسدكم عليه العديد، .
أريد بإسم زملائي وبإسم المفوضة السامية أن أتقدم بالشكر الجزيل للحكومة البحرينية وأخص بالذكر وزارة الشئون الخارجية على هذه الدعوة وعلى تعاونها معنا، كما أشكر المؤسسة الوطنية على تعاونها وتسهيل عملنا طوال اقامتنا ونهنئها كما نهنئ البحرين ومجلس النواب بالقانون الجديد للمؤسسة الوطنية الذي اعتمد هذا الصباح.
أتوجه بالشكر والتحية الحارة والصادقة إلى نشطاء حقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني من جمعيات وصحفيين وناشطات في الحركة النسائية ومحامين وأود أن أؤكد على الموقف المبدئي للأمم المتحدة والمفوضية السامية على أهمية الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في بناء المجتمع الديمقراطي وفي حماية حقوق الإنسان وأن شراكة الأمم المتحدة مع المجتمع المدني هي شراكة مبدئية .
تحية خاصة لجورجيا ومازن على مهنيتهما العالية وحرصهما على أن نصل إلى النتائج الملموسة في هذا المشروع بالرغم من الصعوبات التي واجهتهما وأهنئهما على هذا الإنجاز.
أختم لأقول بأن تجاوز الازمة الحالية ممكن وإنجاح حوار وطني جدي ومسؤل ممكن وقد أكدته هذه التجربة المتواضعة وهذه النتائج التي اتفقنا عليها جميعها . ونشجع كل الاطراف على القيام بالخطوة الحاسمة في اتجاه الآخر... الآن وليس غداً .
إقرأ أيضا لـ "فرج فنيش"العدد 4253 - الثلثاء 29 أبريل 2014م الموافق 29 جمادى الآخرة 1435هـ
هل هناك مناخ ملائم افضل من الموجود؟ مداهمات ليلية واعتقالات بالعشرات وسجون بالآلاف
بعد ويش تبون افضل من المناخ الحالي في السجن اكثر من 4000 سجين سياسي ومئات المهجرين وبعضهم اصبح مطرودا من وطنه والعقاب الجماعي مستمر والتعذيب مستمر امام اعينكم