خاض عالمنا الاسلامي، خصوصاً في الشام ومصر، حرباً صليبية خاضتها أوروبا ضده واستمرت قرابة المئتي عام (492هـ - 692 هـ)، وقد دعا لهذه الحرب البابا أربان الثاني الذي طالب المسيحيين باستعادة القدس من العرب باعتبارها أرض المسيح، ولذلك فهم أحق بها حسب ادعائه! وقد خلفت هذه الحرب مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وكل ذلك بسبب تلك الدعوة المشئومة التي أطلقها ذلك البابا الأرعن.
وقد كنت أحسب أن هاجس هذا اللون من الحروب الدينية قد اختفى عند الأوروبيين في العصر الحديث - هذا إذا اعتبرنا أن مرحلة الاحتلال الحديث حرباً اقتصادية سياسية - ولكن الواقع بدأ يكشف أن هذا الهاجس لايزال موجوداً عند البعض رغم كل ما يقال غير ذلك!
الخميس الماضي (24 أبريل/ نيسان 2014)، خصصت «الجارديان» البريطانية مقالاً مطولاً للكاتب البريطاني سيوماس ميلن، الذي خصصه للرد على رئيس وزراء بريطانيا الأسبق طوني بلير، الذي طالب دول أوروبا والأميركان بالتركيز على محاربة التطرف الاسلامي في العالم وتنحية خلافاتهم مع روسيا والصين! وقد رأى الكاتب أن هذا الخطاب «يدشّن عودة المحافظين الجدد إلى الساحة مرةً أخرى عن طريق خليط قاتل بين دعوات التدخل العسكري في الخارج والتي تنطلق من عقيدة صهيونية مسيحية، وبين ممارسة المكارثية والاضطهاد في الداخل». وانتقد الكاتب بشدة موقف بلير ضد ما أسماه «خطر الاسلام المتطرف» قائلاً إنه نفس طريق الخداع الذي استخدمه هو والرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، والذي قادهما إلى مذبحة «الحرب ضد الارهاب». ووصف الكاتب أن ما يفعله بلير هو حرب صليبية جديدة ضد الاسلام، وأضاف إن هذه السياسة لم تقدم للعالم سوى المآسي التي رأيناها في أفغانستان والعراق وغوانتنامو... وكذلك تفجيرات لندن.
حرب بلير على الاسلام ليست جديدة وإن كان يغلفها نفاقاً وغباء بقوله إنها حرب ضد الارهاب الاسلامي! لكنه لا يشرح لنا ما هي حدود التطرف في رأيه، وهل هذا التطرف من القوة والانتشار بحيث يحتاج إلى تضافر أكبر قوى العالم لتتحد ضده؟ وإذا كان بلير يحارب الارهاب كما يدّعي، فلماذا يتعامى عن الإرهاب المسيحي الفظيع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المسلمين في أفريقيا الوسطى وغيرها من الدول؟ ولماذا يتعامى عن الإرهاب البوذي الذي أودى بحياة الآلاف من المسلمين الروهنجا؟ ولماذا صمت عن قتل واضطهاد الآلاف من المسلمين في تركستان الشرقية؟ بل دعني أسأله: ألم تشارك شخصياً في قتل مئات الآلاف من المسلمين في أفغانستان والعراق؟ ألم يرتكب جيشك وجيش صديقك بوش الفظائع التي تخجل منها الانسانية في العراق وأفغانستان؟ ألم تستخدموا الأسلحة الكيماوية في حربكم القذرة التي لازالت آثارها حتى الآن تفتك بالأطفال العراقيين؟ إذا كان هذا ليس إرهاباً في رأيك فما هو الارهاب يا ترى؟
نعرف أنك تنطلق من عقيدة مسيحية موغلة في التطرف لا تمت إلى نبي الله عيسى بصلة، ونعرف أنك تريد القضاء على الإسلام كله وإنما تتعلل بالحديث عما تصفه بـ «الارهاب»، ظناً منك أن الناس قد تنطلي عليهم هذه الأكاذيب وما هم كذلك على الإطلاق. وبودي أن تدرك أيضاً، أن كل محاولاتك البائسة ستبوء بالفشل كغيرها من المحاولات التي سبقك إليها بائسون آخرون ومنهم صديقك بوش، الذي تبنّى حرباً صليبيةً ضد الاسلام العام 2001، وادعى كاذباً، أن الرب هو الذي أمره بغزو أفغانستان والعراق!
وبالمناسبة فإن البابا السابق بندكت السادس عشر، لم يكن أفضل من بلير أو مثيله بوش، فقد استشهد في محاضرة ألقاها في ولاية بافاريا الالمانية العام 2006، واستشهد فيها بقول الامبراطور مانويل الثاني (1350- 1425 م): «أرني شيئاً جديداً أتى به محمد فلن تجد إلا ما هو شرير ولا إنساني، مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف». وادعى البابا في محاضرته المشئومة تلك أن الاسلام دين عنف، وأنه لا يتفق مع العقل! والواقع أن ذلك البابا كان يمارس حرباً صليبية قذرة ضد الاسلام، وربما ورثها عن البابا أربان الذي سبقه بحوالي ألف عام!
ولاشك أن من ضروب الحرب الصليبية كل الحملات التي شنها البعض على رسولنا الكريم، ومنها الحملات المسعورة على المناهج الدينية في السعودية خصوصاً وفي عالمنا العربي والاسلامي عموماً، ومنها كل الحملات المشبوهة الارهابية التي تمارسها بعض الدول والمنظمات لتشويه صورة المسلم ومن ثم الاسلام بصورة عامة.
على المسلمين إدراك المكائد التي تحاك ضدهم، وأن عليهم إدراك عظمة دينهم وتاريخهم، والوقوف صفاً واحداً ضد كل المؤامرات التي تريد إبعادهم عنه بحجة الارهاب أو التطرف أو غير ذلك من الأكاذيب مهما كان مصدرها.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 4252 - الإثنين 28 أبريل 2014م الموافق 28 جمادى الآخرة 1435هـ
هم من يدعمون الاسلام المتطرف
لتشويه معاني الدين الاسلامي السمحة. اللعبة انكشفت ...
عشت زمن الاستعمار وزمن الاستقلال ياريت يرجع الاول
مختصرا نحن من علم المستعمر لغة فرق تسد كل شيء نضعه على الغرب باسم الصليبية ماقامت به داعش والنصرة وممواليها ومرجعيتها الدينية المعروفة للاعمى قبل البصير فاق وزاد على فضاعات الحملات الصليبية وضاعت بوصلة القدس