العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ

«الوسط» تدخل «دارجيلنك» وتلتقي عائلة سرواني... أول من جلب «الكيرم»

قادت حكايات سوق المنامة القديم «الوسط» هذه المرة «إلى استكشاف أول وأقدم محل يبيع المستلزمات الرياضية في البحرين منذ العام 1946 وهو «دارجيلنك». هذا المحل الذي يكتظ بقصص كثيرة وتنبعث منه رائحة السوق لكن بنهكة رياضية وهو الذي أيضاً أول من أدخل لعبة «الكيرم» الهندية إلى سوق المنامة بالأربعينات.

تحدثت «الوسط» مع أحد أبناء «دارجيلنك» وهو آصف عبداللطيف سرواني الذي قال: «نحن بحرينيون ونتكلم اللهجة الدارجة وأصدقاؤنا من عوائل بحرينية كثيرة مثل العليوات وخنجي بينما جيراننا كانوا عائلة نونو».


محل يعشقه البحرينيون... لكن بنكهة رياضية... عائلة سرواني لـ «الوسط»:

عوائل «العليوات» أصدقاؤنا و«نونو» جيراننا... ونأمل بـ «ترام» يجول السوق

المنامة - ريم خليفة

انطلقت رحلة «الوسط» اليوم، ضمن سلسلة حكايات سوق المنامة، إلى دكان قديم يقع على زاوية من السوق بعد أن قطعت مسافة من باب البحرين، هذا الدكان يقع ضمن مبنى قديم جدّاً، أبوابه الخشبية طليت باللون الأزرق البحري إضافة إلى أطراف اللوحة الإعلانية المعلقة. وهي الأخرى طليت باللون نفسه ومكتوب عليها باللغتين العربية والانجليزية «شركة دارجيلنك التجارية» مصاحبة معها صورة لاعب تنس.

قرأت هذه اللوحة، وفضولي كان يدفعني لأسأل عماذا يبيع هذا المحل الذي تصطف عليه نوافذ خشبية بحرينية الطراز وثبتت من فوقه لوحة إعلانية حمراء مكتوب عليها «صالون» بالانجليزية والهندية.

كانت درجة الحرارة مرتفعة في الوقت الذي قررت أن أدخل لأرى سر « دارجيلنك»، لكن قبل أن أدخل أوقفني أحد البحرينيين مرتدياً ثوباً أبيض (دشداشة) وغطاء الرأس (الغترة) وبدا أنه في العقد السادس، ملقياً السلام، ثم معلقاً: « هذا أشهر محل في البحرين لبيع المسلتزمات الرياضية».

وأضاف مبتسماً «مازال على شكله ووضعه منذ الأربعينات حتى اليوم (...) البحرينيون وخاصة أهل المنامة يعشقون هذا المحل بنكهته الرياضية».

ابتسمت وشكرته على هذه المعلومة، وعندما دخلت رأيت محلاًّ مكتظّاً بميداليات ذهبية وفضية وبالكؤوس والدروع ومضارب التنس الأرضي والطاولة وأشكال مختلفة من الكرات، وتي - شيرت القطنية القديمة التي تعود إلى مختلف الفرق الرياضية المحلية والدولية لمن يرغب في اقتنائها كهواية.

رحب بي صفدر محمد أمين سرواني وقال لي: «هل هذه زيارتك الأولى لنا؟»، أجبته بنعم، ثم سألته: لماذا سمي محلهم بـ «دارجيلنك»؟، فقال لي صفدر وهو يطلب لي الشاي بالحليب: «معناه اسم منطقة جبلية مشهورة بمزارع الشاي في الهمالايا»، ونحن أصولنا من لاهور، إذ قدمت عائلة «سرواني « من لاهور في مطلع الأربعينات الى البحرين قبل أن تتأسس باكستان، حيث كان التنقل في الماضي سهلاً بين المستعمرات البريطانية أو التابعة إلى الحكم البريطاني آنذاك سواء من الهند أو ما يعرف اليوم بباكستان ودول الخليج العربية التي كانت محميات بريطانية. وقد أسست عائلتي محل «دارجيلنك» في العام 1946- أي قبل عام من انفصال باكستان عن الهند»، الذي حدث في العام 1947.

نظرت إلى رفوف المحل المكتظة بكثير من الأشياء التي تفوح منها رائحة التاريخ والسوق المعتق وسألته: «أنت الجيل الثاني من العائلة. لماذا أبقيتم المحل على حاله في المنامة؟» فأجاب صفدر: «نعم نحن كذلك، والآن لدينا أبناؤنا وأحفادنا، فهناك أربعة أجيال، وقد ولدت في البحرين في العام 1956، ودرست في مدارسها الحكومية، وأتحدث اللهجة الدارجة في البحرين وهو الأمر الذي ينطبق على جميع أفراد عائلتي (...)، وأبقينا هذا المحل؛ لأنه أول محل لبيع المستلزمات الرياضية في البحرين ولم نشأ أن نغير موقعه أو حتى الزاوية التي يقع فيها (...)، فهناك الكثير من التاريخ بدءاً من طلبات الأندية والفرق الرياضية وصولاً إلى أبطال التنس ومضاربهم التي نقوم بتضبيطها في محلنا، مثل بطل البحرين للتنس الأرضي السابق يوسف حيدر الذي كان واحداً من زوار المحل الدائمين (...) واليوم هناك من يأتي ليجمع القطع والدروع والكؤوس القديمة وتي شيرت القديمة للفرق المحلية أو العالمية، كما نبيع أنواعاً خاصة من كرات التنس والقدم، فمثلاً الكرات المخاطة في باكستان تختلف عن تلك المخاطة في الصين، اضافة الى عمل الشعارات للشركات وللمناسبات المختلفة».

واضاف صفدر مسترسلا عن موقع محل العائلة: «إن المحل له خصوصية عند أهل البحرين فيكفي أننا أول من جلب وباع لعبة «الكيرم» الهندية، ونحن كنا من المحلات المحدودة التي تبيع «الكيرم» في الستينات، لكن كنا أول من جلبه في الأربعينات، ولا تنسي أن السوق في البحرين انفتحت في الستينات وازدهرت في مطلع السبعينات حيث بدأ التنوع».

وهنا يبدا آصف عبداللطيف سرواني، ابن عم صفدر، الذي يعمل أيضاً في المحل نفسه، الحديث عن أهمية تاريخ «دارجيلنك» في البحرين معلقاً: « نحن أُثرينا وأَثرنا المجتمع البحريني بمختلف مكوناته ويكفينا فخراً أننا أول من بدأ الكتابة على الدروع والميداليات ومازالنا نقوم بذلك حتى اليوم منذ العام 1959 (...)، فحتى خواتم الزواج نقوم بكتابة الأسماء عليها في حال الطلبات الخاصة ليس هذا فحسب، فقد قمنا حتى برسم وجه أول ممرضة بحرينية، هي فاطمة الزياني، على ميدالية أهديت في إحدى مناسبات التكريم للممرضات البحرينيات بكلية التمريض».

وآصف، الذي لديه خمسة أبناء، هم: محمد، عائشة، يسرا، أقصى، مدثر، كشف في حديثه الذي لم يخلُ من المعلومات الكثيرة قائلاً: «نحن بحرينيون وسنبقى كذلك على رغم أصولنا الباكستانية، فنحن نتكلم العربية بطلاقة ونتقن لهجات أهل البحرين إضافة إلى الاردو والفارسي والهندي والانجليزي وتلك لغات السوق، ونحن يوميّاً نحتك ونختلط بشتى انواع الناس (...)، وسوق المنامة يحمل جزءاً من تلك الهوية التي تجعله مميزاً، وهذا تميز نابع من تعددية الثقافة داخل المجتمع البحريني الذي آلفناه منذ عشنا وعملنا بين أوساط اهل المنامة بمختلف الأديان، فقد كان جيراننا عائلة نونو اليهودية الذين مازلنا نحظى معهم بصداقة قديمة، إضافة إلى الأسر المسلمة البحرينية المختلفة، مثل عائلتي العليوات وخنجي وغيرهما».

وأضاف آصف «أتعلمين أن تأثير محلنا بلغ حدّاً أن أدرجت عنه اسئلة امتحانات وزارة التربية والتعليم، وهذا محل فخر آيضاً لنا أن نذكر كمثال في ورقة اسئلة الطلبة في العام 1971، لكن عندما تسأليني عما أريده اليوم، فأنا أريد أن توفر مجموعة وسائل نقل (مواصلات) بصورة خاصة داخل هذا السوق القديم، بمعنى أن يمنع دخول السيارات ويستبدل بها «ترام» قطار متنقل وميني باص لجلب العاملين والزوار ومرتادي السوق من منافذ مختلفة إلى السوق بحيث تكون لها نقاط، تأخذهم الى نقطة «ترام» ليجول بهم في أزقة السوق الكثيرة بصورة سهلة وجاذبة لكل من يعشق هذا السوق ويحب التبضع فيه».

ونظر آصف اليَّ مبتسماً «نحن (كلاسيك) ونحب القديم ونقدر قيمة محلنا، ولذلك فكم جميلا لو ينفذ هذا الحلم؛ لأننا لا نغير مكاننا ولن تحل المجمعات التجارية مكان دكاكين السوق المعتقة (...)، من الضروري أن تلتفت الجهات المعنية لمشكلة المواقف في السوق، ولذلك من الأفضل جعل هذه البقعة محل جذب، وبالنسبة إلينا الكثير يرى في محلنا متحفا لأغراض الرياضة التي يريدها وتضبيط مضارب التنس».

وعلى رغم ان الحديث مازال مستمرّاً والكثير الذي يريد أن يخبرني به صفدر وآصف عن قصص السوق ومحلهم فإن رجلاً بحرينيّاً قاطع هذا الحديث بالسؤال عن تي - شيرت لفريق أحد الأندية الرياضية بالسبعينات، كما دخلت أسيوية المحل لتبحث عن مضرب كرة الطاولة.

ودَّعتهم إثر ذلك لأترك محلهم متجهة إلى زقاق آخر بحثاً عن حكاية أخرى من حكايات سوق المنامة القديم.

آصف عبداللطيف سرواني متحدثاً لـ «الوسط» عن «دارجيلنك» بالمنامة - تصوير : عقيل الفردان
آصف عبداللطيف سرواني متحدثاً لـ «الوسط» عن «دارجيلنك» بالمنامة - تصوير : عقيل الفردان
حطب «الكيرم» الهندي الذي يباع في «دارجيلنك»
حطب «الكيرم» الهندي الذي يباع في «دارجيلنك»

العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 2:56 ص

      رجاء

      نشكر الوسط على هاذي المقابلات اللي تطلعنا على تاريخ البحرين بس عندي رجاء حاااار.....نبي نتعرف على بحرينيين أصليين من أصول بحرينيه ممن أثروا تاريخ البحرين..عوائل كثيرة في البحرين أسهمت في تطور البحرين في كل النواحي

    • زائر 10 | 1:49 ص

      فعلا لازلنا مرتبطين معهم عاطفيا

      عاشت هذه العائلة في وسط المنامة القديمة وكانت متميزة في بيع الأدوات الرياضية مند صغرهم وهم يتكلمون اللهجة البحرينية الدارجة ومتفوقين اخلاقيا ودراسيا تعملنا معهم وصادقين في البيع وبضاعائهم ذات جودة منهماصف واختر الأستاذ بجامعة الخليج العربي للطب ونويز مسؤول المركزالطبي في المطار وعدنان ابن عمهم المهندس الذي عشق مهنتهم الأصلية عائلة طيبة محترمة تستحق شرف الانتماء لهذا الوطن لكنها لم تنسى اصولها وهذا حقها ولك تحية خاصة يالحبيب اصف اخوك ع.ج.ا

    • زائر 8 | 1:39 ص

      كانو جيراننا في فريق المخارقة ونعم العائلة

      ارتبطوا بااهل الفريق بعلاقة خاصة لم يعتدي أحد عليهم كون اصولهم باكستانية أو اختلاف مذهبهم هم بحرينيون الهوى متعلمين منهم الأطباء والمهندسين هم اضافة لهذا المجتمع المسالم وطيبين ومسالمين ومحبوببين عائلة سرواني هي رمز من رموز التعايش في البحرين يتكلمون البحرينية افضل من الكثير ممن يحسب نفسه بحرينيا فقط حصوله على الجواز تحية لكم من بيت السهلاوي جيرانكم السابقين من فريق المخارقة الحاضن لكل الديانات والمذاهب والعقائد ربي يحفظكم

    • زائر 7 | 1:33 ص

      اكيد

      بحريني وما يحتاج نعرف من يقلد لانها امور خاصة

    • زائر 6 | 12:50 ص

      شكرا استاذة ريم

      اريد ان اعترف بأني لست دوما متوافق مع آراء الأستذة ريم, و لكن اود ان اشكرها جزيل الشكر على تسليط الضؤ على معلم تراثي يجب ان يتعرف عليه الجيل الحالي الذي لا يعلم عن ماضيه

    • زائر 14 زائر 6 | 4:05 م

      شكراللوسط

      شكراللكاتبة ذكرتينابالماضي

    • زائر 5 | 12:46 ص

      شكرا

      اتذكر عام 1975 وعام 1976 اشتري فانلات ومستلزمات رياضية من هذا المحل .. بالرغم إن اسعارهم في ذاك الوقت مرتفعه نسبة ببقية المحلات الاخرى .. وقد راجعت قبل كم سنة مركز النعيم الصحي واذا بالدكتور من اولاد سرواني ويتكلم اللهجه البحرانية .. شكرا للكاتبة

    • زائر 3 | 12:41 ص

      ذكريات جميلة وغنية بعبق الماضي...ولكن تنقصها بعض المعلومات التاريخية

      في الحقيقة محلات دارجلينك اسست عام 1946 وهو يبيع المعدات الرياضية كما بين اللقاء والتغطية الصحفية الجميلة والصور المصاحبة..ولكن يجب ان لا ننسا محلات ميرزاعلي واولاده بشارع الشيخ عبدالله الذي تاسس سنة 1914 بشارع السيخ عبدالله والآن انتقل الى شارع خلف العصفور..وكنت اتذكر تلك الأيام اذا نقصت دارجلينك بعض البضائع كان حجي ميرزاعلي يزوده بها والعكس صحيح..اي ان هناك تعاون سوقي وثقة متبادلة بين التجار..كما اشتهر ميرزاعلي واولاده :اول تاجر يستورد ادوات ومعدات كمال الأجسام الي البحرين وبائع السروجية

    • زائر 2 | 11:28 م

      ذكريات جميله ..

      ما ان قرأت اسم دارجيلنك حتى اخذتي الذكريات و الحنين الى ايام المراهقه و الفتوه عندما كنا نعج با الحيويه و النشاط و اللعب كفرق في قريتنا النبيه صالح ، فكنا نستري ادواتنا الرياضيه من هذا المتجر وسط السوق. و كنا نذهب مجموعات بواسطة النقل العام بعد عبورنا من الجزيره الى ام الحصم ، كانت ايام جميله لا زالت عالقه في الذاكره ...

    • زائر 1 | 11:08 م

      ابراهيم الدوسري

      كلمة شكرا يا عائلة سروانى لاتفيكم حقكم والشكر موصول لجريدة الوسط علي هذة الزيارة فقد شممنا منها رايحة الماضى االذى نشتاق لة

اقرأ ايضاً