العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ

فعاليات ونشطاء: ثقافة وسلوك الفرد سببا تراجع مستوى النظافة... والبحرين بحاجة لمشروع متكامل لإدارة النفايات

دعوات للاستفادة من المنابر الدينية لتوجيه الرأي العام وتحفيزه على الاهتمام بالنظافة

الوسط - زينب التاجر، صادق الحلواجي 

26 أبريل 2014

تغيُّر سلوك الفرد ورفاهية الحياة وتعزُّز مفهوم الاتكالية، أصبحت عوامل متراكمة أنتجت أزمة لا يمكن غض النظر عنها بسبب تفاقمها وتشكيلها مشكلة حقيقية باتت تواجهها مؤسسات المجتمع المدني والفرد علاوة على الجانب الرسمي، وعلى رغم أهمية هذه المشكلة، لم تكن ذات أولوية في ظل الكثير من الانشغالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي جعلتها في صفاً متأخراً من الاهتمام والرعاية لإيجاد حلٍّ لها.

إن مشكلة تراجع مستوى النظافة العامة، أو إن صح التعبير ظاهرة أزمة النظافة في الطرق والشوارع والأماكن العامة، يتحمل مسئوليتها بالدرجة الأولى الفرد، بعد أن أصبح الأمر سلوكاً متفشياً لا ينظر إليه كثيرون كفعل خاطئ أو معيب على أقل تقدير.

«الوسط» أفردت مساحة لوصف المشكلة ومعرفة أسبابها للبحث عن الحلول من خلال استضافتها لنشطاء بيئيين، وبلديين، وشركات نظافة، ومتطوعين، والذين أجمعوا على أن ثقافة وسلوك الفرد سببان رئيسيان في تراجع مستوى النظافة العامة، داعين في الوقت ذاته إلى زيادة حملات التوعية وإيجاد تشريع يقنن من عمليات إنتاج النفايات وضبط المتهاونين في الحفاظ على النظافة. بالإضافة إلى ضرورة إيجاد مشروع متكامل لإدارة النفايات.

واستضافت «الوسط» في هذا الموضوع: رئيس اللجنة المالية والقانونية بمجلس بلدي المنطقة الشمالية جعفر شعبان، رئيس جمعية التعاون البيئي لحماية السواحل حسن المغني، عضو جمعية التعاون البيئي سلمان عبدالله، عضو اللجنة النسائية بمركز سند الشبابي والثقافي ضوية إبراهيم، وعضوا لجنة بيئيِّي المعامير جاسم آل عباس ومحمد جواد، والمدير بشركة مدينة الخليج للتنظيفات أندريان كوكريم، وكذلك هشام الحداد من شركة النظافة نفسها.

الهدف من هذه الندوة هو التركيز على موضوع النظافة العامة، وتحديداً المرتبطة بالمواطن أكثر من تلك الناتجة عن المصانع، فالموضوع الأخير هو موضوع بيئي خاص، فما نواجهه اليوم هو انتعاش عدم النظافة وعلى جميع المستويات، وفي هذا المنتدى نرمي إلى وصف المشكلة ومحاولة الوصول إلى ما إذا كان موضوع النظافة «أزمة ثقافية» أم لا، ومن ثم التطرق إلى أسبابها هل هي ثقافية، مرتبطة بالرخاء والكثافة السكانية أم هي سلوكيات وعدم اكتراث واتكالية لنعرج إلى طرح الحلول، كيف تصفون هذا الموضوع؟

- شعبان: أكبر المشاكل حالياً التي نواجهها هي مخلفات البناء لاسيما في منطقة اللوزي على سبيل المثال، فهناك عدد كبير من الشحنات التي تم إزالتها من المنطقة، ويعود السبب إلى أمرين: الأول غياب الرقابة والثاني ضعف العقوبة، ويمكن قياس ذلك على مختلف مستويات النظافة سواء الفردية أو ناتج أعمال البناء وغيرها.

وأعتقد بأن شركة النظافة من ضمن التزاماتها تنظيم حملات التثقيف، وخلال الأعوام الأربعة لم نرَ ذلك.

- جواد: هناك أولويات في مسألة النظافة، وما أرمي له بأنه مهما تراكمت مخلفات البناء لن تسبب أمراضاً كمخلفات القمامة المنزلية، والتي أرى بأنها الأهم، وشركة النظافة هي المسئولة عن ذلك، كما أرى أن النظافة في نطاق العائلة موجودة، والجهل يكمن خارجه، فنحن مازلنا شعوباً استهلاكية اتكالية.

- عبدالله: حينما أسسنا الجمعية أردنا طرح هذه المشكلة على جميع النواحي، وتحديداً مشكلة الرقابة على خليج توبلي والذي تعرض للردم بشكل عشوائي ما تسبب في رمي المخلفات بشكل كبير، لذا طرحنا فكرة وجود مراقب على فترات لمراقبة رمي المخلفات، ورصدنا خلال جولاتنا على الخليج خلال شهر فقط 20 شخصاً يرمون المخلفات.

- المغني: المشكلة تكمن في ثقافة الاتكالية، كما أن هناك مشكلة أخرى تكمن في المنازل الجديدة ذات البنية التحتية غير المهيئة لموضوع النظافة، وعدم توافق موعد إخراج أكياس القمامة مع مرور شاحنات شركات النظافة بالإضافة إلى تواجد الحيوانات الضالة وما تقوم به من نقل الأوساخ من مكان لآخر.

- الحداد: في رأي الشخصي الحكومة معنية بالأمر ولكن المواطن معني بالدرجة الأولى، وإن رجعنا إلى البداية سنرى بأن المشكلة بدأت مع الطفرة ووجود الخدم، فثقافة التدوير كانت موجودة لدى البحريني البسيط على رغم عدم علمنا بها، ففي السابق كانت ربة المنزل تستخدم علب الحلويات لأدوات الخياطة وبعض علب الأطعمة لقياس كمية الأرز وتحاسب للمصروف ولديها غيرة على المدخول، أما اليوم فالوضع تغير، وشمل آلية التغليف والتي أسهمت في زيادة كمية المخلفات، كما لا يمكن إغفال مسألة رخص الأسعار ورفاهية الحياة.

لا يجب أن ننتظر التشريعات والقوانين ومن ينظف من ورائنا يجب أن نكون مسئولين.

- آل عباس: المشكلة يتحمل مسئوليتها الجميع وعلى رأسها الحكومة.

ألا يجب أن نضرب في ثقافة الفرد ونقول له أنت السبب في الكثير من هذه المشاهد في الشوارع والطرقات والأماكن العامة حتى وإن كان هناك تقصير من الجانب الرسمي، لاسيما عند السواحل والأسواق المتنقلة وفي المتنزهات؟

- شعبان: هذه المظاهر أعتقد أنها قلَّت، ففي السابق كان الأمر سائباً، ومع فرض العقوبة قلّ الأمر لكن تبقى الثقافة تلعب دوراً كبيراً في هذا الشأن، وعلى الأقل بات الأمر معروفاً لدى الفرد بأن الأمر لم يعد مرغوباً فيه أو صحيحاً.

- ضوية: بالفعل، فالأسواق الشعبية المتنقلة خير مثال، والتي من المفترض أن تجلب الخير والرزق للناس أصبحت تجلب لسواهم المشكلات مسببة أزمة في النظافة، إذ لا يقوم معظمهم بإزالة مخلفاتهم ليقينهم بأن هناك من سيزيلها من خلفهم، وهذا نوع من الاتكالية فنلاحظ بأن المشتري يرمي والبائع كذلك، فلا يوجد وعي بيئي ولا يوجد فهم لثقافة التدوير لعدم تهيئتنا لها إلا نماذج محدودة في بعض المدارس والمستشفيات الخاصة.

- جواد: برأي الشخصي، المسألة تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى، فهناك اهتمام بمناطق وإهمال لمناطق أخرى بشكل ممنهج، لذا بات للناس لديهم ردة فعل وفقاً لذلك.

ماذا لو أدخلنا رجال الدين على الخط ودفعنا بهم نحو تفعيل دورهم باعتبار أن الوازع الديني محترماً ومقدساً وسيترك أثراً في نفوس وسلوك الأفراد على صعيد النظافة العام؟

- الحداد: في شهر محرم من كل عام نلتقي مع عدد من اللجان المعنية بالتنظيم في المنامة للتعاون من أجل توعية الناس وحثهم على التعاون مع عاملي النظافة، كما طلبنا من عدد من الخطباء والرواديد تناول موضوع النظافة في حديثهم ولقينا تعاوناً ملحوظاً، ويُشار إلى أنه في البداية كان بعض عاملي النظافة يتعرضون للاعتداء من قبل البعض، إلا أن الوضع تغير فيما بعد ولمسنا نتيجة في المنامة بسبب تلك الحملات وتفاعل المآتم والرواديد معنا. علماً أننا نوزع 300 حاوية وبرميل على خط سير المواكب لتلافي مشكلة النظافة.

كما عملنا ورش عمل للمدارس في العاصمة والمحرق، ونشرح لهم على سبيل المثال أن تحلل البلاستيك 700 سنة أو أقل، والزجاج غير معلوم رغم أنه مصنوع من الرمل، والورق يصل إلى 3 أعوام، والمعادن نحو 80 عاماً. وباشتهادات شخصية منا نبين لهم أن من يعمل مثقال ذرة خيراً يرى، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرى، فالله يكافئ الشخص على كل عمل، ولا أعتقد أنه سبحانه لن يكافئ الفرد على قدر مشقته وحفظه لبيئته، فلو تولى الشخص عملية الفرز في منزله للنفايات الكبيرة على سبيل المثال أو التي تنتج نتيجة الصيانة أو حملات التنظيف التي تتم في المنزل أو المحل التجاري أو غيره، ثم قام بنقلها لحاويات الفرز التي خصصنا نحن كشركة على سبيل المثال، والتي نستفيد منها صفراً باعتبار أن العائد من بيع المواد المفروزة يذهب عائدها للصندوق أو الجمعية الخيرية الذي تعاقدت معها الشركة.

- المغني: الجانب التوعوي البيئي والنظافة مهم جداً لدى خطباء الدين على منابر التوعية إذ يطرحون الفكرة مستندين إلى القرآن الكريم والسنة النبوية والأحاديث.

- شعبان: الوازع الديني مهم للغاية، ويجب أن يستغل في مختلف الفعاليات الدينية والوطنية والسياسية، فله دور لا يقل عن مستوى التشريع والقانون لدى الملتزمين بالكلمة الدينية الذين يرون فيها نوعاً من التقديس.

هل هناك اتصال من قبل المجلس البلدي بالمؤسسات الاجتماعية وعلماء الدين والجمعيات والمجلس العلمائي لزيادة توعية الناس وإعطائهم معلومات عن الخسائر المالية والبيئية والمضار الصحية المتعلقة بالنظافة؟

- شعبان: للأسف لا، لم نفعل.

يوجد من يقول بأن هناك موازنة مرصودة في الاتفاقيات مع شركات النظافة لإنفاقها على حملات التثقيف، إلا أنه لا تتم الاستفادة منها، فما تعليقكم؟

- الحداد: بالنسبة لشركة مدينة الخليج للتنظيفات، لدينا موازنة رصدت لمحافظتي العاصمة والمحرق، وتقدر بـ 50 ألف دينار لكل عام لكل واحدة منهما، وفي الشركة نقوم بالتنسيق لصرف هذه المبالغ لحملات توجه لرفع الوعي في النظافة مثل حملة «زاري عتيق» التي نُظمت في المحرق، وحملة «معاً نحو عاصمة نظيفة» التي نظمت في العاصمة وكانت ناجحة جداً وشهدت تفاعلاً من 30 مدرسة، كما نقوم بزيارة المدارس بشكل مستمر.

- ضوية: نحتاج لجانب إعلامي وثقافي متطور وابتكاري في جانب النظافة.

لماذا إذاً نرى وضع النظافة في صدد التفاقم في السواحل والمتنزهات والأماكن العامة، وكذلك في الأسواق الشعبية المتنقلة وإبان الفعاليات الدينية والاجتماعية وحتى السياسية منها؟

- شعبان: بالفعل الوضع في ساحل المالكية على سبيل المثال مخجل جداً ولا مبرر لذلك، ويزداد الأمر سوءاً في الإجازات الأسبوعية لدرجة أنه يتم زيادة عدد عمال النظافة في هذه الأيام بمعدل 20 عاملاً لإزالة ما يتم رميه، وأعتقد بأن الجميع معني بهذا الأمر: المواطن والبلدية والشركة، ولو كان هناك وعي لما احتجنا لصرف موازنات بالآلاف على النظافة وحملات التثقيف والتوعية.

لنستفيد من وجود المدير بشركة مدينة الخليج للتنظيفات أندريان كوكريم، وباعتباره بريطاني الجنسية، ما الفرق بين البحرين وبريطانيا فيما يتعلق بالنظافة؟

- أندريان: كل منزل في بريطانيا يوجد فيه ثلاث حاويات على الأقل يتم تصنيف القمامة فيها، ويتم رفع المخلفات مرة في الأسبوع فقط، وهناك توجيه رسمي لإعادة تدوير المخلفات، فحين تضع المخلفات في سلة القمامة من دون فرزها يتم مخالفتك وإيقاع الغرام عليك، وفي المقابل يتم منح المواطن مكافأة في حال التزم بالقانون (الفرز). كما أن الحكومة هناك هي من تدعم إدارة النفايات والتدوير، كونه غير مربح، وفي البحرين تحتاجون لدعم حكومي لذلك من أجل نجاح التجربة.

هل تعتبرون أن من يقوم بعمليات الفرز من أجل التدوير في البحرين هي بمثابة سوق سوداء، باعتبار أن من يتولى هذا العمل أغلبهم من العمال الآسيوية التي تبحث عن ربح حتى وإن كان بسيطاً للغاية؟

- الحداد: لا تعتبر سوقاً سوداء وإنما سوق غير نظامية، ومن يبحث في المخلفات بحثاً عن الورق أو النايلون أو البلاستك لو نُظم عمله سيكون له مردود، لذا أرى بأن عملية التدوير في البحرين تحتاج للتنظيم بالنسبة للشركات، وتحررك من مجلس النواب.

ولنكن واقعين، مدفن عسكر بقي على عمره الافتراضي 3 أعوام، ونحتاج أما لتوسعته أو إيجاد موقع جديد، فلا يوجد احتمال أفضل، وحتى لو فكرنا في تصدير النفايات، من هي الدولة التي ستقبله؟ كما أن عملية الشحن مكلفة وتسبب أيضاً مشكلة بيئية أخرى.

أرى أنه لا يوجد مصنع حقيقي للتدوير، وكذلك انتفاء الدعم الحكومي لاحتواء الشركات الصغيرة والمهتمين بهذا الجانب.

لاحظنا وجود تجارب بسيطة في بعض القرى والمناطق تهدف إلى جمع الطعام الزائد عن الحاجة وتوزيعه على المحتاجين بغرض الحفاظ على الزاد وخفض كمية الملقى منه؟

- شعبان: ظاهرة رمي الأكل في شهر محرم مازالت موجودة للأسف، وهناك تجارب لدول مجاورة تحت مسمى «حفظ الزاد» تم نقلها للبحرين واستفادت منها بعض المآتم، وفكرتها تتمثل في توزيع الأكل الزائد على المحتاجين والآسيويين، وأخرى للاستخدام الحيواني أيضاً.

ما هي فكرة مراكز التدوير التي تفضلت بها هشام الحداد؟

- الحداد: لديّ مركزان للتدوير (الورق، البلاستيك، المعدن)، وخصّصنا موظفاً في المركز طوال 24 ساعة، وليس على الفرد إلا أن يقف بسيارته ليقوم العامل بأخذ النفايات المفروزة، وفي حال امتلأت يتم الاتصال في الجمعية الخيرية المتعاقدة معها الشركة لتقوم ببيع هذه المواد المفروزة وتستفيد من المال في البرامج الخيرية التي تنفذها الجمعية.

في حال توافرت صناديق الفرز والتدوير وتشجع الناس معها فعلاً، لماذا لا يتم تطوير هذا الشأن على مستوى أوسع؟

- الحداد: لو وزّعنا الحاويات وطوّرنا العمل بها، السؤال إلى أين عليّ أن أخذ المواد المفروزة. فلا يوجد لديّ مصنع لإعادة التدوير أو بنية تحتية تخدم موضوع الفرز والتدوير وتتعامل مع المواد التي تم فرزها.

- إبراهيم: يعني أننا وبناءً على انعدام البنية التحتية للتدوير إلى طريق مغلق.

هل من الصحيح أن انعدام توافر البنية التحتية ومصنع التدوير من جانب الحكومة دافع لتحملها ذنب انعدام النظافة العامة في البحرين؟

- المغني: المسئولية مشتركة بين الحكومة والفرد وكذلك شركة النظافة في تحقيق النظافة العامة، ولا أراه ذنباً منفصلاً.

- جواد: لذلك أنا أركز على الجانب الرسمي وأحمله جزءاً كبيراً من المسئولية، ولا أقصد هناك أن أكون ضد الوجه الرسمي، لكن أعتقد أنه يمثل جزءاً كبيراً من حل المشكلة من خلال تبنيه توفير البنية التحتية التي على أساسها تتبع شركات النظافة والأفراد عمليات الفرز والتدوير.

- الحداد: هرم إدارة النفايات مقلوب، يبدأ بعنصر الوقاية من إنتاج المخلفات، ثم تقليل إنتاج المخالفات، ثم إعادة استخدام الشيء، ثم تدوير النفايات. والنقاط الثلاثة الأولى هي الأهم من مرحلة التدوير التي لا تكون هي العصا السحرية لإنهاء الموضوع.

حالياً شركات النظافة في طور التقييم للعقود الجديد للأعوام الخمسة المقبلة، هل أدرجتم ضمن طلباتك دور التشريع الذي سيلعب دوراً كبيراً في تحسين النظافة العامة؟

- الحداد: وزارة شئون البلديات والتخطيط العمراني وفرت شركة استشارية لتقييم وتأهيل شركات النظافة التي ترغب في تولي المهام في البحرين، ووضعت بنوداً واشتراطات في حال استوفتها الشركات تكون قادرة على الدخول في المنافسة على المناقصة. ولا يمكن من خلال هذه العملية أن نقترح تعديلاً تشريعياً أو إصدار قرارات وزارية وما إلى ذلك.

من اختصاصات المجالس البلدية وصلب عملها الجانب التشريعي، ألم يذهب المجلس البلدي الشمالي نحو اقتراح تشريع أو الدفع نحو إصدار قرار وزاري يقنن من إنتاج النفايات على أقل تقدير، فيبدو واضحاً الآن أنه من الضروري أن يفرض على الفرد قراراً أو قانوناً يلزمه؟

- شعبان: بدايةً، توجد لدينا مشكلة كبيرة على مستوى النظافة العامة التي من مسبباتها تزايد مخلفات البناء والورش والمحلات التجاري والمقاولين التي يتم التخلص منها بصورة مخالفة في الساحات المفتوحة، ولأن العقوبات جداً بسيطة، تتكرر المخالفات على مستوى النظافة بصورة مستمرة، ففي حال ألقى أحد الأفراد شحنة كاملة من النفايات في منطقة مجاورة يتم تغريمه بأقل من كلفة الغرامة لو قام هو بتوفير شاحنة للتخلص منها. والمطلوب ليس فرض غرامات، فتكرار الشيء لا نهاية له، ويجب أن يوضع قانون يصاحبه رفع ثقافة الناس الشخصية، وتوفير سلوك لا يتم تجاوزه في الظلام أو خفية.

تداولنا في المجلس مقترح إيجاد تشريع وعقوبة مناسبة، فليس من المعقول ألا تنتهي شركة النظافة من إزالة النفايات.

- الحداد: هناك سوء في عمليات التغليف والتعليب، ففي السابق كان الفرد يشتري كيلو اللحم على سبيل المثال في كيس من الورق، والآن يتم وضع الكيلو نفسه في أكثر من كيسين من البلاستيك، وهذا بحد ذاته إنتاج للنفايات.

- المغني: الصحة تلعب دوراً كبيراً في هذا الجانب، فهي تفرض رقابة مشددة على التغليف والتعليب لاسيما في المواد الغذائية، والأكياس البلاستيكية خير دليل على ذلك.

البلدية تدّعي وجود عقوبات على من لا يلتزم بالنظافة، ألا يوجد تنفيذ؟

- شعبان: العقوبة بسيطة جداً ولذلك لا أحد يلتزم بها، فالقانون يلزم الجميع بالتخلص منها في مكب النفايات بعسكر، وفي المقابل ونتيجة لغياب المسئولية الفردية يتم التخلص منها في المناطق المفتوحة المحظور إلقاء المخلفات فيها.

- عبدالله: في حالة واقعية، ضبطنا أحد المخالفين ممن يلقون المخلفات على ساحل خليج توبلي، اتصل الموظف بمسئول الشركة التي أمرته بالتخلص من النفايات وأبلغه بأنه تم ضبطه وتقديم شكوى ضده لدى البلدية، للأسف أن المسئول في الشركة أفاد له بأنه سيدفع غرامة 50 ديناراً ليتم التخلص من المخالفة.

- الحداد: أحد المواطنين الخليجيين في إحدى الدول الأجنبية ألقى بقية سجارة كان يدخنها في الشارع، وأوقفه شرطي المرور وخالفه، وألزمه بالترجل من سيارته ورَفْع ما ألقاه في الشارع. هذا هو التطبيق السليم للقانون وتعلم الناس كيفية احترام الآخرين.

- المغني: المواطن يعاني من إنهاك بسبب غلاء المعيشة وغيرها، والعقوبة المالية ليست الحل، فبلدية سترة في العام 2006 توجهت لتوفير أكياس للقمامة في السيارات، ونحن شجعناهم، وطوال 8 أشهر توقفت هذه الحملة. وما أقصده أنه يجب أن يكون هناك هدف طويل الأمد وليس توفير ردة فعل لدى المواطن.

هل تعنون أن هناك تشريعات مضادة لا تكترث لجوانب مهمة أيضاً مثل إنتاج المخلفات، وهل توجد تشريعات بحاجة إلى تصحيح؟

- المغني: وزارة الصحة تصرّ على الوقاية عن التلوث، فهناك عدة دوائر تعمل بصورة منفصلة أحياناً.

بالتطرق للجان الأهلية والمؤسسات المتطوعة لتنظيف المقابر والسواحل والمنتزهات، كيف ترونها، وهل هناك من يتبناها من الجمعيات؟

- المغني: الجمعيات واللجان والبلديات تساهم جميعها في هذه الحملات.

- شعبان: نظمت حملة أهلية في الدراز تبناها المتطوعون من دون العودة للمجلس البلدي، وهذا سلوك نابع من بعض الناشطين الذي تكفلت البلدية ممثلة في شركة النظافة بالتالي في إزالة المخلفات المجموعة.

توجد لجنة أهلية في ساحل المالكية تباشر أعمال النظافة والتوعية للمواطنين والمقيمين، ويشمل عملها حتى الصيانة والتجميل، أليس هذه بادرة جميلة يجب الاهتمام بها؟

- شعبان: نحن بحاجة إلى أساليب جديدة في تثقيف وتوعية الناس، فهناك على سبيل المثال توجد السيارات المتحركة المعلنة التي بالإمكان توفيرها للفت الانتباه باعتبار أنه أسلوب غير معتاد وسيكون عنصر جذب. ونحتاج طرقاً ابتكارية متطورة غير الموجودة حالياً.

كشركات نظافة، ماذا تحتاجون حالياً من المجالس البلدية أو الحكومة بشكل عام، وكذلك من الفرد العادي؟

- الحداد: لا توجد لدينا مشكلات على صعيد العمل الميداني في العاصمة وكذلك المحرق، فلدينا خبرة طوال 13 عاماً، وقد تمكنَّا من مسك زمام الأمور في المنطقتين. وأما من ناحية التوعية فالبلديتان غير مقصرتين، لأنه لدينا حملات للنظافة العامة طوال العام، وبمعدل 3 حملات شهرياً مع المدارس والروضات والجاليات المقيمة في البحرين. لكن ما نحتاجه فعلاً هو وزارة التربية والتعليم التي تعتبر نواة المجتمع من خلال مناهج مدرسية تدرس تتعلق بالنظافة العامة.

- المغني: يوجد منهج وطني معني بالنظافة معمول به في وزارة التربية والتعليم.

الحملات التي ننظمها لسنا بحاجة لها في الواقع، فالعادات التي تمارس في الشوارع والمتعلقة بالنظافة العامة كلها دخيلة بسبب الانفتاح والرخاء وارتفاع عدد المقيمين والانفتاح التجاري.

- شعبان: البحرين من البلدان ذات المعدلات المرتفعة في إنتاج الفرد اليومي من النفايات، والذي يبلغ نحو 2.5 كيلوغرام يومياً.

إمارة الشارقة بدأت في مشروع لإدارة النفايات وقد نجحت فيه رغم حداثتها، لماذا بحرينيّاً الأمر شبه معقد؟

- الحداد: الشارقة بدأت منذ العام 2010 لخفض النفايات بنسبة 70 في المئة، وقد اجتمعنا مع القائمين على المشروع هناك، فنحن نستخدم الأساليب والطرق نفسها في التثقيف والتوعية وغيرها، وسبب نجاحهم وجود تطبيق على مختلف المستويات. فنحن خطتنا مع بلدي المنامة على مدى 5 أعوام أن نخفض إنتاج الفرد اليومي في اليوم من 2.5 إلى 1.5 كيلوغرام، بحيث مع توافر البنية التحتية لتدوير النفايات يكون الفرد واعياً ومثقفاً بما فيه الكفاية وينتج أقل قدر من النفايات.

لماذا لا يتم استغلال الإعلام ووسائل التواصل الجديدة والوسائط المتعدد؟

- الحداد: أنتجنا 13 فيديو (رسوم متحركة)، بدأنا ببثها في تلفزيون البحرين، ونرغب في نشرها في الصحف واللوحات الإعلانية في الشوارع على هيئة صور متتابعة.

عبدالله: حبذا لو يتم تخصيص صفحة في «الوسط» معنية بالبيئة لتتبنى موضوع النظافة العامة.

- شعبان: الإعلانات المتطورة والمبتكرة عنصر جذب وفعال لتغيير السلوك بحسب ما أثبتت الدراسات.

بعد عقود النظافة توجد فيها ثغرات، ولذلك يتم الآن إعداد عقود جديدة وتأهيل الشركات المتقدمة للحصول على المناقصة؟ هل لدى المجلس البلدي وشركة النظافة تفاصيل أكثر في هذا الشأن؟

- شعبان: ستنتهي عقود شركات النظافة خلال هذا العام، ولذلك وفرت شركة لإعداد العقود وتأهيلها، ثم اختيار مجموعة منها بناءً على اشتراطات ومعايير معينة.

- الحداد: بحسب مجلس المناقصات، تقدمت 22 أو 23 شركة للتأهيل، والنتائج لم تصدر بعد، علماً أن هناك شركات أجنبية وأخرى محلية من بين من تقدمت للتأهيل.

أندريان: عند الحديث عن التدوير في البحرين، فالعقود الجديدة سيعلن عنها قريباً، وإن طلبت الحكومة من الشركات تدوير النفايات من خلال إدراجها ضمن العقود الجديدة، فإننا سنلتزم بذلك مع تعديل قيمة العقد باعتبار أن البحرين حديثة في هذا الاتجاه وبحاجة لبنية تحتية كاملة.

يجب علينا أن نبدأ تدريجياً في هذا الموضوع، ولا يمكننا أن ندخل بتوغل مباشرة لأن كل مبادرة بهذه الصورة ستفشل. والحكومة محلياً يجب أن تبدأ هي في المبادرة.

- شعبان: بلدية المنطقة الشمالية بدأت في ممارس عملية التدوير من خلال التركيز على بعض المجمعات السكنية التي تتمتع بمستوى ثقافي ومعيشي معين يتقبل عملية ومفهوم إدارة النفايات والتدوير.

  المشاركون في منتدى «الوسط» عن النظافة العامة - تصوير : عقيل الفردان
المشاركون في منتدى «الوسط» عن النظافة العامة - تصوير : عقيل الفردان

العدد 4250 - السبت 26 أبريل 2014م الموافق 26 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 7:43 ص

      البحرين13

      روح القرى وشوف سلوم حالتها حاله من وصخ وشخبطة على لطوف . خل المنبر الديني يقولهم لا تكتبون على لطوف بس ويخلون درامات لخمام في حاله ..

    • زائر 3 | 6:57 ص

      النظافة مسؤلية الجميع

      لو الكل التزم برمي القمامة والمخلفات في اماكنها كان كنا بألف خير.
      ولكن للأسف الناس ما تلتزمي وترمي في الشارع واذا نصحتهم قال عيل شنو شغلة البلدية.
      لماذا لا نلتزم بالخلق الاسلامي الجميل.
      المكان الجميل النظيف يدلل على قيمة الانسان وثقافتها.
      ولكن للاسف الكل يلوم البلدية وكأنها هي من رمت الاوساخ والمخلفات من بناء وغيرها.

    • زائر 2 | 1:30 ص

      العرين مثلا

      زرنا العرين من اشهر قليلة لنتمتع بجمال المنظر الطبيعية ولكننا خرجنا مفطوري القلوب
      البحرينيين الجدد لم يبقوا لنا متر نستطيع السير فيه بدون مزاحمتنا
      وعبثهم بالحديقة والخدمات ولا حسيب ولا قريب
      واولادهم يعيثون فساد يتكلمون لغات غريبة غلب عددهم ابنائنا من الطائفتين الكريمتين
      اولادهم كانوا يحطمون تحت عجلات الدراجات الهوائية كل اخضر ويابس دون مراعاة للاماكن التي يحضر لمسها او الاقتراب منها حتى داخل الحضائر والاقفاص دخلوا
      بعد كم سنة سيتم اعلان وفاة العرين ـ ـ

    • زائر 1 | 12:59 ص

      لم يتغير شيء

      لم يتغير شيء على عاداتنا وسلوكياتنا فليس هناك انسان يسيء الى المكان الذي يعيش فيه انما دخلت علينا عادات وتقاليد جديدة من موطنين جدد لا يعرفون قيمة هذا الوطن ومتى ما استنزفوا خيراته سيتروكونه بحثا عن غيره!

اقرأ ايضاً