الطباعة هي طبع كل ما تيسر من صور وتصميمات وكلمات فوق أي سطح ملائم للطبع سواء كان هذا ورقاً أو معدناً أو قماشاً أو أي وسيط آخر قابل للطبع فوق سطحه، وهذا ما عرف اصطلاحاً بـ «فنون الجرافيك Graphic Arts».

في القرن الثاني الميلادي اخترع الصينيون طريقة لطباعة الكتب كانت تطوراً مذهلاً في عالم الطباعة التي كانت تمارس من خلاله طبع الرسومات والتصميمات على القماش منذ القرن الميلادي الأول. وقد ساعد اختراعهم صناعة الورق في العام 105 ق.م على حفر وطباعة التعاليم البوذية مثلاً، وهذه بداية ظهور الطباعة الميكانيكية. في العام 200م قاموا بحفر كتاباتهم وصورهم البارزة فوق قوالب خشبية لتوزع على أكبر عدد من البشر ولتنتشر على نطاق أوسع/ ومن ضمنها كتابهم المقدس Tipitaka فراحت تطبع منه كميات كبيرة لشدة الطلب عليه، عرفت فيما بعد فنياً بالحفر على الخشب wood cut وهذا مبدأ الانتشار الذي تقوم عليه فنون الطباعة.

إلى جانب كون «فنون الجرافيك» وهو مصطلح ربما مازال الخلاف قائماً على هذه التسمية، فله عوالمه وخصائصه التي يتميز بها ويختلف تماماً به عن فنون الرسم المباشر من حيث التقنيات المستخدمة والنتائج المتحصلة منه فإنه يمتاز بخاصية تعدد النسخ للعمل الفني الواحد منه - وهي بالمناسبة أعمال أصلية بامتياز - والذي يسهل عملية انتشاره بين الناس، انتشار العمل الفني هو انتشار اسم صاحبه وهو بذلك يكسر قدسية أحادية اللوحة، بهذه المناسبة يتوجب ذكر الاستعانة بفنون الجرافيك في ترويج ونشر العمل الأحادي المرسوم مباشرة عبر طباعته بمختلف تقنيات الطباعة المستخدمة التقليدية منها والحديثة بأعداد كبيرة.

على رغم أهمية فنون الجرافيك في حياتنا اليومية على كل الصعد الفنية والثقافية والاجتماعية والسياسية والعلمية إلاّ أن الاهتمام به في أغلب دول الوطن العربي مازال محدوداً ومعرفته ما انفكت مقتصرة على الفهم البسيط في غالب الأحيان باعتباره فن النسخ فقط Photo copy وهذه نظرة ربما تنسحب أيضاً على الكثير من الفنانين التشكيليين الذين لا يرون في هذا الفن غير تعدد نسخ العمل الفني الواحد الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض قيمة اللوحة مادياً، أما بالنسبة للبعض من مقتني الأعمال الفنية فإنهم لا يحبذون اقتناء أعمال فنية طباعية مقتناة لربما من آخرين غيرهم. هذه النظرة مرجعيتها ظروف ثقافية ومادية بالدرجة الأولى لربما تبدأ من الإيمان به كفن فاعل إنسانياً وجمالياً وتنتهي بتدريسه في المعاهد والجامعات وبتوفر المواد والأجهزة اللازمة لممارسته، البحرين من ضمنها طبعاً.

في ذات محادثة فنية، قال لي الفنان السوري المرحوم برهان الدين كركوتلي: «أحلم بشراء حمار أضع على ظهره لوحاتي وأعرضها على الفلاحين والفقراء في بلدي». أنا عندما أرسم اللوحة أرسمها للبشر جميعاً ولا أرسمها لشخص قادر على شرائها، أتمنى أن يكون لكل إنسان الحق في اقتناء لوحتي، لذلك ألجأ إلى طباعتها (طباعة الملصق Poster) وأبيعها بسعر زهيد وأحتفظ باللوحة الأصلية وأسمي ذلك اشتراكية اللوحة.

إنه مبدأ الشيوع والانتشار.. مبدأ كسر قدسية الأحادية المرفوض من قبل البعض.. المقبول على مضض.