العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ

في ندوة نظمها «جدحفص الثقافي» و «زمالة المدمنين» مدمنون يعرضون قصص تعافيهم من «مرض» المخدرات

نظَّم مركز جدحفص الثقافي مساء الأحد الماضي (13 أبريل/ نيسان 2014)، ندوة تحت شعار «لا تهمنا نوعية أو كمية المخدرات التي كنت تتعاطاها أو بمن كانت صِلاتُك وانتماءاتك... نهتم فقط بما تريد أن تفعله بشأن مشكلتك وكيف نستطيع مساعدتك»، تحدث خلالها 4 أفراد من المدمنين السابقين بشأن رحلتهم للتخلص من هذا الداء.

وبينوا، في الندوة التي جاءت بالاشتراك مع زمالة المدمنين المجهولين، أن الزمالة لا تهدف الى الربح، وأنها تتكون من رجال ونساء أصبحت المخدرات مشكلة رئيسة لهم.

بعدها قام كل عضو بسرد حكايته، «علي» الذي خسر كل شيء تقريباً خلال 20 سنة من «ظلمة» المخدرات، حيث قال إن من فضل الله عليه وفضل «زمالة المدمنين»، عادت له حياته مرة أخرى بعد أن فقد الأمل ونُبذ من قبل الجميع حتى أهله.

وأضاف «في حقيقة الأمر، إن كل متعاطٍ يحتاج للإهتمام، فأنا كنت ألوم أهلي وجيراني ومجتمعي لما وصلت إليه حالتي، لقد سُجِنتُ وأٌدخِلتُ مصحة وحاولت أكثر من مرة أن أتوب دون فائدة، بعدها وصلت لحالة يأس لم تنتشلني منها سوى يد زمالة المدمنين».

واعتبر «علي» أن الزمالة «فرصة، علمتني كيف أعيش وكيف أتقبل نفسي، فحينما كنتُ مدمناً كنتُ أكره نفسي ولا أحترمها، كنتُ ضائعاً ليست لدي مسئولية بل لا أملك حتى ذكريات مع أقرب الناس لي، وهم عائلتي وابني الذي لم أشعر بِأُبوته إلا بعد توقفي عن التعاطي وهو بعمر الست سنوات»، مضيفاً «اكتشفت بعد شفائي، أن الخلل ليس في من هم حولي أو تربية والديَّ لي، بل كان في نفسي ومشاعري ومفاهيمي الخاطئة التي صعَّبت تعاملي مع الحياة وجعلتني منبوذاً».

مدمنون حتى لا ننسى

من جانبه، يعترف «رضا» بأن مشكلته في التعاطي كانت نابعة من ذات نفسه، فيقول «لم أكن قادراً على التعاطي مع أحاسيسي، لقد كنت خجولاً وخائفاً أكثر من اللازم، بل كنت أعتقد بأني قوي لكني ضعيف من داخلي وهش»، وبنبرة لا تخلو من حسرة يؤكد «لقد ضيعت 30 عاماً من عمري في المخدرات لم أكن أعلم فيها لماذا أتعاطاها».

ويضيف «لقد ربتني عائلتي أفضل تربية، علمتني على الأمانة والصدق والحب، لكن المخدرات جعلت مني كاذباً وسارقاً منبوذاً من الكل، إنه طريق يجر سالكه إلى المهالك، فقد حولني من إنسانٍ إيجابي إلى شخص في أدنى مراتب السلبية».

ويتابع «لقد أُبعدتُ من البحرين لأعوامٍ طويلة بفعل إدماني، عانيتُ فيها الكثير، وذاتَ يوم رأيتُ رجلاً مختلاً عقلياً لا يدرك الحياة ويأكل من النفايات، فتمنيت أن أكون مكانه خيراً لي من أن أكون متعاطياً لهذا السم»، مردفاً «حاولت كثيراً أن أتركه ففشلت، لأغير نوع المخدر عله يكون أخف وتركه أيسر».

ويعتبر «رضا» أن «مدمني اليوم أوفر حظاً من سابقيهم» مستدلاً على ذلك بوجود مثل هذا البرنامج، الذي يشاركون الآخرين من خلاله همومهم، ويوجههم ناحية الامتناع عن المخدرات. ويفضل أن يستمر بكنية «المدمن» حتى لا ينسى ما كان عليه ويعود للمخدرات، موضحاً «أنا الآن إنسان كان له ماضٍ عصيب».

دم جديد

«لابد لنا من تغيير السلوك الإدماني في عقولنا لنتشافى»، هذا ما أكده «عبدالنبي» المدمن المتعافي كما يلقب نفسه، فيقول: «اليوم أصبح الناس يحترموني، لأن الدم الذي بداخلي صنعته من جديد بعرق جبيني، فما أتناوله هو ثمرة عملي»، مضيفاً «لقد كنت عالةً، أطلب المال من أبي أو أخي، وأدمنت المخدرات لأكثر من 30 سنة، حاولت أن أتركها لعينيَ أمي ففشلت، لعينيَ أهلي ففشلت، لكني عندما قررت تركها لأجل نفسي نجحت».

ويشير إلى أن «المصحة لن تفيد المدمن إذا ما حاول تغيير سلوكه وحاجته بعد خروجه منها، بل على العكس ستدفعه للعودة الى المخدرات بلهفة أكبر»، ويضيف «أعتبر شفائي من مرض المخدرات منذ 7 سنوات، بمثابة المعجزة التي أشكر الله عليها، وبالطبع كان لزمالة المدمنين الدور الكبير في ذلك، والخطوات الاثني عشر التي اتبعتها لأغير من نفسي وسلوكي أيضاً».

مهلة الـ 90 يوماً

من جانبه، يتحدث «عبدالحليم» عن تجربته مع التشافي من الإدمان بالقول: «دخلت لأكثر من 9 مرات إلى مصحات لمكافحة الإدمان، اثنتان منها كانتا في السعودية، وكنت كما الجميع، أمتثل للعلاج وعندما أخرج أعود لسابق عهدي، فالتعاطي كان يأتي تلقائياً، ولم أكن أعلم أن ما أعانيه «مرض» إلا بعد سنواتٍ عدة، توصلت خلالها إلى حقيقة أن من يريد التعاطي سيتعاطى ومن لا يريد حقاً سينجح في الابتعاد عنها».

ويشير «عبدالنبي» إلى أن أشخاصاً من زمالة المدمنين كانوا يزورونه ويخبرونه بوجود أمل في التشافي فلا يأس، وعن بداية النهاية في درب المخدرات، يقول «نصحني بعض المدمنين بتجربة فكرة الـ 90 يوماً لترك المخدرات، هذه الفترة كانت عاصفة بالنسبة لي، فقد شهدت تقلبات في قراراتي واحتياجاتي، لكني استطعت تخطيها بفضل إصراري على الشفاء».

وبفخر يتحدث «ها أنا اليوم لدي ابن وعمل، لا قضايا ولا ديون»، ويشدد على أن هذا المرض إن لم تتم محاصرته بالإيمان والتوجيه سيعود للفرد مرة اخرى.

الخطوات الاثنتا عشرة

يعتبر الإدمان «مرضاً» قد يصيب أي شخص، وبمساعدة برنامج الخطوات الاثنتي عشرة لزمالة المدمنين المجهولين والتي يجب استخدامها يومياً، يمكن التغلب عليه، وتتمثل هذه الخطوات في: الاعتراف بأننا قوة تجاه إدماننا وأن حياتنا أصبحت غير قابلة للإدارة، الإيمان بأن قوة أعظم منا باستطاعتها إعادتنا للصواب، توكيل إرادتنا وحياتنا لعناية الله، عمل جرد أخلاقي بلا خوف لأنفسنا، الاعتراف لله وأنفسنا بطبيعة أخطائنا والاستعداد لإزالة كل تلك العيوب الشخصية، وعمل قائمة لكل من تأذى بفعل إدماننا وتقديم إصلاحات مباشرة لهم.

يشار إلى أن زمالة المدمنين المجهولين في البحرين، هي أول زمالة في دول منطقة الشرق الأوسط، وقد أسست في العام 1985. كما أن باب العضوية في الزمالة مفتوح إلى المدمنين الراغبين في التعافي دائماً دون رسوم اشتراك، فشرط العضوية الوحيد هو الرغبة في التعافي مع التأكيد على أن هذا البرنامج قائم على مبدأ (الهوية المجهولة). ويشمل اجتماعات ليلية في المستشفيات وبعض الجمعيات بهدف حمل رسالة إلى المدمنين وإعطائهم الأمل في إمكانية التوقف وللتأكيد على أن «الإدمان مرض وليس عارضاً»، وأن التعافي منه لا يتوقف فقط على الامتناع عن التعاطي بل بالاستعداد لمواجهة الناس بصورة أخرى وتحدي الأحاسيس والمشاعر القديمة والجديدة كما هي.

العدد 4249 - الجمعة 25 أبريل 2014م الموافق 25 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً