العنف في الملاعب الرياضية بات ظاهرة تهدد الوضع الرياضي بشكل عام، ما يستدعي العمل على إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة بدل الحلول الموضعية التي لا تعالج المشكلة من أساسها.
سبق أن كتبت عن هذا الموضوع قبل أسبوعين، وبينت أن العقوبات وحدها لا يمكن أن تعالج المشكلة، وإنما تحقيق مبدأ العدالة الكامل في المعاملة وفي اتخاذ القرارات وفي كل شيء هو الكفيل باعتقادي بعلاج هذه الظاهرة مع عدم الاستغناء عن العقوبات الرادعة.
فلب المشكلة أن هناك جماهير ولاعبين وإداريين وأندية لديها كل الاستعداد للثورة وللجوء للعنف في أية لحظة ومع أي استفزاز؛ وذلك لوجود الاحتقان السابق عن المشكلة والذي ينتظر الفرصة للبروز.
فما يحدث من عنف هو نتيجة تراكمات طويلة وإحساس بالمظلومية قد يكون صحيحا في بعض جوانبه وقد لا يكون صحيحا، ولكنه في النهاية موجود بعد تجارب متعددة أفرزت احتقانا متراكما.
في مباراة الأهلي والمحرق الأخيرة لا يمكن تبرير ما حدث من انفلات جماهيري، ولكن من مشاهدة ذلك المنظر ندرك أن سبب هذا الانفلات غير المسبوق ليس ضربة الجزاء بالتأكيد، وإنما الاستعداد المسبق والاحتقان الكبير الموجود والذي كان ينتظر شرارة للبروز.
عندما نأتي لعلاج مثل هذه الظاهرة المتفشية في ملاعبنا الرياضية لا يكفي أن نتخذ العقوبات وأن نضرب بيد من حديد كما يطالب البعض، وإنما المطلوب دراسة الأسباب الحقيقية لأجل علاج المشكلة من جذورها، لأن ما حدث هو خارج عن طبيعة الإنسان عموما وعن طبيعة الإنسان البحريني خصوصا الذي يميل عادة للطيبة.
التحكيم ربما لم يكن سيئا في النهائي، والقرارات التي اتخذت يمكن تبريرها لو كانت المباراة عادية، حتى ان ما حدث كان سينظر إليه بطريقة كوميدية مضحكة ومحببة لو كانت مباراة في الدوري، ولكن مباراة بهذه الحساسية وفي ظل وجود كل هذا الاحتقان الناتج عن تراكمات سابقة، إلى جانب إصرار الاتحاد البحريني لكرة القدم على تعيين حكم محلي يدير النهائي في ظل المطالبات المكررة من النادي الأهلي بتعيين حكام أجانب، كل ذلك اكتمل في صورة واحدة أدت إلى حدوث ذلك الانفجار الجماهيري غير المبرر بالتأكيد، غير أن المهم في عملية العلاج هو النظر إلى كل المسببات وليس أخذ المقطع الأخير فقط.
دورينا المحلي هو بحاجة إلى وجود التنافس، وحتى المحرق نفسه يحتاج إلى وجود المنافس القوي الذي يستمتع باللعب ضده والفوز عليه، والدوري كذلك بحاجة إلى الجماهير التي من دونها تتحول المباراة إلى ما هو أشبه بالطعام الخالي من الملح، وكل ذلك يتطلب وجود إدارة قوية وجو هادئ وقرارات عادلة ومتساوية تسمح للجميع في النهاية بأن يتقبلوا كل الأخطاء برحابة صدر الرياضيين.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 2461 - الثلثاء 02 يونيو 2009م الموافق 08 جمادى الآخرة 1430هـ