رأى مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات»، محمد عبدالغفار، أن دول مجلس التعاون قطعت شوطاً كبيراً في مجال تعزيز التعاون العسكري والأمني وفقاً لقمة الكويت 2009، وتعزيز العمل المشترك، «إلا أن دول المجلس لم تتمكن حتى الآن من الاتفاق على المفهوم الاستراتيجي الذي يضع إطاراً لتحديد مفهوم القوة الموازنة والرادعة ضمن التفاعلات الإقليمية والدولية».
جاء ذلك في كلمة افتتاح المؤتمر الثاني للأمن الوطني والأمن الإقليمي، يوم أمس الأربعاء (23 أبريل/ نيسان 2014) بفندق سوفوتيل الزلاق، والذي يقيمه المركز برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة. وشهد حفل الافتتاح حضور سمو الشيخ محمد بن مبارك، وعدد من الوزراء والمسئولين الأمنيين في البحرين ودول الخليج.
وذكر عبدالغفار في كلمته أنه في زمن تغير التحالفات كنتيجة للمستجدات والأحداث الإقليمية والدولية، فإن دول مجلس التعاون بحاجة إلى صياغة استراتيجية مفهوم استراتيجي شامل، على غرار ما يفعله حلف الناتو كل عشر سنوات، وأن تكون ركيزتها بناء وتطوير سياسات حقيقية للدفاع المشترك، قادرة على ردع التهديدات، والتهديد الخارجي، ضمن مظلة خليجية واسعة لا تتبع بالضرورة الاستراتيجيات الدولية الكبرى، بل تتعاون معها.
وأشار إلى أن المشهد السياسي الراهن في المنطقة تبرز فيه ثلاث قضايا، وهي: «إنه في زمن التحولات الكبرى تتأثر التحالفات الكبرى، وتبدأ بالتفكك بعض أو جميع عرى الروابط، التي نسجتها ظروف زمن مختلف، وهذا ما يجري على ساحتنا الخليجية، والسؤال: كيف ستتعامل دول المجلس مع تحالفاتها العميقة التي تضغط على التغيير والتحديث في مجتمعات لم تتطور كما ينبغي في بنيتها الاجتماعية، التي تتكون من هويات صغيرة، في نطاق الدولة الوطنية، وفي ظل الأزمات الأخرى الحادة والملفات التي تواجهها دول المجلس مثل النووي الإيراني وتداعيات أزمة سورية».
ولفت إلى أن «المراحل الفاصلة بتاريخ الأمم، تأتي كنتيجة لتغيرات الأوضاع الراهنة، وتؤثر على علاقات الدول»، مستعرضاً ما ذكره مارك سايكس الذي يعد من أكثر المسئولين في حزب المحافظين البريطاني معرفة بالشئون التركية، والذي ارتبط اسمه باتفاقية «سايكس بيكو» في العام 1914، حينما قال: «إن انهيار الإمبراطورية العثمانية هو الخطوة الأولى لانهيار الإمبراطورية البريطانية».
ونوّه عبدالغفار إلى أن «مقولة سايكس لم تكن فكرة عابرة من قلق سياسي حريص على مصالح بلده فحسب، وإنما قناعة راسخة من الساسة البريطانيين الكبار، الذين سبقوه لأجيال متعاقبة، والذين كانوا يعتقدون بأن الحفاظ على سلامة الإمبراطورية العثمانية أمر مهم لأوروبا، كحاجز جيوسياسي لأمنها، لكن التغييرات الكبيرة التي طرأت إثر الحرب العالمية فرضت على بريطانيا أن تغير سياسة الحفاظ على سلامة الأراضي العثمانية على مدى 100 عام في مدة تقل عن 100 يوم».
وفي سياق كلمته، تحدث عن أن دول مجلس التعاون، وأنها «عانت من الحروب التي هزت منطقتنا منذ الثمانينات وحتى احتلال الولايات المتحدة للعراق في العام 2003، والذي زعزع أركان الاستقرار في العراق، وما تبعها من مهددات لأمن دول الخليج»، منوهاً إلى أن كل ذلك التغيير يدفع لتساؤل حكومات الخليج حول حماية أمنها من التهديدات الخارجية، حتى لا تنفذ الأيادي الخارجية التي لا تريد الخير لشعوب المنطقة.
وشدد على أنه «لا خيار أمام دول الخليج كتنظيم إقليمي متجانس في نضوجه السياسي والتداخل المجتمعي وأواصر القربى، سوى أن تعاضد بعضها بعضاً، ولم يعد الانفصال أو الانسحاب من هذا الكيان ممكناً، لما يترتب عليها من خسائر استراتيجية، لا تستطيع تحمل تبعاتها الدول المنضوية تحت المظلة الخليجية».
كما أكد مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية رئيس مجلس أمناء «دراسات» على أهمية الحوار مع العالم، وخصوصاً في عصر العولمة، معتبراً أن «الحوار الأهم في هذه المرحلة الفاصلة هو الحوار مع الذات، الذي يتعين أن يبدأ بدراسة وتحليل المعوقات التي تمنعنا من التقدم بهذا التنظيم الإقليمي، حتى لا تحبس كيان دول المجلس في بوتقة التعاون، بل الدفع بها إلى ما يزيد لحمتها الاقتصادية والسياسية».
العدد 4247 - الأربعاء 23 أبريل 2014م الموافق 23 جمادى الآخرة 1435هـ