العدد 2461 - الثلثاء 02 يونيو 2009م الموافق 08 جمادى الآخرة 1430هـ

أوباما يعيد لمصر دورها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في العام 1798 دخل نابليون بونابرت مصر غازيا، وقال حينها إنه يحترم القرآن والنبي محمد (ص) وقيم الإسلام أكثر مما يحترمها المسلمون، ومنذ تلك الغزوة ومصر تتصدر ما أطلق عليه لاحقا بـ «الشرق الأوسط»... ولكن مصر فقدت نفوذها في الشرق الأوسط تدريجيا.

بدأ النفوذ يقل منذ قيام أنور السادات بزيارة «إسرائيل» في نهاية السبعينيات، واعتبرت مصر نفسها غير مسئولة عن ما يجري في محيطها العربي الكبير، واكتفت بالجوار المباشر. ولكنها مع مرور السنوات وجمود الحراك السياسي لم تستطع مصر أن تؤثر حتى في الشأن السوداني الذي كان جزءا لا يتجزأ من سياسات مصر وامتدادا لنفوذها، وانحصر الدور المصري المباشر في السنوات الأخيرة في «غزة». ولكن هذا النفوذ أصبح بحد ذاته عبئا على مصر؛ إذ لم تستطع أن تفعل شيئا مباشرا لوقف العدوان الإسرائيلي قبل عدة أشهر.

ربما أن مصر لم يكن بإمكانها أن تفعل أكثر مما فعلت في ظل الظروف المحيطة بها، وبسبب الاتفاقيات التي ربطتها بسياسات معينة... ولكنها تبقى مصر، بتاريخها العظيم، وشعبها الحيوي، وإمكاناتها التي تنتظر الانطلاق مرة أخرى.

وهذا يجرُّنا الى اختيار الرئيس الأميركي باراك أوباما لجامعة القاهرة لإلقاء خطاب بعد غد الخميس (4 يونيو/ حزيران 2009) موجّه إلى العالم الإسلامي، ذلك أن اختيار مصر لهذا الحدث التاريخي من شأنه أن يعيد لمصر دورها القيادي - من الناحية المعنوية على الأقل.

ولكن ماذا سيقول أوباما في جامعة القاهرة؟ هل سيختلف خطابه عن ما قاله نابليون بونابرت في 1798؟ على أن المقارنة بين نابليون وأوباما فيها الكثير من المفارقات،؛ إذ إن نابليون تحدث في بداية عهد تكوين الدول القومية الأوروبية التي كانت تتمدد من خلال الاستعمار إلى كل أرجاء الدنيا عبر تنافسها (أي الدول الأوروبية) مع بعضها البعض على المغانم.

أما أوباما فإنه يمثل بحد ذاته تغييرا جوهريا في نوعية الماسكين بزمام الأمور في البيت الأبيض، وهو يأتي إلى الشرق الأوسط المملوء بالقوات الأميركية التي تمكنت من الإطاحة بحكومات لا ترغب بها، وتمكنت من تثبيت وجود حكومات قريبة منها، وتتحدى - عن قرب - حكومات وقوى سياسية مقاومة لها. فلعل أوباما اقتنع بأن المعركة في الشرق الأوسط هي بين الأفكار أساسا، وأن أميركا بقوتها العسكرية لا تستطيع حسم الأمور، وأن لديها أيضا قوة فكرية ستعرضها في جامعة القاهرة. خطاب أوباما ربما يدشن مرحلة تاريخية جديدة، وعلينا الانتظار لنعلم إن كان كذلك.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2461 - الثلثاء 02 يونيو 2009م الموافق 08 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً