قالت المحامية مرفت جناحي إن محكمة الاستئناف برئاسة القاضي عيسى الكعبي وأمانة سر نواف خلفان خفضت سجن موكلها لمدة 10 سنوات بقضية متهم بجلب وبيع حشيش، بدلاً من حكم أول درجة بسجنه 15 سنة وتغريمه 5 آلاف دينار.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى أنه بناء على معلومات واردة تفيد بقيام شخص بحريني بحيازة وإحراز المواد المخدرة (مادة الحشيش المخدرة) بقصد البيع والتعاطي، فقد تم إجراء المزيد من التحريات السرية والمكثفة بشأن المعلومات، وبناء على ما ذكر بتاريخ (6 مايو/ أيار 2013) تم إصدار إذن من النيابة العامة والمتضمن ضبط وتفتيش المتحرَّى عنه وتفتيش مسكنه، ومن معه، لضبط ما يحوزه من المواد المخدرة وكل ما يظهر عرضاً أثناء التفتيش. وبعد عمل كمين بالاتفاق مع المصدر السري على شراء قطعة من مادة الحشيش بقيمة 350 ديناراً، تم القبض على المتهم الساعة 12:20 بتاريخ (7 مايو/ أيار 2013) في المواقف الخاصة بفندق، وبعدها تم جلب المتهم إلى الإدارة وتم تحرير محضر بذلك وتحريز ما ضبط في سيارته، وتم تفتيش منزله بموجب الإذن الصادر تحريز ما ضبط من المواد المخدرة والتحفظ عليه لحين عرضه على النيابة العامة.
وأسندت النيابة العامة للمتهم أنه في غضون شهري أبريل/ نيسان ومايو/ أيار من العام 2013 جلب وباع بقصد الاتجار مادة مخدرة (حشيش) والمؤثرات العقلية (الأمفيتامين والميتافيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، كما أنه حاز وأحرز بقصد التعاطي (مادة الحشيش) والمؤثرات العقلية (الأمفيتامين والميتافيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وقدمت المحامية مرفت جناحي مذكرة دفعت من خلالها ببطلان إجراءات القبض والتفتيش على المتهم لحصولهما من دون إذن من النيابة العامة والاستناد على تحريات منعدمة وصادرة عن جريمة مستقبلية.
وحيث إنه قام بعمل مخالف للقانون وهو اختلاق الواقعة، فإن ذلك يعدم صحة القبض ويصمه بالبطلان كما نؤكد أن القبض على المتهم قد تم في ظل ظروف قام بخلقها شاهد الإثبات الثاني، وحرض على ارتكاب الجريمة، فالجريمة لم تقع لولا أن هذا الشاهد المذكور كلف المصدر السري بالاتصال إلى المتهم والكيد له لزجِّه في القضية، وهو ما يترتب عليه بطلان القبض على المتهم.
كما دفعت ببطلان محاضر الاستدلال والتحقيق مع المتهم أمام النيابة العامة وما سطر فيها من اعترافات للمتهم. وبينت أنه لمَّا كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه في أية مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع، ولما كان ما تقدم وكان الثابت من أقوال المتهم أمام إدارة المباحث الجنائية كان نتيجة للقبض والتفتيش الباطل من ناحية وكان بغير حضور محامٍ معه من ناحية أخرى، فإن تلك المحاضر بما سطر فيها من اعترافات للمتهم يترتب عليها إهدار أي دليل مستمد منها وهذا ما يستطيل مداه إلى التحقيق مع المتهم بالنيابة العامة.
ولفتت إلى أن الاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمة المسندة إليه، وهو سيد الأدلة وأقواها تأثيراً في نفس القاضي وأدعاها إلى اتجاهه نحو الإدانة، لذا نصت المادة (220/2) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: «يسأل المتهم بعد ذلك عما إذا كان معترفاً بارتكاب الواقعة المسندة إليه، فإن اعترف جاز للمحكمة الاكتفاء باعترافه والحكم عليه بغير سماع الشهود ما لم تكن الجريمة مما يعاقب عليها بالإعدام... إلخ».
ودفعت جناحي ببطلان أقوال شهود الإثبات، وأفادت بأن حرص القانون وحرص القضاء على حماية الحقيقة من أي تزييف يدخل عليها، فجرت أحكام القضاء على أنه لازم إهدار الإجراء لبطلانه إهدار وعدم الاعتداد بشهادة من قام به أو شارك فيه، لأن الضمانة تنهار حين يبطل الإجراء من ناحية لما اعتراه فذلك تهاتر يتنزه عنه الشارع ويتنزه عنه القضاء، فحين يبطل الإجراء لا يستطيع من أجراه أن يرفع عنه هذا البطلان بشهادة يبديها عن مضمون هذا الإجراء الباطل، سواء سطرت في محضر أو أبديت أمام المحقق أو أمام المحكمة.
كما دفعت بانتفاء القصد الجنائي الخاص في جريمة جلب وبيع المواد المخدرة بقصد الاتجار، إذ أفصحت جناحي أن جنايات المخدرات وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون هي جرائم عمدية، حيث اشترط لقيامها بالإضافة للقصد الجنائي العام، توافر القصد الجنائي الخاص بالضرورة، فضبط جوهر المخدر ليس ركناً لازماً لتوافر جريمة إحرازه وجلبه بقصد الاتجار، فإذا كانت الوقائع وأقوال المتهم قد دللت على ثبوت قصد التعاطي لمادة الحشيش في المستقبل، وأن مقدار المخدر المضبوط لمادة الحشيش ليس بالكمية الكبيرة وترجح أن المتهم كان يحرزه لاستعماله في المستقبل، فضلاً عن أنه لا سوابق له تدل على هذا النوع من القضايا، فإنه لو كان يتجر لأعد لفافات صغيرة لتوزيع المخدر ولضبطت معه بعض آلة التقطيع وميزان، الأمر المنتفي في الدعوى، فإن ما قاله المتهم وما أدلى به من أقوال من ذلك، يكفي للتدليل على إحرازه للمخدر بقصد التعاطي في المستقبل، ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه.
ولما كان وجوباً استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم، حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الحيازة المادية وعلم الجاني أن ما يحرزه مخدر، وفي ذلك قضت محكمة التمييز على أنه «ولما كان لازماً وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم، حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الحيازة المادية وعلم الجاني أن ما يحرزه مخدر»، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجاه لدى الطاعن، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور ويتعين نقضه.
العدد 4246 - الثلثاء 22 أبريل 2014م الموافق 22 جمادى الآخرة 1435هـ