منذ أكثر من ثلاث سنوات، تتلاعب وزارة التربية والتعليم بصورة واضحة بمقدرات معهد البحرين للتدريب وطاقاته البشرية الوطنية، ولم تتوقف عن انتهاك حقوق موظفيها البحرينيين المنتمين لطيف مذهبي معين، على رغم علمها أنهم كفاءات وخبرات وطنية مخلصة ومتميزة في عطائها المهني والتدريبي، وساهمت في تميّز المعهد داخلياً وخارجياً، حتى أصبح علامةً مضيئةً في مجال التدريب المهني المتقن الذي يواكب المستجدات التقنية التي تتناسب مع متطلبات سوق العمل في البلاد.
النتائج المتقدمة للمتدربين والإنجازات وشهادات الشكر والتقدير جميعها تشهد على تميزهم التدريبي في داخل الوطن وخارجه، هذه الفئة من الموظفين البحرينيين التي كانت تنتظر من وزارة التربية والتعليم مكافأتها وتقديرها على إنجازاتها المهنية والتدريبية التي حققتها طوال السنوات التي سبقت فبراير/ شباط 2011، والتي بفضل جهودها الكبيرة جعلت المعهد منارةً للشركات الكبيرة ولمختلف الوزارات الخدمية التي تريد لمنتسبيها التطوير في المجال المهني، ما قامت به الوزارة من إجراءات طائفية غير منطقية ضد هذه الفئة المتميّزة تدريبياً ومهنياً، لم يخطر ببال أحدٍ من المتابعين للشأن المهني والتدريبي في البلاد، ولم يكن أحدٌ يتصوّر أن الوزارة ستقوم بنقل خيرة موظفي المعهد إلى المدارس الحكومية في مواقع بعيدة جداً عن مسمّاهم الوظيفي، وتبعدهم عن تخصصاتهم المهنية، ونستطيع القول أنها ليس لها علاقة من بعيد ولا من قريب بتخصصاتهم المهنية.
والبعض الآخر الذين أبقتهم في المعهد قامت بتغيير مناصبهم إلى مناصب أدنى من دون مبررات قانونية ومهنية، وتعهدت لهم أنها ستقوم بإعداد هيكلية جديدة للمعهد وسيتم تسكينهم في مواقعهم الجديدة مع الاحتفاظ بحقوقهم الوظيفية والمالية. ورغم كل ما فعلته الوزارة بحاضرهم ومستقبلهم المهني والتدريبي والوظيفي، لكنهم تحمّلوا كل الضغوط النفسية والمعنوية والطائفية البغيضة التي مورست ضدهم، وراحوا يطالبونها بتنفيذ تعهداتها لهم وتسكينهم ضمن الهيكلية الإدارية التي أعلنت عن نيتها تشكيلها قبل أكثر من ثلاث سنوات، والعمل على تسوية أوضاعهم المهنية والمالية، والانتهاء من عملية التسكين عاجلاً، والتعامل معه بأثر رجعي حتى يضمنوا حقوقهم المالية والوظيفية أسوةً ببقية الموظفين في الوزارة التي تحدثت عنها كثيراً في الصحافة المحلية. وبعد الإطلاع على حيثيات القضية نجد أنه ليس هناك أية مبررات قانونية للتسويف أو التجاهل أو التغافل في حلّ مشكلة الهيكلية الإدارية وعملية التسكين، وجميع المستندات القانونية تلزم وزارة التربية والتعليم وديوان الخدمة المدنية القيام بواجبهما منذ ثلاث سنوات في هذا المجال. ومن أهم واجباتهما هو توفير الاطمئنان الوظيفي والمهني والمالي للموظفين دون النظر إلى انتماءاتهم المذهبية أو العرقية، والتعامل مع المعهد بوطنية حقيقية من خلال تطبيق مبدأ المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص في الترقيات والحوافز والمكافآت، وعدم السماح لإدارة المعهد أو أية جهة أخرى التلاعب بمصير الكوادر الوطنية المُجِدّة، ومنعها عن ممارسة التمييز بين الموظفين حسب انتماءاتهم المذهبية، والتوقف كلياً عن مضايقة الموظفين الذين ينتمون إلى مذهب واحد أولاً من خلال إخضاعهم يومياً للتفتيش الصباحي دون غيرهم؛ وعدم مضايقة الموظفين السابقين الذين تم نقلهم بقراراتٍ وزاريةٍ مجحفةٍ إلى المدارس الحكومية لأسباب مذهبية بحتة، عند مراجعتهم للمعهد بغرض تخليص بعض معاملاتهم التي لم ينتهوا منها.
إن ما يطلبونه هو تحقيق العدل والمساواة والإنصاف بين الموظفين، وأن تكون الإجراءات المتخذة في هذا الشأن واحدة وليست انتقائية، تنفذ حسب اعتبارات مذهبية، وأن لا تنفذ إجراءات مشددة غير مبررة قانونياً وإنسانياً على بعض المواطنين البحرينيين، وفي نفس الوقت يتم التعامل مع الأجانب والمواطنين البحرينيين الآخرين بإجراءات يراعي فيها أقصى ما يمكن من الاحترام والتقدير لمشاعرهم الإنسانية.
هؤلاء الموظفون الذين نقلتهم الوزارة إلى المدارس الحكومية لحسابات طائفية بحتة، لا يُسمح لهم بالتحرك إلا في دائرة محدودة في المعهد، مع فرض مرافقةٍ أمنيةٍ دقيقة عليهم طوال تواجدهم في المعهد، ويرون غيرهم من أجانب ومواطنين آخرين يتجوّلون في كل مكان في المعهد دون أن يعترض عليهم أحد ومن دون مرافقة أمنية، فلماذا هذا التباين الواضح والتمييز الفاقع –حتى على مستوى الاجراءات- الذي تجرّمه جميع الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. فإذا كانت هذه التصرفات الخاطئة التي تمارسها إدارة المعهد من توجيهات وزارة التربية والتعليم، فهذه مصيبةٌ كبرى، وإن لم تكن من توجيهات الوزارة فالمصيبة أعظم وأدهى، وإن نفت الوزارة وقالت أنها لم تعطِ أوامر وزارية بممارسة هذه التصرفات الطائفية التي تنفذ في المعهد ضد الموظفين، فعليها القيام بواجبها الوطني والقانوني تجاه هذه الممارسات التي تضر بمصلحة الوطن.
إن الوزارة اليوم لا تستطيع نفي الوقائع المثبتة في سجلاتها الرسمية التي تثبت أنها تستثني المواطنين البحرينيين المنتمين لمذهب معين من عملية البعثات الدراسية والتوظيف في المعهد، واقتصارها على الأجانب وفئات أخرى من المواطنين. فالكل يعلم أن البعثات الدراسية والتوظيف ليستا من اختصاصات المعهد وإنما من اختصاصات الوزارة، وهم لم يطالبوا إلا احترام مبدأ المواطنة الحقيقية وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص، والمساواة في المعايير المعتمدة في المعاملة والتوظيف والبعثات الدراسية، ومن يجتاز منهم الخطوات المعتمدة يكون من حقه نيل ما سعى إليه، سواءً كان وظيفة أو ترقية أو بعثة دراسية، دون أن يبخس حق أحد من المتقدمين. ألا يتوافق هذا المطلب العقلائي مع جميع النواميس الأخلاقية والأدبية والقانونية والحقوقية المعمول بها في جميع دول العالم التي تحترم وتقدر كوادرها الوطنية الخلاقة في جميع التخصصات والمجالات العلمية والتقنية والفنية والرياضية؟
نسأل الله أن يمن على جميع أبناء البلد من مختلف المكونات الرفعة والتميز في مجالات عملهم ليساهموا في تنمية وتطوير وطنهم في مختلف المجالات والميادين دون منغصات طائفية أو قبلية أو عرقية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4240 - الأربعاء 16 أبريل 2014م الموافق 16 جمادى الآخرة 1435هـ
وما أدراك ما وزراة التربية
أنا من موظفي معهد البحرين بعقود مؤقته لمدة ثلاث سنوات ونصف وقد مارست معي وزراة التربية والتعليم أقصى أنواع التمييز الطائفي أوقفت اجراءات تسكيني في الوظيفة مع اني انهيت البصمات والتقرير الصحي وقبل انتهاء العقد قامت بجلب ثلاثة موظفين من طائفة اخرى يقومون بنفس المهام التي اقوم بها لوحدي ... لا احد يتصور الى اي مدى وصل التمييز في الوزارة