حدّدت المحكمة الكبرى الجنائية (29 أبريل/ نيسان 2014) للحكم في قضية محاولة تنفيذ عمل إرهابي خلال التجارب الرسمية لجولة سباق «الفورمولا 1» التي استضافتها البحرين في أبريل/ نيسان 2013. وخلال جلسة يوم أمس تقدمت المحامية منار مكي والمحامية انتصار العصفور بمرافعاتهما.
محامية: لدينا شاهد يؤكد تعرّض موكلتنا للتعذيب
ومن خلال المرافعة التي تقدمت بها المحامية منار مكي، بيّنت أنه وقبل الفصل في الموضوع طلبت الاستماع لشاهد متواجد حالياً في سجن جو، إلا أنه وعندما كانت موكلتهم موقوفة كان هو موقوف في ذات الجهة الأمنية، والتي أكد لهم تعرض موكلتهم للتعذيب.
وقد دفعت مكي ببطلان القبض والتفتيش بحق المتهمة الثالثة لبطلان الاستيقاف وانتفاء إحدى حالات التلبس المذكورة على سبيل الحصر بقانون الإجراءات الجنائية، إذ قالت إنه لمّا كان المقرر بأن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم والكشف عن مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والشك، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته، ولما كان ذلك وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب مادام لاستنتاجه ما يسوغه.
وبتطبيق ذلك على وقائع الدعوى يتبين أن استيقاف المتهمة الثالثة تم على إثر اشتباه الشرطية بشكل المتهمة الخامسة الخارجي، وذلك لقيام الأخيرة بوضع وسادة على بطنها مما أثار الشك من قبل الشرطية المذكورة؛ وعليه تم تفتيشها ذاتياً مما أسفر ذلك التفتيش عن وسادة خضراء ملفوفة على بطن المتهمة الخامسة، وفي حال سؤالها عن سبب وضع تلك الوسادة أجابت بأنها ترغب في عمل مقلب لشخص ما في داخل الحلبة؛ مما دفع الشرطية للاشتباه بالمتهمة الثالثة لوجودها برفقة المتهمة الخامسة فقامت بتفتيشها إلا أن ذلك التفتيش لم يسفر عن وجود أي شيء يثير الشبهة بحوزتها.
وعلى إثر ذلك فإن وجود المتهمة الثالثة برفقة المتهمة الخامسة التي عثر بحوزتها على وسادة ملفوفة على بطنها لا ينبئ بحد ذاته عن تلبسها بجريمة الاشتباه، ولا يوحي بوجود إمارات ودلائل على ارتكابها أو شروعها بارتكاب أية جريمة يسوغ للقائمة على التفتيش القبض عليها وتفتيشها.
ودفعت ببطلان إجراءات الاستدلال بحق المتهمة الثالثة لتضمنها قهراً ومساساً بالحرية، إذ بيّنت مكي أنه لما كانت مرحلة الاستدلال عبارة عن إجراءات تحضيرية أو تمهيدية للدعوى الجنائية وسابقة عليها، وكان الهدف منها جمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق والاتهام، وبالتالي لا يترتب على اتخاذ أي إجراء منها تحريك للدعوى الجنائية.
وعلى هدي ما سبق فإن إجراءات الضبط الجنائي لا يتولد عنها أدلة بالمعنى الفني، ولا تعدو تلك المعلومات التي يتم الحصول عليها في هذه المرحلة إلا أن تكون مجرد دلائل وأمارات يصح الاستناد عليها في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، ولكنها لا ترقى لأن تكون أدلة بالمعنى الفني، وذلك بسبب افتقادها إلى الضمانات اللازمة لحماية الحرية الشخصية وحق الدفاع.
ويترتب على ذلك بأن تكون هذه الإجراءات في جوهرها جمع المعلومات عن الجريمة بأساليب وطرق مشروعة، لا يجوز بالتالي أن تتضمن أساليب من القهر والإجبار والمساس بالحرية، وبالتالي الإدلاء بأقوال تحت الإكراه.
وأضافت مكي أنه لما كانت المتهمة الثالثة قد خضعت إلى ثلاث مراحل من جمع الاستدلالات ابتدأت بمأموري الضبط القضائي القائمين على القبض في حلبة البحرين الدولية، واستتبعها مركز الزلاق المختص مكانياً والذي قام بممارسة الضغط والجبر على المتهمة الثالثة، الذي لم تسفر مرحلة الاشتباه بها إلى وجود أي شيء بحوزتها، مما دفع المركز المذكور للاتصال بزوج المتهمة للقدوم لأخذها، وعند وصوله تفاجأ بإلغاء ذلك القرار وتحويل المتهمة لمبنى التحقيقات الجنائية، وهي مرحلة الاستدلال الثالثة التي شهدتها المتهمة، والتي مورس عليها أقسى أنواع التعذيب المادي والمعنوي ابتدءاً بالشتم والسب والقذف ولحقه تعرية جسدها بشكل كامل وانهيارها نفسياً، وهذا ما أدلت به أمام وحدة التحقيق الخاصة، وكذلك أمام قاضي التجديد، وأخيراً أمام المحكمة، وذلك ما أفاد به زوج المتهمة الثالثة للمحكمة بجلسة (25 مارس/ آذار2014).
محامية: حيازة موكلتي وسادة
لا تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون
وقد جاء في المرافعة المقدمة من قبل المحامية انتصار العصفور ومرفت جناحي، أن حيازة موكلتهما وسادة لا تعتبر جريمة يعاقب عليه القانون، وقد دفعتا ببطلان التوقيف الإداري للمتهمة الخامسة، والإجراءات اللاحقة به، إذ قالت العصفور للمحكمة إن توقيف المتهمة الخامسة على إثر اشتباه الشرطية نائب عريف بوزارة الداخلية، التي التبس عليها الوضع الشكلي للمتهمة الخامسة، وعليه تم تفتيشها ذاتياً وأسفر التفتيش عن وسادة خضراء ملفوفة على بطن المتهمة الخامسة، وفي حال سؤالها قامت بالإجابة بأنها ترغب في عمل مقلب لشخص ما في داخل الحلبة؛ وحيث تعسّفت النائب عريف في أداء وظيفتها، وهو توقيف المشتبه بهم وتفتيشهم ذاتياً وحيث لم يسفر التفتيش عن أي شيء، ولكنها قامت بإحالة المتهمة الخامسة للجهات الأمنية.
وحيث قامت النائب عريف بتفتيش المتهمة تفتيشاً ذاتياً، إذ قامت بتفتيش جسدها وملابسها وحقيبتها الشخصية ولم يسفر هذا التفتيش عن أي أمر، فبذلك يكون اشتباهها بالمتهمة الخامسة قد انتفى ووجب عليها كعمل احترازي برفضها لدخول «الفورمولا 1» وليس تسليمها للأمن، ثم إسناد اتهام لا يمتً للواقع بصلة.
وكان يتوجب على مأمور الضبط للقبض على المتهم أن تتوافر لديه حالات التلبس وأن يأمر بضبط متهم إن وجدت دلائل كافية على اتهامه.
وأضافت العصفور أنها تدفع ببطلان إجراءات الاستدلال لأنها تضمنت قهراً ومساساً بالحرية، إذ أوضحت أن إجراءات الاستدلال في جوهرها جمع معلومات عن الجريمة بأساليب مشروعة، لذا لا يجوز أن تتضمن أساليب القهر أو الإجبار أو المساس بالحرية، والعلة في ذلك تكمن في أن هذه الإجراءات نص عليها القانون على سبيل الحصر وحدد شروطها وخولها إلى سلطة التحقيق دون سلطة الاستدلال.
وحيث تعرضت المتهمة الخامسة للقهر والضغط النفسي والإكراه المادي والمعنوي في سلب أقوالها لتدوينها في محاضر الاستدلالات، ولما كان وكانت المتهمة قد تعرضت للكثير من الإجراءات التعسفية والتي على أساسها قام مأمور الضبط بالتغلغل إلى مكنون نفس المتهمة بل انتزع الأقوال من أعماقها، وتم إجبارها بالاعتراف بأن قاموا بتخويفها وبتهديدها كما أشارت له المتهمة في شكوى التعذيب المنظورة أمام نيابة الوحدة الخاصة.
كما دفعت بعدم اعتبار إجراءات الاستدلال كدليل قانوني ضد المتهمة الخامسة، إذ أشارت إلى أن ما تسفر عنه الإجراءات التي يقوم بها مأمور الضبط القضائي لجمع المعلومات عن الجريمة لا يعد دليلاً قانونياً يمكن أن تستند إليه المحكمة عند الحكم بالإدانة؛ فمن باب أولى بالنسبة للمتهمة الخامسة وأثناء مرورها لدخول الحلبة الدولية لسباق «الفوروملا 1»؛ إذ أثارت شبهات مأمورة الضبط والتفتيش هناك؛ فقامت بتفتيشها ورأت أن بحوزتها وسادة حول بطنها، وبتفتيش المتهمة الخامسة تفتيشاً دقيقاً لم يسفر عنه أي شيء.
وبالوقوف على حوزة المتهمة للوسادة الخضراء بحد ذاتها لا تعتبر جريمة يعاقب عليه القانون؛ إذ إن المتهمة وأثناء القبض عليها لم يكن معها سوى هذه الوسادة، التي تعتبر حيازتها شيئاً مباحاً لا يعاقب عليه القانون وفي أي مكان كان، حتى لو كان وضعها في مكان يثير الشبهة إلا إنه لا يرتقي لأن يكون جريمة أو فعلاً يجوز بناءً عليه توقيف المتهمة وسؤالها وإسناد تهمة لها لا تتناسب والعمل التحضيري أي حيازة الوسادة لو سلمنا جدلاً بأن المتهمة فعلاً كان في نيتها شيء مختلف.
كما دفعت بخلو أوراق الدعوى من ثمة دليل يدين المتهمة الخامسة ويؤكد على اشتراكها بالواقعة، إذ لفتت إلى أن الملف بما يحتويه من أقوال وصور خالياً من ثمة دليل يربط المتهمة الخامسة بالمتهمين وبالواقعة.
ولما كان وكانت المتهمة الخامسة هي صديقة مقربة للمتهمة الثالثة؛ وهذا السبب الذي أدى لتواجدها في حلبة البحرين الدولية معها، فلا يوجد أي دليل فني أو مادي يفيد بأن المتهمة الخامسة كانت في الحلبة الدولية لسباق السيارات لأجل غاية أخرى سوى أقوال مرسلة، سطّرت لتدين المتهمة الخامسة.
وحيث إن ما جاء من أقوال على لسان المتهمة الخامسة قد لامسه البطلان، إذ إن كل أقوالها سلبت منها تحت التهديد والوعيد، وبهذه الأفعال الأخيرة تم تدوين اعترافات على لسان المتهمة الخامسة لم يكن الغاية منها سوى الهروب من أي خطر محدق على أبنائها، وبالتحديد ابنتها زهراء، فقد مورس ضدها أبشع أنواع التهديد والتنكيل، مما حدا بها لتسطير الاعترافات المهزوزة.
ولما كان وكانت المتهمة قد تعرضت لهذا الإكراه المادي والمعنوي تم تقديم شكوى جنائية بخصوص التعذيب لدى وحدة النيابة الخاصة أمام وكيل النيابة.
العدد 4240 - الأربعاء 16 أبريل 2014م الموافق 16 جمادى الآخرة 1435هـ