في الوقت الذي اختتمت فيه اقتصادات دول الخليج الغنية بالنفط أمثال الإمارات والسعودية الربع الأول من العام 2014 وهي منطلقة على مسار نمو اقتصادي قوي، من المُلفِت للنظر أن اقتصادات الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط عاودت الاتجاه إلى نظام الاقتصادات ذات السرعتين؛ إذ سجل اقتصادا دولتين عربيتين غير نفطيتين أمثال لبنان ومصر أدنى معدلات الأداء الاقتصادي بين تلك الدول. وتجلَّت هذه الحقيقة بوضوح من خلال بيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر مارس/آذار 2014.
ويتيح لنا الجمع بين تحركات أسعار صرف العملات وأسعار المواد الغذائية مُقَوَّمَةً بالدولار الأميركي التوصل إلى استنتاج نسبة التغير السنوية لأسعار المواد الغذائية بالعملة المحلية، ومقارنتها بالتالي مع معدل التضخم في أسعار المستهلكين. وإذا افترضنا أن أسعار المواد الغذائية مُقَوَّمَةً بالدولار الأميركي وأسعار صرف العملات استقرت عند مستوياتها الراهنة لغاية شهر سبتمبر/أيلول 2014، فإن ذلك سيؤدي إلى تغير سنوي في أسعار المواد الغذائية يفوق أحدث التغيرات التي طرأت عليها. ويوضح الفرق الإيجابي بين المعدل الراهن لتغير أسعار المواد الغذائية ومعدله في شهر سبتمبر، أن أسعار المواد الغذائية لن تشكل عاملاً يسهم في تخفيض معدل التضخم. ويتمثل الاستنتاج البديهي الذي يمكننا التوصل إليه من خلال استقراء هذه البيانات في أن أكبر مكوِّنات سلَّة مؤشر أسعار المستهلكين سيؤدي إلى تضخم المؤشر السعودي لأسعار المستهلكين خلال الشهور المقبلة.
لقد أصبحنا نعلم في هذه المرحلة أن النشاط الاقتصادي السعودي مزدهر ولكنه لم يعد يتسارع، وأن معدل التضخم قد يرتفع بعض الشيء. فهل نستطيع أن نستنتج من تحليلنا للاقتصاد الكلّي السعودي ما يفيد باحتمال ارتفاع المبيعات؟ ويتمثل الخيار الطبيعي لقياس النشاط الاقتصادي من حيث القيمة الاسمية في الناتج الإجمالي المحلي؛ وحيث إن تقريرنا هذا يأتي لسوء الحظ في سياق سلسلة من التقارير الربعية التي تصدر متأخرة بعض الشيء، حاولنا بالتالي اختيار سلسلة تقارير تصدر بوتيرة أسرع وبتأخير قصير جداً، أمثال مؤشر مديري المشتريات الشهري والأسعار اليومية للنفط أو السحوبات النقدية الشهرية من أجهزة الصرّاف الآلي.
وبعد أن حددنا أهم السلاسل أصبحنا قادرين على توقع القيمة الاسمية في الناتج الإجمالي المحلي في الربع الرابع من العام 2013 والربع الأول من العام 2014 (يمثل الربع الثالث من العام 2013 أحدث بيان متوافر لذلك الناتج في ذلك العام).
بول ويتّيروالد
كبير المحللين الاقتصاديين - «كريدي أجريكول»
العدد 4239 - الثلثاء 15 أبريل 2014م الموافق 15 جمادى الآخرة 1435هـ