نمتاز نحن في العالم العربي بميزات كثيرة بعضها ايجابي وبعضها سلبي حالنا حال بقية شعوب المعمورة، غير أننا نمتلك تفردا في بعض الميزات ومنها الشطط بمعنى التطرف المبالغ فيه سواء عند الفرح أو الحزن.
هذا الشطط يدفعنا لاتخاذ الكثير من القرارات الخاطئة التي قد تؤثر على مستقبل حياتنا، لأنها تتخذ في لحظة تطرف وليس لحظة اعتدال فتكون نتائجها متطرفة كلحظة اتخاذها.
الحزن والفرح حق لكل انسان ولكن الشطط فيه يؤدي إلى ضده ويخرجنا من وقارنا ومن قدرتنا على السيطرة على الأمور.
المشكلة أننا حتى في الرياضة نتعامل بشطط مبالغ فيه، ونحول الرياضية كقيمة حضارية وأداة تواصل بين الشعوب إلى أداة بغضاء وثارات متبادلة بحيث نخرجها عن كل سياقها الذي أنشئت من أجله.
ما استوقفني لهذا ما الأمر ما يحصل بين الحين والآخر من تراشق كبير بين الجماهير العربية المتيمة بفريقي برشلونة وريال مدريد لحد يصل إلى القتل أو العراك في بعض الأحيان كما حدث في العراق سابقا أو إلى الخصومة والبغضاء كما يحصل في دول عربية أخرى وهو ما نلمسه في مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
التشجيع ومحبة أحد الفرق العالمية هو أمر محمود إذا كان في اطاره المعقول أما أن يصل إلى التعصب الأعمى بل إلى الشطط في بعض الأحيان هو أمر مستغرب خلافا للعقل وللفطرة البشرية.
في أوروبا نفسها بل في إسبانيا بلد الناديين لا يصل التعصب والشطط لما هو موجود لدينا، بل ان الروح الرياضية هي السائدة بين هذه الفرق وجماهيرها في معظم الأحيان وخلاف ذلك هو الأمر الشاذ.
ما حدث بعد خسارة ريال مدريد من برشلونة في الدوري وبعد خروج برشلونة من دوري الأبطال هو أمر فاق كل التقديرات المنطقية للفرح والحزن بل إنه وصل إلى مرحلة التنفيس الشعبي الجمعي عن واقع مرير انعكس في صورة تشجيع رياضي.
فالدراسات العلمية بينت العلاقة الطردية بين المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والانفعالات داخل الملاعب وخارجها، إذ ان شغب الملاعب في كثير من الأحيان ليس مرتبطا بالرياضة نفسها بقدر ارتباطه بخلفيات المشجعين ومعاناتهم التي تخرج في هذه الصورة.
في مصر مثلا اكتشفوا العلاقة الوثيقة بين الألفاظ النابية في الملاعب من الجماهير اتجاه الحكام واللاعبين والفرق وبين معاناة هذه الجماهير الشخصية في مجتمعاتها وداخل منازلها حتى تحولت الملاعب إلى أداة تنفيس مجتمعي.
ما أتمناه ألا يصل بنا الحال في البحرين خصوصا إلى حالة من الشطط العام والتعصب المبالغ فيه في تشجيع أي فريق، لأن الرياضة هي في النهاية فوز وخسارة وحال الفرق فيها كحال الدول تصل إلى قمة قوتها ثم تبدأ بالتراجع والهبوط، فدوام الحال من المحال.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4238 - الإثنين 14 أبريل 2014م الموافق 14 جمادى الآخرة 1435هـ
جابر حبيب
وصل الشطط لينا يا بو جاسم