العدد 4238 - الإثنين 14 أبريل 2014م الموافق 14 جمادى الآخرة 1435هـ

عائلة «ديفجي»: إرث تسعة أجيال... والذهب البحريني عشقنا

قدموا من كوجرات إلى المنامة في 1947

الزميلة ريم خليفة تقف مع ماهيش ديفجي  بأحد محلاته ممسكة بإحدى حلي «مجوهرات ديفجي» - تصوير : عقيل الفردان
الزميلة ريم خليفة تقف مع ماهيش ديفجي بأحد محلاته ممسكة بإحدى حلي «مجوهرات ديفجي» - تصوير : عقيل الفردان

حكايات سوق المنامة القديم، قادتني هذه المرة إلى محلات الذهب التي تنافست واجهاتها بمختلف التصاميم البحرينية والهندية.

وتعد عائلة ديفجي إحدى الأسر الهندوسية التي قدمت من كوجرات الهندية وعاشت في المنامة وتحديداً في فريج الفاضل.

يقول ماهيش ديفجي في حديثه إلى «الوسط»: «نحن نعرف الذهب البحريني وإرث الصياغة جاء عبر تسعة أجيال نقلها والدي من كوجرات إلى البحرين... لقد بدأ بمحل صغير ليصبح اليوم اسماً كبيراً في عالم تصميم المجوهرات التي تصنع في البحرين وتصدّر إلى باقي دول الخليج وقريباً إلى اليابان والولايات المتحدة».

وأضاف «نحن بحرينيون ونتكلم العربية والهندية وكوجرات ونعتز بأصولنا... ونملك طموحات كبيرة وكثيرة منها مجمع يحمل اسم ديفجي في حال تم تعديل الطريق المؤدي إلى سوق الطواويش بالمنامة».


«الوسط» تكشف حكاية أسطورة الذهب البحريني «ديفجي»

ماهيش ديفجي: نحن بحرينيون وسكنَّا «الفاضل» ونتكلم الهندية والعربية

المنامة - ريم خليفة

تبدأ رحلة «الوسط» اليوم ضمن سلسلة حكايات سوق المنامة القديم، وقد قادتني هذه المرة إلى محلات الذهب التي تنافست واجهاتها بمختلف التصاميم البحرينية والهندية. وقد قررتُ أن أدخل أحد هذه المحلات، ويقع في باب البحرين وآخر مقابل المعبد الهندوسي في ما كان يعرف بسوق الطواويش واليوم يسميه هنود البحرين بـ «ذي ليتل انديا»، أي الهند الصغيرة.

هناك قرأت عن حكاية شاب يافع يدعى ديفجي، وطئت قدماه أرض البحرين في العام 1947 قادماً من مدينة «كوجرات» الهندية وهو في الحادية عشرة من عمره برفقة والده رامجي ساجار الذي فتح دكاناً خشبيّاً صغيراً لصياغة الذهب في شارع الشيخ عبدالله وعاش مع عائلته الصغيرة في «فريق أو فريج الفاضل» الكائن في أحياء المنامة القديمة.

وقد لفتت انتباهي التصاميم لمشغولات الذهب الهندوسية التي تجلب الحظ والثروة والجاه، مثل: آلهة «لكشيمي»، وآخرى تتحدث عن تجاوز العقبات مثل آلهة «غنيشا». وفي هذا المحل قال لي أحد الهنود العاملين ويدعى ناريان بي مبتسماً: «أنتِ تقفين في أول وأقدم محل مجوهرات لعائلة ديفجي اورم البحرينية الهندية ذات الأصول الهندوسية، فقد تأسس منذ العام 1950. وهذا المحل يقع مقابل زقاق المعبد الهندوسي، أما المحل الثاني فقد كان ومازال على طرف باب البحرين».

نظرت إلى الصور والدروع المعلقة في المحل وقال لي ناريان بي: «إن سلسلة محلات ديفجي تهتم بطواقم موظفيها وقد أسست فرقاً للعبة (الكركيت) من أجل ممارسة هذه الرياضة المحببة للهنود في وقت الإجازة الأسبوعية ونلعبها في منطقة البسيتين بالمحرق».

حكاية ديفجي... تسعة أجيال

شكرت ناريان بي وقررت الذهاب بحثاً عن أسطورة الذهب ديفجي، والتقيت أحد أبناء ديفجي الذي ضيفني كعادة الهنود بـ «شاي مسالا» مرحباً بي وواعداً بشرب الشاي في المرة المقبلة مع عائلته بمنزلهم الكائن اليوم في إحدى ضواحي المنامة. وقال ماهيش ديفجي وهو ممسك بصورة والده التي رأيتها معلقة في جميع محلاتهم: «نحن عائلة توارثت مهنة المجوهرات جيلاً بعد جيل ولدينا عشق للفن بلا حدود، ولهذا فهي ليست بمهنة لكنها جزء من حياتنا... وصياغة الذهب جزء من حياتنا، واللغة التي نفهمها ونتكلم باسمها».

«وهنا لابد من الإشارة نحن كعائلة مازلنا نعيش في منزل واحد أي عائلة مركبة لايمكن أن نفترق ولايمكن أن نفترق عن مهنة أجدادنا وأبائنا».

نظر إليَّ مبتسماً وأطلعني على بعض الدوريات الخاصة عن محلاتهم، وقال: «ما ترينَه اليوم ما هو إلا نتيجة مهنة توارثتها عائلتي على مدى تسعة أجيال، نقل والدي حصيلة ذلك وطوره بأسلوبه المميز في البحرين (...) ويكفي أن تري بنفسك أن كل هذا مصنوع في البحرين لا في بلد آخر ويصدَّر إلى دول الجوار. فالبحرين وسوقها للذهب هي الأساس في منطقة الخليج، وعلى رغم الكمية الأكبر في دبي فإن الذهب البحريني يبقى نوعية من طراز خاص ومميز تماماً مثل اللؤلؤ البحريني فهو مرغوب دائماً».

تصفحت الدورية المليئة بكثير من الصور والتصاميم الرائعة، وسألته: كيف كانت تجربة والدك وعائلته في البحرين؟، فأجاب ماهيش: «أول راتب حصله والدي في البحرين كان ثماني روبيات، وكنا نعيش جميعنا في منزل واحد، وقد استمر الوضع كما هو عليه حتى مع أخواتي الأربع وإخواني الثلاثة فنحن عائلة مركبة مازلنا نتمسك بمبادىء وحدة العائلة».

«الفاضل» ومجمع ديفجي للذَّهب

وأضاف محدقاً بصورة والده «صدقيني إذا قلت لك إننا مازالنا نحمل الذكريات الجميلة في «فريج الفاضل» بالمنامة ونحن ننتمي إلى هذا المجتمع المتسامح، فلا نشعر أننا أغراب، فنحن بحرينيون وأبناؤنا كذلك، وحتى إن كنا ذهبنا إلى المدرسة الهندية، فإن البحرين تبقى بلدنا، فنحن نتكلم الهندية - كوجراتي - العربية والانجليزية وجميع تلك اللغات نستخدمها في البحرين؛ لأن جميعها متداولة».

ثم أضاف «الذكريات القديمة تبقى وخاصة في فريج الفاضل، كنا نتشارك الأفراح والأحزان، ونتشارك في المناسبات المختلفة، فشربنا القهوة العربية، وأكلنا الحلوى البحرينية في العيد والحال نفسه مع أصدقائنا وجيراننا من أهل البحرين(...) فلم نشعر قط أننا أغراب، فنحن بحرينيون وسنبقى كذلك، وهذا ما نحمله من الذكريات عندما كنا صغاراً «أيام الفريج». ولذلك فإننا كغيرنا من التجار الهندوس البحرينيين لا نية لنا في غلق محلاتنا بالسوق القديم، لكن مازلنا نطمع في تعديل السوق وطرقاته بشكل جاذب، كما لعائلة ديفجي طموحات كثيرة منها بناء مجمع ديفجي للذهب واللؤلؤ البحريني في حال تم تعديل السوق وطريق المعبد، ولا تنسي أن سوق المنامة هو روح الذهب واللؤلؤ البحريني وأساسه».

ثم سألته ألا تضعون الفلفل والليمون على باب محلاتكم كما يفعل التجار الهندوس الآخرون في البحرين؟، فابتسم ثم أجاب: «هي موجودة، لكن ليس بالضرورة ترينها... نحن نكتفي بوضع البخور الهندي داخل محلاتنا التي تفوح منها هذه الرائحة العطرة».

إرث الذهب والفن

وأضاف «التمسك بالموروث الهندوسي هو جزء من ثقافتنا تماماً مثل التمسك بموروث الذهب وتصاميمه، فابني (ديف) الذي يبلغ من العمر سبعة عشر عاماً لديه حسٌّ كبيرٌ في مجال التصميم، وقد بدأ اهتمامه منذ الصغر وهو في التاسعة، حيث كان يرتاد ورش صياغة الذهب ويتدرب ويتعلم بينما ابنتي ديفيكا ،التي تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، فهي تعشق الفن والرسم... وشيء آخر تتميز به عائلتي هو أن الإبداع يسري في العائلة جيلاً بعد جيل وسيبقى كذلك والشيء نفسه، كما أن لغة التعاون والتفاهم مع موظفينا هي أيضا جزء من أسلوبنا الذي لا يخرج من إطار ثقافتنا وعشقنا لصياغة الذهب؛ لأن الدقة والابتكار وراحة البال تولد التصميم الجميل».

ماهيش أخذ يريني من حاسوبه الخاص صور مشاغل الذهب الخاصة بمحلاتهم في المنامة وسترة معلقاً: «في كل عام نطلق مجموعات جديدة من التصاميم بحسب الموسم والعرض، وهذا كله يرجع الفضل فيه إلى من أسس مجوهرات ديفجي بالأساس وهو والدي ديفجي رامجي ساجار».

ثم جلب لي بعض التصاميم من حلي وأقراط تتدلى منها اللآلئ والأحجار الكريمة المختلفة، وقال: إن «هذه التصميمات هي نابعة من فلسفة عائلتي، وها نحن اليوم أصبحت شركتنا واحدة من الشركات البحرينية الرائدة في مجال التصميم وخدمات المجوهرات ونحن سعداء بأننا نعد جزءاً مساهماً وحيويّاً في المكون الاقتصادي البحريني، كما لدينا محلات في دبي ومسقط وأبوظبي ونصدر إلى الكويت والسعودية. أما لمشاركاتنا وأنشطتنا الأخرى، فقد امتدت بإقامة معارض عن الذهب البحريني في طوكيو باليابان، وكنا أول محل بحريني يشارك بمعرض فيه، وقريباً سنبدأ التصدير إلى هذا البلد إضافة إلى الولايات المتحدة، إذ سيكون لنا موقع آخر في المنطقة الصناعية بالحد بميناء الشيخ خليفة». هذه الطموحات التي تكلم عنها ماهيش تعكس صورة أخرى من صور التفاني في العمل، تاركة بصمة وتوقيع أسطورة الذهب ديفجي في تأسيس واحد من أشهر محلات الذهب البحريني والمجوهرات في البحرين والخليج.

ودَّعت ماهيش قبل أن يذهب إلى اجتماع ينتظره، وحملت أوراقي منطلقة في طريق السوق باحثة عن حكاية أخرى في زقاق آخر من حكايات سوق المنامة القديم.

العدد 4238 - الإثنين 14 أبريل 2014م الموافق 14 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 30 | 7:08 م

      مجوهرات رائعه ...اتمنى حضور معارضكم القادمه

    • زائر 29 | 3:00 م

      ابونوره

      انتون كل حاجة قلبتونه بحرينين ومايشغلون احبائي العمل اختصاص الدوله هي المعنيه وليس هذا التاجر هذا العمل يتطلب انه تبقى فيه كل وقتك وهذي الاعمال لايقبله مواطن لانه يريد ان يعطي عائلته جزء من وقته مشكلتنا احنه بس نحب ننتقد اي شي لانه شعب كنبه نقعد على المرقد ونحط على الاخرين

    • زائر 26 | 8:16 ص

      تعالي سوي معاي لقاء

      انا بحرينيه وسويت لي مشروع خاص وناجح بعد تعب

    • زائر 32 زائر 26 | 2:10 ص

      موقفه أن شاء الله

    • زائر 24 | 5:22 ص

      تقرير ممتاز ينقصه التغطية بالصور

      تقرير جميل ينقصه الصور

    • زائر 21 | 3:13 ص

      مساهمة اغلب التجار في توطين الصناعة و التوظيف تقريبا صفر

      لا خلاف ولا عنصرية فهو و اهلة بحرينيين و لكن للاسف مساهمتهم تقريبا صفر في توطين الصناعة و توظيف البحريني و نريد ان نعرف كم بحريني يعمل في شركتة او على الاقل تعلم هذه الصناعة؟ و عموما اغلب التجار في البحرين حتى العرب لا يساهمون في توطين الصناعة فهم فقط يكسبون الاموال و يستثمرون في العقارات و يكسبون من الايجار و اغلبهم يوظفون البحريني لكسب المزيد من التأشيرات للعمالة الاجنبية

    • زائر 16 | 2:04 ص

      شهادة تقدير

      شهادة تقدير تقدم لكل من بنا وساهم في بناء هذا البلد الكريم.. الحق يقال ... من ولد وعاش وتربا في البحرين وهو يخدمها لتصل إلى أعلى المراتب فهو بلاشك يستحق التقدير بغض النظر عن أصله

    • زائر 15 | 1:45 ص

      قال تعالى .. فامشوا في مناكبها و كلوا من رزقه واليه النشور .. صدق الله العظيم

      لو ترجعوا لتاريخ لتجدوا ان الهجرات البشرية قائمة منذ الازل ..فلا يمنع ان تهاجر عائلات او قبائل او افراد انها تبحث عن الرزق و تطرق بابه في ارض الله . للعلم بس ان هناك 300 مليون شخص هاجروا اختياريا من اوطانهم في 2013. وانا شخصيا واحد من هذا الرقم الكبير حيث هاجرت من بلدي البحرين بمحض ارادتي ولست مرغما بل من باب التغير . حفظ الله البحرين و الملك و شعبها الكريم .. تحياتي و حبي للبحرين .

    • زائر 12 | 1:23 ص

      ياخي وشهالحقد و العنصرية؟

      بحريني و اكثر من غيره, اشتبيه يسوي يعني؟ لازم ان يكون من عنصر او طائفة محددة و لا بس نلفظه؟ لا يا اخي البحرين مو جذي! نحن معروف اننا نتقبل الثاني الثاني فخلينا على هالسمعة الطيبة و لا تخربونها بسبب ردود فعل لاحداث حصلت في الكم سنة اللي طافت. مع الشكر للصحفية على اعمالها الجميلة اللي تبين الوجه الفعلي للبحرين

    • زائر 18 زائر 12 | 2:17 ص

      كلام جميل

      اشكرك اخي الكريم, لقد ذكرت ما هو واقع المجتمع البحريني وطبعه الذي ليس لة مثيل في كل الكرة الارضية, نعم نحن مجتمع خليط و متالف من القدم.

    • زائر 11 | 1:13 ص

      ناس حقوده

      غريبة تعليقات الناس! هذا انسان اجتهد و بنا و سوا له اسم كبير و المقال حلو قصة جميلة تروي التفاني في العمل بغض النظر عن الجنسية او الديانة، عطا للبحرين مثل ما عطته، و مجوهراتهم تصاميمها وايد راقية و تنافس محلات مثل داماس و حتى كارتيير. حلو أن هالعطاء يطلع باسم البحرين بغض النظر اذا هم "هنود"، ياما تجار في امريكا و هم اصولهم دول ثانية ماتكلمو عنهم جذي! البحرين خير فخلكم يا أهل البحرين خيرين و بلا تعليقات إقصائية

    • زائر 10 | 1:06 ص

      نعم

      الهنود هم اللي عمروا الديرة كما البحرينيين في بعض دول الخليج اليوم عمروها واليوم يمتلكون الجنسية والمكانة في المجتمع المشكلة ان البحريني يحترم و يقدر في ديرة غير ديرته فيختار الهجرة ويجي الاجنبي يحل محله ويستحوذ على كل الخيرات

    • زائر 2 | 10:29 م

      ...

      السلام عليكم زيارتكي الي سوق المنامة فكرة ممتازة. لكن اليس من المفروض ان نبداء باتريخ العائلات البحرينية الاصيلة المعروفة في سوق المنامة اصحاب المهن كانت هناك اسماء عدة في سوق المنامة منها سوق الطوايش سوق الحدادة سوق الصفافير سوق التناكة سوق الكراشية وشكراً

اقرأ ايضاً