السفارة الأميركية «سابقاً» في طهران، يحيطها من جهتين، شارعا الخامس عشر من خرداد وطالقاني. وفي الخلف، متحف الشهداء (موزه شهدا)، وفي الأمام مسرح إيرانشهر. مبنى السفارة تحوَّل إلى متحف، وإلى مزار سياسي لشتم الولايات المتحدة وحرق علمها كل عام. بل وأصبح موعداً لتجديد «الوطنية الإيرانية» على الطريقة المحافظة المتشددة.
وثَّق الطلبة الإيرانيون بعد هجومهم على السفارة كل شيء. سبعون مجلداً، تضم كافة الوثائق التي جُمِعَت ورُتِّبت (بعد تمزيقها على عجل من قِبَل موظفي السفارة قبل اقتحامها) بصبر خرافي كما وصف ذلك الكاتب محمد حسنين هيكل. غرفة تزوير الوثائق ومكتب الاتصالات تعطيك انطباعاً أن هذا المكان، كان مطبخاً لصياغة البلد.
السؤال الآن: هل يعود الدبلوماسيون الأميركيون للعمل في المكان ذاته مرة أخرى، ولكن ليسوا كرهائن هذه المرة بل كدبلوماسيين أميركيين معتمدين؟ هذا السؤال أطرحه وأنا أرقب ما يجري في ملف إيران النووي. عنوان المتفاوضين غير الإيرانيين هو: خمسة + واحد، لكن الحقيقة هي أن واحداً من المفاوضين الستة، مَنْ يملك قلم التوقيع على الورق: إنه الولايات المتحدة الأميركية. أما الآخرون، فهم صدىً مختلف لها لا أكثر.
عندما سألت الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بسلطنة عُمان يوسف بن علوي بن عبد الله من أن هناك مؤشرات على أن شهر مايو/ أيار المقبل قد يشهد توقيع اتفاق نهائي بين الإيرانيين والغرب لإغلاق أزمة الملف النووي الإيراني بحسب تصريحات مسئولين إيرانيين وأميركيين، قال: «نحن نشعر بالأمر ذاته الذي هم يتوقعونه، وهو أنهم قاب قوسين أو أدني، وأن هناك مصالح مشتركة بين الطرفين في أن يتم ذلك الاتفاق».
إذاً، نحن أمام تطور كبير قد يحصل في العلاقات الدولية. يمكن قياس ذلك التطور بتماسه مع المصالح الناتجة عنه، وبتماسه مع مناطق تأثير إيران في العالم. العراق، أفغانستان، الخليج العربي، لبنان، اليمن، آسيا الوسطى، شمال ووسط إفريقيا فضلاً عن الطاقة. وعندما يحصل ذلك، تتأثر علاقات فرعية أخرى، ما بين صديق عدو، وعدو صديق وهكذا.
الأنباء الواردة تقول، إن الأطراف المتفاوضة بدأت في كتابة مسودة الاتفاق النهائي، الذي سيُنهِي ملف إيران النووي. اتفاق نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حدَّد العشرين من يناير/ كانون الثاني 2014 كي يتم البدء في تطبيقه كإطار أوَّلي. ثم قيل إن الفترة الممنوحة لانتهائه هي ستة أشهر. بمعنى أن العشرين من يوليو/ تموز المقبل هو الموعد الرسمي، لكن ما يبدو أن الأميركيين يريدونه قبل ذلك.
لا يُعلَم ما هي أسباب هذا الدفع نحو تحرير محضر التوقيع، لكن ما يبدو هو أن المصالح والتطورات السياسية باتت تضغط على الجانبين. وربما هما توصلا إلى أن «ما لا يُدرَك كُلُّه لا يُترَك جُلُّه». لذا، فإنهم يبدأون بما اتفقوا عليه، ويُرحِّلون ما اختلفوا عليه، خصوصاً أن الموضوعات محل الاتفاق قد تكون هي «المقادير» المطلوبة لأية طبخات سياسية قادمة.
الحقيقة، أنه عندما قمتُ باستعراض «مسيرة الصراع» النووي بين الإيرانيين والأميركيين، ونشرتها في ملف مستقل في «الوسط» الشهر الماضي، تبيَّن لي أن الأمر ليس مجرد تفصيلات «نووية» بل هو مرتبط بقضايا سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية. إنه الصراع على النفوذ ووضع القدم تلو الأخرى في ساحة الخصم أو بجواره. إنها معركة أوسع، تتمدد على الجغرافيا وفي الوقت نفسه، تأخذ مداها على حصير القضايا الخَمْس.
بالتأكيد، هناك مواقف متباينة داخل الدول الغربية، وبالتحديد موقف الفرنسيين، الذين يريدون تطبيق معادلة: «لا اتفاق على شيء دون الاتفاق على كل شيء». لكن هذا الموقف قد لا يُلزِم الأميركيين بشيء، وأن يسيروا باتجاه التسوية مع إيران منفردين، ما داموا هو الثقل الأكبر في المجموعة. وعلى هذا الأساس كانت الوساطة العمانية بين الطرفين.
الاتفاق القادم باتت تسبقه جرعات استيعاب من الطرفين، تعوِّض مستوى التنازل المتبادل. الإيرانيون أعلنوا قبل أيام، وعلى لسان قائد مقر الدفاع الجوي الإيراني فرزاد إسماعيلي، أن إيران «زادت عدد منصاتها الدفاعية كماً ونوعاً في المناطق الحساسة والإستراتيجية، كشبكة آرش وصاروخ تلاش ومرصاد تو وشلمجة». وقبل ذلك، افتتاح معرض منجزات نووية، ثم تصريحات لقائد القوة الجوفضائية الإيرانية حول آلية المراقبة.
الأميركيون أبقوا على هيكل العقوبات على إيران، تاركين لقوانينهم وتفسيراتها ملاحقة الخروقات الهامشية لجسم تلك العقوبات، مرةً على أفراد ومرةً على مؤسسات، وربما «حتى» استثمار قضية رفض تأشيرة المندوب الإيراني الجديد لدى الأمم المتحدة في نيويورك حميد أبو طالبي، والمتهم بالمشاركة في عملية احتجاز طاقم السفارة الأميركية في طهران الاثنين وخمسين العام 1979 مدة 444 يوماً.
في المحصلة، قضية الاتفاق النهائي تسير بشكل واضح. الطرفان يقولان، ومَنْ هم في الوساطة يعتقدون الأمر ذاته. ليس ذلك فحسب، بل إن الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى السعودية، كان جزءٌ مهمٌ منها ينصب حول التبشير بقرب اتفاق أميركي إيراني. هذا هو المشهد القادم، الذي لا يبدو أنه غير مؤثر على الملفات الحساسة في المنطقة، والتي تتشارك فيها إيران والولايات المتحدة في صوغ مصالحها. عندها، قد يُعاد افتتاح السفارة الأميركية في طهران، ويَرفَع العلم الأميركي فوقها بعد أن كان يُحرَق في الشوارع الإيرانية.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4237 - الأحد 13 أبريل 2014م الموافق 13 جمادى الآخرة 1435هـ
ايران و اسرائيل وجهان لعملة واحدة
ايران و اسرائيل وجهان لعملة واحدة
متابع . . . . سؤال مهم و خطير
هل ستسمح القوى المتشددة في إيران ( بالخصوص مؤسسة الحرس الثوري ) باتفاق كهذا ؟ . . . رفع العلم الأمريكي في طهران أليس خطا أحمر عندهم وانحرافا عن الثورة ؟
متابع . . . . سؤال مهم و خطير
هل ستسمح القوى المتشددة في إيران ( بالخصوص مؤسسة الحرس الثوري ) باتفاق كهذا ؟ . . . رفع العلم الأمريكي في طهران أليس خطا أحمر عندهم ؟
متابع . . . ما رأيك في هذه التعليقات ( 2 )
. . . . . فقد كانت روسيا تتحكم بتوريد الغاز إلى أوروبا، لكنها الآن ستواجه المورد الإيراني. هذا ما كانت تطمح إليه واشنطن من خلال اتفاقها الأخير مع إيران : دق إسفين بين إيران وروسيا.
متابع . . . ما رأيك في هذه التعليقات ( 1 )
1- أوباما حريص على الاتفاق مع إيران ليكون إنجازه الشخصي الاهم، الملفات الخارجية الاخرى التي تعامل معها كانت متابعة لملفات فترة بوش . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . 2- فيصل القاسم : بعد الاتفاق الايراني الأمريكي من المرجح أن يتدفق النفط والغاز الإيراني على الأسواق، وخاصة الأوروبية، وهذا من شأنه أن يخلق توتراً كبيراً بين روسيا وإيران وخاصة فيما يتعلق بتوريد الغاز الإيراني إلى أوروبا.فقد كانت روسيا تتحكم بتوريد الغاز إلى أوروبا، لكنها الآن ستواجه المورد الإيراني
ممكن
ممكن بس بشروط ايرانية......وليست املائات امريكا
العلم سيرفع لصالح الكل
المصالح الأميركية: انها لعبة الامم بالنسخة الجديده- مطوره التناسب لاأمن و اقتصاد أميركا
ارجو (ورأي شخصي)
عندنه مواضيع في ديرتنه اهم من هالمواضيع بما اتفقو ايران وامريكا عل النووي كان بدون علم الدول العربيه ولما خلصو الاتفاق بعدين الدول العربيه طالبت بتوضيحات وضمانات كون ايران خطر عليهم !! باختصار يعني محد مفتكر في الدول العربيه فليش احنه لليوم بس حالين مواضيع ايران وامريكا في اولويات اهتمامنه ؟ عندنه قضايا معلقه في البحرين عشر سنوات محد تكلم عنهه عندنه مواضيع تحتاج تنطرح اكثر من الملام عل دول ما تعتبرنه من ضمن اولوياتهه
نحث ايران على الاتجاه غربا
لان دول الشرق ماوراها الا الاذية والمشاكل اتجهي غربا وستحل عليكم الرفاهية والرخاء الاقتصادي
رأي
الغرب لن يأتي للعرب بحرية ولا كرامة
لا تستغرب إن رفع
مثل ما رفع علم إسرائيل في المغرب والاردن وقطر وبعض الدول مخفي من تحت إلى تحت
علم امريكا
نعم االتحليل موجود في فكر الكاتب فقط لان تحليل عجيب وغريب
انا شخصيا اتمنى لو ترجع العلاقة بين امريكا وايران بالعكس امريكا افضل من غيرها
حتى تحترم ايران ويحترم الشيعة في الخليج ويكونو مواطنيين حقيقيين وليس نصف مواطنين
وجهة نظر
الواقع يسير بعكس لغة التفاؤل التي كتبتَ بها..
إيران
مع احترامي الشديد للكاتب
لكن لو نرجع للارشيف بنلاحظ ان اكثر من 90% من مواضيعه عن ايران
ما ادري هو متخصص في الشأن الايراني لو شنو
أنا زائر 5 (إيران)
لقد علقة على مواضيع الكاتب المحترم من قبل وقلت بأن معظم مقالاته تتعلق بإيران هذا مثبت من ارشيف كتاباته يمكن يخطر يوم أو يومين بس مستحيل يمر يوم مايذكر إيران ليش؟ الله اعلم
كره لو حب؟
ليش
ليش زعلااااااااااااااااااااااااااااااان
كتب ضد المالكي والأسد أيضا
كتب ضد المالكي والأسد أيضا
سترواي
مافي امل حت واحد بي المئه
فليرفع العلم ما دامت المصالح تتطلب ذلك
ليس لأمريكا صديق او عدو دائم وايضا ايران هناك مصالح بلديهم التي تكون موضع اهتمامهم لكن ماذا عن دولنا العربية الخليجية هل كانت تتخيل هذه الساعة والوقت ليتم الغزل بينهم ويخرجون هم من المولد بل حمص وأقول لم يضعوا مصالح شعوبهم في المقام الاول كان هدفهم هو الحفاظ على سلطاتهم المطلقة ومختصرا على أنظمتهم وعروشهم لتستمر ابد الهر نتمنى ان ترجع العلاقات بين العدوين امريكا وايران والتي ستنعكس إيجابيا على مجمل دول الاقليم
نتمنى ذلك
كل المجازر و التنكيل التي يتعرض له الشيعة في منطقة الشرق الاوسط و باكستان و مؤخرا ماليزيا سببه موقف ايران من اسرائيل و امريكا تبعا مما اضطره اي امريكا للاستعانة بصديق لاثارة النعرة الطائفية لتحجيم الدور الايراني و تأثيرة . حين يرفرف العلمين الايراني و الامريكي في عاصمة البلدين تأكد ان المذابح و التنكيل الانتقامي ضد الشيعة في العراق و باكستان و مناطق من الصعب ذكرها سيتوقف