نما في السنوات الأخيرة قلق عام في جميع أنحاء العالم تجاه تدهور نوعية الهواء والتأثيرات المصاحبة لذلك على صحة بني البشر. وهو ما جعل الحكومات تأخذ قضية تلوث الهواء على محمل الجد وتنفذ تدابير للحد من تزايد ملوثات الهواء ومحاولة احتكار تفشي أمراض جديدة يكون الهواء سبباً فيها.
وأظهرت دراسة في العام 2006 أنّ قطاع النقل في البحرين هو المصدر الرئيس للتلوث، حيث أظهرت معدات الرصد الجوي أن هنالك زيادة كبيرة في الملوثات المرتبطة مع انبعاثات المركبات وخاصة أكاسيد النيتروجين وغاز الأوزون، وتعود هذه الزيادات في المقام الأول لعوادم السيارات والانبعاثات الصناعية وأبخرة البنزين والمذيبات الكيميائية. وقدر عدد المركبات لكل 1000 نسمة في البحرين بين العام 2002 إلى 2004 بـ 322 مركبة.
وهذا الأمر لا ينطبق على البحرين وحدها، فقطاع النقل مسؤول عن 22 في المئة من مجمل انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري في البلدان العربية. وتعتبر رداءة نوعية الوقود وكثرة السيارات القديمة عاملين يساهمان، إلى حدّ بعيد، في تدنّي جودة الهواء في أجواء عدد من المدن العربية.
أما مستويات ثاني أكسيد الكبريت (SO2) المساهمة في أمراض الجهاز التنفسي والأمطار الحمضية، والذي يأتينا من معامل تكرير البترول وشركات الأسمنت ومرافق معالجة المعادن، فلقد بيّنت الدراسة في العام 2006 أنها مستقرة نسبياً، إلا أن البحرين قد شهدت طفرات صعوداً في العامين 1998 و2002. وهنالك مناطق في أنحاء البحرين أكثر ضرراً من غيرها.
وتلجأ مملكة البحرين والجهات الصناعية متمثلة في الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية إلى مراقبة مستوى جودة الهواء داخل المباني أو خارجها وتقدير ملوثات الهواء المختلفة ومقارنتها بالمعايير المحلية والعالمية من خلال محطات أو معامل لرصد جودة الهواء على مدار الساعة، حيث تتوافر في هذه المحطات أجهزة لمراقبة مستوى المواد السامة والغازات وكل الملوثات العالقة بالهواء. كما تقوم هذه المحطات برصد عوامل الجو ومنها سرعة واتجاه الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة النسبية والإشعاع الشمسي وذلك لأهميتها وعلاقتها بمدى تركيز المركبات المختلفة، وكذلك إعطاء مؤشر لتحديد اتجاه مصادر الملوثات.
ويعتبر برنامج رصد جودة الهواء في البحرين من أقدم البرامج التي ينفذها قسم الرصد البيئي بإدارة التقويم والتخطيط البيئي في الهيئة، فمنذ العام 1986 بدأ استخدام محطة شبه متنقلة، تلتها ثلاث محطات ثابتة في العام 1993، فيما دُشنت بعدُ خمس محطات متنقلة حديثة في العام 2005 قادرة على رصد وقياس جميع الملوثات في الهواء المحيط، إضافة إلى عناصر الطقس في كل من المعامير والنويدرات والعكر وعسكر وسترة والرفاع.
حيث يتم الاعتماد على هذه المحطات كنظام مبكر لقياس جودة الهواء داخل المدن في حال الشك بوجود تلوث هوائي قد يضر بالصحة العامة، فمثلاً عندما حدث التلوث الإشعاعي في العام 2011 الناتج عن محطة فوكوشيما اليابانية ورفعت درجة الخطورة في اليابان إلى أعلى درجة وهي السابعة، تم وضع 18 محطة لهذا الغرض في أنحاء مملكة البحرين.
وتقوم آلية عمل هذه المحطات على سحب عينة من الهواء يتم تحليلها بواسطة عشرة أجهزة مدعومة بنظام معايرة متكامل، والأجهزة بدورها موصلة بوحدة لتخزين البيانات ذات سعة غير متناهية، وموصلة أيضاً بأجهزة استشعار وقياس عناصر الجو. حيث يتم نقل البيانات من وحدة التخزين في جميع المحطات المتنقلة إلى جهاز مركزي في مبنى الإدارة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية، ووظيفته سحب المعلومات بشكل آلي عن طريق نظام اتصال لاسلكي، وعن طريقه تتم مراجعة البيانات وتنقيحها، إضافة إلى استكشاف جميع الأعطال التي تحدث في الأجهزة وإصدار التقارير الفنية عن وضع الأجهزة والعلمية عن مستويات الملوثات ونسبة تجاوزاتها للمقاييس البيئية.
العدد 4236 - السبت 12 أبريل 2014م الموافق 12 جمادى الآخرة 1435هـ