المثل القائل «ليس كل ما يلمع ذهبا» ينطبق اليوم على عالم كرة القدم الذي تحول من لعبة رياضية جماهيرية لها مبادئها وأهدافها ومثلها العليا المتمثلة في الروح الرياضية والمنافسة الشريفة، إلى عالم مادي بحت هدفه اغتراف اللاعبين للمال بطريقة مليئة بالتناقضات سببها في المقام الاول إصرار حكومة «الفيفا» على اعتبار الاحتراف أهم وسيلة في عملية تطوير اللعبة.

فالاحتراف كما نعرفه في عالمنا الرياضي البسيط يهدف إلى تأمين الحياة الاقتصادية الرغيدة للاعبين وتفريغهم لممارسة ألعابهم لأجل المزيد من الإبداع الكروي، وذلك على أساس أن عقود الاحتراف شبيهة بعقود العمل سواء كان حكوميا أو أهليا مع فارق في الراتب والعقد السنوي وعلاوات الفوز.

تلك الصورة البسيطة اختلفت الآن في الدول الكبرى بعد أن وجد لاعبوها فيه كنزا ماليا كبيرا، لذلك أصبحت صورتها معتمه داكن لونها بسبب التصرفات الشاذة من أغلى نجوم العالم وأكثرهم شهرة. فما حدث في اسبانيا وهي التي تحتضن أغلى نجوم العالم من خروج لمسيرات حاشدة شارك فيها مختلف الطبقات تطالب الحكومة بوضع القوانين التي تخفف أعباء الحياة المعيشية الصعبة بسبب تفشي البطالة وتدني الأجور، في تناقض فاضح لتصرفات نجم فريق برشلونة ميسي الذي تهرب من دفع الضرائب لموازنة هذا البلد الذي صنع منه نجما؛ لذلك أجبرته المحاكم على دفع غرامة تقدر بـ 9 ملايين يورو. والأمر نفسه حدث في النادي البرشلوني مع النجم البرازيلي نيمار الذي تسلم والده مبلغ 10 ملايين يورو من تحت الطاولة متهربا من دفع الضرائب في بلد يعاني الفقر والحاجة، وينام ما يقارب من 500 ألف طفل في المجاري كل ليلة من دون مأوى.

وصورة أخرى من صور التناقض حينما يتفاخر نجم ريال مدريد البرتغالي رونالدو بتخصيصه 3 طائرات خاصة لأفراد أسرته لحضور نهائيات كأس العالم. في حين تشتكي البرتغال من عجز كبير في الموازنة ويصرح رئيس الوزراء على أن عقد رونالدو يوازي موازنة 4 وزارات حكومية مجتمعة.

لذلك أقول لكل متعصب، حينما تشاهد اللاعب ميسي يقبل قميص برشلونة ورونالدو يحتضن قميص الريال فاعلم جيدا أنهما يقبلان المبالغ الضخمة التي يتقاضيانها، وأنهما لا يملكان الحب الحقيقي للنادي كعشق جماهيره الوفية المخلصة لألوانه. كما أن الزمن كفيل بتأكيد المقولة التي بدأت بها هذا المقال.