تتقاطع دروب الحياة المختلفة في محطات كثيرة يقف عندها الانسان متأملاً تارة ومسترسلاً أحياناً أخرى فيما يواجه في يومه من صور لمستلزمات الحياة ومتطلباتها الضرورية منها والكمالية، ويبقى بين كل ذلك يسعى كادحاً في تحصيل قوت يومه وفي انجاز أموره كافة قدر الامكان. نعرف جيداً كم من الوقت والجهد تتطلبه هذه الحياة التي ما نبرح نلهث حتى نجعل من نهايات يومنا منجزة ومحققة.
في أوج دوامات الحياة تلك، ما أحوجنا إلى التقاط أنفاسنا ولو للحظات أو ساعات قليلة كل أسبوع أو شهر حتى، نذهب في تلك السويعات متوجهين ذهناً وجهداً يسيراً في بذل خدمة اجتماعية طوعية تلامس وتتلمس حاجات المجتمع من حولنا. إن ما نقضيه من وقت في مجالات كتلك تعود في المقام الأول علينا أفراداً عاملين في خدمة الناس حيث يفتح العمل التطوعي آفاقاً ذهنية عديدة تسلط الضوء على كوامن من مجالات المعرفة الانسانية ما كنا لنعرفها لولا ممارساتنا الاجتماعية التطوعية تلك، منها على سبيل المثال استحضار حلول اجتماعية لمشاكل مزمنة قد تكون مستعصية على الحل أو حتى الادراك لو لم ننزل إلى الناس في بيئتهم الطبيبعية التي يعايشونها يوميّاً. ان من أحد أهم مبادىء الوقوف على والاتيان بحلول جذرية ومستدامة هو النظر الفاحص واستسقاء الحاجة أو المشكلة من أعماقها ولا يتأتى ذلك الا بالنزول الى الميدان في خدمة الفرد والمجتمع.
نستعرض هنا، ما نجده من حاجات بارزة لخدمة اجتماعية تخصصية في مجال الرعاية الصحية، حيث هناك الكثير من العمل المطلوب القيام به على وجه المساهمة والتطوع وفي الوقت نفسه نتلمس عزوفاً واضحاً من كوادرنا الاجتماعية والصحية بل وعامة الناس عن المساهمة والعطاء، لا بسبب عدم الرغبة لكن ربما الوقت أو بمعنى أدق الحاجة لدينا جميعا إلى اتقان فن ادارة الوقت، حيث إننا لو أعتقدنا أن الوقت هو ما يمنعنا من الاتيان بأمورنا كافة فلن نستطيع حتى انجاز أبسط الضروريات اليومية في حياتنا، اما ما نحتاجه هنا كي نجد الوقت لبذل خدمة اجتماعية بسيطة وبصفة مستمرة هو فقط أن نعرف كيف نقسم وقتنا واضعين نصب أعيننا أولوياتنا، وفي الوقت ذاته تخصيص بند في أجندتنا لنشاط أو خدمة اجتماعية قد لا تستغرق منا أكثر من خمس ساعات في الأسبوع.
كان جمعني لقاء مع أحد المسئولين في زارة التنمية الاجتماعية تأكدت من خلاله الحاجة إلى عطاء تطوعي أكثر مما هو مبذول حاليّاً، حيث إن ما تقوم به الجمعيات التطوعية العاملة تحت مظلة الوزارة الآن من جهد يستحق الثناء والإكبار، ولكن تبقى نواقص وحاجة مستمرة كى يستمر العطاء لخير وصحة الجميع.
إن العمل التطوعي الصحي في بلدنا في حاجة اليوم ومستقبلاً إلى أياد بيضاء تمد يدها وتشمر عن سواعدها لتخدم مجتمعنا. فكم من فرد مسن لدينا له من الاعتلالات الصحية ما قد لا يقدر معها حتى على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعىي، وكم من اعتلالات وأمراض وراثية لدى صغار السن واليافعين ممن لا تستطيع أسرهم وحدها توفير الرعاية التي يحتاجون إليها، تلك وغيرها هي فقط بعض أوجه للبذل والعطاء وما قصرت عن ذكره وما لا يتسع الوقت لذكره أكثر. لدينا من الطاقات المناسبة الكثير ونستطيع ايجاد الوقت الكافي لنعمل بما يعود علينا وعلى مجتمعاتنا بالصحة والحياة فقط ان أدركنا الحاجة واستوعبنا امكانية القيام ولو بجزء يسير منها والأهم بعد ذلك إن سعينا باستمرار للقيام بها ضمان ديمومتها، فما استحق أن يحيا من عاش لنفسه فقط.
إقرأ أيضا لـ "محمد حسين أمان"العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ