العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ

الأسواق الأسبوعية المتنقلة في البحرين: الآمال أن تتحول إلى واجهة سياحية

بحرينيون يعيشون على الكسب من سوق الفرشات المتنقلة
بحرينيون يعيشون على الكسب من سوق الفرشات المتنقلة

في الرحلة التي كُتب فيها هذا التقرير، يرجّح البعض ممن تمّ الاستفسار منهم عن ظهور الأسواق المتنقلة الأسبوعية في البحرين التي يأمل مرتادوها ان تتحول إلى واجهة سياحية، أنها بدأت في ثمنانينيات القرن الماضي، فيما أكّد البعض أنها كانت على نطاق ضيّق جداً في الفترة المذكورة، وأنها بدأت بشكلٍ موسّع كما هي عليه الآن في تسعينيات القرن الماضي على طول أيام الأسبوع، تتنقل هذه الأسواق على معظم مناطق البحرين.

إن العينة التي أجرينا معها التقرير متفاوتة في أقدميتها، فمن يونس أحمد الذي بدأ منذ ثمنانينيات القرن الماضي في بيع الأشرطة والأقراص المدمجة الخاصة بالمناسبات الدينية، يليه البائع علي عبدالله علي الذي قضى 15 عاماً في بيع ملابس الأطفال، إلى جعفر عبدالله المشتغل في بيع الأحذية منذ 5 سنوات، يشاركه في المدة علي حسن ابراهيم في بيع مستلزمات الهواتف النقّالة، وحتى يوسف الجردابي (منتصف 2010)، وصولاً إلى سيدمؤنس سيدابراهيم الذي بدأ منذ فبراير/ شباط 2011، واصفاً نفسه بالـ «جديد» في هذا المجال، كما لم نغفل بطبيعة الحال، العنصر النسائي، فكانت ام وائل المشتغلة ببيع الملابس منذ فترة ترجّح أنها بدأت في هذه الأسواق منذ الطفولة.

أكل العيش أو ملاقاة الناس!

إن العين بمجرّد أن تطالع الوجوه ترى فيها الكدّ والتعب ويبدو السؤال عن غرض تواجدها هنا ضرباً من الصفاقة، وقد تحصّلنا على الإجابة المتوقعة من معظمهم، وهي الاسترزاق و «أكل العيش»، إلا أن بعضهم أمثال علي عبدالله علي، أجاب بأنه يبيع ملابس الأطفال لكي «يخلص» من الذهاب كل يوم وآخر إلى السوق لشراء ملابس أطفاله، أما يونس أحمد فأجاب بنبرةٍ رائقة بأنه يأتي لملاقاة الناس ومعرفة أخبارهم وأن هذه الأسواق إنما وجدت لتكوين المجتمع (وقد دلل على ذلك بانطباق كفّيه).

تُحلُّ بالتفاهم

إن الأراضي التي تٌضرب عليها مثل هذه الأسواق هي في معظمها أملاكٌ عامة، ولهذا تكثر احتمالات النزاع بين الناس على المساحة المخصصة لكل بائع أو بائعة وتتعدد طرق حلّ هذه النزاعات في حال وقوعها.

أجمع معظم البائعين على أن الخلافات في هذه الأمور والتي تحصل بشكل يوميّ، تحلّ بشكل وديّ. فيقول علي حسن ابراهيم: «الضرر من تنقّلي في كل اسبوع من مكان إلى آخر لن يمسّني بقدر ما يمسّ الزبون، فقد يحتاج الى أن يستبدل السلعة أو يعيدها».

إلا أن علي عبدالله علي، يرجّح أن الخلافات على الأماكن تحصل بشكل قليل، وغالباً إذا حضر جديد في السوق.

وبنبرةٍ انفعالية، تعبّر أم وائل، والتي يحتل محلها مساحة كبيرة من السوق، عن كثرة الخلافات التي تحصل بسبب حدود الأماكن، وأنها أحياناً، تصل إلى الشجار.

من جانبه، يضيف سيدمؤنس سيدابراهيم أن «الأملاك أحياناً تكون أملاكاً خاصة، فإما أن يتركنا بائعها «نترزّق» وإما أنه لا يقبل فنحمل بضاعتنا فوراً وننتقل إلى مكان آخر».

نشَّالون وسُراق

إن الأسواق الأسبوعية المتنقلة بطبيعة الحال، مكشوفة وهذا معناه أنها مفتوحة لأيدي النشّالين والسرّاق، إلا ان المفارقة تكمن في أن هؤلاء – أي البائعين – يبدون متسامحين مع هذه المسألة، تحكي لنا أم وائل قصة طريفة عن هذا الأمر فتقول: «داومت خادمة اثيوبية على سرقة بائع متنقل في منطقة البلاد القديم، كل مرة يضع بضاعته في فترة أذان الظهر يجدها ناقصة بعد عودته، فأخبره جاره عنها، فكمن لها – أي البائع – في ظهر أحد الأيام وقال لها: لماذا لم تخبرينني أنا كنت سأعطيها لك بدل أن تسرقيها مني».

ويضيف سيدمؤنس، اجد العذر لبعض الزبائن خصوصاً أنه بائع أكسسوارات، ويقول انه «من المحتمل أن الزبونة نسيت الخاتم أو السوار في يدها فأحياناً يقومون بإعادتها اذا كشفت انها اخذتها دون مقابل» .

يصف علي عبدالله علي السرقات في الأسواق المتنقلة، ويقول «يكتشف البائع السرقة أحياناً في الوقت نفسه وأحياناً بعد عودته إلى المنزل، يعدّ بضاعته فيجدها ناقصة، اذ تكثر هذه الحالات في المواسم الدينية والأعياد».

إلا أن يونس احمد، يبدو أكثرهم تسامحاً في هذه المسألة، إذ ان زبائنه غالباً من الأطفال، وفي هذه الحالة «نعطيه أشرطة صغيرة رخيصة تناسب سنّه».

غبارٌ ومطر

ولأن الأسواق الأسبوعية تعتبر مكشوفة، فإنها معرّضة للتقلبات المناخية من أمطار ورياح وغبار قد تقلب البضاعة على رأس صاحبها، ولا تتنوع طرق التعامل مع هذه الأمور كثيراً، اذ معظم البائعين يضعون مظلة لحماية البضائع من التلف، أو أن تكون هذه الأغراض مغلّفة أصلاً وبشكل أسبوعي، كما هي الأقراص المدمجة للبائع يونس، إلا انه في أحيان أخرى، مثل الغبار مثلاً، يقول البائع علي حسن ابراهيم «في هذه الحالة لا احد يحضر إلى الأسواق المتنقلة».

تحديات

على رغم الإقبال الكبير الذي تشهده هذه الأسواق وجو الحيوية الذي تشيعه في القرى أثناء أيام الأسبوع، إلا أن عدم التزام البعض برمي القمامة في المكان المخصص يشكّل تحدياً لها.

يقرّ معظم البائعين بوجود هذا الأمر، ويعبّرون عن استيائهم الشديد منه وأن كل إنسان يعكس البيئة التي جاء منها على حدّ تعبيرهم، وبلهجة انفعالية يقول البائع جعفر عبدالله: «السبب الذي يهدد استمرارية هذه الأسواق هو عدم الالتزام برمي القمامة».

فيما يعبر البائع علي عبدالله أنه «تم إنشاء لجنة فيها مسئولون عن نظافة أماكن البائعين إلا انهم – أي المخالفين – «لا يقبلون عندما تتحدث إليهم خصوصاً إذا كان قديماً».

وصلنا إلى الأجانب

قدّر البائع يوسف الجردابي، مدى توفير احتياجات الناس بنحو 80 في المئة، بل انها – أي هذه الأسواق – أثّرت على الأسواق العادية والمجمّعات، على حدّ تعبيره.

ويشترك مع هذا الرأي البائع علي حسن ابراهيم، قائلاً ان «تفاوت الأسعار في بضاعته يكفل توفير احتياجات جميع طبقات المجتمع».

كما أن البائع جعفر عبدالله يؤكد فعالية هذه الأسواق من خلال وصولها إلى الأجانب على حد تعبيره.

نقابات إلكترونية عبر الـ «واتس أب»

إن وسائل التواصل الاجتماعي التي استفادت منها معظم القطاعات في المجتمع، دخلت في مجال الأسواق الأسبوعية المتنقلة أيضاً، فإن البائعين يقومون بتشكيل مجموعات في برنامج التواصل الاجتماعي «الواتس أب» الشهير، وذلك لمعرفة الأمور المتعلقة بالتجمع كل أسبوع، أو معرفة ما إذا كان أحدهم سيتأخر أو لن يحضر حتى يستفيد من مكانه بائع آخر.

إن هذه المجموعات الإلكترونية، بالعدد الضئيل الذي تتيحه لمنتسبيها لا تكفل تجمع جميع الباعة في الأسواق المتنقلة، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عما إذا كانت هذه «النقابات الإلكترونية الصغيرة» ستتطور إلى نقابات عمالية حقيقية في المستقبل.

آمال

إن هذه المشاريع على بساطتها تصلح لأن تكون واجهة سياحية للبحرين على حد تعبير جعفر عبدالله، ويضيف أنها «تستلزم الاهتمام بها من قبل الجهات المعنية والأخذ بيد أصحابها وتطويرها بما فيها تبليط أرضيات هذه المناطق وتمويل هذه المشاريع».

العدد 4234 - الخميس 10 أبريل 2014م الموافق 10 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً