من ناحية الأرقام الاقتصادية، فإن دول الخليج تعتبر من البلدان التي شهدت طفرة اقتصادية، وبعضها يعتبر سوقاً استراتيجية لا يمكن إغفال التعامل معها، وذلك لأن قيمتها تصل إلى نحو 1.5 تريليون (مليون مليون) دولار أميركي. وحاليّاً فإن أنظار العالم تتوجه إلى دبي التي ستحتضن تنظيم أكبر معرض في العالم «إكسبو» في العام 2020، كما أن الأنظار تتوجه إلى الدوحة التي ستحتضن مونديال كرة القدم للعام 2022. أموال دول الخليج مصدرها النفط والغاز، ولكن - بصورة عامة - ليس لديها شعب كبير يتناسب مع ثرواتها، ولذلك فهي تعتمد على وجود القوات الأميركية من أجل الحماية الاستراتيجية، وتعتمد على ملايين العمال المهاجرين (وأكثرهم من شبه القارة الهندية) من أجل توفير الأيدي العاملة الرخيصة.
دول الخليج برزت أيضاً على الساحة الإقليمية مؤخراً، وأصبح العالم العربي «خليجيّاً»، وهذه مفارقة لأن الحركة القومية العربية طالبت منذ خمسينات القرن الماضي بتعريب الخليج وتثبيت اسم «الخليج العربي» بدلاً من «الخليج الفارسي»، وما تحقق مؤخراً أكثر من ذلك إذ أصبح معظم بلدان الوطن العربي تحت نفوذ دول الخليج العربي.
على أن هذه الريادة السياسية والاقتصادية والرياضية لها متطلباتها واستحقاقاتها، إذ لا يمكن أن تقود دول الخليج عملية التحول الديمقراطي في عدد من الدول العربية وفي الوقت ذاته تعتبر النظام الديمقراطي غريباً عليها ومرفوضاً منها، بحجة أنه لا يتسق مع العادات والتقاليد العربية - الخليجية. كما ان الضجة الحالية بشأن وضع العمال المهاجرين في قطر ستزداد مع اقتراب موعد انعقاد دورة كرة القدم العالمية، كما سيزداد الحديث عن الإمارات بشأن الموضوع ذاته مع ازدياد النشاط التجاري العالمي هناك. كما ان ملف حقوق الإنسان والحريات في البحرين سيظل مفتوحاً مع ازدياد عدد السجناء والأخبار السياسية والأمنية، وذلك لأن البحرين تطرح نفسها بصفتها بوابة للخليج ومحطة لسباق الفورمولا العالمي ومركزاً مالياً رئيسياً ورائداً في المنطقة.
هناك حالياً الكثير من الأخبار في العالم التي تؤثر على دول الخليج، لكن السياسة الحالية تتركز على تجاهلها أو استخدام شركات علاقات عامة للرد عليها... غير أن هذا لا ينفع مع بقاء الوضع كما هو عليه. فقبل يومين مثلاً، جدد أعضاء لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم نداءهم إلى جميع البلدان للتوقيع على المعاهدة الدولية المعنية بحقوق العمال المهاجرين، التي دخلت حيز التنفيذ منذ ما يقرب من 11 عاماً، مشيرين إلى أن سبعة وأربعين بلداً صدقوا على المعاهدة حتى الآن، «لكن هذا العدد يعتبر قليلاً جداً نظراً إلى سوء المعاملة والاستغلال الذي مازال يعاني منه العمال المهاجرون»، بحسب ما قاله فرانسيسكو كاريون مينا، رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وهذا الخبر يهمّ دول الخليج التي تعتمد بصورة شبه تامة على العمال المهاجرين، الذين يزداد عددهم، وتزداد في الوقت ذاته قوة حكومات بلدانهم على المسرح العالمي.
المنظمات الدولية التي تتبنى كثيراً هذه الملفات ليست فقط منظمات حقوق الإنسان، مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، وليس فقط الصحافة الدولية، وإنما أيضاً هناك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وهناك منظمة العمل الدولية والنقابات العالمية وهناك «الفيفا» واتحادات الرياضة الدولية لكل سباق ولكل لعبة... وهذه جميعها لها شروطها ومتطلباتها وعليها ضغوط من كل جانب. بالإمكان اتهام هذه الجهات بأنها تتآمر على حكومات الخليج، وبالإمكان صرف المزيد على شركات العلاقات العامة، لكن ذلك لن يغير من أساس الموضوع شيئاً، وهو أن من يودّ أن يكون رائداً في عوالم السياسة والاقتصاد والرياضة فإن الأنظار تتوجه إليه بصورة تلقائية لتطالبه بترفيع المستوى الحضاري لبلاده إلى مصافّ المستويات العالمية المعترف بها (بحسب العادات والتقاليد والاتفاقيات المعتمدة لدى المجتمع الدولي).
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4232 - الثلثاء 08 أبريل 2014م الموافق 08 جمادى الآخرة 1435هـ
الا ذلك والسبب العرف والتقاليد
سيفرض واقع ويدفع ويرمي في الزبالة الكثير من العادات والتقاليد البالية التي تستخدم كشماعة للهروب من استحقاقات حقوقية وسيفرض المهاجرون حقوقهم واقلها لكم الوزير السابق العلوي كجرس إنذار لا يجب ان يستمر العامل في دول الخليج اكثر من بضع سنوات مؤ عشرات اسنوات