هناك قصة فرنسية طريفة تحكي عن رجل مخمور في ملهى ليلي باريسي وهو منهمك أشد الانهماك في التفتيش عن شيء ما في داخل الملهى، وعندما سأله أحد رجال الشرطة عمّا يبحث، أجاب انه يبحث عن مفتاح بيته، فسأله الشرطي ما إذا كان المفتاح سقط منه في هذا المكان بالذات، فأجاب الرجل بأن المفتاح سقط منه في أول الشارع، فاندهش الشرطي وقال له: لماذا إذاً تبحث عنه هنا، وهو لم يسقط منك في هذا المكان؟ فقال الرجل المخمور: لأن الضوء هنا ساطع والرؤية واضحة!
شيء ما في هذه القصة يشابه التعاطي الحالي مع الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد وتوابعها وإفرازاتها المدمّرة للنسيج الوطني والاجتماعي. فهناك أطراف تدمغ الحراك السياسي الشعبي بأنه «مخطط خارجي» يستهدف النيل من أمن البحرين. فيما تصفه قوى الموالاة بأنه «غول طائفي» يسعى إلى التمدّد وتصفية الوجود السني وإنهائه وتحويل البلاد إلى «قم» عربية في قلب الخليج تتبع الولي الفقيه!
إنه البحث عن المفتاح في المكان الغلط. ولأننا مخمورون بخطاب الكراهية هذا؛ نلجأ إلى اختيار الإجابات والاتهامات الأسهل لمآزق المرحلة التي نعيشها. نختار عن قناعةٍ وتصميمٍ مسبق، البحث في المكان الغلط بالأسلوب الغلط عن مفاتيح حل الأزمة، تفضي بنا حكماً إلى متاهات لا حدّ لمنتهاها، معتمدين على ركيزتين: الاتهام والإنكار، وبدافعين نفسيين متجذرين: الطمع والخوف.
عندما سأل الصحافي الفرنسي إيريك رولو في صحيفة «لوموند» في مقابلة مع شاه إيران عن البيان الذي أصدره آية الله الخميني لانتقاد البذخ في احتفالات مرور 2500 عام على حكم الشاهنشاهية، ردّ غاضباً: من هو الخميني حتى أرد على السؤال؟ فقال له رولو: هذا مجرد سؤال صحافي. وهناك بيان نشر من الخميني وأنا فقط أسألك رأيك. فقال له الشاه: أنا لن أرد على السؤال لأن الخميني ليس إيرانياً ولا فارسياً. إنه هندي، وأنا لا أرد على الهنود!
وقبل أن يتم القبض على الرئيس عاثر الحظ معمر القذافي ملك ملوك أفريقيا، كان قد خاطب شعبه الثائر «من أنتم؟» قبل أن يختم عهده ببذاءاته الأخيرة «جرذان». أما الرئيس التونسي زين العابدين بن علي فقد «فهم» شعبه متأخراً، بعد أن شارفت الثورة على الاكتمال منهية حقبة من أشد الحقب التونسية قتامةً وبشاعة. لكنه قبل أن يهرب بأيام كان قد وعد التونسيين بخفض أسعار السكر والحليب والخبز، وعدم غلق مواقع الانترنت!
الهندي أطاح بآخر السلالة الشاهنشاهية، ومن وصفهم القذافي بـ «الجرذان» قبضوا عليه في مجاري الصرف الصحي ذليلاً مُهاناً في منظر مثير للشفقة، تابعه العالم بكثير من الذهول والدهشة.
حالة الإنكار والنفي، هي واحدة من الاستراتيجيات التي تمارسها الكثير من الأنظمة السياسية، وكثيراً ما تخلق هذه الاستراتيجية نتائج كارثية على المدى البعيد، لأن النفي والإنكار يعني المزيد من تراكم الأخطاء، فارزةً أزماتٍ أكثر تعقيداً تصعب معالجتها بعد فوات أوان الحل.
ثلاث سنوات من عمر الأزمة، ونحن نراوح مكاننا، نترنح في الأخطاء، ويشرب المستنفعون نخب الانتصار على أحزاننا وأوجاعنا وعلى الدماء التي تسيل بنزف لا ينتهي. وأمام كل هذه الأهوال والظلامات التي جرت ولازالت، لازال البعض يتحدث عن إدانة قوى المعارضة للعنف كشرطٍ للدخول في حوار منتج ذي مغزى!
لقد فقدنا احترامنا الذاتي لأنفسنا بسبب كل هذا القيح السياسي؛ كل هذا الصديد الكثيف من الكراهية التي نجح البعض في زرعه بيننا؛ كل هذه النتانة الطائفية البغيضة التي استجلبها البعض ولأهداف مكشوفة من مجاهل التاريخ وكهوف تورا بورا. لقد فقدنا احترام الغير لنا مؤسسات حقوقية وشعوباً ودولاً كبرى.
صار لزاماً أن يُذكرنا الحريصون على البلد، أن «حقوق البشر لا تحتاج إلى توافقات»، التي صارت من أكثر مفردات المرحلة رواجاً، في وقت صار فيه الحوار فرصةً لالتقاط الصور ومادة لنشرة الأخبار في التلفزيون الرسمي، في الوقت الذي تزدحم فيه شوارع الديرة بالمتاريس والحواجز الاسمنتية والشائكة، فيما يومض الأزرق الثقيل ليلاً ورائحة المسيل الخانق تملأ الأفق. بات من الضروري أن يذكرنا من لهم حب حقيقي للبلد، أن «القانون الدولي لحقوق الإنسان ينصُّ على التزامات الحكومات بالتصرف بطرق معينة، أو الامتناع عن أفعال معينة، من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية للأفراد أو الجماعات، وإن جميع هذه الحقوق ليست مطروحة لتوافق أو تفاوض، وإنَّما هي متطلبات أساسية يجب الالتزام بها من دون لفٍّ ودوران».
ما أسهل الطريق إلى الحل، لو أنصف المتشدقون بحرصهم عليه، وما أوعر الطريق إلى المجهول وما أفدح خسائره.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4231 - الإثنين 07 أبريل 2014م الموافق 07 جمادى الآخرة 1435هـ
اللهم
اللهم خلص شعبى من الضلمة ومن كل واحد يبث الفتنه لحرب اهليه وفرج عن معتقلينا السيا سيين وخصوصا الرموز والنشطاء لحقوق الناس وعن المناضل ابراهيم شريف حفضه الله وارحم شهدائنا وانصر ثورتنا يا الله وشكرا للكاتب
سياسة التطهير العرقي
الجماعة مع اعلامهم الطائفي البغيض يسيرون بهدف لا رجعة فيه وهو استئصال الشعب الاصلي عبر سجنه وتهجيره وسحب جنسيته والاتيان بشعب بديل حتى في ظل شح الموارد رغم فشلهم في اقناع العالم بصوابية ما يقومون به من انتهاكات لحقوق البشر والامتناع عن التواصل مع المنظمات الحقوقيه ومنع ممثليها من دخول اليلاد
علاج المسألة من الآخر 2
و هذه قضية لا تحتاج إلى توافقات، فعدم تكفير أصحاب الدين الواحد؛ حق من حقوق الإنسان!
و بدون إعلان ثقافة اللاتكفير فسنظل فوق الثلاث سنوات ثلاثة قرون أخرى، فالزمن لن يعود إلى الوراء! و ما أسهل الطريق إلى الحل (ثقافة اللاتكفير) ، لو أنصف المتشدقون بحرصهم عليه، وما أوعر الطريق إلى المجهول(التكفير) وما أفدح خسائره.
علاج المسألة من الآخر 1
المخمورون بالكراهيّة لا يطيقون صحوة الحب، و لذا فهم لن يكفوا و لن يسكتوا عن إرساء و ترسيخ ثقافة الحقد و البغضاء و الكراهيّة! و الكلمة السحرية، وأول العلاج هو نشر ثقافة اللاتكفير. و لإعطاء المسألة القدرة على التأثير، و القوة الشرعية و القانونية، و الديمومة أن تصدر من العلماء و الفقهاء و المراجع. و لا بد من الإشادة و التشجيع للعالم المتسامح المتجاوب مع ثقافة اللاتكفير، و التحذير و التنبيه على العالم المتلكأ المقاوم لثقافة اللاتكفير.
بوركت
بوركت.. عين العقل
انه حكم الفرد او الافراد المعدودين
كل شيء داس القيم الأعراف الحب انتهت من قاموس البعض من يمسك بالقرار ما اعطي بالتضحيات سحب بالمنه بانه هدية وردت الزمان غير وتغيرت الامور والرجوع للماضي انتهى فهذا زمن التغيير