في يوم الأربعاء الماضي، قال الإيرانيون شيئاً «لافتاً» بشأن الأزمة في سورية. فقد صرَّح نائب وزير الخارجية الإيراني للشئون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان أن إيران «لا تسعى لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى».
صحيح أن عبد اللهيان أقفل جملته بـ «لن نقبل بأن تحل محله قوى متطرفة»، إلاَّ أن المهم هو ما ذكره بشأن بقاء الأسد، ووجود مفاضلة مكتومة وقابلة للنقاش بين الجملتيْن: الأسد/ المتطرفين.
ثم أضاف هذا المسئول الإيراني: «طهران قدمت مبادرة إلى المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي خلال زيارته الأخيرة إلى طهران». ثم يضيف: «وهناك تشاور مستمر بين تركيا وقطر حول هذه القضية، وسيكون هناك تشاور مع باقي الدول مثل السعودية، وسنعلن عن تفاصيلها». انتهى.
لا أحد يمكن أن يتنبأ بتلك التفاصيل كما هي، لكن ما يبدو هو أن نقطة «وسط» ربما توصل إليها الإيرانيون مع خصومهم بشأن الأزمة السورية. هنا، نطرح عدداً من الملاحظات:
أولاً: القول بأن إيران «لا تريد أن يظل الأسد رئيساً لسورية مدى الحياة»، وربطها بـ «عدم قبولها بمجيء تيارات متطرفة إلى الحكم»، يعني أن طهران تتفاوض جدياً عن بديل للأسد، بالمقدار الذي يُرضِيها ويُرضي أطرفاً أخرى في المنطقة كتركيا وقطر والسعودية.
ربما يتم الحديث عن شخصية ساكنة في النظام كـ فاروق الشرع، والذي قد ترضى عنه الكثير من الشخصيات السورية المعارضة، فضلاً عن دول إقليمية، أو حتى عبر إجراء تغيير جدي في موقع رئاسة الجمهورية السورية فيما خصّ الصلاحيات الممنوحة للرئيس.
فالمواد المقررة في الدستور السوري الجديد ما بين المادة 90 وحتى المادة 117 تمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، من تشكيل الهيئات واللجان والمجالس والتعيين والقيادة المطلقة، وهو ما يمكن التفاوض بشأنه، وذلك لإيجاد مخرج ما لقضية الرئاسية في سورية، وكأنه اتفاق طائف جديد كما حصل في لبنان نهاية الثمانينيات من القرن الماضي.
ثانياً: صحيح أن الجيش السوري النظامي يُحقق انتصارات على الأرض، لكن البنية التحتية السورية تذوب على وقع تلك الانتصارات، خصوصاً أن المعارك والعمليات العسكرية التي يُنفذها الجيش السوري أشبه ما تكون بسياسة «الأرض المحروقة» باستخدامه الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، التي أظهرت لنا أحياءً في حمص وريف دمشق وحلب وهي مدمَّرة بالكامل.
هذا الأمر مكلِف جداً ليس للدولة السورية فقط، بل لداعمها الأول وهو إيران. فالذي يظهر اليوم هو أن الكهرباء والنفط والغاز والمعدات الصحية والسلال الغذائية في سورية تأتي بكميات كبيرة من إيران، فضلاً عن القروض والائتمانات. وهذا كله استنزاف للخزانة الإيرانية بشكل كبير، قد لا تتحمله طهران على المدى البعيد.
فإيران اليوم تحاول تخفيض نسبة التضخم لديها إلى الربع والتحكم في السيولة. وتحاول تعديل الكثير من القوانين الاقتصادية لديها، والتي أفضت إلى العديد من المشكلات الاقتصادية. هذه الأمور تتنافى وعملية «الاستنزاف السورية» لها. وهو باعتقادي أمر يضغط على الإيرانيين بشدة، وهم يحاولون إسناد الدولة السورية ومنعها من الانهيار.
ثالثاً: الإيرانيون يتعرضون لضغط هائل من دول كبرى في أوروبا (وبالتحديد فرنسا وبريطانيا) ومن دول إقليمية مهمة لإرغامها على القبول بتسوية ما في سورية. وباتت علاقتها بهم متوقفة على ذلك، فضلاً عن الضغوط التي يشكلها الرأي العام نتيجة وقوفها إلى جانب السلطة في سورية، تُغذيه آلة إعلامية ضخمة وموجَّهة.
وإيران تعتقد، أن مثل ذلك الأمر يشكل تهديداً طويل الأمد على أمنها القومي، وعلى نفوذها وقبولها في المنطقة. وربما كان استهداف سفارتهم في بيروت، واختطاف دبلوماسيهم في اليمن إحدى رسائل ذلك الشحن والصراع. هذا الأمر ربما يجعلهم يعيدون بعضاً من حساباتهم بشأن القضية السورية.
رابعاً: إيران نَسَجَت في الخفاء علاقات بمستويات مختلفة مع العديد من القوى السورية المعارضة، وذلك تحسباً لأي طارئ قد يحصل في بنية السلطة السورية الحالية نتيجة انهيار أمني أو عسكري مفاجئ في سورية، أو حتى جراء تدخل عسكري من الغرب.
والجميع يتذكر، تصريح الأمين العام للمجلس الأعلى لحقوق الإنسان في إيران، محمد جواد لاريجاني، وهو المستشار الأقرب للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي خلال زيارته نيويورك للمشاركة في اجتماعات اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة المختصة بحقوق الإنسان قبل ثلاثة أعوام عندما قال: «مستقبل العلاقة بين إيران وسورية سيكون في المستوى نفسه من القوة القائمة حاليّاً (إذا ما حصل التغيير، وسقط نظام الأسد ثم حَكَمَ الإخوان المسلمون)!
ثم ختم: «المستقبل السوري ليس مقلقاً لنا على الإطلاق. حركة الإخوان المسلمين سيكون لها حضور جيد في البنية السياسية إذا لم يكن حضوراً شاملاً». هذا الأمر ليس تحليلاً بل هو حديث علني تم التفوُّه به من قِبَل مسئول إيراني بارز.
خامساً: طهران تتخوف من أن تتحوَّل سورية إلى ساحة إشغال لحزب الله، وبالتالي إضعافه. وهي نتيجة إن تحققت فإنها ستضعفه كتيار لبناني ممثل وحامل للأغلبية الشيعية في لبنان، وتالياً كونه عامل ضغط غير محسوم على «إسرائيل» في الجنوب.
وهي أمام ذلك، لا تريد أن تخسر ساحتين في آن واحد: سورية ولبنان. القضية بالنسبة لها أن يبقى لها تواجد في المنطقة المحاذية لـ «إسرائيل»، وللثقل الديني في لبنان. هذه قراءة «مفتَرَضة» قد تكون مقدمة لعرض قادم في سورية يقدّمه الإيرانيون، وربما «لا» والزمن وتطوراته هما الحكم.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4230 - الأحد 06 أبريل 2014م الموافق 06 جمادى الآخرة 1435هـ
ماذا أنتم فاعلون ؟
اذا رشح نفسه في الانتخابات وفاز ...
متابع . . . ربما لا يكفي ( 4 )
ما أعنيه من كل هذا أن معادلات الداخل السوري أصعب حاليا من الخارج ، فكثير منها خارج سيطرة الخارج ، و قد لا يجدي اتفاق الخارج لجعل الداخل يتفق ، فالداخل السوري ( من الطرفين ) له معاركه و رؤاه و أهدافه الخاصة التي قد لا يتقاطع فيها مع الخارج ، فلا ينفع تحليل مواقف الحلفاء دون النظر للداخل و ما يمكن أن يقبله و ما لا يمكن أن يقبله . . . . ما رأيكم ؟
متابع . . . ربما لا يكفي
الشبكة العنكبوتية التي تحبط بالرئيس ستتدمر كل مصالحها بعد رحيله ( فضلا عن معظم هؤلاء مهددون بالملاحقة كمجرمي حرب و رؤوسهم مطلوبة عند المعارضة فذهاب الأسد يعني ذهاب رقابهم بالأصح ) ، وأضف لكل هذا هل سيقبل مؤيدي الأسد رحيل رئيسهم الذي يعتبرونه كل كرامتهم و رمز مجدهم ويساوونه بوطنهم في الأهمية ( الله .. سوريا .. بشار .. وبس ) كما يقولون ، و ( شبيحة للأبد لعيونك يا أسد ) و ( بالروح بالدم نفديك يا بشار ) ، كل أدبيات فريق الموالاة تدل على أنهم لن يسمحوا برحيل بشار ( لأن رحيله عنوان خسارتهم للمعركة )
متابع . . . ربما لا يكفي ( 2 )
و في نفس الوقت أستبعد أن يقبل القائمون على السلطة في سوريا عرضا كهذا ، خاصة أن داعمي الأسد داخل المؤسسة الحاكمة يعتبرون رحيله ربما رحيلا لهم و لمصالحهم ، فبعد رحيله لن يكون ماهر الأسد ( شقيق الرئيس ) قائد الفرقة الرابعة ، و لا رامي مخلوف ( ابن خال الرئيس ) مسيطرا على 60% من الإقتصاد السوري ، و لا هلال الأسد ( ابن عم الرئيس وقد قتل حديثا ) قائد جيش الدفاع الوطني ، ولا آصف شوكت ( صهر الرئيس و قد قتل أيضا ) ولا علي مملوك و لا غيرهم كثيرون من الشبكة العنكبوتية حول الرئيس ....
متابع . . . ربما لايكفي ( 1 )
لا أعتقد أن موقف ايران بات يكفي للحل ، و لا حتى موقف دول الغرب ، لا ننسى أن معارضة الداخل السوري (بكل أجنحتها خاصة الاسلامية و الأصولية) صارت خارج سيطرة حلفائها و صار لها تمويلها الخاص ومصانعها الخاصة لصناعة الأسلحة ، لا أراها في الوقت الحالي تقبل بأقل من ( سلخ جلد الأسد ) ، لا مكان لتسوية سياسية في أدبياتها وهي مصرة على خوض المعركة ( المقدسة حسب ما تراها ) إلى آخر قطرة دم ، و الكثير من فصائلها قد فك نفسه تماما عن معارضة الخارج ( الإئتلاف المعارض و غيرهم ممن يمكن أن يقبلوا بتسوية سياسية ) ....
لعلك لا تعلم
بأن الشعب السوري هو الذي سينتخب قيادته،كما ان الدستور الجديد الذي وافق عليه الشعب الوري لن يسمح للأسد ان يكون رئسا لمدى الدهر....كل الدول لها مصالح،ولكن من يقرر هو الشعب السوري وحده فقط.....تحليلك غير واقعي،كان من الإجدى ان تركز على تلك الدول التي تعرفها جيدا تحكم من دون سند شعبي أجدى،
الحل يبدأ من تنحي الأسد
مع أني أريد للأسد أن يقضي على الإرهابيين أكلة الأكباد وأتمنى أن يبيدهم عن بكرة أبيهم إلا أن الحق لا بد أن يحق.
لم يعد الأسد رئيساً جامعا للسوريين بعد كل هذه الدماء وهذا الدمار وعليه فإنه يجب أن يترك السلطة ولكن ليس لهؤلاء القتلة بل الى سلطة تكون تحت إشراف حلفاء الأسد وخصومه والأمم المتحدة
مقال موفق
تحليلات منطقية ومقنعه
نتنمى ان ينكشف البلاء عن سوريا الجريح
كلام غير منطقي
مع احترامي لتحليل الكاتب، ليس ايران من تحدد من يبقى ومن يذهب، السوريون وحدهم يحددون ذلك. انتهي
مواطن عابر للطوائف
أنا أرى سوف يحوز المقال على قسط وافر من المعلقين الأشاوس كونه يمس دولة العمود الفقري للطائفة التي تئن تحت انقاض مظلومية الماضي والحاضر فهيا ازحفوا نحو كتابة تعليقاتكم لتشفوا غليلة مظلوميتكم