العدد 4228 - الجمعة 04 أبريل 2014م الموافق 04 جمادى الآخرة 1435هـ

القطان: تكرار بعض الرجال للزواج والطلاق دون مبرر إثم ومحرّم

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

اعتبر إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان، أن تكرار بعض الرجال لحالات الزواج والطلاق، تفكّهاً ودون مبرر، هو فعل محّرم، وإثم، داعياً في خطبته يوم أمس الجمعة (4 أبريل/ نيسان 2014)، الأزواج إلى معرفة حقوقهم وواجباتهم، وأن يتدرّعوا بالصبر والحلم، والتغاضي عن بعض الأمور.

وبيّن القطان في خطبته أن «الطمأنينة والراحة مقرونة بطاعة الله، وأن الشقاء والشقاق والنزاع يكون بقدر البعد عن طاعة الله، وما ساد الشقاق الأخلاقي في حياة بعض الناس؛ إلا بسبب بعدهم عن طاعة الله، ومعصيتهم له، والاستهانة بأحكام الشرع الحنيف، وأقرب مثال على ذلك هو الطلاق الذي كثر في هذه الأيام مع الأسف الشديد؛ فبعض الرجال هداهم الله يتلاعبون في الطلاق».

وخاطب الأزواج بقوله: «اتقوا الله تعالى أيها الأزواج في أمر الطلاق، فإن الطلاق شريعة محكمة، وليس أهواء متحكمة، ولا انفعالات طائشة، ولا كلمات فارغة. واستوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوانٍ عندكم، وعظموا حرمات الله وشعائره لعلكم تفلحون».

وحثّ الأزواج والزوجات على أن «يحافظ كلٌّ منكما على حسن الصّحبة، وليتدرّع بالصبر والتحمّل لما قد يصدُر من صاحبه، وليتّصف بحسن الخلُق والمعاشرة الحسنة، واستجلاب المودة، وإن رأى ما يكره من سوء خلق صاحبه أو شذوذاً في معاملته، فليقابل ذلك بالحلم والصبر والصّفح، والكلمات الطيبة، والعبارات اللطيفة، حتى يهدأ قلبه ويعود إلى رشده وصوابه، فإنه متى قوبل باللطف واللين، لابد أن يندم ويعتذر، ويعترف بالفضل لصاحبه... وتذكّروا أنّ لكلّ واحدٍ من الزوجين حقوقاً على الآخر يجب عليه القيامُ بها على وجهها».

وأضاف «فليعرف كل واحد حق صاحبه ويلتزم بالقيام به، لتدوم المحبة والمودة، وتتم السعادة المنزلية، وتقوى الروابط الأسرية، والوشائج العائلية، وتدرّعوا بالصّبر والحلم والتّغاضي عن بعض الأمور، فإنّ الكمال متعذّر، والصّفح من شيم الكرام».

وأوضح أن بعض الرجال «يطلق عند أدنى سبب، وعند أول إشكال بينه وبين زوجته، فيضر بنفسه وبزوجته، والبعض الآخر يتزوج ويطلق، ويتزوج ويطلق، تفكهاً من غير مبرر للطلاق عادة له، ومثل هذا ينبغي أن يعلم أن فعله هذا محرم، وهو آثم، ومن الرجال من يجري الطلاق على لسانه بسهولة، وفي كل مناسبة، فيستعمله بدلاً من اليمين، إذا أراد أن يحلف على نفسه أو على غيره؛ قال: علي الطلاق! فإذا انتقضت يمينه؛ وقع في الحرج، وصار يسأل العلماء والمشايخ عن الحلول التي تنقذه من هذا الطلاق الذي حلفه، وبعضهم يهدد زوجته بالطلاق، قائلاً لها، إذا ذهبت إلى بيت والدك أو المكان الفلاني، فأنت طالق، أو إذا فعلت هذا الأمر فأنت طالق... وبعض الرجال يتلفظ بالطلاق هازلاً ومازحاً، وقد يكون ذلك قبل الدخول بالزوجة، فيقع في الحرج أمام الناس».

وأردف قائلاً: إن «بعض الرجال يأخذ فيه الشيطان مأخذه عند الغضب، فيبت زوجته بالطلاق بالثلاث دفعة واحدة، ومن هؤلاء الرجال من يطلق الطلقات الكثيرة في مناسبات عديدة دون أن يلتزم بمقتضى هذه الكلمات، فتجده يعاشر المرأة ويبقيها معه مع أنه طلقها مراراً وتكراراً، وهي لا تحل له! زناً وسفاح عياذاً بالله، وكل هذا بسبب تلاعب الشيطان ببني آدم ليوقعهم في الحرج، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

وأشار القطان إلى أن «بعض من لا يخاف الله تعالى حينما يقع نظره على امرأة؛ يغريه الشيطان بها، ويتعلق بها قلبه، وهي متزوجة، فيحاول إفسادها على زوجها؛ ليطلقها زوجها، ومن هذه حالته؛ فإن عليه إثم عظيم».

وتابع «بعض الرجال حينما يطلق زوجته نتيجة شقاق حدث بينهما كرهها على أثره، لا يقف كرهه عند هذا الحد، بل إن كرهها قد يصل إلى حد من لا ذنب لهم، وهم أولاده وبناته منها، فنجد أن البعض يترك أولاده عند أمهم، لا يبالي بهم في أي واد هلكوا، وكأنهم ليسوا بأولاده، وأولاده من زوجته الأخرى قد احتضنهم وأعطاهم ما يريدون، وأولاده من تلك المرأة المطلقة يعيشون الكفاف، بل ربما أنهم يتكففون الناس، أجحف والدهم بحقهم، فحرمهم التربية والرعاية والعناية والحنان والنفقة...».

وقال القطان: «إنّ ممّا ابتُلي به كثير من الناس اليوم، التهاون في أمر الطّلاق، وجعله أمراً ميسوراً، فيرمي أحدُهم الطلاق على زوجته لأتفه الأسباب، ناسيًا كلّ معروف لها، فيظلمها ويظلم نفسه وأولاده، ثمّ يكون منه بعد ذلك النّدم والتحسّر على ما فات».

ورأى أن «سبب ذلك غالبًا سرعةُ الغضب والانفعال وسوءُ الخلق، فينهار البيت، وتتشتّت الأسرة، فعلى الرجل أن يضبط نفسه وأعصابه ولا تستثيره المرأةُ، وعليه في مثل هذه الحالات التي تنشأ من شدّة الغضب أن يغيّر حالته كما أرشد إلى ذلك المعصوم، بأن يغيّر حالته في تلك اللحظة من قيامٍ إلى جلوس، أو من جلوسٍ إلى اضطجاع أو خروج من المنزل، حتى تهدأ الأمور ويزول الغضبُ ويعود إلى صوابه».

وأكد أنه «ينبغي للرجل أن يلحظ ما في زوجته من الأخلاق الحميدة، والأمور التي تناسبُه، وأن يجعلها في مقابلة ما كره من أخلاقها، فإنّ الزوج إذا تأمّل ما في زوجته من الأخلاق الطيّبة، والمحاسن التي يحبُّها، ونظر إلى السبب الذي دعاه إلى التضجُّر منها وسوء عشرتها، فإن كان منصفًاً غضّ عن مساوئها لاضمحلالها في محاسنها».

ونوّه إلى أن «الكمال متعذّر، ولو لحظ الرجل أخلاقه وتفقّد نفسه، لوجد فيه من العيوب أكثر ممّا هو في المرأة أو مثلها، ولا يكاد يصفو مع زوجةٍ ولا غيرها من الأقارب أو الأصدقاء».

وذكر أن «بعضاً من الرجال، عندما يدخل بيته، ويجلس بين أسرته، يعتقد أنه الآمر الناهي بكل شيء، المطاع بما لا يستطاع، ويرى الحق له وحده، ولا حق لأحد سواه، كل كلامه عنده هو الصواب، وجميع أفكاره وتصرفاته على السداد، يرفع صوته بالزجر والعتاب والتأنيب، ويهين من حوله بالظن والارتياب، ويردد كلمات التأنيب والسباب، يشتم هذا، ويضرب هذا، ويتهم هذا، ويصرخ في وجه ذاك، فهم معه في عناء وشقاء».

وتابع «مع هذا كله تجده يتأفف ويتبرم من صنيعهم على لا شيء، على أمر حقير، أو قليل من التقصير، وما يدري أنه السبب في ذلك كله، وأن كل ما حصل هو الذي أثاره، وهو الذي كون غباره، بسبب سوء خلقه، وقلة حلمه، وكثرة غضبه، وعدم مراعاته لشعورهم، فأتعب نفسه وأشقى غيره، وربما تطاول بالسب والشتم واللعن وكثرة الأيمان، وربما أدى به شدة غضبه، وضعف صبره إلى التفوه بالطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله وأحب شيء إلى الشيطان، فأفسد بذلك بيته، وفرق أسرته، وأشمت عدوه، وأقر عين حاسده، وأغاظ صديقه، ولو فتشت عن سبب هذا كله، لوجدته لا لشيء، ولا يوجب شيئاً، ولكن كل ذلك كان تنفيذاً لغضبه، وطاعة لشيطانه، واستجابة لنفسه الأمارة بالسوء».

وشدد على أن «العقل السليم، والفطرة النقيّة، والضمير المنصف، يترفّع عن هضم الزّوجة حقّها، ولا تستسيغ نفسٌ كريمة ظلم امرأةٍ ضعيفة نشأت بعيدةً عنه، ثمّ امتزجت العلاقةُ بينهما وسكنت نفسُ كلٍّ منهما إلى الآخر، وهي مع هذه المودّة والرّحمة تكون رهينة طاعة زوجها، والقائمة بأمر بيتها ومتعة نفسه، وموضع حرثه، وبعد هذا كلّه يتجرّأ على مضارّتها أو مضايقتها أو نيلها بإهانة أو هضمٍ أو ضرب ثمّ انفصال وطلاق».

هذا، وطالب إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي «المرأة المسلمة التي امتنّ الله عليها بالعزّة والكرامة والصّيانة والعفّة، ورزقها أولاداً، وجعلها مربّيةً وعميدة أسرة، طالبها حافظي على نعمتك بتحسين خلُقك ومعاملتك لزوجك المعاملة الحسنة، فإنّ حقّ الزوج عظيم، واحتسبي الأجر من الله في طاعته وخدمته والقيام بأمره وشأنه والصبر على ما يصدُر منه والتّغاضي عن الأمور التي لا تخلُّ بدينٍ ولا مروءة والبعد عن الظّنون السيّئة والاتّهامات الوهميّة والعبارات المؤذية...».

وتساءل: «كم من امرأة فقدت عزها وكرامتها بسبب سوء خلقها، وقلة صبرها، وضعف عزيمتها، ومحبتها للفخر والتطاول، وعدم شكرها لنعم الله، وعدم مراعاتها لحق زوجها، وعدم احترامها له ولقرابته، وربما ساء خلقها فتطاولت على زوجها بالكلام السيئ من السب والشتم واللعن، والتعنيف والتعيير، واتهامه في رجولته، واتهامه بالتقتير والتقصير، فيشتد غضبها بذلك وتطلب الطلاق من زوجها؟ وقد حرم الله ذلك بدون سبب شرعي، فارتكبت بذلك المحظور، وجلبت على نفسها الشرور، فحرمت أولادها العطف الأبوي، والتربية الحسنة، ثم تبقى هي في نكد من العيش، وفي حالة من البؤس...».

العدد 4228 - الجمعة 04 أبريل 2014م الموافق 04 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:38 ص

      أبو محمد

      عجبي من هذا الكلام
      تكرار الزواج محرم واثم وتكرار الطلاق محرم واثم
      القرآن اباح الزواج بأربع وأنت ياشيخ تحرم تكرار الزواج
      والقرآن اباح الطلاق وقال أو تسريح باحسان وأنت تعتبر الطلاق محرم
      هل هو شرع جديد؟
      المشكلة ليست في الطلاق عند الغضب عندما ينطق الرجل بالكلمة ثلاث مرات، ولكن المشكلة في اعتبارها ثلاثا طلقات لا رجعة فيها، فالطلاق له شروطه وشهوده ولا يتحقق لمجرد النطق بالكلمة عند الغضب ثلاث مرات.
      لو حلت هذه المعضلة لما كانت المشاكل ولما اضطررت لتحريم ما أحلّه الله تعالى يا شيخ.

    • زائر 4 زائر 2 | 12:27 م

      يا ابو محمد

      الشيخ يقصد
      الرجال لي مسوين من الزواج والطلاق لعبه افهم كلامه
      ترضى واحد ياخد بتك ويطلقها ويرد ياخد غيرها ويطلقها جنه لعبه هدا قصده فبدون تددليس في كلام الشيخ
      كلامى واقعي ومنطقي وحقيقي بعد وموجود عندنا بقرانا اكثر من عندهم
      لاعبين بحسبة النسوان لعبه

    • زائر 1 | 1:25 ص

      فضيلة الشيخ عدنان القطان

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نشكر فضيلتكم على هذه الخطبة المفيدة والمتميزة والتي تنير عقول المسلمين وتبتعد عن السياسة والطائفية وزج الوطن والمواطنين في في العنف والتناحر بارك الله فيكم ونفع بعلمكم كل المسلمين .

اقرأ ايضاً