بعد فشل الأخوان المسلمين في إدارة الحكم في مصر، تصاعد النقد اللاذع والعنيف ضدهم من مختلف القوى السياسية العربية، بعد أن كانوا محل تقدير واحترام لشعاراتهم السياسية والإسلامية والإنسانية التي رفعوها في حملاتهم الانتخابية التي صاحبتها الكثير من الإغراءات المادية المصطنعة. لقد استعانوا بالكلّ للوصول إلى مواقع القرار، وتخلّوا عن الكل عندما تحقّق لهم ما يطمحون إليه منذ أكثر من 70 عاماً، وأصبح همهم الأول والأخير الاستحواذ على جميع المواقع في السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، ولم يفكّروا في الشراكة مع بقية القوى الوطنية التي سبقتهم في التواجد مع الشعب المصري الثائر في 25 يناير 2011، ولم يعطوا لأنفسهم فرصةً للتفكير في الاحتمالات السياسية التي قد تصادفهم عند تنفيذ نهجهم السياسي الذي لا يرون فيه إلا أنفسهم.
لقد نسوا أنهم لم يحققوا ما وصلوا إليه إلا بشقّ الأنفس، ونسوا أن التنافس في الانتخابات البرلمانية والرئاسية بينهم وبين النظام السابق كان متقارباً في العطاء والشعارات الرنانة، وأن فرق الأصوات في الانتخابات الرئاسية كان بسيطاً جداً، لا يزيد عن 900 ألف صوت. ولم يفكّروا لحظةً واحدةً أن من صوّتوا لهم يمكن أن يخرجوا عليهم سريعاً مطالبين بإسقاطهم، ورافضين لنهجهم وأسلوبهم في الحكم. ولم يتوّقعوا أن تحالفهم مع التيار السلفي التي بنوها على المصالح الحزبية قد تُستغل لتقويض حكمهم وإنهاء وجودهم السياسي وجعلهم في السجون واتهامهم بأخطر الجرائم الإرهابية، ويحكم عليهم بأقسى العقوبات الجنائية. ولم يخطر ببالهم أن الكثير من الدول العربية ستضعهم على قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة بعد أن كانت محط اهتمام العالم.
إن تغييبهم لأنفسهم عن الفئات العريضة غير المنتمية لتيار الأخوان جعلهم الهدف السهل للأنظمة العربية المتوجّسة من هيمنتهم على دولهم، بما فيهم الأخوان المسلمين في البحرين. هذا التيار بدأ وجوده الاجتماعي والثقافي والخيري في المحرق العام 1941، من دون أن يعلنوا لعامة الناس هويتهم العقائدية والسياسية وأهدافهم المستقبلية، وحاولوا بكل ما يملكون من وسائل أن يتغلغلوا ويتمدّدوا في مختلف مفاصل الدولة، فسيطروا بنسب متفاوتة على التعليم والتنمية الاجتماعية وحقوق الإنسان والمجالس البلدية والسلطة التشريعية التي تعتبر كلها ركائز أساسية في الدولة، وبواسطتها ترتقي أو تسوء العلاقة بين النظام السياسي والقوى الوطنية المعارضة وبقية فئات المجتمع. فإذا ما تعاملت تلك الجهات المرتبطة مباشرة بمصالح جميع مكونات الوطن الطائفية والمذهبية والعرقية بالعدل والمساواة، ولم تبخس حق أي فئةٍ من فئات المجتمع، فإن العلاقة بين جميع الأطراف ستكون جيدة لا محالة، ولن يشوبها شائبة تعكر حياتهم. وإذا ساد في عملها التمييز المذهبي والفئوي والسياسي، فسينعكس ذلك سلباً على العلاقة بين النظام والقوى الوطنية الديمقراطية في البلاد. فنهج المهادنة والتحالفات المؤقتة والمجاملات السياسية التي تبنى على المصالح الحزبية مع أطراف قد يختلفون معهم في الاعتقاد وأسلوب وآليات العمل، كلها سبل أخوان البحرين دون حرجٍ للوصول إلى أهدافهم الحزبية الضيقة.
من هنا لم نجد لديهم أي مانع أدبي أو أخلاقي في نقض عهودهم واتفاقياتهم التي أبرموها مع الأطراف التي تحالفت معهم في انتخابات 2006 النيابية والبلدية، لأنهم يرون في أنفسهم أنهم الأحق من غيرهم في نيل المواقع السياسية والاقتصادية والتشريعية والتعليمية، فلهذا وجدناهم يقومون بتقليص وجود منافسيهم بكل الوسائل غير القانونية ليتمكّنوا من بسط سيطرتهم بالكامل عليها، حتى ولو كانت على حساب مصلحة الوطن، وما نجده من تراجع كبير في التعليم والتنمية الاجتماعية والمجالس البلدية والسلطة التشريعية، والسبب في ذلك قصر النظر السياسي الذي يعاني منه أخوان البحرين.
لا شكّ أن المتغيرات السياسية، عربياً وعالمياً هذه الأيام، يجعلهم يعيشون في قلق شديد على مستقبلهم السياسي والاجتماعي، لأنهم يعلمون أن الحاضر الذي هم فيه لم يأتهم بقدراتهم الفكرية والثقافية والسياسية، وإنّما حصلوا عليه بأساليب حزبية وطائفية ملتوية، ويعلمون أيضاً أن من المستحيل الوصول إلى أهدافهم التمددية من خلال مبدأ «تكافؤ الفرص» والمساواة وتطبيق المواطنة الحقيقية. والنظام السياسي في البلاد على علمٍ كاملٍ بأهدافهم الحزبية التي أثبتت أنها لا تصبّ في مصلحة الوطن، فهم الآن في توجس مخيف على مستقبلهم، ولم يجدوا من يتناقشون معه في شأنهم المجهول، لأنهم في فترة النشوة السياسية الأخوانية لم يروا إلا أنفسهم، ولهذا لم يؤسّسوا علاقات صادقة مع مختلف القوى السياسية والوطنية، ولا مع التيار السلفي والصوفي في البلاد، وأداروا ظهورهم حتى عن الأطراف التي تحالفت معهم ضد القوى المعارضة الوطنية، وراحوا يستولون على كل شيء أمامهم، فلهذا لم يتحالفوا معهم في انتخابات 2010، ونعتوهم بأسوأ النعوت السلبية، وقالوا عنهم أنهم ناقضون للعهود وانتهازيون ومخادعون ومتسلقون على أكتاف غيرهم، وقالوا فيهم نعوتاً أخرى ليس من اللائق ذكرها.
لم يترك أخوان البحرين لهم أصدقاء ليوم العسرة ليتعاطفوا معهم ويدافعوا عنهم، لأنهم أساءوا إلى الجميع، وأضروا الجميع، وأفسدوا جميع علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية والسياسية، ولم يبقوا على أيّ مبدأ أخلاقي بينهم وبين غيرهم. فأغلب القوى السياسية والوطنية والإسلامية غاضبة عليهم ومستاءة من تصرفاتهم السلبية الحاقدة، ويعتبرونهم من أهم أسباب التأزيم السياسي والطائفي والمذهبي في البلاد.
لا شك أن الظرف النفسي الذي يعانون منه الآن من أصعب الظروف في حياتهم السياسية والاجتماعية، وأن انتظارهم للقادم إليهم يضغط على أعصابهم بقوة، وقد نرى بعضهم يقومون بحركةٍ وقائيةٍ (كما فعل غيرهم عند تورّطهم بأعمال إرهابية خارج البلاد)، فقد يعلنون انشقاقهم عن حركة الاخوان المسلمين العالمية التي تأخذ تعاليمها وإرشاداتها من المرشد العام للحركة الذي يدينون له بالولاء المطلق، وقد ترى بعضهم ينعت بعضاً بالمروق كما فعل السلفيون الذين دعموا المنظمات الجهادية في سورية بالمال والسلاح وجمعوا التبرعات العينية والمادية لها، وعندما وضعها العالم على قائمة الإرهاب تملّصوا منها واتهموها بالمروق.
نسأل الله أن يمن على وطننا بالأمن والأمان، ويبعد عنه كل سوء وصوت فئوي طائفي بغيض لا يريد خيراً للوطن والشعب.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4226 - الأربعاء 02 أبريل 2014م الموافق 02 جمادى الآخرة 1435هـ
الشراكة هي الحل
المشلكة ليست في الاخوانيين وحدهم ففكرة الاستحواذ ع مراكز القرار لدى الطائفة الشيعية و السنية والاخوانية والسلفية ع حد سواء فلكل بلد خواصه وتركيبته الاجتماعية ومدى انفتاح و ذكاء اولكن الحل بيدلسلطة بإعطاء كل ذي حق حقه و فرصة المشاركة الحقيقية فستتبدد تلك التهديدات ويصبح الوطن والمواطن والسلطة يدا واحد في وجه الأطماع الداخلية والخارجية .
الاسلاميون افيون الشعوب
لا فرق بين اسلامي سني او شيعي فاختك مثلك فى الهدف والاستحواذ على السلطة للابد!!...
التقية
التي يحرمونها
ولن تستطيع . .
حتى وإن بدا لكم أو توهمتم أن حركة الإخوان المسلمين سوف تزول فهذا لن يحدث أبداً . . فالإخوان في تاريخهم تعرضوا لما أسوا من ذلك في حكم كل الطغاة الذين حكموا مصر . . فما زادهم ذلك إلا ثباتاً واصرارا ً على مبدئهم وتمسكاً بعقيدتهم ومنهجهم الوسطي .
اين فتوحات المسلمين العرب في الاندلس ماتسمي اسبانيا
دول وامم وحضارات وطقاة جنكيز خان هلاكوا هتلر وغيرهم اين هم الآن زالوا
هي الوصوليه السياسيه
الاخ سلمان أشكرك على مقالك هذا. انه ربما يكون جزاء من واقع. لعلنا نستطيع استشفافه بعد انتخابات 2014 وما يليه من توزير.
عبد الامير بن صالح
يا منتقم
لازلنا نتذكر محاكمة علي أحمد و هو منتشي و منتفخ للاستاذ علي رضي رحمه الله مباشرة على التلفزيون و التحريض عليه. نحن على يقين أن الله يمهل و لا يهمل.
ضربة معلم
جبتها جيب صراحة الإخوان المسلمين والسلفيين هم أساس البلاء والتراجع في الوطن العربي ووراء كل مشكلة ستراهم وترى أحقادهم تلوح ماعرف لهم مثل سلطان عمان السلطان قابوس، رجل حكيم يقود بلاده على أسس وطنية بعيدة عن نارية الأخوان و السلفيين الذين يكنون الولاء لمن غلب وأخذ السلطة.
ضربة معلم
جبتها جيب صراحة الإخوان المسلمين والسلفيين هم أساس البلاء والتراجع في الوطن العربي ووراء كل مشكلة ستراهم وترى أحقادهم تلوح ماعرف لهم مثل سلطان عمان السلطان قابوس، رجل حكيم يقود بلاده على أسس وطنية بعيدة عن نارية الأخوان و السلفيين الذين يكنون الولاء لمن غلب وأخذ السلطة.
منافقوووووون
هؤلاء ليسوا مجموعة اخوان مسلمين، هؤلاء انتهازيون يتلونون حسب الظروف والمصالح ، ليس لهم حليف ينقضون العهود. وبالتالي بجب ان يطلق عليهم مجموعة الاخوان المنافقين ، وهم في الدرك الأسفل من النار . قال تعالى : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْك الْأَسْفَل مِنْ النَّار .
إخوان المجرمين
إخوان الإجرام والإرهاب مصيرهم إلى زوال بإذن الله تعالى فهم وبال على السياسة ومعول من معاول هدم الأوطان
الله يرحم ولديك
الله يرحم ولديك على هذا المقال في الصميم
هذا المقال ليس في الصميم ؟؟؟
نعم ليس في الصميم فهناك وضع مشابه في العراق وهناك طائفة في العراق فعلت كما فعل الإخوان في مصر وحاولوا أن يستفردوا بالحكم ويقصوا الأطراف الأخرى الذين شاركوهم في المعارضة ضد نظام صدام حسين