العدد 4225 - الثلثاء 01 أبريل 2014م الموافق 01 جمادى الآخرة 1435هـ

الكويتيون يتساءلون .. لماذا تتخلف الكويت عن غيرها؟

الحقائق تقول إن الكويت يجب أن تكون مركزا يموج بالحركة في المنطقة مثل دبي أو الدوحة فنسبة الشباب والمتعلمين من سكانها مرتفعة وعلاقاتها قوية مع جاريها ومع القوى العالمية كما أنها تتمتع بموقع استراتيجي على الخليج إلى جانب كونها منتجا رئيسيا للنفط.
إلا أنه في حين حققت دول أخرى في الخليج انطلاقة قوية فاجتذبت استثمارات وطورت بنيتها التحتية شهدت الكويت ركودا أصاب المواطنين بالإحباط في بلد كان يعتبر في وقت من الأوقات من الدول صاحبة الريادة في الشرق الاوسط.
ويتضح هذا الشعور بالإحباط أكثر ما يتضح بين الشبان المتعلمين في الخارج في أغلب الأحيان ويتحلون بثقافة عالمية إذ يشكون من البيروقراطية واختلال الحياة السياسية لكنهم يسلمون في الوقت نفسه بشعور مواطنيهم بالرضا عن الوضع الحالي.
ورغم خروج الالاف إلى الشوارع في مظاهرات احتجاج عامي 2011 و2012 سعيا لإجراء بعض الإصلاحات السياسية توقفت المظاهرات في نهاية الأمر لأسباب منها ارتياع الكويتيين للفوضى التي شهدتها دول أخرى في انتفاضات الربيع العربي وصعود نجم التيار الاسلامي.
ويقول مراقبون إن النظام الكويتي القائم على سخاء الدولة وتوفير وظائف مريحة للمواطنين طغى على مطالب التغيير سواء في الحياة السياسية أو في الاقتصاد الذي تلعب الدولة الدور الرئيسي فيه.
وقالت مها البغلي رئيسة نادي سيدات الأعمال والمهنيات في الكويت لرويترز "نحن محظوظون جدا أننا مستريحون للغاية ماليا."
وأضافت "من ناحية أخرى فهذا لا يشجع أصحاب الأعمال ولا يشجع على العمل والكدح."
والكويت من أغنى دول العالم من حيث نصيب الفرد من الدخل كما أن أكثر من نصف سكانها البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة دون الخامسة والعشرين.
ويشير قادة الكويت إلى الجمود السياسي في مجلس الأمة ما يتعذر معه انجاز المطلوب. لكن مراقبين كثيرين يعزون ذلك إلى التغييرات الكثيرة في أعضاء الحكومة والبيروقراطية.
وقال رئيس تحرير صحيفة كويتية طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع "نحن لا نأخذ الحكومة على محمل الجد. فهم يتكلمون ثم لا يفعلون شيئا."
ويعتقد البعض أن تجربة اجتياح القوات العراقية للكويت عام 1990 عمقت الإحساس المتأصل بالحذر من التغيير في المجتمع الكويتي.
وسئل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح عام 2010 عن الأسباب التي أدت بالكويت إلى فقد مكانتها لصالح دول أخرى في الخليج فقال لصحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج "كل دولة تسير في مسارها الخاص حسب متطلبات مجتمعها."
حياة سياسية مشحونة
لدى الكويت أقدم برلمان في دول مجلس التعاون الخليجي الست وأكثرها نفوذا. ويمكن لمجلس الأمة أن يعطل التشريعات ويستجوب الوزراء الذي يختارهم رئيس وزراء يعينه الأمير.
وعلى الدوام كانت العلاقات بين المجلس المنتخب والحكومة مشحونة وقد شهدت البلاد انتخابات برلمانية ست مرات منذ عام 2007 وأكثر من عشر حكومات ما أدى إلى ركود سياسي.
إلى جانب ذلك جرت العادة أن يشغل أعضاء في الاسرة الحاكمة المناصب الحكومية الرئيسية في حين أن الشيخ صباح (84 عاما) له القول الفصل في شؤون الدولة.
وتعد المواجهات السياسية عاملا رئيسيا في تعطيل الاصلاحات الاقتصادية وخطة تنمية باستثمارات تبلغ 30 مليار دينار (106.5 مليار دولار) أعلنت عنها الدولة عام 2010 لتنفيذ مشروعات كبرى في البنية التحتية بهدف تحويل الكويت إلى مركز إقليمي.
وتشمل الخطة مشروعات مثل إقامة مطار جديد ومصفاة تكرير ومشروعات سكنية. وخلال زيارة في الآونة الأخيرة بدا أن مشروعا لاقامة مدينة سكنية في الصحراء الجنوبية قرب الحدود السعودية لم يحقق تقدما يذكر.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت شفيق الغبرا إن هناك إحساسا متناميا بأن النظام الحالي غير مجد.
وأضاف "الأمر يتطلب نظاما سياسيا أكثر تمثيلا وأكثر إنصافا ... بدم جديد على أعلى مستوى قادرا على التعامل مع القضايا التي تتصاعد خلال العقدين الأخيرين."
وقال "لا يمكنك أن تجمد نفسك في لحظة من التاريخ."
ويقارن الكويتيون بين مركزهم المالي وبين دبي التي حكمها رئيس وزراء دولة الامارات الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم.
ويقول رئيس التحرير الكويتي "إنها القيادة" ردا على سؤال عما يجعل الامارات ناجحة. ويضيف إن حكومة الكويت لم تطبق رؤية استراتيجية."
ويضيف أن الشيخ محمد "عنده رؤية ولديه خطة. من لحظة الوصول إلى المطار حتى تسافر."
لكن الامارات لا يوجد بها معارضة. ويقول معلقون إن التباين بين البلدين يبرز عدم تأثر جيران الكويت بنموذج الحريات التي تتيحها لمواطنيها.
وقال كريستيان أولريخسن الخبير في شؤون الخليج بمعهد بيكر الأمريكي "فشل الكويت في مجاراة جيرانها له أثر جانبي سلبي يقلل تأييد حتى المشاركة السياسية الجزئية."
وأضاف "الحكام في بلاد أخرى ينظرون إلى الجمود السياسي ويستوعبون الدرس أن هذا ما يحدث عندما تتداخل عوامل كثيرة جدا لا يمكن التنبؤ بها في عملية صنع القرار."
ومن الأمور التي تثير غضب الشبان الكويتيين على مستوى الحياة اليومية مدى سهولة إنجاز الأعمال في دول خليجية أخرى.
وعندما أراد شواف الشواف تسجيل نشاطه التجاري في مجال أدوات المطبخ في الكويت استغرقت الاجراءات ستة أشهر. أما في السعودية فتم إنجاز ذلك في أقل من يوم.
وقال شواف (24 عاما) الذي أسس شركته دولستن في أواخر عام 2012 "إذا احتجت الذهاب إلى إدارة حكومية ألغي (ارتباطات) اليوم كله لانني أدرك أنني سأقضي الوقت كله هناك."
وتحتل الكويت المكانة 104 من بين 189 دولة في قائمة البنك الدولي لسهولة أداء الاعمال وهي بذلك تحتل مركزا متأخرا بالنسبة لغيرها من أعضاء مجلس التعاون بفارق كبير إذ تليها قطر التي تحتل المركز 48 والسعودية في المركز 26 والامارات في الصدارة في المركز 23.
وتقول الحكومة إنها تريد تيسير العمليات البيروقراطية للشركات الصغيرة والمتوسطة ودعم مبادرات الشباب وقد أنشأت صندوقا بقيمة ملياري دينار لمساعدة مثل هذه المشروعات.
لكن الناس في الكويت يقولون إن البلاد لن تنفذ اصلاحات اقتصادية وسياسية كبيرة إلا إذا واجهت أزمة مثل انخفاض حاد في أسعار النفط الذي يمثل كل ايرادات الدولة تقريبا.
بالاضافة إلى ذلك لا يمكن للكويت أن تستمر في سياسة الأجور الحكومية المرتفعة والمزايا السخية إلى الأبد. ويقول صندوق النقد الدولي إن الانفاق قد يتجاوز الدخل في 2017 إذا استمر في النمو بالوتيرة الحالية.
وقال دبلوماسي غربي طالبا عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع سياسيا "لا أعتقد أن التغيير وارد ما لم يفرض عليهم."

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:35 ص

      لماذا

      كثير.من التقارير التي تكتب عن دول الخليج تهمل ذكر مملكتنا الحبيبة لماذا

اقرأ ايضاً