العدد 4225 - الثلثاء 01 أبريل 2014م الموافق 01 جمادى الآخرة 1435هـ

اقتصاديون يحذِّرون من تفاقم الدَّين العام وتأثر التصنيف الائتماني للبحرين

جعفري: ما يميِّز الفساد أنه «غير طائفي»

اقتصاديون تحدثوا عن تأثيرات سياسة التقشف على البطالة وصناديق التقاعد-تصوير احمد آل حيدر
اقتصاديون تحدثوا عن تأثيرات سياسة التقشف على البطالة وصناديق التقاعد-تصوير احمد آل حيدر

حذّر اقتصاديون خلال ندوة أقامتها جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي بعنوان «عجز الموازنة والدَّين العام وتوجهات الحكومة للتقشف» مساء الأحد (30 مارس/ آذار 2014)، من تفاقم الدَّين العام وانعكاسه سلباً على التصنيف الائتماني، والبيئة الاستثمارية في البحرين.

وذكروا أن البحرين بحاجة إلى آلية محاسبة شديدة لوقف الهدر في المال العام، والأخذ بجدية في التعامل مع تقرير ديوان الرقابة المالية الذي تضمن قضايا فساد تقدر بنحو 395 مليون دينار.

وقال الخبير الاقتصادي أكبر جعفري في كلمته خلال الندوة: «البحرين تحتل المرتبة 31 عالمياً من بين نحو 200 دولة، من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فالبحرين تنتمي إلى مجموعة الدخل المرتفع للفرد».

وأضاف جعفري «لكن في جودة الحياة نحن في المرتبة 62، فهناك فرق بين نصيب الفرد من الدخل القومي كأرقام، وبين جودة الحياة للفرد في الواقع».

وذكر أن الدَّين العام لمملكة البحرين البالغ نحو 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لا يدل على شيء، وهذا الرقم لا يخيف، فاليابان دينها العام أكثر من 200 في المئة من الناتج المحلي، وسنغافورة دينها العام 111 في المئة، والولايات المتحدى الأميركية دينها أكثر من 100 في المئة، وكذلك بالنسبة إلى الدول الأوروبية مثل فرنسا وألمانيا، نسبة ديْنها العام أكبر من نسبة ديْن البحرين.

وبيّن أن المؤشرات التي تعتمد على نسبة الدَّين العام، هي «لإرضاء النفس» من قبل صندوق النقد الدولي، يقيس القدرة المالية بهذا الأسلوب.

وأكد أن اقتصاد البحرين خلال 40 سنة الماضية، مكن نفسه بشكل متوازن ومتزن، فقد مر بعواصف اقتصادية، ولكنه امتصها، وآخر العواصف الأزمة المالية العالمية التي اندلعت شراراتها في منتصف سبتمبر/أيلول 2008 في الولايات المتحدة الأميركية والتي تأثرت بها الكثير من الدول تأثيرات بالغة، بينما في البحرين لم يشعروا بقوة تأثيرها.

وقال: «المشكلة في البحرين ليست الهيكلة، ولكن في حيثيات الصرف، الأولويات في الصرف، ماذا يريد المواطن من الموازنة؟ وماذا تريد الحكومة أن تعمل؟».

وأضاف «ملفات التعليم والصحة والسكن من الأمور الحساسة للمواطن للحصول على مستوى مشرف أو مستوى من الرفاهية المقبولة لحياة أفضل».

مشيراً إلى أن الأولوية يجب أن تكون للاستثمار في الإنسان فهو رأس المال الحقيقي والثروة الحقيقية لأي بلد يريد استمرار الازدهار.

وتطرّق إلى مكافحة الفساد، وقال: «البحرين فقدت الكثير في هذا الجانب خلال عشر سنوات، فقد كانت مرتبتها 26 عالمياً، والآن أصبحت في المرتبة 57 عالمياً». وقال مازحاً: «الزين في الفساد أنه غير طائفي»!

وأشار إلى أن الإسراف يستنزف الكثير من الموارد، مقدراً نسبة الإسراف بنحو 30 و35 في المئة. ورأى أن نسبة الإسراف تساوي العجز في الموازنة العامة. وقال: «الموازنة يجب أن تقدم خدمات لا تتعدى ثلث الموازنة الحالية.

وذكر أن هناك انفلاتاً في اتخاذ القرارات، وقال: «اتخاذ قرارات بدون اعتبار لآراء المختصين والخبراء والمعنيين، هو ما يؤدي إلى خسائر كبيرة، وهي ضريبة القرارات غير الصحيحة.

ودعا إلى آلية محاسبة شديدة تشعر المسئولين بالخوف وتجعلهم أكثر التزاماً، إلا أنه أعرب عن خوفه من البحث عن كبش فداء، وتعليق مسئولية الفساد على هذا الكبش، وقال: «نريد أرقاماً كبيرة مثل المدونة في تقرير ديوان الرقابة المالية».

وتحدث عن المؤشرات الحقيقية قائلاً: «المؤشرات المقبولة هي مستوى معيشة المواطن، أن يعيش حياة محترمة، ومستوى معيشة المواطن لا تقاس بأرقام الصرف».

من جهته، تحدث الاقتصادي حسن العالي في كلمته خلال الندوة قائلاً: «غياب الرشْد الاقتصادي ناتج من غياب الرشْد السياسي...مكافحة الفساد، زيادة الإنتاجية، تفاقم المشكلات ومن ضمنها الدَّين العام والقروض لها أسبابها وتداعياتها...لو كان هناك رشْد سياسي لانفرجت الكثير من الأمور الاقتصادية».

وأشار إلى أن مسبّبات الاقتراض وآثارها، ترجع إلى العديد من العوامل، ومنها الدعم الحكومي، فحسب الموازنة العامة للدولة فإن الدعم المباشر وغير المباشر يبلغ نحو 1.26 مليار دينار، ويمثل نحو 50 في المئة من الموازنة.

وتابع «نحو 900 مليون دينار يذهب دعماً لأسعار الغاز والنفط، وهو دعم دفتري، لفارق الأسعار بين السعر المحلي وبين السعر العالمي، يتم وضعه ضمن بند المصروفات، ولا يوضع ضمن بند الإيرادات.... من المفترض عندما تضع بند دعم الغاز في بند المصرفات يجب أن تضع في المقابل بنداً في الإيرادات....على كل هذه مصاريف دفترية أو دعم دفتري».

وأوضح «دعم الغاز يذهب إلى إنتاج الكهرباء، والشركات الصناعية الكبيرة مثل ألمنيوم البحرين ألبا، شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات، وصناعات الصلب والحديد... وغيرها، هذه الشركات توزع أرباحاً نقدية على المساهمين، كيف نقدم دعماً إلى شركات توزع أرباحاً نقدية على المساهمين؟!».

وأشار إلى أن من بين الخلل الموجود في الدعم، هو تقديم الدعم للجميع بالدرجة نفسها، الغني والفقير، المواطن والأجنبي، الدعم نفسه، سواء في الكهرباء أو البنزين أو المواد الغذائية كالدجاج واللحوم الحمراء والطحين الخبز، وقال: «من المفترض أن يتم توجيه الدعم للمحتاجين، والأغنياء لا دعم لهم».

وذكر أن من بين مسبّبات الاقتراض، هو الفساد، وقال: «395 مليون دينار ما شمله تقرير ديوان الرقابة المالية الأخير»، وهو ما يعني أن الفساد مستشرٍ بشكل كبير.

وضرب مثلاً عن الفساد، بأن استخراج الرمال من البحر ودفان المشروعات العقارية الضخمة، قدرت بمليارات الدنانير، ولم يدخل فلس واحد في موازنة الدولة... «يتم استخراج الرمال بدون رسوم لصالح الدولة».

وأكد أن سوء التوظيف وخصوصاً في المناصب المؤثرة مكلف، ويدمر الاقتصاد، لأن القرارات إذا لم تكن مدروسة وصحيحة فإن تكاليفها ستكون باهظة وسترتد سلباً.

ورأى العالي العمالة الأجنبية سبباً من أسباب الاقتراض، مشيراً إلى أن الاعتماد على العمالة الأجنبية الرخيصة خلق استنزافاً للموازنة العامة، وقال: «العمالة الأجنبية الرخيصة تعمل في أنشطة ليس لها مردود اقتصادي، فالإنفاق عليها أعلى من الاستفادة الحقيقية للاقتصاد من نشاطها... وأصبحت هذه العمالة الأجنبية والتي تقدر بأكثر من نصف عدد السكان أكثر طلباً وضغطاً على كل الخدمات في البلد وبالتالي استنزاف الموازنة».

وتطرق إلى النفقات الأمنية والعسكرية معتبراً أنها أحد العوامل الرئيسية لمسببات الدَّين، مشيراً إلى أن المصاريف الأمنية والعسكرية ارتفعت من 285 مليون دينار إلى 1.2 مليار دينار، خلال عشر سنوات.

وذكر أن انتفاضة العام 2011 حملت الدولة الكثير من الأعباء، نتيجة الإجراءات الأمنية، والاعتماد على الحل الأمني كخيار بدلاً من الحل السياسي، مشيراً إلى أن الموازنة الأمنية خلال العام زادت بنحو 334 مليون دينار.

وأشار إلى أن النفقات المتكررة في قطاع الرواتب، منها 40 في المئة يعود إلى العاملين في المؤسسات الخدمية، بينما 60 في المئة يعود إلى رواتب القطاع الأمني والعسكري في وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين والحرس الوطني.

وتساءل العالي في نهاية كلمته عن الفوائض المالية التي تحققت منذ العام 2000 حتى العام 2008، والتي تقدر بمئات الملايين من الدنانير، وقال: «هذه الفوائض من المفترض أن نراها في الموازنات أو في بند الفوائض كما هو معمول به في الدول الأخرى».

من جهته، تحدث السياسي والاقتصادي عبدالنبي سلمان في كلمة خلال الندوة قائلاً: «الحكومة تحدثت خلال شهر مارس بعد زيارة وفد صندوق النقد الدولي عن التقشف، وتقليل الوظائف العليا، وهذه الدعوة ستنعكس على المشاريع، ورفع الرسوم والضرائب غير المباشرة».

وأضاف «كما أن الدعوة لإلى التقشف ستكون لها انعكاسات على قدرة الاقتصاد الوطني... الوضع الاقتصادي المتردي ليس بسبب الأزمة السياسية... هيكلة القطاع السياسي والاقتصادي قائمة على أساس خاطئ، والتغيير هو تغيير مجلس إدارات وليس تغييراً حقيقياً».

ورأى أن الدعوة إلى التقشف بحجة السيطرة على الدَّين العام، سيزيد من نسبة البطالة وقال: «الحكومة تقول نسبة البطالة 5 في المئة، ولكن الرقم الحقيقي 16 في المئة أغلبهم من الشباب».

وأضاف «قبل الحديث عن التقشف كعلاج، يجب الحديث عن سياسات التمييز والمحسوبية والفساد الإداري والمالي، لا نجد من يحرك مؤشرات محاربة الفساد...».

واستطرد «كما أن التقشف سينعكس على صناديق التقاعد والتأمين في البلد، فعندما تسرّح الحكومة موظفين فإنها ستحيلهم على التقاعد المبكر وبالتالي زيادة الضغط على صناديق التقاعد».

ورأى أن الحديث عن التقشف، هو رسالة لمجلس النواب بأنهم لا يمكنهم دغدغة مشاعر المواطنين بزيادة الرواتب، لأن الدولة غير قادة في ظل تفاقم الدَّين العام.

كما رأى أن التقشف سيؤثر سلباً على أداء بورصة البحرين التي تضم أكثر من 40 شركة مساهمة عامة مدرجة يتم تداول أسهمها من قبل المستثمرين.

وتوقع توقف العديد من المشاريع أو تأجيلها إذا قامت الحكومة بالتقشف، وسيكون لها انعكاس سلبي مباشر على قطاعات الإسكان والصحة والتعليم. وذكر المدينة الشمالية كمثال، قائلاً: «المدينة الشمالية تم دفانها وتجهيز بنيتها في 2004، وكانوا يتحدثون عن 20 ألف وحدة سكنية، أما اليوم فإنهم يتحدثون عن بضعة مئات من الوحدات».

وتحدث عن توجه الحكومة قائلاً: « الحكومة تريد تقليص الدَّين العام... ونحن نتساءل لماذا استمرت طيلة السنوات الماضية في الاقتراض دون الاستماع لأحد؟».

وأضاف « الدَّين العام في 2008 كان بحدود 705 ملايين دينار، وفي 2009 ارتفع إلى 1.34 مليار دينار، وفي 2010 بلغ 2.44 مليار دينار، وفي 2011 بلغ 3.16 مليار دينارات، وفي 2012 بلغ 3.94 مليارات دينار، وفي 2013 قفز فوق 5 مليارات دينار».

وتابع «اليوم يتحدثون عن أن نسبة الدَّين العام بلغت نحو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن سيصل في العام 2018 إلى 61 في المئة، بل سيصل إلى 70 في المئة، والدولة إذا لم تُعد حساباتها بشكل صحيح فإنها ستدخل في مرحلة إفلاس اقتصادي».

واستطرد «هناك تخبّط في الاقتراض، مثلاً في العام 2011 اقترضت الحكومة مبلغ مليار دينار بينما كان العجز في الموازنة 31 مليون دينار، فلماذا اقتراض مبلغ ضخم في ظل وجود عجز صغير، وأين ذهب المبلغ».

وحذر من تأثر وضع تصنيف البحرين الائتماني، وقال: «إذا تدهور التصنيف الائتماني فإنه سيؤثر سلباً على مناخ الاستثمار...فتدهور التصنيف يعني أن المزيد من الشركات الأجنبية ستعزف عن الاستثمار في البحرين، وكثير من الشركات العاملة في السوق المحلية ستنتقل إلى مكان آخر... وهذا يعني المزيد من التسريحات».

العدد 4225 - الثلثاء 01 أبريل 2014م الموافق 01 جمادى الآخرة 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:53 ص

      يا يبه عمك أصمخ

      يا يبه عمك أصمخ. الوضع في تدهور شديد ومخيف جدا والظاهر أن تبعاتها سوف تتساقط على رؤوس المواطنين البؤساء. نحن نحلم بزيادة رواتب وتحسين الظروف المعيشية أسوة بجيراننا في دول الخليج العربي لكن الاشارات تتجه الى أخذنا الى مصير مظلم ومجهول.

    • زائر 1 | 12:41 ص

      خل ثقتكم في الله سبحانه

      منطق الحكومة : اصرف مافي الجيب يأتيك مافي الغيب .

اقرأ ايضاً