اقر مجلس النواب اللبناني الثلثاء (1 أبريل / نيسان 2014) قانونا لحماية النساء من العنف الاسري، وهو مطلب اساسي للمجتمع المدني منذ سنوات، ويشكل خطوة متقدمة في مجتمع محافظ ومتجذر في الطائفية.
ووصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان اقرار القانون ب"التاريخي" بالنسبة الى لبنان، و"خطوة ايجابية الى الامام"، مع الاشارة الى ضرورة تطويره في المستقبل.
الا ان القانون لم ينل رضى جمعية "كفى" التي تقدمت بنص مشروع القانون الاساسي حول هذه المسالة من البرلمان، اذ اعتبرت ان القانون بصيغته الحالية استخدم تعابير دينية ولم يكن حاسما في تخصيص النساء بالحماية، علما انهن يشكلن الفئة الاكثر تعرضا للعنف الاسري في لبنان.
وقبل اليوم، لم يكن هناك قانون للعنف الاسري في لبنان، بل كان هذا النوع من العنف يخضع للقانون المتعلق باعمال العنف بشكل عام التي ينص عليها قانون العقوبات.
وقال النائب غسان مخيبر الذي ساهم بشكل فاعل من خلال اللجان النيابية في صياغة القانون، ان القانون الذي تم اقراره يشكل "تقدما كبيرا على صعيد حماية المرأة، يجدر بنا ان نكون فخورين به".
واضاف ردا على اسئلة وكالة فرانس برس "ليس النص المثالي، كان يمكن ان يكتب بشكل افضل، لكن اصبح لدينا قانون يؤمن حماية فعالة للمرأة في حال تعرضها للعنف. كان لا بد من التصويت عليه خشية ان تتم اعادته الى اللجان النيابية ويتأخر اقراره".
وياتي هذا القانون بعد حملة قوية قام بها ناشطون ومنظمات توجت في الثامن من آذار/مارس بتظاهرة ضخمة احتجاجا على عدم وجود قانون يحمي النساء خصوصا من العنف الممارس عليهن من ازواجهن والذي تسبب خلال الاشهر الماضية بوفاة نساء عديدات نتيجة تعرضهن للضرب او القتل عمدا.
واقر القانون تحت عنوان "حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الاسري". وشكل العنوان بحد ذاته احد اسباب الاعتراض الرئيسية بالنسبة الى "كفى".
وانتقدت فاتن ابو شقرا، منسقة حملة "كفى" من اجل اقرار قانون حماية المراة، "عدم تركيز القانون بشكل خاص على النساء"، معتبرة ان المراة هي التي تتعرض للعنف والقتل في لبنان.
واعتبرت ان جلسة مجلس النواب الثلاثاء "هي مهزلة". واخذت بشكل اساسي على النص انه خضع "لاملاءات رجال الدين الذين نجحوا في الابقاء على مفهوم ما سمي +الحق الزوجي+".
وتشير ابو شقرا الى المادة الثالثة في القانون التي تصف العلاقة الجنسية بين الزوجين ب"الحق الزوجي"، وهي عبارة استخدمت بضغط من رجال الدين.
ونصت المادة على انزال العقاب ب"من اقدم بقصد استيفائه للحقوق الزوجية في الجماع او بسببه على ضرب زوجه او ايذائه"، "او تهديده".
اما مطلب "كفى" فكان ان تكون العبارة "من اكره غيره على الجماع، عوقب...".
الا ان مخيبر يعتبر ان "القانون بالتاكيد يجرم الاغتصاب الزوجي".
ويوضح "ماذا يعني الاغتصاب؟ الضرب والايذاء والتهديد في الجماع اليس اغتصابا؟"، مقرا في الوقت نفسه ان استخدام كلمة "الحق الزوجي" ساهم في تهدئة حملة رجال الدين على النص.
ودعا الى التوقف عند "تقدم كبير" تمثل في ان القانون "يستند بشكل كامل الى قانون العقوبات المدني، ولا يخلط مع قانون الاحوال الشخصية او اي قانون طائفي او ديني".
ويخضع الزواج والطلاق في لبنان لقانون الاحوال الشخصية الخاص بكل طائفة. وغالبا ما يتدخل رجال الدين في حل النزاعات العائلية. وتؤكد العديد من النساء المعنفات في تقارير نشرتها جمعيات حقوقية انهن لم يلقين اي تجاوب مع شكواهن عندما لجأن الى القوى الامنية.
ويعرف القانون "العنف الاسري" بانه "اي فعل او امتناع عن فعل او التهديد بهما يرتكب من احد اعضاء الاسرة ضد فرد او اكثر من افراد الاسرة (...) ويترتب عنه قتل او ايذاء جسدي او نفسي او جنسي او اقتصادي".
وقالت روثنا بيغوم من "هيومان رايتس ووتش" ان "اقرار قانون العنف الاسري تاريخي بالنسبة الى لبنان وخطوة ايجابية الى الامام في حماية المرأة".
واضافت ان من "الخطوات الايجابية" التي تضمنها القانون، منع من يتسبب بالاذى من الاقتراب من الضحية او من دخول المنزل الاسري و"نقل الضحية وسائر الافراد المهددين الى مكان آمن" موقت، و"تخصيص مدعين عامين في محافظات لبنان الست لتلقي الشكاوى والتحقيق في قضايا العنف الاسري، وتخصيص وحدة خاصة في الشرطة لتلقي شكاوى العنف الاسري".
الا انها اشارت الى "وجود مشاكل عديدة في القانون على البرلمان ان يعمل على اصلاحها"، ابرزها ضرورة تجريم "الاغتصاب الزوجي" بوضوح. كما اشارت الى ان بطء الاجراءات القضائية في لبنان وتكلفتها الباهظة، قد يعني ان المرأة المعنفة التي ستتقدم من القضاء قد لا تجد حلا سريعا لمشكلتها، ما يعني انها تبقى مهددة.
وقالت "على البرلمان القيام باصلاحات سريعة وملحة لتامين الحماية الكاملة للنساء من العنف الاسري"، مضيفة "لا بد ايضا من استراتيجية وطنية لاحقا تؤمن وضع القانون موضع التنفيذ".
وقال النائب نبيل دي فريج من جهته ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان التحفظات التي تم التعبير عنها "في محلها، لكننا في لبنان. وفي لبنان، كل الامور تمر بالتروي. هذه خطوة جبارة حصلت اليوم".