العدد 4224 - الإثنين 31 مارس 2014م الموافق 30 جمادى الأولى 1435هـ

قصة وزير سابق!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بثت الـ «بي بي سي» مساء الجمعة الماضي، مقابلة حصرية مع فيوليت، زوجة وزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز، وابنته زينب.

كان الوقت متأخراً جداًً، لكنها استبقتني حتى نهايتها. وكان اللقاء حزيناً. ومصداقاً لتلك الكلمة الخالدة: «ارحموا عزيز قوم ذل»، فقد كانت فيوليت زوجة وزيرٍ مقرّب جداً من صدام. كان يدافع عن سياسته الخارجية، بما فيها من شراسةٍ ودمويةٍ وعدوان، وظلّ أحد أعمدة النظام حتى سقوطه. وقد بدت السيدتان منكسرتين، تترقرق الدموع في عيونهما، وهما تجاهدان لحبسها من السيلان.

سألتهما المذيعة عن أحوال الوزير السابق، فتحدّثتا عمّا يعانيه في السجن، من مشاكل صحية عديدة ونقص الدواء ومنع الغذاء. وهو يقضي وقته في القراءة، رغم ضعف بصره وتدهور صحته، كما يقوم بخدمته سجينٌ عراقي آخر متعاطف معه، فيباشر غسل ملابسه وتنظيم حصوله على الدواء في أوقاته بانتظام.

هذا الوزير كانت له صولاتٌ وجولاتٌ في الأمم المتحدة، وفي وسائل الإعلام، حيث اشتهر بظهوره بالسيجار الكوبي. وكانت علاقته بصدّام تعود إلى الخمسينيات، حيث ظلّ يمثّله في المحافل والاجتماعات الدولية، وعمل نائباً لرئيس مجلس الوزراء من 1979 حتى 2003.

الزوجة تحدّثت عن المصيبة التي نزلت بالعائلة بعد سقوط بغداد، حيث تفرق شملها، وتعرّض منزلها للسرقة، واختفى ولداها (صدام وزياد)، وانتقلت إلى منزلٍ آخر طلباً للسلامة، فلم تجدها حتى لجأت إلى الأردن.

حين سألت المذيعة الابنة عن ذكرياتها مع أبيها، قالت إنها طالبت في أول لقاءٍ معه في السجن أن تلمسه وتحتضنه. كان المطلب غريباً بالنسبة للجنود الأميركيين، ولكن مع إلحاحها سمحوا لها بذلك. أما عن يوم سقوط بغداد، فقد بدت مستغربة مما حدث. كانت تتنقل بين أحياء العاصمة باستمرار، حيث كانت تشاهد الجيش العراقي منتشراً على مفارق الطرق، حتى صباح اليوم الأخير، حيث فوجئت عند الظهر بتبخّر الجيش واختفائه من المشهد بصورةٍ مفاجئةٍ، وهو ما لم تجد له تفسيراً، وهو أمرٌ سيظلّ لغزاً لفترة طويلة، حتى يأتي وقت تكشف فيه الحقائق، وهل كان وراءها صفقاتٌ أو خيانات. كما ستحتاج الشعوب العربية لمعرفة من وشى بصدّام من جماعته ودلّ الأميركان على مخبئه في أحد البساتين الرثّة، وكم قبض منهم؟ وأين يعيش الآن؟ وهي قضايا مغيّبةٌ عمداً في الإعلام العربي حتى اليوم.

عزيز مسيحي، واسمه الحقيقي ميخائيل يوحنا (كما في «ويكيبيديا»)، ولكن رفيقه صدّام أبدله باسم شهرته (طارق عزيز)، وكانت المعارضة العراقية تلمزه من هذه القناة، بينما يتحاشى النظام ذكرها، وبعد احتلال الكويت، أخذ الإعلام الخليجي يلوّح بها. وحين سألت المذيعة عن أية تحوّلات فكرية أو دينية لديه، قالت الزوجة إنه لم يتغيّر، وإنه شخصٌ لا يصلّي (الصلاة المسيحية) أصلاً، بينما أضافت الابنة بأن له «صلاة خاصة مع ربّه».

في لحظة يأسٍ، وهو يرى انهيار كل ما بناه الحزب من نظام، وتفكّك الجيش، وخيانة بعض قياداته، وبعد فترة من الاختفاء، أقدم طارق حنا عزيز (صاحب الرقم 12 على قائمة الـ 55 المطلوبين) على الاتصال بالأميركان لتسليم نفسه، طمعاً في أن يحظى بعدالة المحتلين الغزاة.

وما أكثر العبر في تاريخنا والعبرات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4224 - الإثنين 31 مارس 2014م الموافق 30 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 31 | 1:47 م

      لا أقول إلا:

      مسكين يا ابن آدم

    • زائر 27 | 10:11 ص

      هههههههههههههههههههههههههه

      ليش مادلدلوه وريحوه مثل صاحبه ماقصر الريال مع صدام من الخمسينات دلدلوه وريحوه

    • زائر 29 زائر 27 | 1:13 م

      طارق عزيز والبعث

      شخصية عزيز وطنية بامتياز غصب عن كل واحد يريد التكلم عن شخصية العصر صدام حسين رحمة اللة لقد فاوض الامريكان طارق عزيز من اجل الاعتراف علي صدام او الوشاية علية مقابل اطلاق سراحة فرفض هدة مبادي البعث وفي محاكمتة قال يشرفني انةاعمل مع رئيسي صدام وافتخر بقيادتة لشعب العراق ولااساوم علية هدة اخلاق البعثين الشرفاء اما هرار قاسم فمتعودين علية فهو يكرة فكر البعث الدي يمثلة صدام وعفلق وعزيز

    • زائر 26 | 8:09 ص

      المجرم يحفظ حقوقه داخل السجن ,والبريء يعذب حتى الموت

      كل ما قمه به طاق عزيز من اعلام داعم مع صدام المجرم يحصل على حقوقه وشفقه به ,ولكن ما نره عندنا ونسمعه من معامله مع السجناء من حرمان العلاج وقصوة السجان وتعذيب ,وهذه هي المفارقة .

    • زائر 25 | 6:44 ص

      هل التاريخ سيعود مره أخرى

      هل التاريخ سيعود مره أخرى ويكتب عن سفاكين العراق الجدد أمثال المالكي والجعفري والجلبي والربيعي وووووووو ورئيسهم سليماني الصفي

    • زائر 24 | 4:28 ص

      لك يوم ياضالم

      لكل الظلام يوم ياتى وينتقم منهم الله والله على كل شى قدير

    • زائر 23 | 4:16 ص

      ما أكثر العبر والعبرات-المصالح الأميركية انها لعبة الامم

      هالباب على تلك الخرابه=ميخائيل يوحنا و صدام

    • زائر 21 | 3:24 ص

      وما أكثر العبر في تاريخنا والعبرات.

      وما أكثر العبر في تاريخنا والعبرات.

    • زائر 13 | 1:47 ص

      لن يعتبروا فمن غلّف الرين قلبه لا تتوقع منه العبرة

      سيدنا هناك بعض الأعمال تجعل البعض يبتعد عن الله حتى يكاد البعض منهم يشعر انه لم يموت ولن يقبر ولن يلاقي حسابه لذلك تراهم يمعنون وتمادون وتلك حكمة لله (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)

    • زائر 12 | 1:40 ص

      اضن ان مخائل عزيز ما ضن انه سوف يدخل السجن ويشرب من الكايس نفسة

      الدنيا دوارة

    • زائر 10 | 1:07 ص

      اللهم لا شماتة

      واعتبروا يا اولى الالباب

    • زائر 9 | 12:55 ص

      ما اكثر العبر و اقل المعتبرين !

      لو كانوا يعتبرون لما تقلبوا في مواقفهم تجاه صدام ذات اليمين و ذات الشمال و الرجل لم يتغير فيه شيء

    • زائر 11 زائر 9 | 1:09 ص

      نحن بحاجة لقيم ابي الحسن

      سلام الله عليك يا الامام علي

    • زائر 8 | 12:46 ص

      حتى الذئاب لها دموع

      هل كانتا تغالبان الدموع حزنا على ضحايا المقابر الجماعية.. أم ندما أم شوقا لعهد من الجور والقهر .. هذا مصير أعوان الظلمة والمشهد يوم الحشر اكبر يوم يسرون الندامة

    • زائر 5 | 11:57 م

      قصة وزير سابق

      ماطار طيرا وارتفع الا كما طار وقع

    • زائر 3 | 10:44 م

      ابو حسنين

      يذهب الإنسان وبقي عمله

    • زائر 1 | 10:10 م

      صدقت

      ولا تنسى بعد نهاية فرقة الحشاشين والقرامطه اللي استباحو مكه. انت مثقف صح؟

    • زائر 6 زائر 1 | 12:44 ص

      عقد

      لا والله ثقفنا يا المثقف وش قصتهم

    • زائر 15 زائر 1 | 2:40 ص

      أكيد يعرفهم زين

      أكيد السيد قاسم يعرفهم زين ويعرف تاريخهم، ويعرف ما فعلوا بالناس من قتل وذبح وهدم مساجد. هل تريده أن يكشف المستور؟

    • زائر 18 زائر 1 | 3:08 ص

      ما هو الرابط ؟

      ما دخل ما تقوله بمقال الكاتب ؟ الكاتب لم يدافع عن طارق عزيز و لكن تكلم ان انهيار الطغاة و انكسار من تجبر في الارض.. و لو سمحت ثقفنا بمعلوماتك جزاك الله خيرا

    • زائر 20 زائر 1 | 3:14 ص

      ناس فاضية

      تجيب الكلام لروحها. لو ساكت مب أفضل لك؟ لو تكلم قاسم حسين عن القرامطة راح يخليك ترقص. خلها مستورة.

اقرأ ايضاً