أكدت وزيرة شئون الإعلام المتحدث الرسمي باسم الحكومة سميرة رجب أن البحرين تجاوزت مرحلة حركة التغيير، معتبرة أن الحراك الذي تمور به المنطقة العربية «منظم وممنهج وتم العمل عليه وعلى إعداده من فترات سابقة لا نعرف مداها، العملية كانت مباغتة سقطت فيها أنظمة».
وقالت رجب: «إنه ومن قبل العام 2003 بدأ العمل الإعلامي الذي يستهدف شيطنة الأنظمة، وكانت الصورة واضحة أمامنا كيف كان يتم شيطنة النظام العراقي، وهي العملية نفسها التي تمت ممارستها على الأنظمة العربية الأخرى منذ 2003 إلى اليوم، وتم تصعيد هذه العملية منذ 2011».
وأوضحت أن القوى السياسية في البحرين التي التزمت بالخط الوطني في التغيير وفق المؤسسات الرسمية والدستورية «لا تملك قوة سياسية ولا مشروعاً واضحاً يظهر الصورة الحقيقية لما يحدث في الشارع، وهي ضعيفة إعلامياً وغير قادرة على إنتاج صورة واقعية، لأنها تفتقد للقوة الفكرية، وأخطاؤها كبيرة، ولذلك عليها دور كبير في المراجعة والتطور لمواجهة العنف والإرهاب وتعمُّد شيطنة الدولة».
جاء ذلك خلال لقاء مطول أجرته معها صحيفة «إيلاف»... نضع نصه بين يدي القارئ الكريم:
في البحرين لا يشدّك أكثر من هدوء الشوارع والمقاهي في الوقت الذي يضج التلفزيون وقنوات التواصل الاجتماعي عنها وما يحدث فيها، فلا تجد سبيلاً للأجوبة إلا بلقاءات مع كل مكونات هذا البلد النائم في حضن الخليج العربي.
«إيلاف» جالت هناك، وأعدت سلسلة من الحوارات والتقارير، تحاول من خلالها رسم صورة ثلاثية الأبعاد وكاملة الألوان لكامن البحرين وظاهرها، اليوم تبدأ السلسلة مع وزيرة الدولة لشئون الإعلام سميرة رجب التي تحدثت كمواطنة بعباءة مسئول أو العكس.
إذ أبدت رؤيتها حول مستقبل الإعلام البحريني الذي واجه لوحده تقريباً سيلاً من الحملات الإعلامية العربية والغربية تدعمها آلة تقول بأنها حقوقية لا تعير وجهة النظر الرسمية أو الأحزاب الأخرى أي أهمية، وهذه المنظمات كما تقول رجب، ساهمت في دعم العنف والإرهاب من خلال تصدير مسرحيات الشارع التي قامت بها المعارضة في البحرين.
صراخ المعارضة والمشروع الدولي للتغيير
حينما وجهت للوزيرة سؤالاً حول طغيان صوت المعارضة البحرينية على صوت الحكومة والأحزاب الأخرى المنخرطة فعلاً في الحراك البحريني، ردت الوزيرة بسؤال افتتاحي، فقالت: «هل هذا فقط مشكلة في البحرين أم هي مشكلة عربية بشكل عام؟»، وبدأت بالإجابة «المشروع الذي ينفذ في المنطقة مشروع كبير، والآن كل الدول العربية سواء التي حصل فيها تغيير أو مازال الحراك فيها يتفاعل، أو من تجاوزوا المرحلة مثل البحرين أو الدول المهددة بتفعيل التغيير، كل هذه الدول تعترف بأنها تمر بمشروع منظم وممنهج وتم العمل عليه وعلى إعداده من فترات سابقة لا نعرف مداها، العملية كانت مباغتة سقطت فيها أنظمة».
وترى رجب أن «الإعلام العربي عموماًً ومن ضمنه الإعلام البحريني لم يكن على مستوى الحدث، فلم يكن يملك بنية قوية يستطيع مواجهة هذا الوضع الذي دخلنا فيه فجأة؛ فالمشروع بدأ منذ الألفية الجديدة، منذ أحداث البرجين في نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر 2001، فعملية تغيير النظام الدولي بدأت منذ ذلك الحين حينما تم خلق حالة تسمى الإرهاب الإسلامي».
وتواصل رجب «كانت المنطقة بمجملها مستهدفة بهذه الاتهامات، كل عملية التغيير التي حدثت منذ 2001 إلى هذا اليوم تأتي ضمن ذلك المفهوم الذي يقول بأن الأنظمة غير الديمقراطية في المنطقة هي التي كانت سبباً في ظهور الإرهاب والإرهابيين، وقيل هذا الكلام علناً، إذن كانت الانطلاقة الأولى لاستهداف هذه الأنظمة وتغييرها وتصدير الديمقراطية إلى المنطقة منذ ذلك اليوم، ولكن المشكلة أننا نحن العرب عموماً والخليجيين خصوصاً ذاكرتنا قصيرة، وعملية ربط الأحداث ببعض لا تتفاعل مع أذهاننا بسهولة، فعندما نمر بحدث ما، ننسى ما هي أصوله ونظل نعيش الحدث نفسه فقط».
شيطنة الأنظمة بحجة الإرهاب الإسلامي
وتمضي رجب في تأصيل المسألة، «بزغ الإرهاب فجأة بعد انتهاء الحرب الباردة وبعد أن كان المعسكر الاشتراكي هو العدو، انتقلنا إلى البعبع الجديد وهو الإرهاب الإسلامي، هذا بالضبط ما يعني التحول إلى منظومة جديدة من العمل السياسي وتشكيل النظام الدولي الجديد والأمور كلها تتابعت، عملية التغيير في المنطقة التي أعلن عنها كولن باول في مجلس الأمن قبل ليلتين من غزو العراق عام 2003 بضرورة وأهمية إعادة صياغة منطقة الشرق الأوسط سياسياً وجغرافياً، هذا الكلام قيل نصاً، ومن هناك كان الانطلاق، ورغم ذلك دخلنا كل هذه المرحلة بإعلام ما قبل الحرب الباردة، إعلام ضعيف غير قادر أن يصل إلى مستوى الحدث، مع أن المفترض والمعروف أن الإعلام يتقدم الجيوش وهو السلاح الذي يفتح الأبواب للغزو والتغيير وكل المفاهيم الجديدة للعمليات الحربية، هذه الأمور المفترض كانت واضحة لنا ولكننا لم نعمل عليها».
وترى رجب أنه «منذ ما قبل 2003 والعمل الإعلامي الذي يستهدف شيطنة الأنظمة بدأ في التسعينيات، وكانت الصورة واضحة أمامنا كيف كان يتم شيطنة النظام العراقي، هي العملية نفسها التي تمت ممارستها على الأنظمة العربية الأخرى منذ 2003 إلى اليوم، وتم تصعيد هذه العملية منذ 2011 إلى اليوم، ولذلك نحن نحتاج لتغيير في منظومتنا الفكرية لنواجه هذا الوضع الجديد، فإعلامنا قديم جداً، وهو بحاجة للتطوير والتغيير أيضاً، نحتاج بنية تحتية إعلامية فكرية وتقنية وسياسية، في حين أن هناك أدوات عربية أيضاً تماهت مع هذا المشروع».
وسألتها عرضاً عن جديد القضية مع قناة «المنار»، فقالت إنها: «مستمرة في الإساءة للبحرين كأي وسيلة إعلامية تابعة لإيران ولها الدور الأكبر في تشويه صورة البحرين الحقيقية»، إلا أنها تؤكد أن هذا الأمر متروك لدى اتحاد إذاعات الدول العربية بعد قرار الجمعية العمومية للاتحاد الذي توعد بمتابعة القناة ومن ثم اتخاذ قرارات لاحقة، غير قرار الاعتذار الذي تم الاتفاق عليه.
المنظمات الحقوقية تدعم مسرحيات الشارع
وعن البحرين خصوصاً تقول رجب: «لقد بدأنا متأخرين، والآن نسابق الزمن لنحاول إعادة بناء البنية التحتية الإعلامية لننطلق، في السنة الأخيرة 2013 استطعنا تحقيق بعض التقدم ولكنه ليس بالطموح، وعملية إعادة البناء مستمرة، وسنشاهد التطور على مراحل مع إيماننا بأنه ليكون لديك إعلام فاعل فيجب أن تكون لديك كل الأدوات الصحيحة التي ذكرتها آنفاً، ولكننا في الجانب الآخر نعي جيداً خطورة عمليات التغيير التي تتبناها منظمات حقوقية دولية وإدارات دول عالمية ومجاميع نشطاء، تعمل على تكريس فكرة أن المعارضات هي من يؤخذ بكلامها وأن الأنظمة لا مصداقية لها، وهذه أيضاً مسئولية صعبة وشاقة».
وتضيف الوزيرة «في الوقت الذي تمارس فيه المعارضة الإرهاب والكذب والتمثيل والفوضى وتظهر أنها الطرف الأضعف، رغم أنها معارضة لا تؤمن بالديمقراطية، وهي في أساسها كلها، كما نرى اليوم، لديها أيديولوجية الإسلام السياسي والإرهاب، ومع كل هذا تقف المنظمات الحقوقية الدولية خلفها، ولذلك يجب أن نفهم ماذا نصارع، وأن نفهم نحن نواجه من؟».
وتذهب رجب بالاتهام للمنظمات الثلاث الكبرى في أميركا وبريطانيا وفرنسا، وكذلك المتفرعة منها، فتقول: «المنظمات الثلاث الأقوى والأكثر شهرة في العالم البريطانية والفرنسية والأميركية وما يتفرع عنها من منظمات هي التي تدعم جماعات العنف والإرهاب في منطقتنا وتعتبر أن رسائل الأنظمة والحكومات رسائل غير صادقة، وهذا جزء من مساندة مشروع التغيير بشكل كامل، ولذلك ليس من السهل أن توصل رسائلك إن لم تملك كل الوسائل الفكرية والسياسية والتقنية والمنظومة الإعلامية كاملة لمواجهتها».
ضعف الأحزاب والجمعيات
وعن الحراك الشعبي والحزبي المضاد الذي التزم بالخط الوطني في التغيير وفق المؤسسات الرسمية والدستورية، ترى رجب أن «هناك أيضاً قوى أخرى تملك أحزاباً وتنظيمات، ولكنها لا تملك قوة سياسية ولا مشروعاً واضحاً يظهر الصورة الحقيقية لما يحدث في الشارع، وهي ضعيفة إعلامياً وغير قادرة على إنتاج صورة واقعية، لأنها تفتقد للقوة الفكرية، وأخطاؤها كبيرة، ولذلك عليها دور كبير في المراجعة والتطور لمواجهة العنف والإرهاب وتعمد شيطنة الدولة».
وتؤكد رجب أن البحرين «بحاجة إلى أذرع كثيرة في مواجهة المشروع الذي يسري في المنطقة، مشروع نشر الفوضى عبر العنف والإرهاب، وبدا هذا المشروع واضحاً أمام العالم بينما دولنا تسير برتابة فيما يتفاعل الإعلام الدولي في تغيير هذه الصورة ليظهرنا كدول غير مستقرة وفاشلة ولا سيادة للقانون فيها».
وتوضح رجب أنه رغم كل ذلك فإن الإعلام البحريني يتقدم إلى الأمام، وقالت: «إنهم مستمرون واستطاعوا أن يثبتوا صوتهم في هذه الفترة الصعبة»، مضيفة بأن «رغم ما يقال عن البحرين، ورغم أن دولاً عربية لم تستطع أن تصمد، ولكن لأننا كنّا نملك القدرة على إيصال صوت صادق استطعنا أن نتجاوز المرحلة الأمنية الصعبة في 2011 بجدارة، بأقل الأضرار، كل أحداث الأسابيع الأربعة مرت بأمان رغم تفعيل المسرحيات والتمثيل، لقد عملوا مسرحيات للدم والقتل، وقف أمامها الإعلام البحريني ليؤكد أنها لا تسندها أسانيد حقيقية».
شباب البحرين واستراتيجية الدولة الإعلامية
وعن كيفية هذا الصمود وكيف هي الرؤية للمستقبل، تقول الوزيرة: «إن أنظمة الحكم فيها أكثر من مدرسة (من الناحية الإعلامية)، وهذا في كل دول العالم، وهذا أحد عوامل حيوية الحكومة في البحرين بصفتي عضواً فيها».
وتشرح رجب فكرتها «هناك تجاذبات في كل الأنظمة، وهي تختلف سواء كان هذا التجاذب بين أجيال أو بين أيديولوجيات أو غيرها، ولكن من يستطيع إثبات أنه الأقدر والأكفأ سيتقدم ويمضي، ولو عدت بالحديث للبحرين فسأقول بأنها تملك مجتمعاً فتياً وشاباً، ولذلك هناك تقدم للفكر الشاب، بمعنى الفكر الجديد، ولذلك نحن نعمل هنا على طريق تغيير وتحديث الإعلام ليواكب هذا الفكر رغم الصعوبات والعوائق المختلفة، وإنما ما يهم هنا هو المبدأ الرئيس وهو إيماننا بهذا الفكر التقدمي».
وتطرح الوزيرة خطتها الوطنية فتقول: «نحن لدينا خطة استراتيجية خمسية بدأنا فيها منذ مطلع 2013 ونتقدم فيها بصورة جيدة، إذ نحاول إعادة البناء من خلال إصدار تشريع جديد للإعلام، هو الآن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ليتم إقراره، وكذلك نمشي في خطة لبناء منظومة الإعلام الجديد، هي الآن على الورق يتم تجهيزها ولكي يبدأ تنفيذها هي بحاجة لترسية مناقصات وعروض شركات، وكذلك طرح قنوات تلفزيونية جديدة إضافة إلى رفع مستوى الحالية، ومن ذلك قنوات تخصصية أهمها قناة اقتصادية لدينا كامل الطموح في إنشائها لتتواكب مع أهمية البحرين الاقتصادية باعتبارها مركزاً مالياً في الشرق الأوسط، وكذلك قنوات للأسرة والطفل والمرأة، وهناك هيئة عليا للإعلام والاتصال تم تشكيلها وستكون مسئولة عن تنظيم سوق الإعلام وسيتم تفعيل دورها قريباً، وأسسنا مكتباً للمتحدث الرسمي باسم حكومة البحرين كأول مؤسسة من هذا النوع في منطقة الخليج ويقوم بدور فاعل في إيصال المعلومة الصحيحة والرسمية للإعلام الداخلي والخارجي، كلية للإعلام ستستقبل أول دفعة في سبتمبر من العام الجاري».
وتؤكد الوزيرة أن هيئة شئون الإعلام وقعت اتفاقيات تعاون مع أذرع إعلامية في العالم في دول متقدمة في الإعلام شرقاً وغرباً تتضمن كذلك وكالات أنباء، ويقضي هذا التعاون الواسع أن يكون هناك تدريب وتطوير.
أزمة الخطاب السياسي والبعد الطائفي
تبدي رجب وجهة نظرها حول الخطاب السياسي في البحرين، إذ تراه أصبح خطاباً متشدداً وطائفياً، واختطف من المتطرفين في الفريقين، ويدور وسط استقطاب شديد، ولذلك قالت بأنها وفق مسئولياتها نأت بالإعلام الرسمي عن هذه الأجواء.
وقالت: «لكي نتفادى الدخول في عملية الاستقطاب الطائفي ونشر فكر غير سليم، ولذلك حيّدنا تلفزيون البحرين عن هذا الاستقطاب وتوقفنا عن نشر كل ما يدعو أو يسهل لهذا الفكر من أي طرف كان، وركزنا على الجوانب الثقافية والاجتماعية والعلمية، ونحن في هذه المرحلة لا نغفل أن هناك مبادرة حوار مطروحة من المفترض أن تهدّئ هذه الاستقطابات، ولا نغفل أيضاً أن الانتخابات قادمة».
العدد 4224 - الإثنين 31 مارس 2014م الموافق 30 جمادى الأولى 1435هـ
كيف
السؤال الاهم كيف تجاوزت