أشير بالتقدير الكبير إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة ممثلة في كلية الدراسات القضائية والأنظمة في تنظيم إقامة ملتقى التحكيم الأول في العالم الإسلامي بالتعاون مع فريق التحكيم السعودي خلال الفترة من 9-10 مارس/ آذار 2014 (8-9 جمادى الأولى 1435)، تحت رعاية معالي وزير التعليم العالي وبحضور سمو الأمير بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس فريق التحكيم السعودي، فقد مثل الملتقى صورة مشرقة لهذا الكيان العلمي الشامخ بأم القرى وعلامة بارزة لهذه الكلية الناشئة المباركة، إذ كان على مستوى عال من التنظيم والإعداد والتنسيق والحضور، ما رسم منظومة من الإبداع والتميز والعمل المتكامل المثمر.
وقد جرى التوافق على تأسيس إتحاد دولي لمراكز التحكيم في العالم الإسلامي وذلك بتوقيع وثيقة الإجتماع التأسيسي في يوم الاثنين 10 مارس 2014، بناء على دعوة الأمير بندر بن سلمان خلال كلمته الإفتتاحية بالملتقى وتفعيلاً لتوصية الملتقى في بيانه الختامي، على أن يسعى هذا الإتحاد فور تأسيسه واعتماد نظامه الأساسي إلى تسجيله بصفة رسمية لدى المنظمة المعنية بتفعيل التعاون الإسلامي.
هذا الجهد والتوجه يصب في مصلحة مراكز التحكيم العاملة في الدول العربية والإسلامية لإبراز وضع التحكيم فيها وتكثيف البحوث والدراسات الفقهية للإستفادة من قواعد شريعتنا السمحاء، وإصدار مجلة تحكيم علمية إسلامية تتضمن تلك البحوث والتشريعات العربية المتعلقة بالتحكيم وأحكام محاكم وهيئات التحكيم العربية الصادرة عن مراكز التحكيم في العالم الإسلامي.
ودعونا نقارع الجهد بالجهد، ونستذكر الواقعة بالواقعة، إذ أنه بناء على توصية من أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق عصمت عبدالمجيد، بضرورة العمل الجاد وبذل الجهد لإخراج التحكيم العربي من أزمته والعمل على قيام مراكز التحكيم العربية بدورها في خدمة التجارة العربية ودول المنطقة، قام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بالتعاون مع جامعة الدول العربية بتنظيم مؤتمر دولي عن «مراكز ومؤسسات التحكيم العربية» بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، خلال الفترة من 23-25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1997، وتم في نهاية المؤتمر تشكيل أمانة عامة تنفيذية لمراكز التحكيم العربية برئاسة المستشار محمد أبوالعينين (رحمة الله عليه)، وكان من ضمنهم الأمير بندر بن سلمان بمنصب الأمين العام المساعد لمنطقة الخليج العربي.
وقد قام الإتحاد بالفعل من الناحية القانونية قبل عقد مؤتمره الثاني في بيروت 17-18 مايو/ آيار 1999 بعد إبداء أربعة عشر غرفة تجارية ومركزاً وجهة علمية موافقتهم على قيامه ورغبتهم في عضويته، وتم تعديل الاسم إلى «الإتحاد العربي للتحكيم الدولي» بناء على اقتراح أحد أعضاء الأمانة العامة لمراكز التحكيم العربية تقريراً للواقع وأخذاً في الاعتبار أن المراكز العربية للتحكيم عبارة عن عشرة مراكز، وأن الفرصة لابد أن تتاح لغرف التجارة والجهات المعنية بالتحكيم العربي للإنضمام إلى الإتحاد.
الدعوة إلى قيام الإتحاد الدولي لمراكز التحكيم في العالم الإسلامي انطلقت تقريباً بعد سبعة عشر عاماً من دعوة قيام إتحاد مراكز التحكيم العربية، في ظروف تختلف كلياً عن ظروف تأسيس الإتحاد العربي للتحكيم الدولي، فعدد مراكز التحكيم في الدول العربية أو الإسلامية - حدث ولا حرج - كثيرة منها ما هو تابع لغرف التجارة والصناعة، ومنها ما هو تابع للجامعات الوطنية، ومنها ما هو تابع للنقابات والجمعيات المهنية، ومنها ما هو تابع للمنظمات الإقليمية، ومنها ما هو في شكل من أشكال الشركات التجارية المملوكة لشخص أو أشخاص. ونأمل أن يوفق الله العاملين على إنشاء هذا الإتحاد في أن يسلكوا الطريق الأصوب والأعدل في اعتماد نظامه الأساسي وتسجيله رسمياً في المنظمة المعنية، رغم أن منظمة التعاون الإسلامي التي تأسست في مدينة الرباط العام 1969 وتمثل تجمع سبعٍ وخمسين دولة ومقرها جدة بالمملكة العربية السعودية، تعتبر الأقرب لتسجيل هذا الإتحاد.
فشكراً لسمو الأمير بندر بن سلمان على إطلاق هذه الدعوة بإنشاء إتحاد مراكز التحكيم في العالم الإسلامي، وشكراً للشيخ سعود بن إبراهيم الشريم عميد كلية الدراسات القضائية والأنظمة بجامعة أم القرى وفريق العمل الرائع الذي قام بتنظيم هذا المؤتمر بالتعاون مع فريق التحكيم
إقرأ أيضا لـ "أحمد نجم النجم"العدد 4222 - السبت 29 مارس 2014م الموافق 28 جمادى الأولى 1435هـ