العدد 4221 - الجمعة 28 مارس 2014م الموافق 27 جمادى الأولى 1435هـ

وثيقة: رسائل آل الصايغ إلى آل مخرق في ختام موسم اللؤلؤ

صورة بيت يوسف الصايغ من الداخل في بومبي- عام 1948
صورة بيت يوسف الصايغ من الداخل في بومبي- عام 1948

عرضنا في الأسبوع الماضي، وثيقة مطولة في صفحتين تتحدث بشكل خاص عن علاقة أسرتين من أُسر تجار اللؤلؤ في الخليج، بين البحرين ودبي تحديداً. والعائلتان هما عائلة المخرق البحرينية، والصايغ الإماراتية في دبي. والغريب، وللمصادفة، أن كلا العائلتين اتخذت من أصول المهنة في زمن الغوص اسماً لهما، فكما هم الصاغة، كذلك عائلة «المخرق» في المنامة، وفي «فريق المخارقة» تحديداً، حيث أُطلق على العائلة هذا الاسم نسبة للمهنة. فكان هذا الحي هو موطن «خراقة» اللؤلؤ البحارنة، قاموا بهذا العمل التقني العجيب بحنكة ودراية قبل أن يهاجر عدد كبير منهم إلى مسقط وينشئوا فريق البحارنة هناك ويتخصصوا في المهنة نفسها.

والوثيقة المذكورة، عبارة عن رسالة مطولة بعث بها التاجر المعروف آنذاك، يوسف بن علي الصايغ، من مومبي بتاريخ 13 ذي الحجة لعام 1367 (17 أكتوبر/ تشرين الاول 1948) إلى البحرين. لكن قد سبقت تلك بعام واحد فقط أي في 27 ذي القعدة لعام 1366هـ، (12 أكتوبر 1947م)؛ رسالة أخرى وصلت للحاج عبدالمحسن المخرق من التاجر علي بن إبراهيم الصايغ، من مكتبه التجاري في مومبي مع أن الورقة الرسمية كُتب عليها «دبي»، تتناول بشكل خاص حسابات متعددة وأرقاما مختلفة لأوزان وأثمان اللؤلؤ المتداول بينهم.

وعلي بن إبراهيم الصايغ، كما تذكر مدونة الصاغة في البحرين، من فرع عائلة الشيخ إسماعيل بن إبراهيم بن عبدالعال الصايغ من آل بطان، الذين قدموا إلى البحرين وسكنوا المحرق في بيت مقابل لبيت الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين آنذاك. واشتهرت العائلة بصناعة أجود أنواع السيوف والخناجر، لكنهم في الصيف كانوا يتوجهون لأهم تجارة في ذاك الزمان، وهي صيد اللؤلؤ. ومع ازدهار تجارة اللؤلؤ انتقل عدد من أفراد الصاغة إلى ابوظبي ودبي.

وتأتي وثيقة هذا الأسبوع أيضاً لتلقي أضواء حميمية على عمق تلك العلاقة بين عائلة المخرق في البحرين، والصايغ في دبي ومومبي، نظراً لتكرار رسائل تجارة اللؤلؤ بين الصايغ في الهند والمخرق في البحرين خلال سنتين متتاليتين. ولتؤكد الثقة العالية التي توليها أسرة الصايغ لعائلة المخرق ممثلة بالحاج عبدالمحسن بن يوسف المخرق، بحيث كانوا يؤمّنونه على أموالهم في البحرين، وديونهم عند بعض الطواويش، والتعاون معه في شراء وبيع اللؤلؤ بين سوق البحرين المهمة جداً وسوق مومبي. ووثيقة اليوم تدل على ذلك بشكل كبير حيث يذكر فيها، علي بن إبراهيم الصايغ، العديد من المبالغ المدونة كأثمان لعدة أنواع من اللؤلؤ مثل (الحصباة، البطون، البدلة)، كما أورد في هذه الوثيقة أسماء تجار لؤلؤ آخرين أمثال (الحاج محمد بن عيسي، الحاج حسين، وتاجر هندي يدعي كودرجي).

أما الوثيقة السابقة لتاجر اللؤلؤ يوسف بن علي الصايغ، فنلاحظ أنه طلب من خلال سطورها من الحاج عبدالمحسن أن يبذل جهده لتحصيل الدين الكبير (كما ورد في الوثيقة = 4958 روبية) وكان يطالب به أحد الأشخاص وبحضور تاجر ثقة، وهو عبدالرحمن القصيبي، ليكون شاهداً على استلام ذلك المبلغ. ونكتشف هذا من قول الصايغ في رسالته المذكورة عن صاحب الدين بعد أن اتضح له خداعه: «اعلم أن المذكور عرفنا أن نيته باطله، وارجوك وثم ارجوك يا ابو يوسف انكان هو بالبحرين اتكلم معه بحضور الأخ الحاج عبدالرحمن القصيبي وابنه خليفه». ويفيدنا يوسف الصايغ أيضاً بأن المذكور قد مضى على وجود المبلغ معه نحو ثلاث سنوات وهو يماطل في إرساله: «الآن ثلاث سنواة (ت) مضت وهو يبيع ويشتري».

كما تشير تلك الوثيقة لوجود تاجر اللؤلؤ الهندي المشهور في زمن اللؤلؤ المدعو (دململ داس)، وقد كان يملك متجراً في البحرين يزاول فيه أعماله من شراء وبيع اللؤلؤ البحريني تحديداً. كما تؤشر أسعار أنواع اللؤلؤ المبينة في الوثيقة لضعف السوق في الهند حينها.

وفي الحقيقة، عند متابعته تقارير حكومة البحرين التي كان يصدرها المستشار (شارلز بلجريف) سنوياً، عن مجموع دخل اللؤلؤ السنوي وعدد السفن المبحرة في مواسم الغوص بين 1928 و1938، نكتشف البدء الحقيقي لتدهور مهنة الغوص وتجارته. وجاء ذلك إثر ضربات متتالية منيت بها سوق اللؤلؤ، أهمها، التوصل لطريقة زرع اللؤلؤ الصناعي في اليابان بكميات تجارية وفيرة وغير مكلفة على يد العالم الياباني «ميكوتو» عام 1912 بعد إنتاجه لؤلؤة مزروعة كاملة الاستدارة اثر جهود استمرت لسنوات، فسجل ذلك بداية الكارثة على صناعة اللؤلؤ الخليجي بالذات. أضف إلى ذلك، قيام الحرب العالمية الثانية وتعطل تواصل تجارة اللؤلؤ مع الهند وأوروبا للمرة الثانية خلال عشرين عاماً. ناهيك عن مشكلة تسرب كميات كبيرة من اللؤلؤ الصناعي إلى سوق اللؤلؤ في البحرين، وبدء عمليات الغش في تلك التجارة بين اللؤلؤ الطبيعي الثمين واللؤلؤ الصناعي الرخيص. ويذكر أنه حدثت العديد من عمليات الغش المقصودة من بعض تجار اللؤلؤ عن طريق خلط الصناعي الرخيص باللؤلؤ الطبيعي الثمين وبيعه على أساس أنه لؤلؤ طبيعي، سواء في البحرين أو بقية إمارات الخليج العربي آنذاك.

وجاء الختام، كما يتضح من أسعار اللؤلؤ في الوثيقتين المذكورتين هنا، في النصف الثاني من أربعينيات القرن العشرين، عندما حلت كارثة مضاعفة على رؤوس تجار اللؤلؤ والطواويش في الخليج والبحرين عام 1946، حيث قررت الحكومة الهندية فرض حظر على دخول اللؤلؤ الطبيعي إلى أراضيها عبر موانئها. وبما أن الهند هي السوق الرئيسية لتصريف لؤلؤ الخليج؛ فقد كان هذا القرار بمثابة الضربة القاضية لصناعة وتجارة اللؤلؤ العريقة.

العدد 4221 - الجمعة 28 مارس 2014م الموافق 27 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:58 م

      لؤلؤ للبيع

      عندى قطعتين لؤلؤ حر ناصع البياض شكل دائرى نادر يتراوح مقاستهم من 10 مللى الى 11 مللى منهم قطعة مكسورة مطلول نهائى30000جنية مصرىه...للتواصل 01220658879

    • زائر 2 | 11:15 ص

      شكرا

      جميل هذا الطرح

اقرأ ايضاً