غداً تبدأ جولة الانتخابات البلدية في تركيا. الجميع يترقب، لكن أكثرهم ترقباً هو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. فَحَدُّ الرهان الذي قَطَعَه على نفسه يبقى حاضراً: إن لم أتصدَّر الفائزين، فسأعتزل السياسة. ربما يذكرنا هذا بِرِهَان الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول، الذي خسره في استفتاء اللامركزية، فتنحى من منصبه واعتزل في إبريل/ نيسان 1969 وهو محرّر فرنسا.
في العام 2011 حصل «حزب العدالة والتنمية» الذي ينتمي إليه أردوغان على 49.8 في المئة. خصومه قالوا بأن النسبة دليلُ تراجعٍ «متدحرج» لشعبية الحزب. أردوغان قال حينها، أنه يكتفي بأزيد من 38 في المئة بقليل. لكن، ما بين العام 2011 ولغاية اليوم، جَرَت مياه كثيرة، وتبدلت انتماءات عديدة، أبرزها أن محمد فتح الله غولن لم يكن متمرداً على حكومة أردوغان في ذلك العام كما هو اليوم.
وعندما نقول بأن غولن لم يكن متمرداً، فهذا يعني أن ادعاءات فضائح الفساد والرشا لم تكن موجودة كما هي اليوم. ولم تكن الاستقالات موجودة كما هي اليوم. ولم تكن الثقة رجراجة في المؤسسات الأمنية التركية كما هي اليوم. ولم يكن جزء من نشاط القضاء محل صراع كما هو اليوم. ولم تكن هناك معارك في «تقسيم» ولا مع خمسة عشر مليون تركي من مستخدمي «تويتر».
الأهم من كل ذلك، لم تكن حينها تركيا تعيش أوضاعاً «شبه حربية» مع سورية كما هي اليوم. فالأزمة السورية، غيَّرت كثيراً من ملامح السياسة التركية في المنطقة، وبالتالي حرّكت الرأي العام في داخل تركيا. وربما كانت الصعوبات والمتغيرات التي واجهتها حكومة حزب العدالة والتنمية في بحر الأعوام الأربعة الماضية، هي أزيد وأشد وأعقد من كامل الأوضاع التي عاشتها منذ العام 2002 عندما جاء الإسلاميون الأتراك إلى السلطة، وعاشوا خلالها عصرهم الذهبي.
قبل أيام، حاول أردوغان أن يُحرِّك حملته الانتخابية من خلال إسقاط طائرة حربية سورية. وعلى إثرها، قام الجيش السوري بإسقاط منطاد تجسس تركي على الحدود. ثم من خلال ظهور الرئيس التركي عبد الله غل وإعلانه أن تركيا ستدافع عن ضريح سليمان شاه (جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية الذي يقع على نهر الفرات داخل سورية) بالطريقة نفسها التي تدافع بها عن أي أرض تركية، وذلك لإظهار الحكومة التركية الأردوغانية على أنها الحامية للإرث القومي التركي.
وقد قام أردوغان بتنظيم حفلٍ في مدينة تشانق قلعة على مضيق الدردنيل، ليقول هذه الكلمة: «على مَن لديهم أطماع في تركيا، أن يعلموا أنهم سيفشلون، كما فشلت القوات التي حاولت عبور تشانق قلعة قبل تسعة وتسعين عاماً». وهو يريد بذلك أن يعيد جزءًا من حمِيَّة الأتراك «البطولية» تجاه تاريخهم في الحرب العالمية الأولى، عندما كانوا إمبراطورية عثمانية بجوار أوروبا.
كل ذلك هو جزء من حملة الترميم لصورة العدالة والتنمية، بعد الهزات العنيفة التي ضربت كيانه. لكن يبدو أن الأمور أبعد من اللعب في الربع ساعة الأخيرة. في داخل تركيا، لم يكن رجب طيب أردوغان «طيباً» بما يكفي مع الخصوم. لقد لجأ في أحيان كثيرة إلى خطاب متشنج وحاد. دَرَجَ على استخدام «المؤامرة» و«سنسحق خونة الداخل»، ومصطلحات مماثلة في كثير من خطاباته وتصريحاته. وكان ذلك الخطاب بمثابة صورة مطابقة للصورة النمطية للإسلاميين وهم يحكمون.
كما وصف أردوغان قبل أيام، المعارضين له (وهم الذين يتقاسمون معه السلطة التشريعية وأنصارهم بالملايين) بأنهم «محامون للظالم بشار الأسد في سورية والمشير عبد الفتاح السيسي في مصر». هذا الخطاب لا يتلاءم مع مَنْ يريد أن يحكم الجميع، وفي بلد عظيم كتركيا.
في الخارج، لم يعد جوار تركيا المعادِي «صفراً» كما بشَّر به داوود أوغلو، بل تحوَّل إلى مجموعة من الأعداء الحقيقيين. العراق خصم. سورية خصم. أرمينيا خصم. أيضاً هناك خلافات لازالت قائمة بينها وبين إيران حول سورية والعراق، وخلافات أخرى بينها وبين اليونان حول قبرص. في الجوار الأبعد، برز خلاف تركي مصري، وآخر مع جزء من دول الخليج العربية بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين في مصر. هذه الخارطة تعطينا صورةً لجوار تركي ملغوم بامتياز.
أما العلاقة مع الاتحاد الأوروبي فلا تبدو على ما يرام بعد تقرير الاتحاد بشأن تركيا، والذي كان صدمةً لأنقرة، كونه الأشد نقداً لأداء أنقرة في ملفات عديدة، من بينها ملف حقوق الإنسان، وما يترتب عليه ذلك من مواقف تجاه محاولة ضمها للاتحاد الأوروبي من عدمه.
هذا الجوار مؤثر جداً في توازنات البلدان في الداخل. سياسياً لأنه يفرض أوضاعاً ليست اختيارية لحركة الدول؛ اقتصادياً لأنه مضرٌ بالميزان التجاري ولمسألة دخول وخروج السلع والمنتجات؛ أمنياً لأنه يشجّع الخصوم على اللعب في الأرض التركية؛ ثقافياً لأنه يزيد من حجم المكتوب والمقروء والمسموع المناكف. وربما وجدنا شيئاً من ذلك في صورة الإعلام المناهض لتركيا في أكثر من مكان.
بالتأكيد، لا شيء حاسم لحد الآن، لكن ما يظهر لنا هو ذلك التوصيف، الذي قد تؤكده نتيجة التصويت أو تنفيه، على الأقل في المدن الرئيسية الأربع: أنقرة، اسطنبول، إزمير وديار بكر. والعبرة بالخواتيم كما يُقال.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4221 - الجمعة 28 مارس 2014م الموافق 27 جمادى الأولى 1435هـ
السياسة الحكيمة واثارها
لازلنا نتابع التطورات السياسية للدولة التركية المتغيره تبعا للمصالح , هذا لا غبار عليه ما يعيب على الحكومة التركية هو التحول من من الشرق الى الغرب بخاصة في قضية البحرين فمرة دافعت بكل قوة عن الحراك ومرة وقفت ضده وهل المصلحة الخاصة فوق المصلحة العامة اخيرا هذه السياسة التي يحركها الجشع والطمع مردها الى الهاويه والتاريخ خير شاهد والقادم من الايام خبير بذلك .
إمبراطورية الفساد
اية المنافق ثلاث: اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان
تشكرات
مقال يستحق القراءة
تخبط !
أردوغان متعنت بفكره ويعامل خصومه الأتراك علي أنهم أعداء له ولتركيا لتغطيه فشله في معالجه المشاكل بالأسلوب الحضاري الأخوانيه هكذا عناد وسيطره
سؤال منطقي وواقعي
تسجيلات التجسس اطاحت بالرئيس نيكسون فإذا أردوغان رجل ديمقراطي خله يستقيل بعد فضيحة التجسس على وزير خارجيته
تسلم على المقال
وضعك صعب يا اردوغان
سوريا هي رسول الناتو للخليج
الناتوا عاجزا عن احتلال مباشر للاماكن المقدسه في شبه الجزيره العربيه لذلك ارسل رسوله المناسب بمساعده بعض من يريد الانتقام في ظاهريا حكومه مسلمه و سنيه الذهب ايضا
عفوا تركيا قصدي وليس سوريا
سهوا
اطماع تركيا ليست سوريا بل الخليج
من يتابع السياسه الخارجيه التركيه خصوصا التسريبات الاخيره يدرك ان اطماع تركيا هي في دول الخليج ولكن عبر سوريا بمساعده بعض المنشقين من دول الخليج
متوجه لمزبلة التاريخ
من رخاء وعز وتصدير وتجارة بينية كبيرة الى انعكاس واضح في المواقف وانقلاب في الأفعال من مقولته الشهيرة وتحذيره حكومة البحرين من كربلاء جديدة وتغيير جلده في المشكلة السورية بسحبه من قبل دول لاتملك ديمقراطيات ولا يعترفون بحقوق الانسان لإسقاط وتدمير سوريا خدمة لإسرائيل ومنها بدات المشاكل وستنتهي بسقوط مشروعه اخوانة المجتمعات العربية عن طريق حكمها من قبل فروعها العربية الاخوان المسلمين فلقد سقط الحليف الاكبر مرسي مصر ويسقط الان اردو غان تركيا