في الفترة 3 - 12 مارس/ آذار الجاري 2014 حين دعيت للمشاركة في سمبيوزيوم الأصمخ للفنون في الدوحة لم أتصور أننا سنرسم في الصحراء (في منطقة سيلين) أو أن الصحراء ببهاء ضوئها ستستقبل مجموعة من الفنانين يحملون بين جنبات قلوبهم جنونا عاتيا... وحماسا يبحث عن أي إشارة تحفيز، فما بالنا إذا كان المحرض كثبان رملية ذهبية اللون. رمال حركتها تموج يناغيها بحر لا يصغي إلا لضوء صحرائه المنسرب بين الرمال.
أربعون فنانا وفنانة من جنسيات وثقافات مختلفة توزعوا الخيام. أخذوا أمكانهم للرسم. رسما كنا نرى اللون نقيا صافيا كالضوء الساقط من السماء وكأنه يبحث عن الظل/ ذاك الظل المختفي والظاهر في اللوحة.
خارج المرسم... داخل اللوحة
تحرر من الجدران الأربعة والوحدة
المكان «المخيم» كان مهيئا بشكل لائق ورائق للرسم من جميع النواحي، والأجمل تلك المساحات المتقاربة بين الفنانين/ تبان للوهلة الأولى أنها مساحات مكتظة بالبشر والألوان والفرش والطاولات إلاّ أنها فضاء فسيح بحجم الصحراء وبسعة هدير موج البحر وبعمق ما ينفثه الفنانون من أنفاس طرية من قلوبهم على السطوح البيضاء.
أثناء الرسم وخلاله اختلط النهار بالليل بالموسيقى التي كان الفنانون الشباب لا يغمض لهم جفن إلا على سماع أنغامها/ موسيقى وأغان متنوعة بتنوع جنسيات المشاركين عرب وهنود وباكستانيين وكرد وأوروبيين وإيرانيين... اختلط التأمل بالواقعي والتجريدي والتعبيري وبالعبث أيضا.
فكرة المكان كانت مجنونة لجهة اختيارها وهذا ربما ما يميز هذا الملتقى الفني، كانت الصحراء وكان البحر وكنا في انقطاع دائم مع الرسم... وكنا شبه منقطعين عن العالم عدة أيام، لا شبكة انترنت تطال، ولا خط اتصال هاتفي... إنها نعمة الانقطاع ولو لساعات عن هذا الكون، هذا الكون المليء بالخطايا... المشحون بالضغائن.
فكرة أن تستضيف أربعين فنانا من مختلف بقاع الكون بتباين أمزجتهم واختلاف توجهاتهم ومستوياتهم الفنية ليس بالأمر الهين، بل يحتاج لفريق عمل وتنظيم ومتابعة... الخ، وهذا ما وفرته إدارة سمبيوزيوم الأصمخ للفنون في دورته الثانية وهي تسعى من وراء ذلك بحسب حسن إبراهيم الأصمخ، نائب رئيس مجموعة ريجنسي القابضة والفنان التشكيلي القطري محمد العتيق، المدير العام لريجنسي للفنون والمنسق العام للسمبوزيوم، إلى فتح كوة لنشر الوعي الثقافي والفني في دولة قطر على المستويين العربي والدولي والمساهمة في ترسيخ البنية الفنية والثقافية للدولة وأن يكون دعامة تاريخية للفن والفنانين حضار ومستقبلا.
مشددا على أن الاستثمار في الفن بحاجة إلى وعي بأهميته وإلى نفس طويل.
وكشف أنه لن يتم بيع أي عمل، معربا عن طموحه لتأسيس متحف، بدأت نواته الأولى تتشكل من الآن بتخزين الأعمال الفنية وفق أحدث التقنيات المتعارف عليها.
كان الملتقى الفني... السمبيوزيوم... الذي كلل بإقامة معرض لما أنتجه الفنانون على إحدى صالات فندق ويندام جراند ريجنسي.
وكانت الصحراء نصا مفتوحا على الخيال... على الذهبي من الرمال.
كانت نصا مفتونا باللون وبحركة الفرشاة
بالعالي البليغ من موسيقى الليل
بحركة الأجساد وهي تهادي القمر
كانت بليغة حد الصمت.
إقرأ أيضا لـ "عباس يوسف"العدد 4221 - الجمعة 28 مارس 2014م الموافق 27 جمادى الأولى 1435هـ
أنا أقول لك
أنت فنان للرسم بالريشة والألوان أم أديب بليغ تذهب بنا الى حيث مرسمك وخيمتك والتل الذي ما برحت تستلقي عنده متهيبا من موج البحر أو متهيئا لرسم أعتاها،، فشكرا لهذا الإبداع المشحون بالصور البيانية.