أصدر ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة قراراً في (26 مارس / آذار 2014) بإعادة تشكيل مجلس التنمية الاقتصادية.
وجاء فيما نشرته وكالة أنباء البحرين «صدر عن ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة قرار رقم (1) لسنة 2014 بإعادة تشكيل مجلس التنمية الاقتصادية. ونص القرار على إعادة تشكيل المجلس بعضوية كل من: سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، رئيس مجلس إدارة شركة ممتلكات البحرين القابضة، وزير الصناعة والتجارة، وزير المالية، وزير العمل، محافظ مصرف البحرين المركزي، رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، رئيس مجلس إدارة صندوق العمل (تمكين)، الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية، جميل علي المتروك، زايد راشد الزياني، خالد عمرو الرميحي، عادل حسين المسقطي، طارق جليل الصفار، سامر ماجد الجشي، ديما رسول الحداد، خالد علي الأمين، محمد فاروق المؤيد، خالد إبراهيم حميدان، ندى علوي شبر. وتكون مدة العضوية بحسب القرار ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور القرار».
متتبعون يرون أن مجلس التنمية الاقتصادية بدأ يعود إلى دوره الاستشاري والترويجي الذي بدأ به من قبل، وهو ما يعني تخلي المجلس عن الصفة الالزامية لقرارات. وهذه العودة إلى الوضع السابق بدأت في 2011، كما أن تعيين ولي العهد في مجلس الوزراء في مارس/ آذار 2013 يعني أن مجلس التنمية الاقتصادية يستطيع التأثير مباشرة في قرارات مجلس الوزراء من خلال منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء.
التشكيلة الجديدة لمجلس التنمية الاقتصادية أخرجت نواب رئيس الوزراء الثلاثة، و11 وزيراً، وأبقت على ثلاثة وزراء فقط، هم: وزير الصناعة والتجارة، وزير المالية، ووزير العمل، وبهذه التشكيلة فإن مجلس التنمية الاقتصادية في 2014 يحظى بأدنى تمثيل حكومي فيه منذ تشكيله، ويعود بذلك إلى حقبة سابقة.
يمكن القول إن ما حدث في 2011 وضع حدّاً لطموحات مجلس التنمية، إذ حدث تغيير استراتيجي على الأرض وتم إلحاق جميع المشاريع والمبادرات والمؤسسات التي كانت تعمل تحت مظلة وتوجيهات مجلس التنمية الاقتصادية بجهات حكومية، وأصبح التواجد مختلفاً عن تلك الطموحات التي أعلنها في 2008.
ففي (14 يناير/ كانون الثاني 2008) تبادل سمو ولي العهد وجلالة الملك رسالتين، تم فيهما تناول العوائق التي يواجهها مجلس التنمية الاقتصادية، بسبب عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية، وتلكما الرسالتان أدتا إلى زيادة صلاحيات مجلس التنمية الاقتصادية وإعادة ترتيبه من جديد ليضم 17 وزيراً ونائباً لرئيس الوزراء، وذلك من أصل 27 عضواً في مجلس التنمية.
ومنذ ذلك التاريخ (مطلع العام 2008) كان دور مجلس التنمية الاقتصادية أكثر أهمية ونفوذاً من ذي قبل، وذلك بعد تشكيل لجنة تنفيذية تضم 17 وزيراً، وكانت اللجنة التنفيذية التي يترأسها ولي العهد تعقد اجتماعاً أسبوعيّاً كل يوم خميس لمناقشة المشروعات والاقتراحات التي تطرحها «الإدارة التنفيذية» على مجلس إدارته مع الوزراء المشاركين.
سعى مجلس التنمية الاقتصادية في 2008 إلى تحقيق ما كان يدعو إليه منذ انطلاقه في مطلع الألفية، ووجد أن الصلاحيات التنفيذية الملزمة التي منحت إياه توفر له الفرصة السانحة لتحقيق استراتيجيته الاقتصادية ورؤيته للبحرين في العام 2030.
وقد باشر المجلس نشاطه بحماس ملحوظ منذ مطلع 2008 من أجل إعطاء دور مهم وبارز للقطاع الخاص في إدارة المشاريع التنموية وتسيير العجلة الاقتصادية، بالإضافة إلى محاولة المجلس القيام بدور وزارة التخطيط وذلك من خلال وضع خطة استراتيجية سداسية لكل وزارة خدمية.
وقرر المجلس حينها متابعة الخطط الاستراتيجية لكل وزارة، ومقارنتها بما هو موجود حاليّاً، وما ستحققه لاحقاً، ومتابعة قرارات اجتماعات مجلس التنمية؛ لأنها ستكون بالأهمية ذاتها لقرارات مجلس الوزراء.
كما سعى إلى تطوير النظام الرقابي والقضائي وتحسين كيفية تطبيقه، وذلك من خلال دورات وورش عمل قام بها المجلس، وساهم في الكشف عن الفساد في عدد من الشركات التي تمتلك الحكومة فيها أسهماً كـ»ألبا»، «أسري»، «طيران الخليج» وغيرها، اضافة الى انشاء شركة «ممتلكات» والشركات التابعة لها.
كما سعى المجلس الى تقليص دور الحكومة في الاقتصاد الوطني والسماح للقطاع الخاص حفز النمو وقيادة عجلة الاقتصاد، مع التركيز على مشاريع بنك التنمية وتمويله للمشاريع المتوسطة والصغيرة، وإطلاق مبادرات لحفز نمو القطاع الخاص، وتسهيل وتسريع إجراءات تأسيس الشركات.
كما سعى المجلس إلى وضع خطة وطنية لأراضي البحرين، تشمل المياه الإقليمية المحيطة بها، بهدف تحديد دليل عام للنمو في الكثير من المجالات، والتوصل إلى استراتيجية تنويع اقتصادي تشمل تعزيز وضع البحرين كمركز مالي للشرق الأوسط، مع المحافظة على الميزات التي يتمتع بها الاقتصاد البحريني وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين بالشكل الذي يضمن مستوى متقدماً من الرفاهية الاقتصادية، وإفساح المجال أمام النمو في خدمات السياحة والرعاية الصحية والتعليم.
وتضمنت الخطة الوطنية للأراضي أن تكون الاستراتيجية الوطنية استراتيجيةَ تنميةٍ مستدامة، لتأمين الحماية الكافية للبيئة البحرية والحياة الفطرية في البحرين ومياهها الإقليمية.
وسعى المجلس إلى وضع خطط لتوفير الأحياء السكنية المناسبة إلى جميع المواطنين البحرينيين، في مدن وقرى واضحة المعالم، وسياسات فعالة للمحافظة على المدن والقرى التاريخية، والتصاميم المعمارية المبدعة، وتثبيت مكانة المنامة كمدينة عالمية مميزة.
أما على على المستوى السياحي، فقد سعى إلى تحويل البحرين إلى مقصد سياحي لأسواق الشرق الأوسط وأوروبا وربما آسيا أيضًا.
على أن أهم ما كان لدى المجلس من مشاريع، فقد تركز في إصلاح سوق العمل، وتسيير هيئة تنظيم سوق العمل، وصندوق العمل (تمكين).
واستهدف المجلس إصلاح التعليم والتدريب من خلال ضبط وتطوير الجامعات الخاصة و مدارس المستقبل، ووضع الرقابة الصارمة على المعاهد الخاصة، ومخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.
وتبنى المجلس مبادرات مهمة على مستوى التعليم والتدريب، مثل رفع كفاءة المدرسين، وتطوير التعليم المهني في المرحلة الثانوية، تأسيس كلية للعلوم التطبيقية، تهدف إلى أن تكون جسراً بين المدارس والجامعات، تأسيس هيئة محايدة لضمان الجودة تعمل على تعزيز الجودة في مختلف المؤسسات التعليمية.
وكان من أهم أولويات مجلس التنمية خصخصة الكثير من القطاعات التي تقوم بها الحكومة، وذلك تحت شعار محاربة البيروقراطية، والعمل على مقارنة بين القطاعات التي خصخصتها من قبلُ ومدى نجاحها، ومتابعة الإدارات الحكومية التي هي في طريقها إلى الخصخصة.
غير أن ما حدث في مطلع 2011 وضع حدّاً لتلك الطموحات، وتم تحويل جميع مشاريع ومبادرات ومؤسسات مجلس التنمية إلى الجهات الحكومية المختلفة، ودخلت البحرين في طورٍ مختلفٍ تماماً عن السابق، وانخفض مستوى النشاط في مجلس التنمية إلى أدنى المستويات، وتحول بصورة فعلية إلى هيئة استشارية وترويجية كما كان قبل العام 2008.
العدد 4220 - الخميس 27 مارس 2014م الموافق 26 جمادى الأولى 1435هـ