في تصرُّف أعمد إليه في هذه الكتابة، انطلاقاً من تساؤل جاء ضمن حوار نشر بتاريخ (7 ديسمبر/ كانون الأول 2013) في صحيفة «النهار» اللبنانية، أجرته الزميلة مي عبّود أبي عقل، مع الشاعر والمفكّر السوري أدونيس، نصه: «من أين تجيء هذه الوحشية؟ وحشية ضد الإنسان، ضد الأفكار، ضد الحياة اليومية، ضد الشجر، ضد الفضاء»، أختارُ مفردة انهمار لأنها تعبّر بشكل أعمق في هذا التواصل مع صور وأنماط وابتداع تلك الوحشية التي نشهد في عالمنا العربي. الانهمار أكثر هولاً في هذا المقام من المجيء.
لا تكون وحشاً إلا حين تفقد استئناسك. وفي قاموس المعاني استوحش لفلان: أحسّ بالوحشة لفراقه. الفراق يفقدك طبيعتك وأنسك. فراقك لأخلاقك - وهو الأهم - يفقدك آدميتك وإنسانيتك وإحساسك ورهافتك. لا ترى أحداً، وفي الرؤية تلك سبب ومبرّر لأن تنفيه وتستأصله وتأخذ به إلى العدم.
واسْتوحَشَ منه: لم يأنس به. كأن بينه والآخر جداراً، حاجزاً، فاصلاً. واسْتَوْحَشَ؛ لَحقَ بالوَحْش، فصار وحشاً في مطابقة تكاد لا تميّز في تفاصيلها. لا علاقة للشكل. الحديث عن المضمون/ الداخل/ العمق.
واستوحش المكانُ: ذهب النَّاسُ عنه فصار قفراً، ولا يحدث ذلك إلا بالعبث بالتفاصيل، بالبيئة وما فيها وما حولها؛ بمن فيها الإنسان الذي هو من دون شك، المُستهدف الأول من كل ذلك.
ويقال عنه مُتَوَحش؛ بمعنى: فَظٌّ، شَرِس، والكَلاَم الوَحْشِي، بمعنى: حُوشِيّ، لاَ بَلاَغَة فِيه، ولا أحد يأنس لكلام لا بلاغة فيه. لا أحد يأنس للوحشيّ.
والوَحْشِيُّ من الحيوان: الجانب الذي لا يُحلَبُ منه ولا يُركَب، وفي ذلك نأيٌ عنه، وتجنّبٌ له.
من أين تنهمر الوحشية التي نشهد ونعيش ونعاين ونُبْتلى بها؟ هل حققت البشرية حضارتها/ مدنيتها؟ كيف يكون تحضّرٌ في توحّش؟ كيف يكون تمدّنٌ في توحّش أيضاً؟
عالم غابٍ ببنْية تحتية وفوقية. الروح، الأخلاق، العقل ببنْية مهترئة من فوق وأسفل. لاشيء يدل على روحٍ أو أخلاقٍ أو عقل. كل شيء يدل على أن الأمكنة أيضاً مستوحشة وإن امتلأت بالبشر. مستوحشة بهذا الخروج العلني والسافر على كل ما يعمّق معنى البشرية والإنسانية تلك، وتكريس ما ينفيها.
الغرب نفسه اليومَ يعيد استدعاء تلك الوحشية ولكن خارج حدوده. يريد لحدوده أن تضمّ الإنسان باستئناسه وتواؤمه وانسجامه مع البشر الذين ينتمون إليه/ إلى الجغرافيا. ما بعد تلك الحدود تتوغّل وتتغوّل الوحشية في أجلى صورها ومضامينها.
دونكم العناوين التي يتم بها غزو دول، والإمعان فيها فساداً وخراباً واستلاباً وضرباً للمكونات.
يظل ذلك أهون الشرَّين إذا ما تمعّنّا الوحشية التي تصدر وتتراكم وتُعمّم في الداخل (الداخل العربي/ الإسلامي). الداخل الذي من المفترض أن يستند في فكره وتكوينه وثقافته ونفسيته ومزاجه عن منهج ودين يُكرّس استئناس البشر لبعضهم بعضاً. في الاستئناس عمَار لكل شيء، بدءاً بالإنسان وليس انتهاءً بالأرض وما تضمّها من تفاصيل. في الوحشية خراب لكل ذلك.
في الداخل تبرز الوحشية بالبدء بما يُظن أنها القرابة. لا قرابة في وحشية وتوحّش. وحشية تقدّم نماذج إلى العالم تختصر من خلالها وحشية الغابر والماضي، في تفنّن وذهاب لا يعرف حدّاً ونهاية في أساليب الوحشية تلك، ذبحاً وسلْقاً للرؤوس والتفنّن في شوائها، واتخاذها كرة في أوقات اللهو!
ليست أكثر من صناعةٍ للوحشية، تلك التي نشهد تناميها وتمدّدها في جغرافية عربية، من السذاجة الحديث عن مستقبل ينتظرها، وهي تتجاوز الأسوأ من وحشية التاريخ والزمن الغابر. وهي تستلهم الظلام والتخلّف والتحجّر وهلاك الضمير بقلب من لا يحفظ ويتذكر ويتواءم إلا مع الظلام.
صناعةٌ تأخذ بإنسان هذه الجغرافيا إلى ما بعد المجهول، باستباحة الاختلاف والمختلف، وإهدار دم غير المطابق، ونفيه وجوداً، وإن لم يتم إعمال السيف فيه بموهبة تكاد لا تضاهيها موهبة. موهبة خسف الحياة، وإيرادها الجحيم الذي يقيمه القادمون من «تاريخ» مضمّخ بالعار، يرون فيه مؤهلاتهم الوحيدة للانتساب إلى المستقبل الذي وجدوا ليسهروا على وحشيته من خلالهم هم أربابها!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 4219 - الأربعاء 26 مارس 2014م الموافق 25 جمادى الأولى 1435هـ
الحيوان
الحيوان بحيوينته أفضل بكثير من الانسان ف وحشيته ضد أخيه الانسان عندما تنتزع الرحمة من الاخير فيصبح وحش متوحش من أخلاقه وانسايته.
أي وحشية قصدها أدونيس؟
أهي وحشية داعش و النصرة؛ أم وحشية النظام السوري؟ فكلاهما بلاء و وبال على الجميع. لكن علينا أن نتذكر أن الشاعر والمفكّر السوري أدونيس كان طيلة تاريخه النضالي و الفكري مع الشعوب و حقها في الحرية و حقها في تنصيب من تريد؛ واختيار من يمثلها في الحكم و السياسة. لكنه " تأتأ و فأفأ" عندما اندلعت الاحتجاجات في سوريا؛ لماذا؟ و تعبير " تأتأ و فأفأ" هو تعليق من المفكّر السوري صادق جلال العظم على موقف الشاعر والمفكّر السوري أدونيس!
الوحشية خلل في الانسان
ما نراه اليوم من تشدق بالاسلام مع امتهان للبشر من خلال التفنن في قطع الرؤس وسلح للاجساد هو دليل على الجهل بحقيقة الاسلام والا كيف يمكن ان نجمع بين متناقضين السماحة وقطع للروؤس اقول هذا ليس إسلام الذي يدعو الى قطع الروؤس بل هو وحشية الغاب .
المختار الثقفي
الشيء الغريب ان جميع الوحوش لا تأكل بعضها وخاصة بني جنسها او فصيلتها إلا ان مخلوقا يسمى الإنسان الذي خلقه الله وفضله على جميع الخلق بإنسانيته وليس بوحشيته يفعل ذلك بل وبوحشية الوحوش الضارية... فنراه يأكل مكان إنسان آخر ويسلب ويقتل عياله ويصادر ارضه وبيته ويسلب انتمائه ويحجر على رأيه ومعتقده...
اي وحشية هذه التي يتمثل بها هذا الذي يسمى نفسه انسانا وهو الوحوش اقرب وقد صدق الشاعر حينما قال:
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانا
المكسب الحرام يخلق الرين على القلوب
االاكل الحرام والمكسب الحرام يخلق رينا على القلوب فتنزع الرحمة منها وحينها ترتكب ابشع الجرائم
الرحمة أودعها الله في بني البشر لقيام الحياة بها ولكن:
البعض بسبب الاطماع وسوء المكسب يعمد الى التخلّص من اجمل ما اودع الله فيه وهي الرحمة التي يتراحم بها العباد ، وحين تنزع هذه الرحمة يتحوّل الانسان الى اسوأ من الحيوان فيقوم بارتكاب اشدّ الجرائم وهو يضحك وفرح بل يتلذذ بقتل الناس وقطع رؤوسهم . بل تعذيبهم والتلذذ بذلك وهنا تكون الطامة الكبرى حيث ترتكب اكبر الجرائم بلا وزارع من ضمير فقد حكم على الضمير بالموت