العدد 4218 - الثلثاء 25 مارس 2014م الموافق 24 جمادى الأولى 1435هـ

هيومن رايتس ووتش: أحكام صادمة بالإعدام في أعقاب محاكمة صورية في مصر

نيويورك - هيومن رايتس ووتش 

تحديث: 12 مايو 2017

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محكمة جنايات المنيا في مصر حكمت بالإعدام على 529 شخصاً، فيما يمكن أن يكون أكبر حكم جماعي بالإعدام في السنوات الأخيرة، وفي محاكمة تفتقر إلى تدابير الحماية الأساسية المتمثلة في سلامة الإجراءات.

وتمت محاكمة يوم 22 مارس/آذار 2014، التي حوكم أغلبية المتهمين فيها غيابياً، في أقل من ساعة، ولم تقدم النيابة أدلة تدين أي متهم منفرد، رغم قيامها بجمع الكثير من الأدلة أثناء تحقيقاتها، كما منعت المحكمة محامي الدفاع من الترافع أو استدعاء الشهود، كما قال ثلاثة من محامي الدفاع لـ هيومن رايتس ووتش. عقدت جلسة مقتضبة ثانية بعد يومين بغرض النطق بالحكم فقط.

وقالت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش سارة ليا ويتسن: "من الصادم، حتى وسط القمع السياسي السائد في مصر، أن تحكم محكمة على 529 شخصاً بالإعدام دون أن تمنحهم أية فرصة جادة للدفاع عن أنفسهم. لقد أخفقت محكمة المنيا في أداء واجبها الأساسي المتمثل في تقييم الذنب الفردي لكل متهم على حدة، في انتهاك للحق الأكثر أساسية من حقوق المحاكمة، ولا بد من التراجع الفوري عن أحكام الإعدام هذه".

وجهت نيابة شمال المنيا للمتهمين اتهاماً جماعيا لمشاركتهم المزعومة في الاعتداء على قسم شرطة بالمنيا، إحدى المدن المصرية، في منتصف أغسطس/آب 2013. وتشمل التهم المحددة قتل ضابط شرطة والشروع في قتل اثنين آخرين، وإتلاف ممتلكات عامة، والاستيلاء على أسلحة، والتجمهر غير المشروع، والانتماء إلى جماعة محظورة، وهذا بحسب الحكم الرسمي الذي حصلت عليه هيومن رايتس ووتش. وقع الحادث في أعقاب قيام الحكومة بفض اعتصامي مؤيدي الإخوان المسلمين في رابعة والنهضة بالقاهرة والجيزة بالقوة يوم 14 أغسطس/آب 2013. لجأت قوات الجيش والشرطة إلى استخدام القوة المميتة المفرطة في تفريق المتظاهرين وقتلت ما يصل إلى 1000 منهم.

ومن جملة 545 شخصاً وردت أسماؤهم في لائحة الاتهام، يوجد 291 هاربون و185 مفرج عنهم على ذمة التحقيق و11 رهن الاحتجاز و58 في السجن، بحسب الحكم الرسمي. ومع ذلك فقد قال أحمد شبيب، وهو أحد محامي الدفاع، لـ هيومن رايتس ووتش إن 147 من المتهمين محتجزون، رغم أن السلطات لم تنقل إلا 70 إلى المحكمة. كما منعت المحكمة عدداً من محامي الدفاع من حضور المحاكمة، بحسب تصريح مشترك أصدره محامو الدفاع.

وورد في التصريح أيضاً أنه أثناء جلسة 22 مارس/آذار 2014 قام القاضي، سعيد يوسف، برفع الجلسة قبل استكمال إجراءات الافتتاح المعتادة، بعد نشوب جدال لفظي في المحكمة بين القاضي ومحامي الدفاع. وقال التصريح إن يوسف أمهل الأطراف 24 ساعة للتقدم بأية طلبات مكتوبة حيث أنه سينطق بالحكم في 24 مارس/آذار. وقد أودع بعض محامي الدفاع طلبات إدارية لدى المحكمة وبشكل منفصل، في 23 مارس/آذار، قدموا طلباً بالطعن على إجراء القاضي يوسف أمام محكمة استئناف بني سويف.

ومع ذلك فقد أصدرت المحكمة حكمها في 24 مارس/آذار، ولم تفسر المحكمة في الحكم أساسه الاستدلالي، حيث لم يرد فيه إلا أسماء المتهمين والتهم الموجهة إليهم. وقد برأت المحكمة 16 من أصل 545 متهماً.

وقال مسؤول قضائي مشارك في القضية، متحدثاً إلى وكالة "أسوشيتد بريس" يوم 24 مارس/آذار بشرط حجب هويته، "إننا في ظروف استثنائية، ولا نملك الوقت لاستدعاء كل متهم وإثبات حضوره والتأكد من هوية محاميه". وأضاف أنه "لن يجرؤ أحد الآن على التفكير في الاعتداء على قسم شرطة أو منشأة حكومية بعد أن شاهد أحكام الإعدام تنهال على رؤوس جماعته".

بموجب القانون المصري، يتعين على مفتى الديار المصرية التصديق على أحكام الإعدام قبل أن يتسنى تنفيذها. وقد أفادت صحيفة الأهرام الحكومية بأن محكمة جنايات المنيا ستصدر حكمها النهائي في القضية يوم 28 أبريل/نيسان بعد صدور قرار المفتي، ويمكن للمتهمين استئناف الحكم فور صدور الحكم النهائي.

وكما تقرر أن تنظر محكمة جنايات المنيا يوم 25 مارس/آذار في قضية أخرى اتهمت فيها النيابة المحلية 683 شخصاً، بينهم المرشد الأعلى للإخوان المسلمين محمد بديع، ورئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني، بالتورط في اعتداء على قسم شرطة ثان في المنيا. لم يقتل أحد في تلك الواقعة.

ويعد المتهمون الـ1200 في هاتين القضيتين بين أكثر من 16 ألف مصري اعتقلتهم الحكومة في الأشهر الأخيرة من كل أنحاء البلاد، وهذا بحسب أرقام قدمها إلى وكالة "أسوشيتد بريس" أحد كبار مسؤولي وزارة الداخلية. وقد وثقت هيومن رايتس ووتش العديد من وقائع الاعتقال لمجرد الممارسة السلمية للحقوق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الاعتقالات التي شملت أرجاء البلاد لم يقابلها أي جهد لمحاسبة مسؤولي الأمن على إصدار أوامر أو تنفيذ اعتداءات تسببت في مقتل أكثر من 1000 شخص منذ 3 يوليو/تموز 2013. ورغم أن الرئيس المؤقت عدلي منصور طلب من وزارة العدل في 19 مارس/آذار 2014 فتح تحقيق في فض رابعة، إلا أن السلطات المصرية لم تتخذ أية خطوة لملاحقة المسؤولين عن استخدام القوة المفرطة.

ويعمل العهد الدولي بالخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ومصر دولة طرف فيه، على تقييد الظروف التي يجوز فيها لدولة من الدول فرض عقوبة الإعدام. كما قال مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهو الهيئة التي تتولى تفسير العهد الدولي، إنه "في حالات المحاكمات المفضية إلى فرض عقوبة الإعدام، تشتد بصفة خاصة أهمية الاحترام المدقق لضمانات المحاكمة العادلة". وتعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في كافة الظروف كعقوبة قاسية ولاإنسانية بطبيعتها.

وقالت سارة ليا ويتسن: "إن حكم محكمة المنيا على أكثر من 500 شخص بالإعدام لقتل رجل شرطة واحد يبرز حقيقة أنه لم تقم أي محكمة مصرية باستجواب رجل شرطة واحد في قتل ما يزيد على ألف متظاهر سلمي إلى حد بعيد منذ 3 يوليو/تموز. وليست هذه المحاكمة إلا واحدة من عشرات المحاكمات الجماعية التي تتم كل يوم في أنحاء مصر، والمشوبة بانتهاكات جسيمة لسلامة الإجراءات، والتي تسفر عن أحكام مشينة تمثل إجهاضاً خطيراً للعدالة".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً