أعرف كما يعرف جميع البشر، أن الحادي والعشرين من مارس من كل عام، لا أدري منذ كم عام مضى، يهادي الأبناء أمهاتهم، في حياتهن الهدايا التي تشترى بالمال، ولكن أولئك الأمهات اللاتي تدثّرن بلحاف اللحد، إن كان لهن امتنانٌ لدى الأبناء، وكان الأبناء يتسمون ولو بملمحٍ من الإنسانية، تراهم وتراهن أي الأبناء، في لوعة فراق الأم، تنهمر دموعهم من العين إلى الخدين، الصدرَ تغمرُ وما بين اليدين، يقبِّلون ويقبِّلن رأس أمٍ، بحضور لحظي في الوجدان، وفي الذكرى والأشجان.
إنها الأم في المحيا وفي الممات، وهي الأم ينتشر أريج حنانها، وعظيم عطائها على جميع نسل البشرية، فهي ليست أم فلان أو علان، إنها بقامة أم للوطن، أفلا يحق على الدولة، أن ترعى عيداً احتفاءً بها، يوماً من كل عام، بإهداء مبلغ مقطوع متساوٍ لكل عائلة أنجبتها أم، لتطفئ ألم أسرةٍ معوزةٍ أو أمٍ ثكلى بولدها مألومة، تستقطعه من رصيد الإسراف في مصاريف الدولة، أو من رصيد ما يسرق من أملاكها، أو من رصيد تقاعد النواب في تمييزهم عن باقي المواطنين، الأمر الذي أضاف إلى عدم عدالة السلطة، في إجراءاتها بالتمييز بين المواطنين، عدم عدالة السلطة التشريعية، في تمييز أعضائها عن باقي المواطنين، فكيف لسلطة رقابية تراقب أداء الحكومة تجاه المواطنين بالعدالة والمساواة والقانون، وهو ما لم تفعل، كيف لتلك السلطة في شق مهامها التشريعية، أن لا تشرِّع بما يميّز أعضاءها بالسمو على باقي المواطنين الذين أتوا بأشخاصها انتخاباً.
لماذا فرحة عند هذه الأسرة، لوعة عند تلك، سواء بفقد الأم أو الأبناء قضاءً وقدراً، أو بتَخَطُّف الدولة أرواحهم، رمياً بالرصاص في التظاهرات، أو تعذيباً في السجون، أو تغييباً للأبناء والبنات والآباء والأمهات، في سجون الأحكام طويلة المدد، لقولٍ ولفظٍ، لكتابةٍ أو رسمٍ، للمطالبة أو لتحميل الدولة مسئولياتها، أو تمريضاً وطبابةً لجريحٍ برصاصها وفي مستشفياتها، صدىً لمطالب لهم بالحرية والكرامة، وبالعدالة والمساواة.
أليس من سبيل لفرح الوصلِ، أن يَدمِل ألمَ الفراق، بوصلِ مَن وَجَدْ، لمَن فَقَدْ، ففقد الأخ أخته والأخت أخاها، وفقد الإبن أمه، أو الأم ابنها، جراء القضى، فيه الرب رحيم بالقلوب، فالله قد أعطى وقد أخذ، ولا اعتراض على القضاء والقدر، فهو يوم موقوت، أسبابه لا تخضع للقصاص، ولكن الشهداء وهم كل من يُقتل ظلماً، ودفاعاً عن النفس والعرض والمال والأرض، وسعياً للعدالة واسترداد وحفظ الحقوق، فحق لهم القصاص، وأسموه حقاً لوجوبه ما لم يعفُ صاحبه أو يُفتدى، الأمر الذي يفعل فعل الرضى، كما هو بالقضاء والقدر، فلا ضغينة ولا أسى، ولا تحسُّر على ضياع الحق، تغلظ به القلوب، لتكمن في النفس وتعتمل دواعي الرد والانتقام.
ففي الدولة المدنية الحديثة، من بعد عادات الثأر الفردي في المجتمعات القبلية، أحال الفرد المواطن حقه في القصاص، لتقوم به الدولة، لذا تم وضع القوانين والإجراءات الحقوقية والجنائية إلخ، وجراء ذلك انتقلت إجراءات القصاص وتنفيذها إلى الدولة، التي هي تحت طائل المحاسبة من قبل الأفراد والجماعات إزاء أي تقاعس عنه، فإن عَدَلت ساد المجتمع السلام والوئام، وإن ظلمت وميَّزت، وأجرت القانون على هذا وأعفت منه ذاك، أو غلَّظت في تطبيقه هنا وتساهلت فيه هناك، فقد أوجدت لبنةً من لبنات تراكم الشعور بالضيم لدى الفرد المظلوم، بما يراكم تبعاً له تنامي الاستعداد لدى الأفراد للقصاص بأنفسهم لمظالمهم، وتتجمع التراكمات لدى الأفراد لتطال الجماعات، في حال أن المظالم وتجاوزات السلطات، طالت الكثير من تعداد الأفراد، لتعم المجتمع الفوضى الفردية في البداية، وما لم ينذر ذلك لتدارك الوضع، والاتعاظ لتعديل ميل ميزان العدالة، فغبيٌ من لم يخشَ نتيجة ذلك، اضطراب العلاقة ما بين السلطات وفاقدي عدالتها، بما يقود في حال طال أمد ذلك إلى الاحتراب الأهلي في المجتمع. فهل تعي السلطة ذلك فتتعظ أم أنها تبتغيه، أم أن بعضها عاجز عن غلّ يد بعض آخر، ليعم السوء كلها؟
فلا يعود أمام الحريصين على مصلحة الوطن والمواطنين تساوياً، من تفادٍ لمثل هذه التبعات، إذا لم تستجب السلطات للمطالبات السلمية المحلية الغالبة، سوى اللجوء إلى المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية، وليسمها كلٌ بما يشاء، إلا أنها هي كذلك، بمثل ما ترتب لفرض الاتفاقية الثلاثية الأطراف، لحل مشكلة المفصولين تحت الإشراف المستمر لمنظمة العمل الدولية لغاية التنفيذ التام، مع المحاسبة الدولية لأي تعدٍ على بنودها، فلم تعد المنظمات الدولية، كما كانت تقيِّم، أوضاع حقوق الإنسان المدنية والسياسية في البحرين، بما يرد في نصوص الإجراءات والقوانين والوعود، بل بات واضحاً لديها عبر الممارسات التي رصدتها بنفسها، وتلك التي وافتها بإثباتاتها المنظمات المحلية المختصة، ما تنتقص به التقارير الرسمية، لتستكمله بتقارير مؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية.
وقد تنبهت هذه المنظمات الدولية، أيضاً لتضليلات السلطات، من خلال الجمعيات الموالية، المموّلة الإنشاء والقرار، عبر التوجيهات الحكومية، فترصدتها بالإنتباه.
وكل عام والأمهات الفاضلات بخير.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4218 - الثلثاء 25 مارس 2014م الموافق 24 جمادى الأولى 1435هـ
أم البنات
هكذا يكرم أبناء هذا الشعب الطيب بالقتل والسجن والتعذيب والإقصاء والفصل والمنع من مما رسة ما يحق له ... بيمنا ..... له كل متطلباته من سكن ووظيفة بدون مؤهل وووووو / وماذا بعد لا يمكننا أن نقول سوى حسبنا الله ونعم الوكيل
شكرا
لملمت الحروف .. اتقنت أدب الكلمة
مقااال رائع يا ابن بلدي الاصيل
شكرا لك ولأمثالك
احن الى
حنان امي فقد رعتني صغيرا واعطتني من كل مشاعر الحب والحنان لقد كانت تقطع المسافات كي تصل الى المركز الصحي في سبيل الحصول على العلاج وكانت تسهر الليالي لتضميد وجع او الم وكانت تذرف الدموع عندما تتذكر احد ابنائها اللذي كان يدرس خارج البحرين في تلك الفتره رحم الله امي فقد كانت نعم الام فاتقوا الله في امهاتكم بروا والديكم يبركم ابناءكم تحياتي للكاتب القدير صاحب القلب الرحيم
شكرا لك ايها العزيز
كل يوم تتحفنا بمقال يجعلنا نقول لا زال في البحرين رجال خيّرون
ياسلام عليك استاذي جبتها بالصميم
شكرا استاذ وتسلم اليد الي ربتك ،، مقال اكثر من رائع وبالصميم
أبوعلاء
شكرا لك أستاذ على هذا المقال الرائع
دعاء الام
الصبر و الدعاء من أمهات البحرين الشرفاء هو مفتاح النصر أضافه لكتاباتك استاذ يعقوب لتنير الطريق الصحيح عن من هم غافلون عن ظلم العباد ودامت كتاباتك أيها المحق الشريف والله يحفظك .
دعاء الام
الصبر و الدعاء من أمهات البحرين الشرفاء هو مفتاح النصر أضافه لكتاباتك استاذ يعقوب لتنير الطريق الصحيح عن من هم غافلون عن ظلم العباد ودامت كتاباتك أيها المحق الشريف والله يحفظك .
Sir, you are a great man from a great woman!
We hope that others say the truth.
God bless you sir.
احسنت
قبلة على اناملك
شكرا
شكرا .. لكم
المشكلة في بقاء اصحاب القرار المتورطين في انتهاكات حقوق الانسان لدينا
قس على ذلك المفصولين وطريقة إرجاعهم والمشكلة ستكون في التلاعب بهم بتغيير وظائفهم ومضايقتهم ولكنه إنجاز إبان كذب الكثير من المسؤولين ولكن نقول للأمهات التي تم إيقاف أبناءهن ظلما والآخريات الذين قتل أبناءهم ظلما كل عام وانتم بخير