السرد التاريخي لباكستان يتحدث عن دولة تكونت من أجل احتواء المسلمين في شبه القارة الهندية، وأن الإسلام يمثل الهوية الثقافية التي تربط بين قبائل وإثنيات ومناطق هذه البلاد المترامية الأطراف. لكن البلاد تمر في مخاض مختلف منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي عندما تحولت الهوية الثقافية الجامعة للباكستانيين إلى ايديولوجية جهادية، كانت في الماضي - قبل الثمانينات - تتوجه نحو الصراع في كشمير، ثم انتقلت إلى الصراع في أفغانستان (والتفرعات الناتجة عن الحالة الأفغانية في مختلف مناطق العالم)، والآن أصبحت جزءاً من الصراع السياسي والاجتماعي داخل باكستان.
تاريخياً كان الباكستانيون يُعرفون بالهدوء والتسامح وبالتصوف وبالأغاني الشعبية المستمدة من ثقافة متعايشة مع محيطها. دخل المال الخليجي والتوجه الغربي لمناهضة السوفيات في أفغانستان في الثمانينات وتحولت الأراضي الواقعة على الحدود الباكستانية - الأفغانية إلى أكبر بقعة في العالم تحتوي على مدارس تقليدية تخرّج طلبة العلوم الدينية الذين يطلق عليهم «الطالبان». وهؤلاء «الطالبان» ينظرون إلى الحياة على أساس لونين فقط، حلال وحرام، والحلال هو ما يقولونه ويفعلونه، أمّا الحرام فهو كل شيء آخر، وأنه يجب حمل السلاح لإزالة الحرام ومرتكبيه، حتى لو أن ذلك يعني تخريب الحضارة والعمران وإرجاع الناس إلى عصور الظلام، وكل ذلك تحت اسم الإسلام.
كانت ظاهرة «طالبان» مدعومة رسمياً في باكستان، ومن قبل جهات في الخليج والغرب، وذلك لأنها تمثل قوة قتالية مستعدة للموت، وبما أن العدو المشترك كان الاتحاد السوفياتي الذي تنظر إليه «الطالبان» كرمز للإلحاد، فلا بأس بمدّهم بكل ما يحتاجونه من أجل التوسع والتمدد. مع مر السنين خرجت حركات وتنظيمات إرهابية عالمية وصلت آثارها جميع عواصم العالم، ولكن ذلك لم يمنع الجهات التي ساعدت على تكوين الظاهرة من الاستمرار في دعمها بصورة انتقائية، بحيث يمكن أن توجه هذه القوة لمقاتلة الأعداء الذين تتقاطع العداوة ضدهم بين ايديولوجية «طالبان» وبعض أصحاب المصالح الدولية والإقليمية.
غير أن «طالبان» أصبحت تفرض نفسها على باكستان بالطريقة التي ترتئيها، وهو ما انتبه إليه الجميع بصورة واضحة قبل عامين عندما قامت حركة «طالبان باكستان» بتعقب طالبة في شمال غرب باكستان، عمرها 14 سنة اسمها «ملالا يوسفزاي» وأطلقت النار عليها لأنها كانت تدعو البنات من عمرها للذهاب إلى المدارس النظامية الحديثة، وذلك في تحدٍّ مباشر لحركة طالبان التي كانت قد أعلنت أن تعليم الفتيات في المدارس يعتبر من المحرمات. ملالا نُقلت بعد إطلاق النار عليها وهي شبه ميتة إلى بريطانيا، واستطاع الطب الحديث إعادتها إلى الحياة بما يشبه المعجزة، ومباشرةً بعد استفاقتها وقفت على رجليها وأعلنت أنها ستواصل النضال من أجل تعليم الفتيات في باكستان رغم أنف طالبان الذين هددوا بقتلها إن عادت مرة أخرى إلى باكستان.
الباكستانيون استيقظوا على واقعهم المر، ليروا بأن بلادهم ذات الثروات الطبيعية والبشرية الكبيرة جداً قد بذرها العسكر وأولئك الذين عبثوا بالدين وحولوا تاريخهم التسامحي إلى صورة بشعة تؤمن بالقتل والدمار وتصدير الإرهاب إلى كل مكان. وفي هذه الأيام يستعد أحد الباكستانيين لنشر كتاب حول زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي بنى قلعة له وعاش فيها بالقرب من العاصمة الباكستانية والذي انكشف أمره بعد عملية أميركية خاصة أدت إلى قتله في منتصف 2011، وكيف أن مثل هذا الأمر لم يكن سيحصل لولا أن ظاهرة الفكر الإرهابي أصبحت متعمقة داخل المصالح والدوائر النافذة في باكستان... وبالطبع فإن مثل هذا الكاتب يخشى على حياته وأن يصيبه ما أصاب الطالبة ملالا.
إن ما يجري حالياً في باكستان معركة ثقافية كبرى محتدمة بين طالبة وطالبان، وستنتصر باكستان فيها مع تغليب النور على الظلام، وأن تصبح قيمة الإنسان في حياته الكريمة التي يستحقها الباكستانيون، وليس في تحويل إمكاناتهم البشرية إلى بضاعة قتالية باسم الدين أو المال.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4214 - الجمعة 21 مارس 2014م الموافق 20 جمادى الأولى 1435هـ
فصلت وأوضحت وهذه هي الحقيقة في ذلك الفكر الظلامي المستورد لباكستان
كلام واضح وفصلته وهي اساس بلاء باكستان وأزيد سلام العالم وحضارية الاسلام والابتعاد عن وصم الاسلام بالدموي هو تجفيف منبع وشر الإرهاب المتمدد حاليا في العالم اجمعه من منفدي غزوة منهانتن ومدمري سوريا والعراق واسيا والعالم كله انه الموجود في تلك الدولة المحتضنه له كفكر رسمي لها المدعوم ماليا وإعلاميا ولوجستيا على المستوى الداخل والخارج العلاج يبدأ من هذه الدولة لتنتهي المفخخات والانتحاريين وغسل الدماغ والعالم كله يعرف السبب لكنه ساكت بسبب المصالح الاقتصادية
الانجليز
المشاكل و الفتن و الحروب ان جهلت مضرمها ابحث عن الانجليز و من ثم ورثائهم اللاحقين الامريكان