العدد 4212 - الأربعاء 19 مارس 2014م الموافق 18 جمادى الأولى 1435هـ

مشاهدات من أذربيجان

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

«أن تذهب إلى بلد لا تعرف موقعه على الخارطة، ولم تسمع منه إلا اسمه قبل أن توجه إليك دعوة للمشاركة في ملتقى شعري على أرضه، لهو مجازفة ومغامرة تستحق المضي فيها»، هذا ما قلته لنفسي قبل أن أقبل دعوةً للمشاركة في ملتقى الشاعرات العالمي الثاني في مدينة باكو، وبتنظيم من منظمة طريق الحرير العالمية للشباب.

ما إن تطأ رجلاك أرض مطار العاصمة حتى تشعر بأنك في بلاد مألوفة، كأنك زرتها للمرة الألف؛ وذلك لجمال أرواح أهلها، فالابتسامة مرتسمة على وجوه الجميع، والترحيب يبدو مريحاً منذ الوهلة الأولى، ثم يفرض عليك ذوق الرجل الأذربيجاني نفسه وذلك من خلال تعامله مع المرأة، تعامل لا يخلو من احترام أبداً ولا ينقصه تقدير، وهو ما تجده في موسوعة السفر على الإنترنت، فتظن أنه أمر مبالغ فيه قبل أن تجده هناك واقعاً جميلاً بالفعل.

هذا الاحترام والتقدير واقعٌ في كل محطات الحياة على تلك الأرض ابتداءً من موظفي المطار وصولاً للجهة الداعية والمنظمة للمهرجان وليس انتهاءً بالبائع في أصغر «كشك» في السوق، وما كلّل هذا التقدير للمرأة هو أن قاعة الاجتماعات التي استقبلنا بها اتحاد الأدباء الأذربيجاني كانت باسم شاعرة توفيت قبل 900 عام كما قال لنا نائب رئيس الاتحاد.

الاهتمام لا تجده بالمرأة فقط في هذي البلاد؛ إذ تهتم الحكومة والمنظمات بشكل رئيس بفئة الشباب من المبدعين، فالحكومة توفّر لهم منحاً تقدّر بـ 300- 500 دولار شهرياً، «وبرغم أنهم يعرفون أن من المستحيل أن ينال كل هؤلاء الشباب جائزة نوبل» كما قال نائب رئيس الاتحاد في اجتماعه بنا، إلا أنهم يقدرون ما ينتجه هؤلاء من إبداعٍ وفن، هذا إضافةً للدورات والورش التدريبية الشهرية التي يقيمها الاتحاد لهم، واستحداث جائزة للشباب منذ هذا العام تقدّر بـ 10 آلاف يورو تعطى لسبعة فائزين في الإبداع. وهناك مجلة شهرية يصدرها الاتحاد مختصة بأدب هذه الفئة، كما تقوم وزارة الشباب بمنح المبدعين منحاً تُقدّر بـ 500 يورو لمن يقدّم مشروعاً إبداعياً منهم. هذه التسهيلات وهذا الاهتمام الباذخ يتيح لفئة الشباب مزيداً من التألّق، ويجعله مندفعاً تجاه تحقيق أحلامه وطموحاته في المجال الإبداعي لأنه لن يصطدم بحاجز التحديات التي ستملأ مشواره ابتداءً بالتقييم والتقويم وانتهاءً بالتمويل والترويج.

في أذربيجان هناك اهتمام واضح بالمرافق العامة والآثار، تلحظه من خلال نظافة الشوارع وترميم التراث بشكل لا يفقده طابعه الأصلي، فترى الطبيعة الجميلة ممتزجةً بعبق التراث العريق متداخلةً مع العمران الحداثي الذي يمتد بالقرب من البناء التراثي، وهو ما كان واضحاً في «المدينة القديمة» التي تضم القلاع والحصون وبعض الآثار الأخرى. والمتاحف تنتشر في البلاد وتضم كنوزها بشكل منظم ومقسم تقسيماً يتيح للزائر التجول فيه بسلاسة، والمعابد مازالت محتفظةً بطابعها الأصلي، كمعبد الزرادشت الذي لم يكن كثيرٌ من السكان يعرف عنه؛ إذ تنقلنا بين أكثر من سيارة أجرة للوصول إليه وهو ما جعلنا نشعر بعدم اهتمام الشعب الأذربيجاني بزيارة معالم تاريخ الأديان. وهو ما أكدته إحدى الأخوات هناك حن قالت أن الحديث في الدين والسياسة من الأمور المحظورة لدى شعب أذربيجان.

الحديث عن هذه البلاد يطول، فجمالها آسر، وجمال أرواح شعبها يجعلك تتمنى زيارتها مرةً واثنتين وعشراً، ولي وقفة قادمة مع الفعالية التي دعيت لها.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4212 - الأربعاء 19 مارس 2014م الموافق 18 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:37 ص

      اذربيجان

      حوالي اعتقد 80 % من الشعب هم من الشيعه

    • زائر 1 | 2:18 ص

      الروس هم السبب

      عندما كانت تابعه لبلاد فارس وتحت سيطرتها من القديم الازمنه ولغة العلم والادب هي اللغه الفارسيه ثم العربيه ولكن انقسمت الى دويلات بسبب الروس

اقرأ ايضاً