العدد 4209 - الأحد 16 مارس 2014م الموافق 15 جمادى الأولى 1435هـ

المستشارون الترزية وخبراء الغفلة

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

لازالت ذاكرتي تحتفظ برسم كارتون للفنان عبدالله المحرقي وتعليقه «خبير في شرب البير»، وبالفعل فإن مملكة دلمون هي الأعجب في العالم فيما يخص باستقدام وتوظيف وتجنيس من تسمّيهم خبراء ومستشارين. والجميع يتذكر تصريح المستشار الإعلامي في حادثة تحطم طائرة طيران الخليج المؤسفة في 2000، حيث صرح أنها سقطت وهي مقلعة من البحرين إلى القاهرة، وهو عكس الحقيقة، إذ سقطت وهي تحاول الهبوط في رحلة العودة من القاهرة إلى البحرين. لكن هذا المستشار الإعلامي الجهبذ ظل في موقعه، ليطلّ من فترة لأخرى ضمن حملات التشويه والتضليل.

مثل هذا المستشار مئاتٌ من المستشارين الترزية وخبراء الغفلة، الذين تعج بهم بعض وزارات ومؤسسات وشركات الدولة، بحيث يمكن أن تدخل مملكة دلمون موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية من حيث نسبة ومكانة المستشارين والخبراء الذين كانوا أجانب وأصبحوا اليوم فجأةً مواطنين!

وهؤلاء ليسوا خبراء في العلوم أو الطب أو التكنولوجيا أو الهندسة والطيران، بل إن تخصصاتهم غير علمية، ومعظمهم من متقاعدي الوزارات والأجهزة البيروقراطية في بلدانهم. أما النوع الآخر فهو حشد الأساتذة الجامعيين وغيرهم من أساتذة المراحل الأخرى والذين يسبق اسم كل واحد منهم حرف الدال، وهنا أيضاً فغالبيتهم ليسوا من الاختصاصات العلمية، وقد يكونون مؤهلين لوظيفتهم لكن ذلك في كثير من الأحيان على حساب المؤهلين البحرينيين، بل إن ليس لبعضهم كفاءات أعلى من البحرينيين. وقد أظهرت فضيحة توظيف المئات من المدرسين من جنسيات أخرى من قبل وزارة التربية، والتخصصات الطبية من قبل وزارة الصحة، وغيرها من الوزارات، أن ذلك يتم في ظلّ وجود بحرينيين مؤهلين عاطلين عن العمل، لكن جريمتهم أنهم ينتمون إلى مكوّن معيّن، غير مرغوب فيه!

أما الظاهرة الثالثة فهي استقدام ما يدعون بخبراء إلقاء محاضرات، أو تنظيم ورش عمل وغيرها في شتى المواضيع والتخصصات من قبل المعاهد والمؤسسات المستحدثة، ضمن تضخّم جهاز الدولة. ومثال ذلك استقدام مؤسسة لمدربٍ على تنظيم الحملات الانتخابية، بينما سبق للجمعية البحرينية للشفافية أن نظمت مثل هذه النشاطات في 2002 و2006، من قبل مدربين بحرينيين قادهم رئيس الجمعية السابق جاسم العجمي. وبالفعل يقوم اليوم البحرينيون في المجتمع المدني بكفاءةٍ، بتدريب إخوانهم العرب في مختلف التخصصات ويراقبون الانتخابات.

أما الظاهرة الرابعة، فهي ما يجسّد مقولة «مطرب الحي لا يطرب»، حيث تتوالى علينا المهرجانات الفنية بمختلف التسميات، مهرجان الربيع، مهرجان المنامة، مهرجان الموسيقى، حيث تتقاطر الفرق الفنية والفنانون والموسيقيون والرسامون وغيرهم، وهو شيء جيّد في إطار التلاقح والتفاعل الحضاري، ولكن أليس في أرض دلمون فنانون وموسيقيون ورسامون ليكونوا ضمن هذه التظاهرات.

مملكة دلمون ولأسباب معروفة، تستبعد الكفاءات والمواهب البحرينية، وتستورد محلها اللاكفاءات واللامواهب، وتغدق عليهم العطاءات بل وتجنيسهم. وذلك في ظاهرة راسخة وتجلٍّ لعقيدة سياسية قديمة، عبّر عنها الشاعر الوطني عبدالرحمن المعاودة في الخمسينيات في بيته الشهير:

يشقى بنوها والنعيم لغيرهم

وكأنها والحال عين عذاري.

أو كما يقول المثل الشعبي «عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب»... وعش رجباً ترى عجباً.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4209 - الأحد 16 مارس 2014م الموافق 15 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 1:14 م

      ايه والله يادكتور، كنت اتحدث مع أحد من هؤلاء الخبراء بصراحة تامه

      وكنت اقول له نستغرب من ان الخبير يتم احضاره فقط للدعاية والبهرجة في الاعلام
      فقال أنا أيضا استغرب وهو نفس الشئ في السعودية والكويت.

    • زائر 10 | 6:26 ص

      على ذكر الطائرة المنكوبة

      كنت أحد المتحمسين للمشاركة في الانقاذ كوني أحمل رخصة دولية في الغوص فكانت وجهتي خفر السواحل بالمحرق فاستوقفني عند الباب عسكري من جبال تورا بورا على ما يبدو وعلى كتفه السلاح ، فشرحت له بأني Diver متطوع فكان رده بكل عصبية (يالله رووووه مايبي Driver ) فقلت في نفسي جئت ناقذا لا لأكون منقوذا .

    • زائر 9 | 6:04 ص

      الاكتفاء الذاتي

      لولا وجود الطائفية البغيظة لاصبحت المملكة ف اكتفاء ذاتي ف كل المجالات المهنية والاجتماعية بل لاستطاعت أن تصدر الخبراء ال دول مجلس التعاون وشكراً للكاتب المتألق الغيور ع بلاده على اثارته لموضوع الخبراء الاجانب وضياع حقوق المواطن الخبير!!!!"

    • زائر 7 | 4:16 ص

      من أين جاءوا بالمستشار ولما جاءوا به؟

      قد لا تعني الدال دليل تلفونات ولكن في البحرين يقال شهد شاهد من أهل العلم والمعرفه بأن الكثير من الأجانب لا يحملون إجازات وإنما شهادات. فالإجازة يجب أن تكون من جهة ذات إختصاص مهني ليست تابع الجامعه العربيه أو أجهة ليس لها علاقه بالمهن! فنقابة المهندسين مثلا جهة مهني كما نقابة الأطباء جهة مهنيه بينما في البحرين لا توجد نقابات مهنيه وهذا جرم في حق المهن كما أن من لم يكن عنده إجازة كيف سمح أو صرح له بالعمل في البحرين؟

    • زائر 6 | 4:14 ص

      من أين جاءوا بالمستشار ولما جاءوا به؟

      قد لا تعني الدال دليل تلفونات ولكن في البحرين يقال شهد شاهد من أهل العلم والمعرفه بأن الكثير من الأجانب لا يحملون إجازات وإنما شهادات. فالإجازة يجب أن تكون من جهة ذات إختصاص مهني ليست تابع الجامعه العربيه أو أجهة ليس لها علاقه بالمهن! فنقابة المهندسين مثلا جهة مهني كما نقابة الأطباء جهة مهنيه بينما في البحرين لا توجد نقابات مهنيه وهذا جرم في حق المهن كما أن من لم يكن عنده إجازة كيف سمح أو صرح له بالعمل في البحرين؟

    • زائر 5 | 2:05 ص

      بناء الدولة

      يبدو أن الدولة مبنية على و ضع الغير مناسب في أي عمل خاصة إن كان ينتمي إلى جهة معينة و إبعاد المناسب إن لم ينتمي لهذه الجهة لذلك ترى الهشاشة في بناءها و اللامتطقية في إتخاذ القرارات و الحشو بالأكاذيب و الإنجازات الوهمية. حين كانت الدولة تعتمد بعض الشبيء على الكفاءات كان البحرينيون مضرب المثل في كل مكان و لكن حين عملوا على إبعاد الكفاءات من خلال التجنيس اللامعقول ( تربي عيال غيرها و تطعمهم و هي تشتكي العوز) و من خلال التهميش و التمييز أصبح البحرينيون مشكوك في جنسياتهم لذى الاًخرين و عدنا القهقرة

    • زائر 2 | 11:06 م

      واقع مؤلم

      البحرين تعج بالكفاءات وفي جميع المجالات ولكن طائفيتم المقيتة تحول دون الاحتفاء وابراز هذه الكفاءات ولو تم الاهتمام بهم لاصبحت البحرين رائدة على دول المنطقة ولتم توفير الانوال بدل ان تصرف على الاجانب ولكنه التفس الطائفي للبغيض

    • زائر 1 | 10:48 م

      يبقى الخبراء الترزية لسبب واحد وهو:

      أن اختيار الخبير ليس حسب مؤهلاته العلمية وانما حسب مقدرته على الكذب والفبركات وقلب الحقائق .
      نعم في البحرين الخبراء بل من اعلى من الخبراء يتم انتقاءهم عن طريق مقدرة
      هذا الشخص وذاك على النفاق والكذب والفبركات وقلب الحقائق ولكي تصبح
      البحرين بلد العجائب .
      والناس تصفق لهؤلاء وامثالهم يا امة عجبت من سخفها الامم

اقرأ ايضاً