أكدت النائبة في مجلس النواب الأردني ريم أبو دلبوح إلى أن التاريخ الإسلامي أكد على مشاركة النساء في السابق في الحياة السياسية، مؤكدة على دور رجال الدين في التوعية بدعم الدين للمرأة في المشاركة السياسية، ومتطرقة إلى دور المناهج التربوية وخاصة مناهج الأطفال في تغيير الصورة النمطية لدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع، موضحة بضرورة تغيير المناهج التربوية، فيما يتعلق بدور المرأة، و بما يتناسب مع التنشئة السياسية للطلاب، والتأكيد على المشاركة السياسية للمرأة.
جاء ذلك خلال ندوة بعنوان "معوقات المشاركة الانتخابية للمرأة" بتنظيم من معهد التنمية السياسية مساء الأربعاء (12 مارس/ آذار 2014)، وبالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة، في قاعة المؤتمرات بفندق كراون بلازا.
وقالت أبو دلبوح أن النظرة المغلوطة تجاه الدين حول مشاركة المرأة ساهمت في الاعتقاد أن الدين لا يعزز مشاركة المرأة سياسيا، مما أدى إلى عدم سعي بعض فئات المجتمع لدعم المرأة في المشاركة السياسية.
تطرقت ريم أبودلبوح إلى إقرار المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الدساتير، وفي كافة الميادين للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، موضحة أنه على الرغم من هذا الإقرار إلا أنه لا يزال هناك تمثيل محدود في البرلمان على مستوى العالم في الدول المتقدمة أو النامية.
وأرجعت أبو دلبوح ظاهرة محدودية المشاركة السياسية للمرأة إلى عوامل متداخلة على الصعيد المجتمعي سواء كانت سياسية او اقتصادية او اجتماعية او ثقافية، مشيرة إلى اشتراك غالبية الدول النامية والمجتمعات العربية في هذه العوامل والتي تتضمن الأسباب القانونية، إذ يضمن القانون للمرأة حق الترشيح والانتخاب ومع ذلك تظل هذه النصوص معطلة بصفة كلية أو جزئية!
وأكدت أبو دلبوح أن العقبات الاجتماعية تتجسد في الموروث الاجتماعي والنظرة النمطية للمرأة التي ساهم فيها الإعلام مساهمة كبيرة، إذ عزز الصورة النمطية لدور المرأة في المجتمع، مشيرة إلى أن الإعلام عملية اجتماعية تربوية تقوم بتوجيه رسائل سياسية واجتماعية مكثفة للمساهمة في تغيير مفاهيم المجتمع، والتأكيد على الأدوار الحقيقية لشرائح المجتمع بما في ذلك دور المرأة في المشاركة السياسية.. موضحة أن جميع هذه العوامل ساهمت في الحد من مشاركة المرأة السياسية.
كما تطرقت أبودلبوح في الندوة إلى العقبات الاقتصادية التي تواجه المرأة العربية، مشيرة إلى أن للأوضاع الاقتصادية السائدة في البلدان النامية تتحمل المرأة عبئها بشكل أكبر في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المترتبة عليها، بالإضافة إلى أن عدم استقلالية المرأة مادياً عن الأسرة، وكلفة الحملات الانتخابية مما يؤدي إلى عدم ترشح بعض النساء، مشيرة إلى أن كل هذه الأسباب وراء ضعف مشاركة المرأة السياسية.
وأشارت النائبة في مجلس النواب الأردني ريم أبودلبوح في ختام مداخلتها في ندوة "معوقات المشاركة الانتخابية للمرأة" إلى الإطار التشريعي مؤكدة أنه لابد من إجراء التعديلات اللازمة على القوانين التي تجعل السبل مهيئة لمشاركة المرأة في العمل السياسي، ومن ذلك بإدراج مقاعد مخصصة للنساء (الكوتا) كمرحلة إنتقالية تمكِّنها من الوصول إلى المجالس النيابية بالتنافس المباشر، ومن خلال تعديل قانون الأحوال الشخصية والعمل والتقاعد والضمان الإجتماعي.
ومن جانب آخر، أكدت المحامية وعضو مجلس الشورى البحريني الأستاذة لولوة العوضي أن معظم الدراسات المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة البحرينية منذ إطلاق المشروع الإصلاحي وحتى اليوم تطرقت إلى دراسة المعوقات التي تؤثر في مشاركة المرأة السياسية في مملكة البحرين، والتي هي مرتبطة بالثقافة المجتمعية، والآليات الوطنية، والنصوص القانونية والتدابير.
كما أشارت العوضي إلى تقييم تجربة المرأة في الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين منذ عام 2002 وحتى الانتخابات التكميلية لهذه الدورة، و المعوقات التي صادفتها في تلك الفترة من خلال الدراسات التي تمت على المستوى الوطني أو الإقليمي، وبصفة خاصة الدراسة التي أعدها المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتي شخّصَت الحالة واستشرفت المستقبل حتى عام 2010، مؤكدة أن مشاركة المرأة السياسية مرتبطة ارتباطا وثيقاً بالتحديات التي تواجه تطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليهما في الدستور البحريني.
وأوضحت العوضي أن هذا المبدأ يواجه ثلاث تحديات في التطبيق، مشيرة إلى أن التحدي الأول يعد أحادية التفكير في التنمية الاقتصادية، أما التحدي الثاني فهو كيفية الدمج بين التنمية السياسية مع التنمية الاجتماعية، باشتراط وجوب إجراءات حمائية في التنمية الاقتصادية، بينما يكمن التحدي الثالث في كيفية الاستفادة من التجارب والمكاسب التي تحققت للدول وترجمتها على ممارسات لتعزيز مبدأ المشاركة السياسية وحقوق المرأة في العالم كله، مؤكدة أن هذه المكاسب تواجه تحدي آخر وهو الحشد لظهور تكتلات عرقية ودينية وهذا موروث بقوة من خلال الانتخابات النيابية والبلدية، كما أشارت إلى ضرورة العمل على سد الفجوة بين النصوص والتطبيق.
ومن جانب أخر أكدت العوضي أن المرشحات لانتخابات 2006 رتبن الأسباب التي أدت لإخفاقهن الإنتخابي إلى عدة أسباب منها التوجه الديني من قبل القيادات الدينية التي تمارس من سلطة روحية واجتماعية على الناخبين وتحتكر التأثير عليهم، بالإضافة إلى نفوذ الجمعيات السياسية ومعوقات العملية الانتخابية، كما تطرقت إلى أن سوء إدارة الحملة الإنتخابية، وضعف دور الإعلام، وضعف الدعم المالي للمرأة، كلها أسباب ساهمت في إخفاق المرشحات في الانتخابات.
وفي ختام مداخلتها، أشارت عضو مجلس الشورى لولوة العوضي إلى أن المرشحات طرحن مقترحات لمواجهة تحديات المشاركة السياسية، ومنها حصولهن على الدعم المالي لتمويل حملاتهن الانتخابية، والحصول على التأهيل السياسي والتدريب اللازمين لإدارة الحملة والدخول في الإنتخابات عبر بوابة الجمعيات السياسية، كما طالبن بمساندة المجتمع المدني لهن في الدعاية لبرامجهن الإنتخابية.
وتعد ندوة "معوقات المشاركة الانتخابية للمرأة" إحدى الفعاليات التي تأتي ضمن البرنامج التوعوي الذي ينظمه معهد البحرين للتنمية السياسية لهذا العام، لسد الفجوات المتعلقة بالوعي السياسي عند المرأة بشكل خاص والمجتمع البحريني بشكل عام.. والذي يعمل على نشر الثقافة السياسية والتوعوية في المجتمع، مما ينعكس على رفع مستوى الثقافة السياسية بين المواطنين، حيث تعد هذه الندوة ثالث ندوة (من مجموع سبعة ندوات) يقيمها المعهد منذ تدشينه لبرامجه للعام 2014، بالإضافة إلى طرحه دورات تدريبية أسبوعية.
وفي هذا الصدد أكد المدير التنفيذي لمعهد البحرين للتنمية السياسية ياسر العلوي أن المعهد وفي إطار قيامه بواجباته الرئيسية من نشر وتنمية الوعي السياسي بين المواطنين ودعم التجربة البرلمانية وإعداد مؤهلين للإنخراط في العمل السياسي، يأتي دعم المعهد للمرأة البحرينية في الحياة السياسية، مؤكدا أن هذا الدعم ينطلق من ثقة المعهد في قدرة المرأة البحرينية على القيام بدور متميز في المشاركة السياسية.
هدفت الندوة، والتي أقيمت بمناسبة يوم المرأة العالمي، إلى بيان دور المرأة في المشاركة الانتخابية وكيفية مواجهة التحديات، إذ تناولت محاورها المعوقات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية أمام المشاركة السياسية للمرأة الخليجية والعربية، وآليات التغلب على هذه المعوقات التي حدّت من الدور الفعّال الذي يمكن أن تقوم به المرأة.
شارك في الندوة كل من دكتورة القانون الخاص والمدني عضو مجلس النواب الأردني ريم أبو دلبوح من المملكة الأردنية الهاشمية، وعضو مجلس الشورى البحريني المحامية لولوة العوضي.