العدد 4205 - الأربعاء 12 مارس 2014م الموافق 11 جمادى الأولى 1435هـ

تحدّي العالم!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إحدى المفارقات التي تكشفت عنها الأزمة السياسية منذ فبراير 2011، صعود خطاب عنصري متطرف، في بعض وسائل الإعلام المحلية، ومنابر الموالاة، لا يستعدي الشريك الآخر في الوطن فحسب، وإنّما يتحدّى العالم أجمع، على طريقة دون كيشوت.

إنه خطابٌ مرتجلٌ بعيدٌ عن دوائر السياسة والتعقل، ينم عن ضعف وخوف، أكثر مما يدلّ على قوة وثقة بالنفس. وهو خطابٌ يسبح لوحده بعيداً عن مجريات الأحداث العالمية، ويسير في عكس اتجاه التيار.

الخطاب القائم على الكراهية، الذي تم تدشينه بقوةٍ منذ ثلاث سنوات، تكرّس حتى أصبح تياراً انعزالياً ممعناً في الدوران حول الذات، حتى توهّم الناطقون باسمه يوماً أنهم قادرون على تغيير سياسة دولةٍ كبرى في العالم بكتابة عريضة شعبية يوقع عليها مئتا نفر من روّاد المجالس الشعبية والبسطات!

هذا التيار وصل مرحلةًً متقدمةًً من فقدان الرشد، فأخذ يستخفّ بمنظمات الأمم المتحدة، السياسية والحقوقية، ويطالب علناً بتحدّي القوانين الدولية والاتفاقيات والمواثيق التي وقّعت عليها البحرين رسمياً.

لم يقتصر هذا التيار على بعض أئمة الجمعة من التيارات الدينية الذين يجهلون أبجديات عالم السياسة، بل دخل على الخط كتّاب صحف يفترض فيهم الوعي، بعضهم «نيوليبرال»؛ وبعضهم يساريون سابقون. بعضٌ منهم يحمل نظرياً لواء الحداثة ولكنه يعارض الإقرار بالمساواة وكرامة الشعوب؛ وبعضهم كان تروتسكياً متطرفاً، لكنه لم يجد تناقضاً أن يبرّر قطع أرزاق العمّال ومعاقبة الشغيلة بالفصل من الأعمال.

هذا الخطاب الانعزالي الخطير، أخذ يحرّض الدولة علانيةً على عدم احترام حقوق الإنسان، وضرب منظمات حقوق الإنسان عرض الحائط، وكأننا نعيش في القرن العاشر الميلادي، حيث لا توجد شعوب، وإنّما حظائر غنم تسيّر بالعصا وسياسة التجويع!

هذا الخطاب المتقوقع حول الذات يقول بصريح العبارات: لا تكترثوا بالقانون الدولي! لا تهتموا بمطالب دول العالم الصديقة ونصائحها. ماذا تعني توصيات جنيف؟ بل ماذا تعني توصيات لجنة بسيوني؟ ومن يكون بسيوني هذا؟ ومن يكون نايجل رودلي؟ ومن خوّلهما صلاحية التشكيك والتصريح بأنه لا توجد متابعةٌ جديةٌ لتطبيق التوصيات؟ بل ولماذا تشكّك الولايات المتحدة الأميركية نفسها بوعود الإصلاح وجدية الحوار؟ وما دخلها بشئوننا؟ نحن أحرار نفعل ما نريد.

هذا الخطاب الذي يسبّح في الفراغ، أحرج الدولة نفسها مراراً، خصوصاً حين طالب بطرد سفير أكبر دولة حليفة. بل ذهب إلى الاستخفاف بالكيانات الدولية الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي، وممثلة سياسته الخارجية كاثرين آشتون التي تلعب دوراً سياسياً متنامياً عالمياً. كما أخذ يتحدّى بصلفٍ، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أكبر هيئة دولية خاصة بحقوق الإنسان، والتي باتت تمارس سلطةً أدبيةً ومعنويةً متزايدة على مختلف دول العالم، في الشرق والغرب.

هذا الخطاب غير العقلاني، يدفع إلى مزيدٍ من تأزيم الأوضاع الداخلية، وتقوده قوى وتيارات مستفيدة من وراء استمرار الأزمة، ولديها كامل الاستعداد للمضي قدماً في محاربة الجميع، على طريقة دون كيشوت، بطل رواية سيرفانتس، الذي خرج على حصان مهزول، مع تابعه سانشو بانثا على حمار، ليحاربا طواحين الهواء!

إنه تيارٌ معزولٌ عن مجريات الأحداث في العالم اليوم، وهو يدل على بوصلةٍ معطوبة، تضلل المسترشدين عن معرفة الطريق.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4205 - الأربعاء 12 مارس 2014م الموافق 11 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 29 | 2:29 م

      الى اين؟

      بلد يتجه لمخاطر اكبر واكبر.ازمة في الداخل وازمات ومساكل مع الجيران ايضا من قطر بالامس وعمان والكويت اليوم.لا ندري وين رايحين.

    • زائر 28 | 6:53 ص

      من البحرين

      هذا الخطاب وهذا الخطاب وتناسيت بأن البحرين دخلت مرحلة خطره من قبل اناس يتبنون اعمال ارهابية قد يكون رأي الناس وما يعبرون عنه فى نظرك هو خطاب متطرف وخطاب خارج القانون الدولي وما الي ذلك ولكن الي الان تتناسي وعن عمد ما يفعلة بنو جلدتك من اعمال ارهابية وصلت الي حد التفجير فمن يقول رايه ويعبر عنه تتهمونه بالمتطرف والارهابي وغير عاقل اما من يفجر ويقتل ويتبي هذه التفجيرات فلم تتطرقون اليه.
      دعوا ما يقوله الناس فحرية الراي كفلها الدستور وتكملو عن الصج الذي يحصل فى البلد من ارهاب.

    • زائر 24 | 3:04 ص

      شي مضحك بصراحة

      هم يصدقون المنظمات الدولية فقط لما يجري في سوريا اما اذا تكلمت عن البحرين تصبح في نظرهم تكذب لنه المستفيدين ولكن النار راح تحرق اصابعهم ولو بعد حين

    • زائر 27 زائر 24 | 6:05 ص

      منظمات الدولية

      صراحة احنا ما انصدق منظمات الدولية لا فى البحرين ولا فى سوريا لو كان عندهم مصداقية لشعب السورى من زمان تحرر من بطش و عبودية بشار منظمات اتعرف يمصلحتها فقط ما يهما لو البشر كلها ماتو

    • زائر 23 | 2:50 ص

      sunnybahrain

      السلام عليكم ،،نشكر لك هذا الاختيار سيدنا ،،موضوع في الصميم ،،ويستاهل ان الواحد يشرب مع قرائته { استكانة شاي } للتركيز ،،لن اضيف شيئا ،،بل سأقرأ الموضوع مره ثانيه ،،سلمت يداك ،،السلام عليكم .

    • زائر 21 | 2:02 ص

      في الاخر

      يتباكون ان المنظمات الدولية منحازة ولا تود الالتقاء بهم وان تسمع وجهة نظرهم بالله عليكم هل المنظمات الدوليه فاضية عشان تقعد مع ناس محششة في القهاوي تسب المعارضه باقذع المسبات والتهم

    • زائر 20 | 2:01 ص

      صورة حلوة

      على طريقة دون كيشوت، بطل رواية سيرفانتس، الذي خرج على حصان مهزول، مع تابعه سانشو بانثا على حمار، ليحاربا طواحين الهواء!

    • زائر 17 | 1:25 ص

      تصورته على حمار مهزول وهو يسب ويشتم

      على طريقة دون كيشوت، بطل رواية سيرفانتس، الذي خرج على حصان مهزول، مع تابعه سانشو بانثا على حمار، ليحاربا طواحين الهواء!

    • زائر 16 | 1:14 ص

      هؤلاء الطبول الفارغة

      لم يستطيعوا ادارة ( بسطة خضروات وفواكه وسمك ) افتتحوها ايام الأزمة بأحدى المدن بمباركة كبيرهم ( متحدي العالم ) لكي حسب ما يقولون لا يريدون شي من الأنقلابيين ، اغلقت تلك البسطة في غضون شهرين من افتتاحها ، وأمر كبيرهم ان يتجهوا لتسفيط السمك ، اذا كان هذا حالهم فهل هؤلاء جديرين او يستطيعون تحدي العالم ؟؟؟ كل ما يقولونه ويكتبون ما هو الا ( احتراف الهراء ) على رأي الدكتور الفاضل منصور الجمري ،، بئسا لهم من قوم خارج التاريخ .

    • زائر 15 | 12:59 ص

      جمع المال يتطلب ذلك

      ليس ضعفا فقط وانما السير خلف الملذات الذنيوية والابتعاد عن الله سبحانه وتعالى والتعلق بالرغبة في الحصاد المحرم.
      هم باعوا دينهم بدنياهم ففقدوا كل معاني الكرامة الانسانية واتجهوا الى غير رضا الله فأصبحوا كشعراء البلاط.

    • زائر 14 | 12:40 ص

      الله يهديهم

      ندعو لهم مخلصين بالعودة لرشدهم و تجنيب البحرين الكثير من المخاطر

    • زائر 13 | 12:38 ص

      أبو صادق الدرازي

      هاهي الشقيقة الكبرى التي تنادون ليل نهار بالإتحاد معها تصنفكم في خانة (الإرهاب) ولا واحد منكم رفع راسه أو تمتم ببنت شفه!!! يا أشباه الرجال ولا رجال!! تنعقون مع كل ناعق!! كالبهيمة المربوطة همها علفها!! لقد ملئتم قلوب شعب البحرين قيحاً!! متى تصحون من نومة الغافلين؟!! بعد أن يحترق الوطن؟؟!!

    • زائر 12 | 12:35 ص

      تحدي الشعوب مشكلة

      البعض لا يعي مستوى الخطر الذي يقوم به حين يتحدى شعبا بأكمله فهل يدرك من يقوم بذلك انه يضرب رأسه بجدار

    • زائر 11 | 12:20 ص

      ليس كذلك .... من ابوعبداللة

      هو في الاساس ليس تيارا سياسيا انما مجرد اشخاص يحاولون الدخول في عالم السياسية وهم ليس لهم فيها اي علم .. من تتحدثون عنهم لا يعرفون معني الخطاب السياسي او معني برتكول حتي لكي ننتقدهم مجرد اطفال خرجت تدعي فهم السياسي .. والا كل خطاب يناقض الاخر ولا تري منه اي مفهوم سياسي او حتي لغة يفهمها البعض يضنون انهم في غابة او صحراء لا يوجد بها احد وهم قادرون ان يفعلوا ما يشائون .. لماذا تعطوهم قيمة اكبر منهم الخطاب السياسي يجب ان يحسب جميع المقايس ولكن صاحبنا ليس لدية اي فهم وان قال غير ذلك ليشرح ما يقول

    • زائر 10 | 12:10 ص

      الجميع يعلم

      ياسيد الجميع يعلم ذاك ومن بينهم الدول العظمى والجهات الحقوقية وهم يريدون ذلك بل يحثون عليه خصوصا من له مصلحة من هده الدول او المنظمات مع دول المنطقة فلا رهان لنا الا مع الله وحده والا امريكا وبرطانيا وقفو حائرين امام مطالب الشعب في 2011خصوصا مع دعمهم لمطالب شعوب اخرى واسقاط انظمتها ومن هدا المنطلق جرى التشاور على قدم وساق مع الدولة في ان يقوم فصيل من الشعب معارض لمطالب المعارضة وهدا ماحدث فالهندسة بريطانية والتصميم امريكي والمنفذ السلطة والموالين لها

    • زائر 8 | 11:55 م

      ياسيد هدا شيء متوقع

      ياسيد انت في ثورة ومن كان في ثورة فالحاصل متوقع الحدوث بنسبة مليون في المائة . فالثورات هي معركة بين خصمان والمنتصر هو من يملي شروطه على الطرف المهزوم سواء كانت هذه المعركة على نطاق واسع كما حدث في الحربين الاولى والثانية او متوسطة كما هو الحال بين اسرائيل او ضيقة كما هو بين حكومة البحرين ونضف الشعب فالاذلال والتهميش والتمييز متوقعة كما الحال لو انتصرت الثورة ستملي شروطها على الدولة

    • زائر 7 | 11:55 م

      في الدول المجاورة تم كشفه وتصنيفه بالإرهاب ولكن هنا يبقى شريك في ظلم الآخرين..

      هذا التيار وصل مرحلةًً متقدمةًً من فقدان الرشد، يدفع إلى مزيدٍ من تأزيم الأوضاع الداخلية، وتقوده قوى وتيارات مستفيدة من وراء استمرار الأزمة، ولديها كامل الاستعداد للمضي قدماً في محاربة الجميع ...

    • زائر 5 | 11:40 م

      يتحدّون العالم في ماذا ؟ التعدي على حقوق المواطنين

      لقد نال شعب البحرين الكثير من الجوائز العالمية في مجالات ابدع فيها هذا الشعب ولكن قل لي يا سيد بماذا ابدع هؤلاء؟ بالأحقاد؟ بالسباب؟ بالتخوين؟ بالضغائن؟
      لقد ملّ العالم لسماع كل قواميس الشتم وكلمات القذف في هذا الشعب.
      وأقولها اتوقع سقوطا مدويا للبعض ان لم يرتكوا اساليبهم العقيمة

    • زائر 4 | 11:25 م

      صدقت سيد

      إنه تيار معزول عن مجريات تلأحداث في العالم اليوم ،وهو يدل على بوصلة معطوبة، تظلل المسترشدين عن معرفة الطريق،

    • زائر 3 | 11:24 م

      الطبول الفارغة تصدر أصواتاً مزعجة

      أجل يا أستاذ هذه الزمرة الفاسدة التي ذكرتها أشبه بالطبول الفارغة التي تصدر أصواتاً مزعجة أو الطفيليات التي تقتات على حساب الآخرين ولديهم من الإفلاس الفكري ما يجعلهم يرددون كل خبيث وسيئ وهم يعانون من مركب نقص خطير وما يستلمونه من أموال مقابل هذه الأفعال المشينة يجعلهم في وضع تخدير مؤقت سيصحون بعده على صوت الحق وقد أصم آذانهم وعمى عيونهم وإن ربك لهم بالمرصاد وشكرا لك

    • زائر 2 | 11:18 م

      الحمد لله كل ما طالت الأزمة تكشفت حقائق هؤلاء

      إن هي الا أيام فاقت الألف يوم كشفت لنا الكثير من المستور ومن المخبوء في نفوس هؤلاء من احقاد وعقول متحجّرة لم تنفع حتى صاحبها في وقت الشدّة.
      من يتعامل مع العالم كما يتعامل مع الواقع في البحرين فهو واهم فهناك متغيرات سوف تطال الكلّ مهما حاول هؤلاء ايقاف عجلة الزمن فإنها سوف تدوسهم وتتخطاهم ومن لا يجعل اعتبار للآخرين سوف يسقط من اعينهم

    • زائر 1 | 10:32 م

      هذه هي عقليات البعض

      ما هذه العقليات والتفاهة في التفكير عند هؤلاء ! يحاربون علناً كل من يطلب حقاً في العدالة والمساواة والعيش الكريم ماذا تريدوننا أن نكون ؟ قطيع أغنام ؟ أو همجٌ رعاع ؟ لن يكون ذلك ، وإذا كنتم تألفون تقبيل الأحذية ، دعو الآخرين وحريتهم وما يعتقدون ، وكفاكم حقداً وتأليباً للأمور . ماذا تعني خسارة امتيازاتكم في قبال سلامة الوطن وأمنه وخلاصه من الفتن ؟ إعقلوا

اقرأ ايضاً