أكد الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد علي كومان على حدوث تداعيات أمنية خطيرة في بعض الدول العربية وانتشار ملايين قطع السلاح بأيدي الجماعات وتهريب كميات كبيرة منها إلى الخارج.
وقال إن الاجتماع السنوي فرصة لوزراء الداخلية العرب لبحث سبل معالجة تلك المشاكل مشيرًا إلى أن جدول أعمال هذا الاجتماع سيناقش العديد من القضايا الأمنية من بينها الإرهاب ومقترح السعودية باستحداث مركز للأمن الفكري الذي سيعمل على استئصال الأفكار الضالة لحماية الشباب من الانسياق للإرهاب.
وعول الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب على الشرطة المجتمعية فـي الإسهام بقدر كبير فـي خفض الجريمة ونشر ثقافة حقوق الإنسان، مؤكدًا على دور المواطن فـي الحفاظ على الأمن لأن الشرطة لا يمكنها وحدها تحقيق الأمن الشامل بدون مساهمة فعالة من المواطنين.
وأبلغ مجلة " الأمن " التي تصدرها إدارة الأعلام الأمني بوزارة الداخلية قائلا:إن زيارتي لمملكة البحرين ولقائي مع وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة فقد أتيت لتوجيه الدعوة للوزير لحضور الاجتماع السنوي لوزراء الداخلية العرب وتم خلال اللقاء استعراض جدول الأعمال وأهم النقاط التي ستكون مدار البحث فـي الاجتماع وتلقيت توجيهات ومرئيات معاليه حول النقاط المدرجة.
وعن فحوى جدول الأعمال قال: إن الموضوعات المطروحة قد تكون قديمة جديدة أو جديدة قديمة لأنها موضوعات لازالت تؤرق المجتمعات فموضوع الجريمة لازال يؤرق مجتمعاتنا وترتكب هنا وهناك وتسقط ضحايا وتوقع أضرارًا ولابد من ردع مرتكبيها لحماية المجتمع منها.
ويأتي هذا الاجتماع والعالم يمر بمرحلة حرجة ودقيقة وحساسة لم يمر بها من قبل، ونجد أن الناحية الأمنية هي محورها ومرتكزها وبالتالي تكون اللقاءات الأمنية أمرًا ضروريًا حيث أن الأمن هو المطلب الأساسي لكل المجتمعات ومن بينها مجتمعاتنا العربية فما من طلب للشعوب يتقدم على الأمن الذي له الأولوية على غيره.
ويتناول محمد علي كومان فلسفة الأمن من زاوية مجتمعية تشاركيه ذات نظرة عصرية وواقعية وتفاعلية سبق لجلالة الملك أن أطلقها فـي أول زيارة قام بها لوزارة الداخلية بعد توليه مقاليد الحكم عندما قال: "المواطن هو رجل الأمن الأول" هذه المقولة التي مضى عليها أكثر من عقد من الزمان تبلورت مع مرور السنوات.. فالأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب يؤكد على ذلك فيقول إن من الموضوعات الحساسة بالنسبة لنا أن الهم الأمني الذي نحمله فـي وزارات الداخلية فيما يتعلق بمكافحة الجريمة يتعين أن يحمله معنا الآخرون ويستشعره معنا محور الأمن وهو المواطن.
وأشار إلى أن المواطن الذي يطالبنا بالأمن يفضل أن نرد عليه بألا يطالبنا بأمن هو أمنه وهو المسئول عنه قبلنا ونحن نعينه على أمنه بتنظيم هذا الأمن فـي إطار قانوني وضبط من يخرق القانون فـي سياق الشراكة المجتمعية.. ولا نستطيع أن نوفر الأمن الكامل للمواطن دون عونه ومساعدته ومساندته لنا فالمواطنون موجودون فـي كل شبر من الأرض ومنتشرون فـي الأحياء، ومن هنا تبدأ فلسفة ومسئولية المواطن فـي إبلاغ رجال الأمن بالأخطار لتمكين رجال الأمن من استكمال مهامهم.. مشيرًا إلى أهمية هذه الرسالة وضرورة وصولها إلى كل أفراد المجتمع وأن يعلموا أن رجال الأمن فـي وزارات الداخلية لا يستطيعون أن يحققوا للمواطن أمنًا شاملاً ما لم يكن هناك تعاون منه.
ونوه الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب بالجهود المحمودة لبعض منظمات المجتمع المدني التي بدأت تقدم النصح والتحذير من الجرائم لتجنبها وتوجد فـي هذا الصدد جمعيات للسلامة المرورية وجمعيات أهلية لمحاربة المخدرات وهناك اهتمامات بمشاركة المجتمع المدني فـي مكافحة الإرهاب.
وأشاد باستحداث شرطة خدمة المجتمع التي بدأت تأخذ طريقها للتطبيق فـي عدد من الدول العربية واصفًا إياها بأنها فكرة متطورة ترسخت فـي دول مجلس التعاون بصورة خاصة والتي أرست الكثير من الاستقرار المجتمعي من خلال تواصلها مع المجتمع وتوعية وتثقيف المواطنين والمقيمين بمتطلبات القانون وحقوق الإنسان وواجباته تجاه القانون والنظام وسيأخذ هذا الأمر حقه من البحث والتداول فـي الاجتماع القادم.
وأوضح محمد علي كومان أن من الأمور الهامة التي ستطرح فـي الاجتماع هو موضوع استحداث مركز للأمن الفكري على ضوء مقترح تقدمت به المملكة العربية السعودية مستنبط من الأفكار التي كان ينادي بها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله الذي كان له دائمًا مقولات نعتبرها نحن مفاتيح للعمل الأمني ومنها أن الإرهاب هو جريمة تعتمد على التغيرات الفكرية لدى الأشخاص الذين يقومون بها فيجب محاربة هذا الفكر المتطرف ووأده فـي مهده.. ومن هنا انطلقت فكرة مركز الأمن الفكري الذي سيضطلع بدور هام فـي الحد من الإرهاب.
وتم التطرق على خلفية مقترح المملكة العربية السعودية باستحداث مركز الأمن الفكري إلى القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين باستكمال منظومة مكافحة الإرهاب والذي جاء تأكيدًا لجهود السعودية الحثيثة فـي مكافحة الإرهاب، إذ قال كومان: القرار الذي صدر عن خادم الحرمين الشريفين جاء متكاملاً لسد أية ثغرة برزت فـي نظام سابق لاسيما أن هناك العديد ممن يذهبون للحرب باسم الجهاد فـي دول متعددة والدولة حذرت مرارًا مَنْ يقومون بذلك بدوافع شخصية فالسعودية تخاف على أرواح أبنائها ولا تريدهم أن يكونوا وقودًا لحروب طاحنة لا يوجد لها سند شرعي ولا تأييد دولي فهؤلاء يتأثرون فقط بفتاوى ضالة من هذا أو ذاك المفتي الذي يفتي بالجهاد والقواعد الإسلامية للجهاد محددة ومعروفة، ومع وجود أعداد -ليس من السعودية فقط ولكن من غيرها من البلدان أيضًا- تشارك مع تنظيمات جهادية جاء القرار الصادر عن خادم الحرمين الشريفين الذي يتضمن عقوبات مشددة تجاه كل من ينضم إلى تلك الأحزاب الإرهابية أو يحرض على المشاركة فـي أعمال إرهابية أو حروب خارجية.
ومضى يقول: هذا نوع من أنواع الردع.. ففي البداية كانت هناك تحذيرات ولم تجد أذنًا صاغية عند قطاع من المعنيين فجاء القرار يحمل فـي طياته الزجر والعقاب. ولقد لاقى ذلك ردة فعل ايجابية على المستوى الدولي مما يؤكد مجددًا بأن الدول العربية لا راعية ولا حاضنة للإرهاب وإنما هي دول متضررة منه وهذا ما يجب أن نستوعبه ونعيه جيدًا حتى لا نردد ما يردده الغرب بأن الإرهاب يأتي من الدول العربية.. فالدول العربية أول ضحايا هذا الإرهاب.. وإن كان هناك تناميًا للفكر المتطرف فلا يقتصر ذلك على دولنا وإنما اعتقد أن الدول الغربية تحوي وتحتضن الآلاف من أصحاب الأفكار الضالة الذين أضرونا وأضروا مصالحنا وأساءوا إلينا وأساءوا إلى سمعتنا.. كما سيضرون تلك الدول التي تؤويهم لأن مثل هذه المجموعات لا أمانة ولا ذمة لها والذين تؤويهم وتحتضنهم الدول الغربية تحت مسمى المعارضة يستغلون هامش الحرية هناك لتصدير أفكار تكفيرية وإرهابية.
وعن انتشار السلاح في بعض الدول العربية ما يسببه من إرهاب وتداعيات أمنية قال إن مجلس وزراء الداخلية العرب وُجِدَ لحل هذه المشاكل ولبحث سبل معالجتها، ونحن نعلم يقينًا أن الخلل الأمني الذي حدث فـي الدول التي تغيرت فيها الأنظمة أثر فـي نسبة الجرائم فيها خاصة إذا وضعنا فـي الاعتبار انتشار السلاح بأيدي معظم الناس بعد سقوط تلك الأنظمة وتهريب الملايين من قطع السلاح إلى بلدان منها دول الجوار.
واختتم قائلاً فكلما زادت هذه المشاكل الأمنية كلما أدى ذلك إلى إحكام التنسيق الأمني لاسيما بين الدول المتجاورة، والاجتماع السنوي لمجلس وزراء الداخلية العرب لن يكون قاصرًا فقط لبحث جدول الأعمال وإنما يمثل فرصة للقاءات الوزراء مع بعضهم البعض لطرح الكثير من الموضوعات واعتقد أن الاخلالات الأمنية والمشاكل الحدودية هي من أهم النقاط التي ستكون محورًا للحديث والتشاور عبر اللقاءات الثنائية بين الوزراء المعنيين.