ديفيد غارتنشتاين روس. هو من مؤسسة «من أجل الدفاع عن الديمقراطية». الرجل كان يتحدث أمام لجنة الشئون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي. غارتنشتاين قال بأن «الحرب في سورية قد تستمر عشرة أعوام وحتى أكثر من ذلك» كما تعتقد الـ «سي آي أي».
هو يرى بأن «سقوط (الرئيس السوري بشار) الأسد لم يعد حتمياً كما كان يعتقد الكثير من المحللين قبل عام». وأن الأخير «اختار عمداً عدم القيام بأي شيء في وقت تظهر فيه مجموعات معارضة متطرفة مثل النصرة وداعش على حساب المعارضة المعتدلة».
في الجانب الآخر (والحديث مازال لغارتنشتاين) فإن «الدور الرئيسي الذي يلعبه الجهاديون (داخل المعارضة) أقنع الدول الغربية بالعدول على زيادة التدخل (في سورية)»، وبالتالي فهي سياسة (وخصّ سياسة الولايات المتحدة الأميركية) «ملتبسة، وتنقصها الرغبة الحقيقية في إنهاء الحرب»، مع سيطرة لتلك الجماعات على الأرض» في سورية.
لكن أهم ما قاله غارتنشتاين هو أنه و «في الوقت الذي يمكن أن تكون فيه الحرب قابلة للتفاوض، فإن الطائفية ليست كذلك، وهي بالتأكيد ستخلق شروط عدم الاستقرار خلال السنوات العشر المقبلة». انتهى. ويمكنني هنا أن أضيف عليها أمرين (إلى جانب المسألة الطائفية) وهما المشكلات الأمنية والاقتصادية، وارتباطهما ببعضهما.
وقد اعترفَ العضو في البرلمان اللبناني عن حزب الله قبل أيام (وهو الحليف للنظام السوري)، علي فياض، بأن «سورية تحوّلت إلى مساحةٍ للصراع الأساسي»، وهى «تعانى من التدمير للدولة والمجتمع وأصبحت بؤرة للتيارات المسلحة»، وهو اعتراف خطير لما يجري.
دعونا نفترض هنا صورة مثالية للمعركة ثم نحلل. نعم، ربما يبسط الجيش السوري النظامي سيطرته على ما تبقى من محافظة حمص حيث الرستن وعموم ريف تلكلخ وحمص القديمة وتدمر. ويسيطر على منطقة الميادين والريف في دير الزور، وكامل محافظة الرقة، ويستعيد أجزاء الحسكة المتبقية عند الأكراد والمعارضة بكل تلاوينها.
وقد يستعيد عين العرب ومنبج والباب وعفرين وأعزاز وجرابلس في حلب. ويُطبِق على الحجر الأسود والقدم واليرموك والحجيرة وعموم الغوطتين في ريف دمشق. وعلى كامل معرة النعمان وأطراف جسر الشغور في إدلب، وعلى المحطة وحارم في درعا، والحفة في اللاذقية وما بقي من محافظة القنيطرة. هذه صورة عسكرية مثالية (قد) تحصل.
لكن تلك الصورة العسكرية (المحتملة) تبقى استعادة لحجر وجغرافيا. وذلك الحجر، وتلك الجغرافيا لا تنشط ولا تتضح معالمها إلا بحركة البشر وما تنطوي عليه من توجهات ومشاعر وآمال وأفكار، وهنا العقدة. فتلك المناطق، توالت عليها المعارضة (سيطرةً وحكماً) طيلة ثلاثة أعوام خلت. وهو ما يعني أنها تشكَّلت (إلى حد ما على الأقل) اجتماعياً وأمنياً وسياسياً بطرق متباينة لا تتفق ورؤية الدولة والنظام في سورية.
هنا، تنشأ حركة مضادة لمشروع الاستعادة. قد تكون حركة علنية، وقد تكون مُستترة. وهي في الحالتين، صورة من صور التمرُّد على الدولة. وبلحاظ أن الخصوم (في جزء منهم على أقل تقدير) هم أصحاب مشاريع متطرفة، فإن المتوقع هو أن تعيش تلك المناطق هزات أمنية عنيفة، على أثير السيارات المفخخة، أو إطلاق الصواريخ أو الاغتيالات.
وعندما تصبح منطقة من المناطق بهذه الشاكلة في الأمن، فإن ذلك يعني انعكاساً مباشراً على أمرين: الأول هو الحالة الاقتصادية، والثاني هو الحالة الاجتماعية. إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تصبح هناك تنمية مستدامة، فضلاً عن استثمار وسياحة.
وفي الجانب الآخر، فإن انشطار المشروع السياسي والديني، في مجتمع منقسم إثنياً وطائفياً، يعني حصول انقسام مزدوج، يأخذ الجانب الأفقي والعمودي في آنٍ واحد. وهو أمرٌ يُفاقم من مسألة تطور الدولة والمجتمع، ويخلق غيتوات طائفية وعرقية منغلقة.
المشكلة هنا، لا تبدو أن ناصيتها مرهونة بحلول سياسية واجتماعية يمكن أن يتوافق عليها المعنيون، بقدر ما هي مرتبطة بحتمية الصراع، واستنفاد قوته الكامنة. بمعنى، أن الصراعات في هكذا مجتمعات وهكذا صور، عادة ما تنتهي بنهاية الخصم كلياً، كما حدث بين الجنوب والشمال الشرقي السيرلانكي، بين نمور التاميل والأكثرية السنهالية.
هذا النوع من المعارك في الغالب تكون كلفته السياسية والاجتماعية والاقتصادية عالية جداً. فنهايته لا تُحيَّن بزمن. فقد يستمر الصراع سنة، وقد يستمر عشرين سنة، خصوصاً إذا كانت السياسة الخارجية للدولة فاشلة، في تصفير الخصوم في الخارج، وبالتالي قطع الطريق أمام التمرد الداخلي من الاستفادة من التناقضات الخارجية.
ضمن ذلك الإشكال أيضاً تبقى مسألة نظرة السلطة إلى مفهوم الدولة شاخصة. فهل هو مفهوم حزبي أم عسكري أم أمني. وما نلاحظه في سورية، أن قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع مازالت قائمة رغم إزالة المادة الثامنة من الدستور. بل هي زادت وتعززت بعد تشكُّل طلائع الحزب العسكرية، التي باتت تقاتل عملياً في الأحياء والمدن والأرياف.
لن نتحدث عن الصورة العسكرية المهيمنة في سورية، التي ربما لها مسبباتها الخاصة نتيجة الصراع الدموي الدائر، لكننا لا نستطيع أن نغفل التغوُّل الأمني للدولة داخل المجتمع، وعدم قدرة هذه المؤسسة على هضم الآراء الأخرى: كُتَّاب، شعراء، محامون، سياسيون وغيرهم. هذا الأمر يُبعِد أي فرصة أمل لحل سياسي سوري داخلي متماسك.
في المحصلة، فإن الوضع في سورية (المستقبل) ليس وردياً وهو بالتأكيد كذلك. لكن، ربما تبقى فرصة التقليل من سوداويته قائمة أيضاً. فكما البشر قادرون على جعله دموياً، فإنهم أقدر على جعله غير ذلك وإن بدرجات.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4202 - الأحد 09 مارس 2014م الموافق 08 جمادى الأولى 1435هـ
او ربما يا اخوان ينقلب السحر على الساحر
نتكلم بصراحه الدى يتتبع نظره سماحه السيد حسن نصر الله بما يجرى فى سوريا يدرك ان المعركه ستطول ولكن ما يجرى فى الساحه الخليجيه بين الدول الثلاث مع قطر ربما سيغير البوصله 190 درجه قطر بلرغم من صغرها ولكن تمتلك اوراق كثيره ومهمه جدا واتصال قوى ومباشر مع جبهه النصره ومقاتلى الشيشان وغيرهم من الجهاديين وما حصل للراهبات واطلاق سراحهم لم يتوقعها احد عندما فشلت كل المحاولات السابقه
يا اخ محمد
صحيح انكم مثقفين وكتاب ووووو ولكن لا تقرؤ الوقائع صح خاصة واننا اليوم في علم مفتوح والقاريء او حتى الأنسان العادي في بيته ومن خلال اطلاعه على اراء المحللين والسياسيين بل كبار واساتذة السياسة تتكون لديه خبرة وقراءة افضل من كتاب ومثقفين يريدون املاء اجنداتهم وافكارهم المخالفة للواقع ، وان كان الواقع يقول غير تلك القناعات ما اريد الوصول اليه ان سورية لن تسقط بمقال او بجماعة ارهابية مجمعة من هنا وهناك الواقع وان اختلفت معه يقول شيء اخر ولكنكم يا مثقفين تغردون خارج السرب .
زائر 5
شكله على عيونك غشاوة و مو كل من عنده القدرة على التحليل الصحيح و ما شفت الكاتب روج لاجندة طرح رايه و تحليله و اشوف انه على حق بخصوص الايام القادمة لسوريا ليست وردية بل تحتاج لجهد مضني لتخطيها باقل ما يمكن من خسائر
متابع . . . إلى زائر 5
الكاتب استشهد بكلام النائب اللبناني الممثل لحزب الله علي فياض لإثبات مدعاه ، هؤلاء مو خبراء بنظرك ؟!
فقط رد من أهل الدار: بشار الاسد : تحديات ما بعد الأزمة السورية أخطر
اكد الرئيس السوري بشار الاسد ان : تحديات ما بعد الأزمة في بلاده أخطر ، وأكثرها خطورة هو التطرف ووجود العملاء.
متابع . . . سؤال
لا زلت أريد أن أعرف النسبة التقديرية للأراضي التي يسيطر عليها بشار ، و الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة ، أحقا أن كلاهما يسيطران على نصف سوريا ؟
متابع
ماذا لو انتصرت المعارضة المعتدلة حسب توصيف الغرب ( أي الجيش الحر لا جبهة النصرة أو داعش ) ، خاصة وأن التحضيرات قائمة من قبل الغرب على قدم وساق لهجوم عسكري قوي من الجنوب ( مركز سيطرة الجيش الحر ) نحو العاصمة دمشق ، هل سيكون سيناريو سوريا جيدا فيما لو انتصر الجيش الحر ؟ و خسر بشار الأسد وخسرت داعش ( كلهم أعداء للجيش الحر ) ؟ خاصة أن الجيش الحر يريد دولة مدنية لا إسلامية ، . . . . لم ندرس هذا الإحتمال . . . فما رأيكم ؟
غباء
الجماعات الجهاديه وقعت في فخ غربي عربي مشترك بسوريا للتخلص من أفكارها التكفيريه ولخروج الخلايا النائمه من سباتها للتصفيه فهم أي الجماعات التكفيريه ملزمون بالجهاد كونهم مجبرون علي نهج التكفير المتعطشين له
no
الاسد سينتصر وكفى