شكَّلت حالة التعافي التي سجَّلها القطاع العقاري لدول المنطقة في العام 2013 قاعدة انطلاق قوية نحو تحقيق المزيد من الانجازات والدخول في الكثير من المشاريع العملاقة، والتي كانت غير مجدية في وقت سابق.
هذا، وتتسارع الانجازات لدى القطاعات الإنتاجية الرئيسية كافة مستهدفة بذلك تحقيق التميز ورفع مستوى الجاذبية الاستثمارية لدى اقتصاداتها خلال العام الجاري، وتتباين طبيعة الانجازات والمشاريع والتوجهات الاستثمارية، فمنها من يستهدف تحقيق رؤى 2030 ومنها من يستهدف تسجيل قفزات نوعية غير مسبوقة على المستوى الإقليمي والعالمي، ومنها ما يستهدف تحقيق خطط خمسية وعشرية.
ويأتي ذلك نتيجة ارتفاع مستوى الجاذبية الاستثمارية لدول المنطقة على مستوى التكاليف اللازمة للاستثمار ومستوى العوائد المتوقعة وعلى ومستوى التسييل والخروج بأقل الخسائر؛ فضلاً عن تنوع الفرص الاستثمارية التي تفرزها مشاريع التنمية ومشاريع التميز لدى دول المنطقة، والتي ستجعل منها وجهة استثمارية على المدى المتوسط والطويل، مدعومة بتوافر فوائض مالية كبيرة على المستوى الحكومي والخاص.
وتعكس مؤشرات السوق العقارية القطرية إمكانية تحقيق معدلات نمو قد تتجاوز 20 في المئة في الربع الأول من العام الجاري. يأتي ذلك في ظل استمرار دخول المزيد من المشاريع العقارية على اختلاف أنواعها، فيما تستمر المبايعات العقارية عند مستوياتها النشطة متجاوزة ما تم تسجيله في مثل هذه الفترة من العام الماضي، وخصوصاً على الأراضي الفضاء؛ الأمر الذي يعكس مؤشرات قوية على مواصلة النمو وولادة المزيد من المشاريع العقارية، ويتوقع أن تسجل أسعار المنتجات العقارية من الفلل والشقق السكنية على مستوى البيع والتأجير ارتفاعات متباينة، فيما سيساهم ارتفاع مستوى المعروض في ضبط الارتفاعات غير المبررة خلال الفترة المقبلة.
ويقول تقرير شركة المزايا القابضة الأسبوعي إن إمارة دبي مازالت تتصدر المشاريع من العيار الثقيل على مستوى المنطقة؛ إذ تم إطلاق استراتيجية للتحول إلى مدينة ذكية تشمل قطاعات النقل والمواصلات والبنية التحتية والخدمات الاقتصادية والتخطيط العمراني، بالإضافة إلى تحويل ألف خدمة حكومية إلى خدمات ذكية خلال السنوات الثلاث المقبلة، ويندرج ذلك في إطار تحسين وتطوير جودة العيش في الإمارة وإيجاد واقع مميز ينعكس إيجاباً على الأنشطة والخدمات على اختلافها وصولاً إلى تقديم خدمات موحدة ومبتكرة وسهلة الاستخدام للسكان والزوار على حد سواء.
ومن المتوقع أن تشهد الإمارة تغيرات كبيرة وملموسة تبعاً لهذه التوجهات ستعمل على التأثير وبشكل مباشر على التوجهات الاستثمارية في المجالات كافة.
وفي السياق نفسه، فإن الإمارة تسعى وبتسارع ملحوظ إلى قيادة الاقتصاد الإسلامي على مستوى المنطقة والعالم، والتي تتضمن تطوير سوق الصكوك الإسلامية وإنشاء مركز للصيرفة الإسلامية، فيما تستهدف المبادرة توفير بيئة تنظيمية عالمية لمزاولة الأنشطة الاستثمارية واستقطاباً متواصلاً للاستثمارات والمستثمرين على المستوى العالمي، في حين سيكون أحد أهداف الخطة تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي وبما يعزز من موقع إمارة دبي كمركز لخدمات السياحة وسيقع على عاتق الخطة الاستراتيجية تعزيز موقع الإمارة كمركز للتصميم والعمارة الإسلامية وصولاً إلى جعلها المرجع المعرفي والبحثي في مجالات الاقتصاد الإسلامي كافة.
السوق العقارية السعودية
وأشار تقرير «المزايا» إلى أن تطورات السوق العقارية السعودية تعكس اتجاهات إيجابية تارة تتعلق بمواصلة النشاط وضخامة المشاريع الجاري تنفيذها، وتلك التي يتم التخطيط لها تارة أخرى عندما يتعلق الأمر بمؤشرات الأسعار السائدة وإمكانية حدوث تصحيح آخر على الأسعار السائدة، فيما يدور جدل دائم حول المؤشرات الفعلية للعرض والطلب على العقارات، وخصوصاً السكني منها؛ إذ تتضارب التوقعات بشأن مستوى المعروض ومدى قدرته على تلبية معدلات الطلب الحالية، وتعكس مؤشرات السوق العقارية السعودية إلى إمكانية تسجيل ارتفاع على حجم الاستثمارات العقارية بنسبة قد تصل إلى 35 في المئة خلال العام الجاري، بالمقارنة بمستوياتها خلال العام الماضي، لتصل إلى 500 مليار ريال، فيما ستشكل التشريعات العقارية الجديدة الصادرة من جهات حكومية، وخصوصاً مؤسسة النقد السعودي ووزارة الإسكان وصندوق التنمية العقارية قاعدة لتوسيع حجم الاستثمارات، وستدعم حالة التعاون بين القطاعين العام والخاص والتي تستهدف تحقيق مؤشرات نمو كبيرة خلال العام الجاري، في حين ستدعم حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي التوجهات الخاصة بجذب رؤوس الأموال إلى القطاع العقاري.
هذا وستساهم عملية الترخيص لخمس شركات ومصارف محلية للقيام بالتمويل العقاري لدى السوق العقارية السعودية في تحسين شروط التمويل السكني للأفراد وإمكانية حصولهم على قروض سكنية بكلفة أقل.
ولفت تقرير «المزايا» إلى اشتداد مستوى المنافسة بين القطاعات الاستثمارية لدى دول المنطقة خلال العام 2014، ويتنافس القطاع العقاري بمكوناته كافة، وقطاع الأسهم والقطاعات الصناعية الإنتاجية، بالإضافة إلى القطاعات الخدمية على الفرص الاستثمارية التي يفرزها الحراك الاقتصادي ككل لدى دول المنطقة.
وتشير المعطيات الأولية إلى أن السوق العقارية، مازالت قادرة على تحقيق المزيد من الارتفاع على العوائد وتسجيل معدلات انتعاش أكبر في ظل تواصل المشاريع متعددة الأهداف، في حين يستحوذ القطاع الصناعي على حصص متزايدة من الاستثمار المتخصص، بدعم من توجهات حكومية ورغبة كبيرة من قبل القطاع الخاص بتوسيع استثماراته.
هذا، ويشكل القطاع السياحي أحد أهم الداعمين للنشاط والحراك المسجّل لدى القطاع العقاري والقطاعات الخدمية ذات العلاقة.
يأتي ذلك في ظل التحسن الحاصل في قدرة أسواق المنطقة على جذب الاستثمارات الخارجية؛ إذ تظهر مؤشرات السوق رغبة الشركات الأجنبية بالتوسع في أسواق المنطقة معتمدة بذلك على النمو الاقتصادي والسكاني؛ الأمر الذي من شأنه أن يفرز المزيد من الفرص الاستثمارية ذات الجدوى المرتفعة خلال الفترة الحالية والمقبلة.
العدد 4202 - الأحد 09 مارس 2014م الموافق 08 جمادى الأولى 1435هـ