هناك مبادئ إنسانية، في الجوانب الحقوقية كما السياسية، هذه المبادئ ليست مطروحة للنقاش حول من يريدها ومن لا يريدها، وليست محل وزن وجوبها، بميزان التوافق المجتمعي، وإلا فهي ساقطة، أو أنها تَسقُط ما لم يتضمنها دستور أو قانون أو مطالب، الحق في الحياة.
مثال ذلك في الحقوق الإنسانية، وكذلك القواعد الأساسية للنظام السياسي الديمقراطي، في الدولة المدنية الحديثة، من قاعدة أن «الشعب مصدر جميع السلطات»، إلى قواعد المساواة في الحقوق والواجبات وأمام القانون، بمعيار المواطنة، وحرية الرأي والتعبير، وعدم التمييز، وعدم الإفلات من العقاب، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. كل هذه وغيرها أيضاً لا تحتاج إلى اتفاق مكوّنات المجتمع وإلا سقطت، بل يسقط إنسانياً من يتجنى على غيره فيها.
لسنا هنا في وارد المقارنة والمفاضلة ما بين الأنظمة الملكية والرئاسية، من حيث توارث منصب رئيس الدولة في أولها، وانتخابه في ثانيها، ولا بين آليات إنشاء السلطة التنفيذية (الحكومة) في كليهما، تعييناً أو انتخاباً، بقدر ما نحن نعرض العبرة والخلاصة لمحاولات بعض المتحذلقين السياسيين من الموالاة، فيما يخص «الحكومة المنتخبة». وقبل ذلك يلزم التوضيح، بأننا لم نستخدم في كتاباتنا قط، مفردات العمالة أو التخوين، والتي تعني الانتماء إلى خارج الوطن، لتوصيف أيّ طرفٍ سياسي بحريني، وإنما استخدمنا مفردتي «الموالاة» و«المعارضة»، بناءً على الموقف السياسي والحقوقي، المساند أو المعارض، تجاه السياسات والممارسات الحكومية، وتحديداً تجاه الشعب، الطرفان الأساسيان، أي الحكومة والشعب، في العلاقة الديالكتيكية (بمعني التأثر والتأثير بكلا الاتجاهين).
فأحد الإخوة من قيادات جمعيات ائتلاف الفاتح، أفاد بالنص في مقالة له، «النظام (نظام الحكم) في المملكة (البحرين) ليس برلمانياً في حقيقته، مما يستلزم تغيير النظام السياسي (نظام الحكم) في المملكة، لو أُرِيدَ إقرار مبدأ الحكومة المنتخبة...». ولا أدري كيف اشترط صاحبنا الحكومة المنتخبة فقط للنظام البرلماني، فليس هناك نظام حكم برلماني، فالبرلمان لا يُوصَف به نظام الحكم أو النظام السياسي، بمثل ما يوصف النظام بالملكي أو الرئاسي أو الأميري، ويُثَنّى عليه بالدستوري أو بالديمقراطي. فالمؤسسة البرلمانية هي المؤسسة اللازمة للنظام الديمقراطي، سواءً كان ملكياً أو رئاسياً أو أميرياً، إلا أن صاحبنا بمفرداته السياسية، التي ربما جاءت نتيجة سوء فهم القراءات، جاءت قطعاً تحمل شيئاً من المغالطة، بهذه المفردات السياسية، المفصولة قسراً عن شقّها الحقوقي، في مقومات الدولة المدنية الحديثة، بها يستدعي صاحبنا، موقفه الرافض للتعديلات الدستورية، المُحَقِّقة لآلية تشكيل الحكومة بطريقة الإنتخاب، وذلك عبر ربط موقفه هذا، بالموقف الرافض لتغيير النظام السياسي، المزعوم في القول الصريح بأن، «الحكومة المنتخبة تستلزم تغيير النظام السياسي»، وهو عالم بعدم استيعاب محيطيه من الناس، لموضوع الفرق بين النظام السياسي والحكم، وإيحاءً منه للتسهيل عليهم التقاط الدور التحريضي، باستدعاء التحريض ذاته ضد أصحاب المطالبة بإسقاط النظام السياسي وإبداله بنظام سياسي عادلٍ ومساوٍ بين المواطنين، في ظل الحكم الملكي الدستوري القائم، بما يستوجب علينا السؤال: إلى أي مدى يتسق هذا القول، مع نصوص مواد الدستور المعنية بذات الشأن من مبدأ التعديل وفحواه؟
المادة 1 البند و: «لا يعدل هذا الدستور إلا جزئياً وبالطريقة المنصوص عليها فيه».
المادة 120 في بنودها: أ- «يشترط لتعديل أي حكم من أحكام (مواد وبنود) هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من مجلس الشورى ومجلس النواب، (كل مجلس على حدة) وأن يصدّق الملك على التعديل... فإذا لم يوافق أي من المجلسين على مبدأ التعديل أو على النص المقترح تعديله، يجتمع المجلس الوطني بحضور ثلثي أعضائه لبحث مشروع التعديل، ويشترط لإقرار مشروع التعديل موافقة ثلثي أعضاء المجلس». (بمعنى 54 عضواً من المجلس الوطني، دون الاعتبار إلى أيٍّ من المجلسين ينتمون بالعضوية).
ب- إذا رُفض تعديل ما للدستور فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على هذا الرفض.
ج- «لا يجوز اقتراح تعديل المادة الثانية من هذا الدستور (تتعلق بدين الدولة ولغتها)، كما لا يجوز تعديل النظام الملكي ومبدأ الحكم الوراثي في البحرين بأي حال من الأحوال، وكذلك نظام المجلسين ومبادئ الحرية والمساواة المقررة في هذا الدستور».
د- «صلاحيات الملك المبينة في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تعديلها في فترة النيابة عنه».
إذاً مبدأ التعديل الدستوري، مفتوح للجزئيات المتعددة، وليس للدستور كوحدة واحدة، والدستور ذاته، ينصّ على آلية تعديله، وكذلك على تلك الأحكام من مواد وبنود ومبادئ، المحظور مسّها بالتعديل، ولم يرد في الدستور أي نص يمنع تعديل الدستور فيما يخص تشكيل السلطات عدا تغيير حكم نظام المجلسين، الشورى والنواب، فمحظور دمجهما أو الاستغناء عن أحدهما؛ وهذا المنع غير منطبق على آلية تشكيل كلٍّ من المجلسين، سواءً بالتعيين أو الإنتخاب لأحدهما أو كليهما، وهو غير منطبق أيضاً كحظر على تغيير عدد أعضاء أي من المجلسين؛ وليس منطبقاً مطلقاً على وجوب تشكيل الحكومة بالتعيين، بل جائزٌ حسب الدستور على رغم نواقصه، تشكيلها بالآلية التي يقرها شعب البحرين، سواءً عبر مجلس تأسيسي منتخب أو عبر الاستفتاء الشعبي العام، حتى صلاحيات الملك لا يمنع الدستور تعديلها إلا في حالة الإنابة، أما في حالة تولي الملك لسلطاته، فهي قابلة للتعديل بما ينصه الدستور لآلية تعديله.
فلا يحتاج اعتماد نظام الانتخاب للحكومة بدل تعيينها، سوى إجراء التعديل الدستوري وبآلياته، أساساً على البند د من المادة 33، والتي نصها الحالي «يعيّن الملك رئيس مجلس الوزراء ويعفيه من منصبه بأمر ملكي، كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بمرسوم ملكي، بناءً على عرض رئيس مجلس الوزراء»، وذلك بأن يُستبدل البند بنص جديد يتلاءم مع مبدأ انتخاب رئيس الحكومة، وربما ترك تعيين الوزراء له بما ينال ثقة مجلس النواب المنتخب مثلاً، أو انتخاب كامل أفراد الحكومة، رئاسة ووزراء، إضافةً إلى تعديل بند أو بندين في مواد ذات علاقة، إذ ليس الخيار الوحيد لانتخاب الحكومة، هو كما يدعيه صاحبنا، في «أن البرلمان المنتخب هو من يشكّل الحكومة تمثيلاً لأكبر الكتل الحزبية الفائزة في الانتخابات، ويسوق على إثرها استغرابه واستهجانه، لكيف يحاسب النواب المنتخبون أفراد حكومة، هم من انتخبها، وأن مجلس النواب الجائر سيأتي بحكومة جائرة تجثم على صدر حقوق المواطنين طوال الفصل التشريعي- أربع سنوات!».
فما يذكره الأخ الموالي، عن ما أسماه الحكومة البرلمانية، هو نظام متبع في عدة دول ديمقراطية، البرلمان أحد مقوماتها، مثل الأردن والمغرب، وهناك ديمقراطيات ينتخب الشعب رئيس الحكومة، مثل بريطانيا، والبحرين ليست مجبرةً على اتباع أيٍّ من هاتين الآليتين فحسب، بل لها أن يبتكر شعبها، بحكم كونه «مصدر السلطات»، آلية لانتخاب الحكومة، قد تكون نبراساً للشعوب الأخرى، ولكن لن يكون الأمر عبر حوار للتوافق، بل حوار لطرح الحلول المختلفة، التي يُستفتى فيها الشعب، الجهة الوحيدة صاحبة القرار بأغلبية الأصوات، من خلال العملية الاستفتائية بمقياس الصوت المتساوي لكل مواطن.
فكفى المكونات الشعبية المختلفة، التراشق السياسي، والتطاول الطائفي المتجني، وكفى ما اقترفته الجهات المعنية من تجاوزات وتفرقة، في حق شعب البحرين، فالبحرين لن تنعم بالاستقرار، ما لم تحظ بالقبول الشعبي من قبل غالبية شعب البحرين.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4201 - السبت 08 مارس 2014م الموافق 07 جمادى الأولى 1435هـ
اصحى يا وولد سيادي
المطالبون بالديمقراطية هم يردون تدمير بلد
الاستاذ يعقوب سيادي يريد اعادة بناء ما دمر من البلد وهو المواطن الشريف الغيور على وطنه ومواطنيه
لذلك هو يحاول باخلاص شرح الحقوق الوطنية بصدق وامانة لذلك انصحك ان تقراء ما يكتبه بعقل منفتح وضمير حي حتى تستطيع ان تفهمه ان كنت مواطنا شريفا اصيلا اما ان كنت من المستفيدين من خراب البلد من مطبلين او فاسدين او طائفيين المملوئة قلوبهم بالحقد والكراهية العمياء بسبب التخلف والجهل والشحن الطائفي فحدث ولا حرج ، فهم كالانعام او اضل سبيلا
كل العالم
كل العالم عندهم كل 4سنوات انتخابات على البرلمان والحكومة ويطبق ايضا فى الكويت يعنى الشعب مصدر السلطات يوم اهنيه طلب الشعب هاده الشى اتهمه باخائن وزج بالسجن وقتله من الابرياء نحن شعب البحرين من حقنه ان نتخب حكومتنه وهاده ما اعلنهوا الدستور المشتكى لله
سلمت يا ابن بلدي الاصيل
مقااااال رائع
خياران لا ثالث لهما: إما أن يكون وطنا وإما ان يكون اقطاعيّة
إما ان يكون وطنا وعليه يكون الشعب مصدر السلطات ويتساوى فيه المواطنون وتعم فيه العدالة ويشارك فيه المواطنون في التشريع وادارة الدولة.
وإما ان يكون اقطاعية وهنا ينقطع الكلام
البعض وللعجب يتعبأ بعبائة الدين ويلبس لبسه ويتقدم صفوف الصلاة ولكنه لا يؤمن بأهم اساسيات الاديان السماوية وهي العدالة والمساواة
كيف يكون رجل دين ويرفض أهم اساسيات الدين التي جاء بها رسل السماء
انا لا افهم كيف اكون رجل دين وأرفض اهم مبادئ الدين