قالت المحامية مرفت جناحي إن محكمة الاستئناف تنظر في 23 مارس/ آذار 2014 قضية متهم بجلب وبيع حشيش أدانته محكمة أول درجة بسجنه 15 سنة وتغريمه 5 آلاف دينار.
وتعود تفاصيل الواقعة إلى أنه وبناء على المعلومات الواردة تفيد بقيام شخص بحريني يقوم بحيازة وإحراز المواد المخدرة (مادة الحشيش المخدرة) بقصد البيع والتعاطي، وعليه تم إجراء المزيد من التحريات السرية والمكثفة بشأن المعلومات وبناء على ما ذكر بتاريخ 6 مايو/ أيار2013 تم إصدار إذن من النيابة العامة والمتضمن بضبط وتفتيش المتحرى عنه وتفتيش مسكنه ومن معه لضبط ما يحوزه من المواد المخدرة وكل ما يظهر عرضاً أثناء التفتيش وبعد عمل الكمين بالاتفاق مع المصدر السري على شراء قطعة من مادة الحشيش بقيمة 350 ديناراً وبعدها تم القبض على المتهم الساعة 12:20 بتاريخ 7 مايو/ أيار 2013 في المواقف الخاصة بفندق وبعدها تم جلب المتهم إلى الإدارة وتم تحرير محضر بذلك وتحريز ما ضبط في سيارة المتهم وبعدها تم تفتيش منزله بموجب الإذن الصادر وتم تحريز ما ضبط من المواد المخدرة والتحفظ عليه لحين عرضه على النيابة العامة.
وأسندت النيابة العامة للمتهم أنه في غضون شهري أبريل/ نيسان ومايو/ أيار من عام 2013 جلب وباع بقصد الاتجار مادة مخدرة (الحشيش) والمؤثرات العقلية (الأمفيتامين والميتافيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. كما إنه حاز وأحرز بقصد التعاطي (مادة الحشيش) والمؤثرات العقلية (الأمفيتامين والميتافيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
وقد دفعت المحامية مرفت جناحي بمذكرة دفعت من خلالها ببطلان إجراءات القبض والتفتيش على المتهم لحصولهما دون إذن من النيابة العامة واستناده على تحريات منعدمة وصادرة عن جريمة مستقبلية.
وقالت تنص الفقرة (ب) من نص المادة (19) من دستور مملكة البحرين على: «ب- لا يجوز القبض على إنسان أو توقيفه أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون وبرقابة من القضاء».
كما تنص المادة (31) من دستور مملكة البحرين على أنه: «لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية».
كما تنص المادة (61) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: «لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان ولا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً ويواجه كل من يقبض عليه بأسباب القبض عليه ويكون له حق الاتصال بمن يرى من ذويه لإبلاغهم بما حدث والاستعانة بمحامٍ».
وأضافت جناحي طبقاً لنصوص المواد سالفة الذكر يتضح جلياً بأن إجراء القبض على أي شخص لابد أن يكون بأمر من السلطات المختصة - وهذا بخلاف عما إذا كان هناك توافر حالة التلبس التي تبيح لمأموري الضبط بالقبض على الشخص المتوافرة في حقه - إلا أن المشرع قد حظر أيضاً إصدار ذلك الأمر إلا بتوافر تحريات واستدلالات جدية تشير وتؤكد بأن شخصاً ما قد ارتكب جريمة بالفعل، وهذه التحريات هي من مهام وواجبات مأموري الضبط القضائي وهذا ثابت من المادة رقم (43) من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه: «يقوم مأمورو الضبط القضائي بتقصي الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والتصرف في الدعوى».
ومن خلال نصوص المواد سالفة الذكر نجد بأنه لا يجوز القبض على أي إنسان إلا بأمر من السلطة المختصة وهي النيابة العامة، كما يتبين أيضاً بأن المشرع قد اشترط شروطاً لاستصدار هذا الأمر أهمها أن توجد دلائل كافية على الاتهام، فلا يكفي لصحة أمر القبض أن تكون الجريمة من الجرائم التي يجوز فيها القبض بل يلزم أن توجد دلائل كافية على الاتهام بارتكابها من قبل الشخص المطلوب القبض عليه.
وبالرجوع إلى محضر جمع الاستدلال بتاريخ 7 مايو/ أيار 2013 والذي لا يمكن من خلاله الجزم بصحة الإجراءات التي سطرها الشاهد الثاني بأنه بناء على ما ذكر بتاريخ 6 مايو / أيار 2013 تم إصدار إذن من النيابة العامة والمتضمن بضبط وتفتيش المتحرى عنه وتفتيش مسكنه ومن معه لضبط ما يحوز وما يحرز من المواد المخدرة وكل ما يظهر عرضاً أثناء تفتيش ما تعد حيازته جريمة أمام القانون وهذا نقيض ما تثبته أوراق الدعوى فلو تلاحظ عدالتكم ولما كان البين من الأوراق أنها تؤكد على انتفاء الشرعية فيما قام به من إجراءات بهدف القبض على المتهم وتلفيق التهم نحوه بخلق أدلة غير صحيحة وكاذبة عمداً بطريق غير قانوني ولصقها بشخص بريء لوضعه موضع اتهام وإخفاء أسباب براءته بهدف وضعه رهينة المحاكمة والإجراءات وتعدٍّ لحدود وظيفته وواجباته.
وحيث إن الشاهد المذكور بأعلاه قد قرر بأنه قام بعمل تحريات ووردته معلومات من مصادر سرية وكان الثابت خلو أوراق الدعوى من ثمة سند على صحة إدعائه بعمل التحريات التي قرر الشاهد في تحقيقات النيابة العامة بأنه أجرى تحريات دامت أكثر من أسبوعين وفي ظل كل هذه التناقضات لا يمكن الأخذ ولا الاطمئنان لأقوال الشاهد فهذا بيان أن التهم المسندة للمتهم قد حدثت بسبب اختلاق الشاهد نفسه للجريمة والترتيب لها وتهيئة ظروفها وبالتالي يكون الشاهد فاعلاً للجريمة استناداً للمادة 43 من قانون العقوبات والتي تنص على أن «يعد فاعلاً من يحقق بسلوكه عناصر الجريمة».
وحيث إنه قام بعمل مخالف للقانون وهو اختلاق الواقعة فإن ذلك يعدم صحة القبض ويصمه بالبطلان كما نؤكد على أن القبض على المتهم قد تم في ظل ظروف قام بخلقها الشاهد الإثبات الثاني وحرض على ارتكاب الجريمة فالجريمة لم تقع لولا أن هذا الشاهد المذكور كلف المصدر السري المدعو حسين عادل بالاتصال إلى المتهم والكيد له لزجه في القضية وهو ما يترتب عليه بطلان القبض على المتهم.
كما دفع ببطلان محاضر الاستدلال والتحقيق مع المتهم أمام النيابة العامة وما سطر فيها من اعترافات للمتهم، وبين لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال المتهم في حق نفسه في أي مرحلة من مراحل الدعوى متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ولما كان ما تقدم وكان الثابت من أقوال المتهم أمام إدارة المباحث الجنائية كان نتيجة للقبض والتفتيش الباطل من ناحية وكان بغير حضور محامٍ معه من ناحية أخرى فإن تلك المحاضر بما سطر فيها من اعترافات للمتهم يترتب عليها إهدار أي دليل مستمد منها وهذا ما يستطيل مداه إلى التحقيق مع المتهم بالنيابة العامة.
ولفتت إلى أن الاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه بصحة ارتكابه للتهمة المسندة إليه وهو سيد الأدلة وأقواها تأثيراً في نفس القاضي وأدعاها إلى اتجاهه نحو الإدانة لذا نصت المادة (220/2) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: «يسأل المتهم بعد ذلك عما إذا كان معترفاً بارتكاب الواقعة المسندة إليه فان اعترف جاز للمحكمة الاكتفاء باعترافه والحكم عليه بغير سماع الشهود ما لم تكن الجريمة مما يعاقب عليها بالإعدام... إلخ».
ودفعت جناحي ببطلا أقوال شهود الإثبات، وأفادت أن حرص القانون وحرص القضاء على حماية الحقيقة من أي تزييف يدخل عليها فجرت أحكام القضاء على أنه لازم إهدار الإجراء لبطلانه إهدار وعدم الاعتداد بشهادة من قام به أو شارك فيه لأن الضمانة تنهار حين يبطل الإجراء من ناحية لما اعتراه فذلك تهاتر يتنزه عنه الشارع ويتنزه عنه القضاء، فحين يبطل الإجراء لا يستطيع من أجراه أن يرفع عنه هذا البطلان بشهادة يبديها عن مضمون هذا الإجراء الباطل سواء سطرت في محضر أو أبديت أمام المحقق أو أمام المحكمة.
كما دفعت بانتفاء القصد الجنائي الخاص في جريمة جلب وبيع المواد المخدرة بقصد الاتجار، إذ أفصحت جناحي أن جنايات المخدرات وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون هي جرائم عمدية حيث اشترط لقيامها بالإضافة للقصد الجنائي العام توافر القصد الجنائي الخاص بالضرورة فضبط جوهر المخدر ليس ركناً لازماً لتوافر جريمة إحرازه جلبه بقصد الاتجار.
فإذا كانت الوقائع وأقوال المتهم قد دللت على ثبوت قصد التعاطي لمادة الحشيش في المستقبل وكما ترى عدالتكم بأن مقدار المخدر المضبوط لمادة الحشيش ليس بالكمية الكبيرة وترجح أن المتهم كان يحرزه لاستعماله في المستقبل فضلاً عن أن لا سوابق له تدل على هذا النوع من القضايا ذلك فإنه لو كان يتجر لأعد لفافات صغيرة لتوزيع المخدر ولضبطت معه بعض آلة التقطيع وميزان الأمر المنتفي في الدعوى فإن ما قاله المتهم وما أدلى به من أقوال من ذلك يكفي للتدليل على إحرازه للمخدر بقصد التعاطي في المستقبل ومن شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه عليه.
ولما كان وجوباً استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه مخدراً وفي ذلك قضت محكمة التمييز على أنه «ولما كان لازماً وجوب استظهار القصد الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم حيث لا يكفي مجرد القول بتوافر الحيازة المادية وعلم الجاني بأن ما يحرزه مخدر وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً من غير أن تستظهر توافر القصد الخاص وهو قصد الاتجاه لدى الطاعن فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور يتعين نقضه».
العدد 4201 - السبت 08 مارس 2014م الموافق 07 جمادى الأولى 1435هـ