العدد 4201 - السبت 08 مارس 2014م الموافق 07 جمادى الأولى 1435هـ

مسئولة بـ «الهجرة الدولية»: البحرين تفتقر لنظام «تقنين الشراكة» لمكافحة الاتجار بالبشر

رغم إشادتها بإجراءاتها الرسمية لمعالجة الجريمة

أميرة أحمد
أميرة أحمد

قالت مديرة مشروعات بناء القدرات في إدارة الهجرة ومكافحة الاتجار بالبشر والتدريب المهني في منظمة الهجرة الدولية أميرة أحمد، إن البحرين تفتقر إلى تطبيق نظام «الإحالة» في تنفيذ إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر، وهو النظام المتمثل في تقنين الشراكة بين جميع الجهات المعنية بشكل فعال، بما يتواءم مع المعايير الدولية المتعارف عليها، والتي تحدد دور ومهام كل شخص في مكافحة الاتجار بالبشر.

وخلال لقائها «الوسط»، على هامش مشاركتها في «الملتقى الخليجي الأول للحقوقيين»، والذي تناول مكافحة الاتجار بالبشر، وعُقد في فندق «سوفيتيل» خلال الفترة من 4 إلى 6 مارس/آذار الجاري، أكدت أحمد أهمية تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي بشأن الاتجار بالبشر، والذي اعتبرته أهم وثيقة تعطي مؤشراً على مكافحة الاتجار بالبشر في العالم، وله علاقة مباشرة بسمعة الدولة وسجلها في حقوق الإنسان.

وفيما يأتي نص المقابلة:

كيف ترين مستوى الإجراءات الرسمية في مكافحة الاتجار بالبشر في البحرين؟

- يبدو لي أن البحرين متقدمة كثيراً على دول أخرى على صعيد إجراءاتها الرسمية لمكافحة الاتجار بالبشر، وقد يكون إدراجها ضمن دول «الفئة الثانية - تحت المراقبة» في تقرير وزارة الخارجية الأميركية الأخير بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، بسبب عدم وجود الحالات الكافية من جرائم الاتجار بالبشر التي تمت إحالتها إلى التحقيق والقضاء.

والواقع أن البحرين بذلت منذ إصدار قانون مكافحة الاتجار بالبشر في العام 2008، جهوداً جيدة على صعيد مكافحة الاتجار بالبشر، لكن ربما يكون هناك نوع من «الاسترخاء» في العام الماضي، وأدى إلى عدم وجود أية ملاحقات قضائية للمتهمين في هذه الجريمة.

من جانب آخر، فإن هناك أموراً إيجابية تقوم بها البحرين على صعيد الحوار المفتوح بشكل صريح بشأن قضايا الاتجار بالبشر، والتي تُصنف عادة ضمن «التابوهات» التي يُمنع الخوض فيها، باعتبارها ترتبط بالشرف والعفة، وهو ما يفرض عليها نوعاً من الكتمان في التعاطي معها، حتى وإن وصل الأمر إلى ساحة القضاء، وهو الأمر المختلف في البحرين التي تجري حواراً مفتوحاً في هذه القضية بكل أريحية، بمشاركة المجتمع. وإن كنا نتمنى أن يتم إيلاء اهتمام أكبر لقضايا العمالة الأجنبية.

ما أهمية التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأميركية بشأن الاتجار بالبشر، وهل تعتدُّون به في منظمة الهجرة؟

- تقرير الخارجية الأميركية يعد أهم وثيقة تعطي مؤشراً على مكافحة الاتجار بالبشر في العالم، وله علاقة مباشرة بسمعة الدولة وسجلها في حقوق الإنسان، وبالتالي فإن ما يرد في التقرير يعطي سمعة للبلد المعني. كما أن التقرير يُعد وثيقة مرجعية هامة.

البحرين اعتبرت في وقت سابق أن تقرير الخارجية الأميركية بشأن البحرين، لم يكن منصفاً بالنسبة إلى الإجراءات الرسمية التي تتخذها البلاد لمكافحة الظاهرة، فكيف تعلقين على ذلك؟

- الحكومات في أغلب الأحيان لا يعجبها ما يرد بشأنها في التقرير؛ لأنها تسعى إلى الأفضل. لكن وزارة الخارجية تعتمد في تقريرها على مؤشرات معينة، ربما يكون فيها نوع من الاختزال لأمور أخرى ترى أنها أقل أهمية.

وهنا أود أن أشير إلى أني لاحظت افتقار البحرين إلى وجود نظام الإحالة (Referral System) في إجراءاتها لمكافحة الاتجار بالبشر.

ما هو نظام الإحالة؟

- من المعروف أن الاتجار بالبشر عملية معقدة ومتشابكة، وهي قضية ذات أبعاد حقوقية واجتماعية وإنسانية وقانونية. ولذلك فإنها تعتمد على تكامل عملية ما يسمى بـ»3Ps – prevention, protection & prosecution» وتمثل الوقاية والحماية والتقاضي. وهذه المراحل الثلاث تعتمد على عدة جهات متشابكة في وقت واحد لمعالجة جريمة الاتجار بالبشر.

فعلى سبيل المثال، توافر الحماية للضحية يتطلب معرفة حالتها، وأن يكون هناك بلاغ قد قُدم ضد الجاني، وهنا يأتي دور الشرطة والنيابة العامة والتكييف القانوني للقضية. وهناك محور آخر في الحماية، يتعلق بنقل الضحية من موقعها الأساسي إلى موقع آمن، وذلك لتقديم المساعدة الضرورية للضحية وحمايتها ومنع إعادة الاتجار فيها، ويتضح هنا أن العملية تكاملية.

أما فيما يتعلق بالجانب التوعوي، فهنا يبرز دور الإعلام والقانونيين في إطار من الشراكة والترابط.

بمعنى آخر، فإن نظام الإحالة هو تقنين الشراكة بين جميع الجهات المعنية بشكل فعال، بما يتواءم مع المعايير الدولية المتعارف عليها، والتي تحدد دور ومهام كل شخص في مكافحة الاتجار بالبشر.

وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام في هذا المجال، وخصوصاً في ظل الخصوصية التي يتطلبها التعاطي مع قضايا الاتجار بالبشر؟

- من المعروف أن عدداً من الدول، ومن بينها البحرين، لديها خط ساخن لتلقي شكاوى الاتجار بالبشر، ووجود مثل هذا الخط من دون إطلاع الإعلاميين على ما يقوم به هذا الخط، يكون مجرد قطعة ديكور. والواقع أني أعتقد أن هناك تقصيراً من قبل الأجهزة المعنية بتنفيذ إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر تجاه الإعلاميين، إذ يجب استهدافهم بالتدريب من خلال عقد ورش خاصة بهم، من أجل توظيفهم لنشر رسالة مكافحة الاتجار بالبشر والتوعية بها، وخصوصاً على صعيد أهمية حماية الضحية، ناهيك عن تسليط الأضواء على قضايا الاتجار بالبشر.

من هي أكثر الفئات التي تتعرض للاتجار بالبشر في دول الخليج العربية؟

- إن تعرض العمالة الأجنبية للاتجار بالبشر في أكثر دول مستوردة للعمالة البشرية، هو أمر لا مفرَّ منه، وعلى رغم الإجراءات والقرارت الرسمية التي قد تتخذها هذه الدول، فإنها لاتزال قضية شائكة.

المشكلة أن ضحايا الاتجار بالبشر من العمالة المهاجرة، وعلى رغم كونهم ضحايا، إلا أنهم يصبحون ملاحقين قانونيّاً، وذلك بسبب شكاوى قد يكون صاحب العمل تقدم بها، وهو ما قد ينتج عنه إبعاد العامل الأجنبي أو منعه من السفر.

كما أن إبعاد العامل الأجنبي، بحسب ما هو معمول به في البحرين، يتم بقرار إداري، عن طريق الوزير المعني أو أي مسئول رسمي آخر، وهو أمر خطير في حق العامل؛ لأن ذلك يحرمه من أية فرصة في الطعن أو استئناف القرار، مثلما لو كان القرار الصادر بحقه قضائيّاً.

بالحديث عن العمالة المهاجرة، هل تعتقدين أن انضمام البحرين إلى الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، من شأنه توفير المزيد من الحماية للعمالة المهاجرة؟

- لا شك في ذلك، لكن ربما مبرر عدم الانضمام إلى هذه الاتفاقية من قبل جميع دول الخليج، لما للعمالة المهاجرة في هذه البلدان من ظرف استثنائي، باعتبار أن عدد المهاجرين في بعضها يفوق عدد السكان، وبالتالي فإن هذه الدول لا شك ستحاول المعادلة بين المصلحة الوطنية وحقوق العامل الأجنبي لديها، لكن ذلك لا يمنع أن تصادق البحرين على الاتفاقية، وفق معاييرها الخاصة بما لا ينتهك المصلحة العليا للبلد.

هناك دول، من بينها البحرين، تخشى تسمية العمالة الأجنبية بالعمالة المهاجرة، وتصر على تسميتها بالعمالة الوافدة، وقبل أعوام برر أحد المسئولين ذلك بأن العمالة المهاجرة تحصل على عدد من الحقوق المدنية والسياسية في الدولة المستقبلة، بينما العمالة الأجنبية في البحرين هي عمالة وافدة تنتهي أحقيتها في البقاء مع انتهاء عقد عملها، هل تعتقدين أن من شأن ذلك التأثير على حقوق العمالة الأجنبية؟

- إن هذا الموضوع مفتوح المجال للنقاش والجدل، لكن يجب النظر بواقعية، فالعامل المهاجر بحسب التعريفات الدولية، هو من يستقر في بلد مَّا لأكثر من سنة، ولو رأينا الموضوع من منظور دولي، لرأينا أن غالبية الأفراد في العالم مهاجرون.

والخوف من لفظة المهاجرين هو خوف من المصطلح ذاته؛ لأنه مرتبط بمفهوم اللغة العربية، الذي يعني الهجرة طويلة المدى، وكلمة هجرة مرتبطة بالمنفى. وهو ما يخلق الخوف لدى الدولة، وما يترتب على ذلك من إجراءات تتعلق بمنح الجنسية، وبالتالي التأثير على التركيبة الديمغرافية.

ولا أرى أن هناك مشكلة في اعتبار العمالة الأجنبية عمالة وافدة، شرط أن تُوضع في إطارها الصحيح.

العدد 4201 - السبت 08 مارس 2014م الموافق 07 جمادى الأولى 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً